عندما شنت حركة حماس الفلسطينية هجوماً على إسرائيل صباح يوم السبت، كانت هناك مشاعر مختلطة لدى الفلسطينيين الذين يعيشون في القطاع المُحاصر.
احتفل البعض، متفاخرين بما اعتبروه انتصاراً على إسرائيل. لكن آخرين كانوا خائفين.. خائفين من الانتقام المميت.
وأدى التوغل غير المسبوق الذي قامت به الجماعة المسلحة إلى تعهداتٍ بالانتقام من رئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو)، الذي أعلن يوم السبت أن بلاده في حالة حرب، وتعهد "بالانتقام العظيم لهذا اليوم الأسود".
حيث صرح وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي (رون ديرمر) لقناة سي إن إن الأحد، بأن أكثر من 600 شخص قُتلوا في إسرائيل، وأن عدد القتلى من المرجح أن يرتفع.
كما قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي (الأدميرال دانييل هاغاري) يوم الأحد إن إسرائيل دمرت حوالي 800 هدف في غزة، بما في ذلك ما وصفه بمنصات إطلاق تستخدمها حماس.
وقالت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة أن 413 فلسطينياً على الأقل استشهدوا، و بينهم 78 طفلاً.
الحرب مع إسرائيل ليست غريبة على العديد من سُكانِ غزة الذين يحتمون بمنازلهم، والغالبية العظمى منهم لا يستطيعون الوصول إلى المخابئ. إلا أن المنطقة تُعد واحدة من أكثر الأماكن كثافة سكانية على وجه الأرض، حيث يعيش حوالي 2 مليون شخص في مساحة تُقدّر 140 ميلاً مُربعاً.
و أولئك الذين يُغامرون بالخروج يفعلون ذلك فقط لإكمال المهمات الأساسية، أو للبحث عن مفقوديهم في مذبحة الضربات الإسرائيلية. لذا فإن الشوارع متضررة ومغطاة بالركام، والهواء تفوح منه رائحة الغبار والبارود.
(سليم حسين، 55 عاماً) فقد منزله عندما استهدفت غارة جوية إسرائيلية منزله. وكان يعيش في الطابق الأول، وقال لشبكة CNN إنه وعائلته تلقوا تحذيراتٍ من إسرائيل قبل لحظات من قصف المبنى.
وقال (حسين) إنه لا يعرف سبب قصف البرج. وكان قد انتقل للعيش مع عائلته منذ خمسة أشهر فقط.
وقال لشبكة CNN: "لقد غادرنا (البرج) فقط بالملابس التي كُنا نرتديها"، مُضيفاً أنه وعائلته لم يبق لديهم الآن أي شيء ولا أي مكان يذهبون إليه.
وفي أعقاب توغل حماس، مُنع الفلسطينيون أيضاً من مغادرة غزة عبر معبر إيريز، الذي أصبح موقعاً لمعركة بين حماس والقوات الإسرائيلية.
وقد أعلن (نتنياهو) يوم السبت أن إسرائيل ستوقف إمدادات “الكهرباء والوقود والسلع” إلى قطاع غزة، على الرغم من أن المُتحدث باسم الجيش الإسرائيلي (اللفتنانت كولونيل ريتشارد هيشت) قال إنه تم قطع الكهرباء فقط. ومنذ ذلك الحين، أصبحت الطاقة مُتاحةً فقط لمدة أربع ساعات في المتوسط يومياً، أي أقل من الثماني ساعات المُعتادة، كون إسرائيل هي المزود غالبية احتياجات غزة من الكهرباء.
كما كان الاتصال بالإنترنت منقطعاً أيضاً.
"الذعر والخوف"
لقد ظل قطاع غزة مَعزولاً بشكلٍ شبه كامل عن بقية العالم منذ ما يُقارب 17 عاماً.
وكانت حماس تسيطر على القطاع منذ عام 2007، الذي يخضع لحصارٍ صارم من قبل مصر وإسرائيل، التي تفرض أيضاً حصاراً جوياً وبحرياً على غزة. وقد وصفته (منظمة حقوق الإنسان) بأنه "أكبر سجن مفتوح في العالم".
وقد شهد سُكان غزة غاراتٍ إسرائيلية تجتاح القطاع في عدة مناسبات منذ انسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع في عام 2005. ويدور القتال بانتظام بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة، بما في ذلك حماس والجهاد الإسلامي.
و قال (هاغاري) الأحد أن إسرائيل قصفت خلال الليل ما لا يقل عن 10 أبراج في غزة قالت إن حماس تستخدمها، مضيفاً أن عشرات الآلاف من الجنود الإسرائيليين يعملون على الأرض حول قطاع غزة.
و قال الجيش الإسرائيلي أيضاً يوم الأحد أنه يركز الآن على السيطرة على قطاع غزة، وحث المدنيين هناك على مغادرة المناطق السكنية القريبة من الحدود على الفور حفاظاً على سلامتهم مع استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في استهداف حماس.
لكن مُعظم سكان غزة ليس لديهم وسيلةً للفرار من القطاع المحاصر. وجميع المعابر خارج القطاع مغلقة، باستثناء معبر رفح مع مصر الخاضع أصلاً لرقابةٍ مشددة.
وقال (هاني البواب 75 عاماً) أنه وأسرته المُكونة من أربعة أفراد ظلوا مستيقظين طوال الليل خوفاً من الغارات الجوية. حيث قصفت إسرائيل البرج المجاور لمنزله خلال الليل، مما أدى إلى انهياره على منزله وجعله وعائلته بلا مأوى.
كما قال البواب أيضاً: “لا أعرف ماذا أفعل”. وهو يعيش الآن في الشارع، بينما تقيم زوجته مع أحد معارفها.
وأضاف أن الفلسطينيين في غزة يعيشون في حالة "ذعر وخوف"، ويستعدون في كل لحظة لسقوط قنبلة على أحد المباني. و قال لشبكة CNN: "أريد منزلاً أعيش فيه مع أطفالي وحسب. أريد فقط المأوى”.
ومع ذلك فهو غير نادم أو متحسر على هجوم حماس على إسرائيل. وقال: “في كل مرة (إسرائيل) هم الذين يهاجموننا، هذه المرة (المقاتلون) هم الذين دخلوا".