طوفان الأقصى: الفلسطينيون يطالبون بإخلاء أكبر مستشفى في غزة بينما لا تزال المعارك تحيط به
يمن فيوتشر - اسوشيتد برس- ترجمة: ناهد عبدالعليم: الثلاثاء, 14 نوفمبر, 2023 - 11:21 مساءً
طوفان الأقصى: الفلسطينيون يطالبون بإخلاء أكبر مستشفى في غزة بينما لا تزال المعارك تحيط به

دعت السلطات الفلسطينية اليوم الثلاثاء، إلى وقفِ إطلاق النار لإجلاء ثلاثة وثلاثين رضيعاً حديثي الولادة ومرضى آخرين عالقين داخل أكبر مشافي غزة، حيث تخوض القوات الإسرائيلية صراعاً مع حماس في الشوارع القريبة وتستولي على مزيد من الأراضي في شمال القطاع.
و لعدة أيام، أحاط الجيش الإسرائيلي بمستشفى الشفاء، مُصمماً بذلك على الاستيلاء على المرافق التي يقول إن حماس تختبئ فيها، وتحتها، لاستخدام المدنيين كدروعٍ بشرية لقاعدتها الرئيسية.
و ينفي طاقم المستشفى وجماعة حماس تلك الادعاءات، و في الوقت نفسه، كان مئاتُ المرضى والموظفين والنازحين عالقين في الداخل، ومع نفاد الإمدادات وعدم توفر الكهرباء لتشغيل حاضنات الأطفال وغيرها من المعدات الحيوية وبسبب انقطاع التبريد لعدة أيام، و وفقاً للمسؤولين فإن طاقم المشرحة عمل الثلاثاء على حفرِ قبرٍ جماعي في الفناء لأكثر من 120 جُثّة.
وتأتي المواجهة في مستشفى الشفاء والمستشفيات الأخرى في الوقت الذي تسيطر فيه القوات الإسرائيلية على مساحات واسعة من مدينة غزة والجزء الشمالي المحيط بها من القطاع، حيث يقولون أنهم يقومون بطرد وقتل مقاتلي حماس.
و بعد هجوم مُقاتلين حماس في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول على إسرائيل، تعهدت إسرائيل بسحقِ حُكم حماس في غزة، حيث قتلوا حوالي 1400 شخص واحتجزوا نحو 240 رهينة. ولكن حتى وإن كانت قواتها تسيطر على مزيد من أجزاء شمال غزة المُدمَرة، إلا أن الحكومة الإسرائيلية قد أقرت بأنها لا تعرف ماذا ستفعل بالمنطقة بعد هزيمة حماس.
و كان هذا الهجوم -وهو واحد من أعنف عمليات القصف الشديد في هذا القرن حتى الآن- كارثياً للفلسطينيين البالغ عددهم 2.3 مليون في غزة.
و وفقاً لوزارة الصحة الفلسطينية في رام الله، تم قتل أكثر من 11,200 شخص في غزة، وثلثي هؤلاء الضحايا من النساء والأطفال. وقد تم الإبلاغ عن اختفاء حوالي 2,700 شخص. و لا تستطيع احصائيات الوزارة التمييز بين القتلى المدنيين والمقاتلين.
وتم تقريباً ضغط مُعظم سُكان غزة في الثُلثين الجنوبيين من هذا الإقليم الصغير، حيث تتدهور الأوضاع حتى مع استمرار القصف هناك. وقالت الأمم المُتحدة يوم الثلاثاء إن حوالي 200,000 شخص فروا من الشمال في الأيام الأخيرة، لكن يُعتقد أن عشرات الآلاف لا يزالون محاصرين.
كما أصدرت حماس مقطع فيديو في وقت متأخر من مساء يوم الاثنين يُظهِر أحد الرهائن، الشابة البالغة من العمر 19 عاماً (نوا مرسيانو)، قبل وبعد قتلها في ضربة إسرائيلية وفقًا لما زعمته حماس. وفيما بعد، أعلن الجيش الإسرائيلي أنها سقطت كجنديٍّ مقاتل، دون تحديد سبب الوفاة.
و هي أول رهينة تم تأكيد وفاتها أثناء احتجازها. حيث تم إطلاق سراح أربعة منهم عن طريق حماس، وتم إنقاذ الخامس من قِبل القوات الإسرائيلية.

 
•مأساة المستشفيات
قال مدير مستشفى الشفاء في بيان، أن المعارك استمرت لعدة أيام حول المستشفى، المبنى الضخم الذي يمتد عبر عدة مبانٍ في وسط مدينة غزة والذي "تحول الآن إلى مقبرة".
كما أعلنت وزارة الصحة أن 40 مريضاً، بما في ذلك ثلاثة رضع، توفوا منذ نفاد وقود مولد الطوارئ في مستشفى الشفاء يوم السبت. ووفقاً للوزارة، يوجد 36 رضيعاً آخرين في خطر الوفاة بسبب عدم توفر الكهرباء لحاضنات الأطفال.
و أفاد المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية (كريستيان ليندماير) بأن الجيش الإسرائيلي قد بدأ جهوداً لنقلِ حاضنات الأطفال إلى مستشفى الشفاء، ولكنها ستكون بلا فائدة دون توفر الكهرباء.
وأفاد بأن السبيل الوحيد لإنقاذ الأطفال الرُّضّع هو نقلهم خارج غزة، وأن عملية الإجلاء ستتطلب توفر مُعداتٍ مُتخصصة ووقف لإطلاقِ النار على طول الطريق.
و قدمت وزارة الصحة اقتراحاً بإجلاء المستشفى برقابة اللجنة الدولية للصليب الأحمر ونقل المرضى إلى مستشفيات في مصر، لكنها لم تتلق أي رد، كما أكد المتحدث باسم الوزارة،(أشرف القدرة).
و بينما تُعلن إسرائيل عن استعدادها للسماحِ بإجلاء الموظفين والمرضى، يقول بعض الفلسطينيين الذين تمكنوا من الخروج أن القوات الإسرائيلية أطلقت النار على المحليين.
و تقول إسرائيل إن مزاعمها بوجود مركز قيادة لحماس داخل وتحت مستشفى الشفاء مستندة إلى معلوماتٍ استخباراتية، ولكنها لم تُقدم أدلة مرئية لدعم هذه المزاعم. وتنفي وزارة الصحة في غزة هذه الادعاءات، وتقول إنها قد دعت المنظمات الدولية إلى التحقيق في المُنشأة.
 أمسٍ الاثنين، بث الجيش الاسرائيلي مقاطع فيديو لمستشفى للأطفال في مدينة غزة اجتاحه خلال عطلة نهاية الأسبوع، وظهرت الأسلحة التي قال إنه عثر عليها في الداخل، بالإضافة إلى غرف الطابق السفلي حيث يعتقد أن المقاتلين كانوا يحتجزون الرهائن. وأظهر الفيديو ما يبدو أنه نظام مرحاض وتهوية تم تركيبها على عجل في البدروم.
و رفضت وزارة الصحة الفلسطينية هذه الاتهامات، مؤكدة أن المنطقة قد تم تحويلها إلى مأوى للنازحين.

 
•المعركة في مدينة غزة
 أصبح من الصعب تقريباً جمع اي تقريرٍ مستقل عن المعارك في مدينةِ غزة ، حيث انهارت الاتصالات بشكل كبير في الشمال.
و تظهر مقاطع الفيديو التي بثها الجيش الإسرائيلي قواته وهي تتحرك في المدينة وتطلق النار على المباني. و تقوم الجرافات بإزالة الهياكل بينما تسير الدبابات في الشوارع المحاطة بأبراجٍ مُتهدمة جزئياً.
كما تصوّر مقاطع الفيديو معركةً تقوم فيها القوات بتفتيش مخابئ مُقاتلي حماس وهدم المباني التي يتواجدون فيها، مع تدمير شبكة الأنفاق التابعة للمجموعة تدريجياً.
و تقول إسرائيل إنها قتلت الآلاف من المقاتلين، بما في ذلك قادة مُهمين من متوسطي المستوى، في حين قُتل 46 جندياً إسرائيلياً في غزة. و يقول الجيش إن حماس فقدت السيطرة في الشمال، وفي الأيام الأخيرة قلّت هجمات صواريخ حماس على إسرائيل، والتي كانت مستمرة طوال الحرب. و لا يمكن تأكيد تفاصيل الرواية الإسرائيلية ومدى خسائر حماس بشكلٍ مستقل.
و قام أحد القادة الإسرائيليين في غزة، المعروف برتبة مقدم (اللفتنانت كولونيل جلعاد)، بالتصريح في مقطع فيديو أن قواته قُرب مستشفى الشفاء قد استولت على المباني الحكومية والمدارس والمباني السكنية حيث وجدت أسلحة وقضت على المقاتلين. وبعد تطهير كلٍ منها، "تم تدمير الموقع".
و قال الجيش إنه استولى على مبنى البرلمان في غزة، ومقر شرطة حماس ومجمع يضم مقر المخابرات العسكرية لحماس. حيث تحمل المباني التي تم الاستيلاء عليها قيمة رمزية عالية، لكن قيمتها الاستراتيجية غير واضحة. و يُعتقد أن مُقاتلي حماس مُتمركزون في الملاجئ تحت الأرض.
و تُظهر مواقع الأخبار الإسرائيلية صوراً لجنود يرفعون علم إسرائيل وأعلام عسكرية احتفالاً داخل بعض المباني.

 
•تراجع الأوضاع في الجنوب
حثت إسرائيل المدنيين في الشمال على الفرار إلى الجنوب، ولكن الوضع في جنوب غزة ليس أكثر أماناً. حيث تقوم إسرائيل بتنفيذ ضربات جوية متكررة في جميع أنحاء غزة، و تستهدف ما تقول إنها أهداف للمقاتلين ولكنها في كثير من الأحيان تؤدي إلى مقتل نساء وأطفال.
و نحو 1.5 مليون فلسطيني -أكثر من ثلثي سكان غزة- فرّوا من منازلهم. و تُعاني ملاجئ تُديرها الأمم المتحدة في الجنوب من اكتظاظ شديد.
حيث يقف الناس في طوابيرٍ لساعات من أجل الحصول على الخبز والمياه المالحة. و تتراكم القمامة، وتغمر المجاري الشوارع، وتنفد المياه من الصنابير بسبب عدم توفر طاقة لتشغيل أنظمة المياه. كما حظرت إسرائيل استيراد الوقود منذ بداية الحرب، معتبرة أن حماس ستستخدمه لأغراضٍ عسكرية.
و في مخيم الخيام خارج مستشفى في بلدة دير البلح المركزية، يتمشى الناس في الوحل وهم يمتدون أغطية بلاستيكية فوق خيامٍ واهية.
و قالت (إقبال أبو سعود) التي فرّت من مدينة غزة مع 30 من أقاربها: "جميع هذه الخيام انهارت بسبب الأمطار، كم يوماً سيتعين علينا التعامل مع كل هذا؟"
وقالت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين -التي تُكافح لتوفير الخدمات الأساسية لأكثر من 600,000 شخص يتواجدون في المدارس والمرافق الأخرى في الجنوب- إنها قد تنفد من الوقود بحلول يوم الأربعاء، مما سيُجبرها ذلك على إيقاف مُعظم عمليات المساعدة، بما في ذلك استيراد كميات محدودة من الغذاء والدواء من مصر.


التعليقات