احتجز الحرس الثوري الإيراني ناقلة نفط ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وفق ما أعلنت البحرية الأميركية وطهران امس الأربعاء، في ثاني حادثة من هذا النوع في أقلّ من أسبوع.
وذكر موقع "ميزان أونلاين" التابع للسلطة القضائية أن "مدعي عام طهران أعلن أن القوات البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني احتجزت السفينة نيوفي بناء على شكوى وأمر من السلطة القضائية".
وفي وقت سابق الأربعاء، أعلن الأسطول الخامس في البحرية الأميركية ومقرّه البحرين، أنّه "في 3 أيار/مايو نحو الساعة 6,20 صباحًا بالتوقيت المحلّي، احتجز الحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط نيوفي التي ترفع علم بنما أثناء عبورها مضيق هرمز".
كانت السفينة التي انطلقت من دبي تعبر الخليج العربي باتجاه ميناء الفجيرة في الإمارات عندما "هاجمتها عشرات زوارق الهجوم السريع التابعة للحرس الثوري الإيراني، في وسط المضيق"، وفق بيان البحرية الأميركية.
يعد مضيق هرمز ممرًا استراتيجيًا في الخليج إذ يمرّ عبره ثلث النفط المنقول بحراً في العالم.
وأضاف البيان أن "الحرس الثوري الإيراني أجبر ناقلة النفط على الاستدارة والتوجه إلى المياه الإقليمية الإيرانية قبالة سواحل بندر عباس الإيرانية".
وأظهرت مشاهد نشرها الأسطول الخامس الأربعاء 11 زورقًا على الأقلّ تقترب من السفينة نيوفي.
وطالبت الولايات المتحدة إيران بالإفراج "فورا" عن الناقلة وطاقمها.
•"تهديد للاقتصاد العالمي"
قبل ستة أيام، احتجزت البحرية الإيرانية ناقلة نفط كانت متّجهة نحو الولايات المتحدة وترفع علم جزر مارشال في خليج عمان، بعدما اصطدمت بسفينة إيرانية، بحسب طهران.
وبحسب موقع "تانكر تراكرز" المتخصص في رصد حركة الملاحة البحرية، فإن ناقلة النفط التي احتُجزت الأسبوع الماضي واسمها "أدفانتج سويت" اقتيدت أيضًا إلى بندر عباس.
وأوضحت شركة "أمبري" أن احتجاز السفينة الأربعاء يأتي بعد أن أصدرت السلطات الإيرانية تحذيرًا إثر احتجاز الولايات المتحدة سفينة تنقل نفطًا إيرانيًا الشهر الماضي.
وقالت أمبري إن "السلطات اليونانية أصدرت تحذيرًا مفاده أن سفن الشحن اليونانية معرّضة لخطر متنامٍ من جانب إيران بعد أن احتُجزت سفينة سويس ماكس التي تسيّرها شركة يونانية وتنقل نفطًا إيرانيًا".
وقالت البحرية الأميركية الأربعاء إن في العامين الماضيين أقدمت إيران على "مضايقة أو مهاجمة" 15 سفينة تجارية ترفع أعلامًا دولية"، في ما اعتبرته تصرفات "تتنافى مع القانون الدولي وتخل بالأمن والاستقرار الإقليميين".
وأضافت أن "مضايقات إيران المستمرة للسفن والتدخل بحقوق الملاحة في المياه الإقليمية، غير مبررة وغير مسؤولة وتشكل تهديدًا للأمن البحري والاقتصاد العالمي".
• "رسالة" إيرانية
كان تصدير النفط يعد من أبرز موارد إيران قبل العام 2018، حين انسحبت الولايات المتحدة أحاديًا في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، من الاتفاق الدولي بشأن ملف طهران النووي، وأعادت فرض عقوبات قاسية عليها.
ويشكّل موضوع النفط نقطة تجاذب بين الجانبين، اذ تتهم واشنطن طهران بالتحايل على العقوبات لتصدير نفطها الى دول مثل الصين وسوريا وفنزويلا.
وقال توربيورن سولتفيدت من شركة فيرسك مايبلكروفت الاستشارية إن "ما نراه الآن هو العودة إلى نمط مألوف للغاية من ضغوط العقوبات الأميركية والضغط الإيراني المضاد الذي أدى إلى هجمات متكررة على منشآت الشحن والطاقة خلال" عهد ترامب.
وصرّح لوكالة فرانس برس أن "الرسالة التي تبعثها إيران الآن هي نفسها التي كانت تبعثها في ذلك الحين"، مضيفًا أن "طهران مستعدة لتحميل الأميركيين كلفة لقاء محاولتهم الحدّ من صادراتها النفطية".
وتابع "الخطر على منشآت الشحن والطاقة في المنطقة الأوسع سيستمرّ طالما لا تزال مسألة البرنامج النووي الإيراني بدون حلّ".
في السنوات الأخيرة، تبادلت واشنطن وطهران الاتهامات على خلفية سلسلة حوادث في مياه الخليج بما في ذلك هجمات غامضة على سفن وإسقاط طائرة مسيّرة ومصادرة ناقلات نفط.
وفي أيار/مايو 2022، احتجزت إيران ناقلتَي نفط يونانيتين بعد أن كانت قد احتُجزت في الشهر السابق ناقلة نفط ترفع العلم الروسي ومحمّلة بالوقود الإيراني قرب أثينا بناء على طلب وزارة الخزانة الأميركية. وأفرجت طهران عن السفينتين بعد ستة أشهر.
في أيلول/سبتمبر 2022، احتجز أسطول تابع للبحرية الإيرانية سفينتَين عسكريتين أميركيتَين بدون ربان في البحر الأحمر لفترة وجيزة.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2021، أعلن الحرس الثوري الافراج عن ناقلة فيتنامية بعد استعادة حمولتها من النفط العائد للجمهورية الإسلامية، إثر احتجازها لنحو أسبوعين على خلفية ما قال إنها كانت محاولة أميركية لمصادرة هذه المادة. ونفت واشنطن في حينه ذلك، مشيرة الى أن قواتها البحرية اكتفت بمراقبة قيام بحرية إيرانية بمصادرة ناقلة نفط ونقلها الى مياهها الإقليمية.
وفي تمّوز/يوليو 2019، احتجز الحرس الثوري ناقلة النفط "ستينا إمبيرو" التي ترفع علم بريطانيا أثناء عبورها مضيق هرمز. ولم تفرج السلطات الإيرانية عن السفينة إلا بعد شهرين.
والأسبوع الماضي، شدّدت بريطانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة عقوباتها على الحرس على خلفية انتهاكات لحقوق الإنسان.
رداً على ذلك، أعلنت إيران عن إجراءات عقابية ضد أفراد وكيانات في الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، بينما شجبت "فرض وتشديد العقوبات الوحشية" على الجمهورية الإسلامية.