يعيش المدنيون العالقون في العاصمة السودانية الخرطوم، والفارون منها، أوضاعا إنسانية صعبة، مع استمرار القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع.
بعشاء مكون من القليل من حبيبات "اللوبيا" المغلية تمكنت عائشة بالكاد من سد القليل من رمق جوع أفراد عائلتها الخمس التي تسكن في أحد الأحياء الغربية من مدينة أم درمان، الضلع الثالث للعاصمة السودانية الخرطوم، التي تشهد منذ منتصف أبريل قتالا ضاربا بين الجيش وقوات الدعم السريع، لكن الهول كان أكبر على عائشة عندما استيقظت لتجد اثنين من أفراد أسرتها جثثا هامدة تحت أنقاض جزء من بيتها الذي تعرض لقصف جوي عنيف في ذلك الصباح.
ويعيش الملايين من سكان العاصمة الخرطوم وولايات دارفور الخمس والعديد من مدن البلاد الأخرى، أوضاعا إنسانية مأساوية مثل عائشة وأسرتها، في ظل استمرار الحرب لأكثر من ثلاثة شهور مخلفة آلاف القتلى والجرحى، ونحو 3 ملايين نازح داخل وخارج البلاد، إضافة إلى خسائر ضخمة في الممتلكات الخاصة والعامة، والبنية التحتية.
وفي حين يجد العالقون في الخرطوم ومناطق الحرب الأخرى في دارفور صعوبات بالغة في التأقلم مع الأوضاع الأمنية والمعيشية والصحية، يعاني الفارون إلى معسكرات النازحين والمدن الأخرى الأقل خطورة، من أوضاع معيشية سيئة أيضا في ظل ارتفاع أسعار السلع الغذائية والخدمات، وتأخر صرف أجور العاملين، وتوقف معظم الأنشطة التجارية والإنتاجية لأكثر من ثلاثة شهور في بلد يعتمد فيه أكثر من 60 في المئة من سكان البلاد البالغ تعدادهم نحو 41 مليون نسمة على الأعمال اليومية في تدبر شؤون حياتهم.
ويزداد الأمر سوءا في أطراف العاصمة الجنوبية والشمالية والغربية حيث تستمر الضربات الجوية بشكل متواصل مما أدى إلى سقوط أكثر من 50 مدنيا خلال الأسبوع الماضي فقط في ظل نقص حاد في المستشفيات وخدمات الإسعاف.
وأوضح متحدث باسم نقابة أطباء السودان المركزية لموقع "سكاي نيوز عربية" أن الوضع الصحي في البلاد يشهد تدهورا كبيرا خصوصا في مناطق الحرب التي خرج أكثر من 66 في المئة من المستشفيات المتاخمة لمناطق الاشتباكات فيها من الخدمة، مؤكدا وجود نقص شديد في المعدات الطبية والأدوية، مع وجود مشكلات في توزيع ما وصل من أدوية ومساعدات طبية لمطاري بورتسودان في شرق البلاد ووادي سيدنا في أم درمان.
ووفقا لبيانات نقابة الأطباء السودانية فقد توقف عن الخدمة تماما 59 مستشفى من أصل 89 مستشفى أساسي في العاصمة والولايات، في حين تعمل المستشفيات المتبقية بشكل كامل أو جزئي حيث يقدم بعضها خدمة الإسعافات الأولية فقط، وهي مهددة بالإغلاق أيضا نتيجة لنقص الكوادر الطبية والإمدادات الطبية والماء والكهرباء.