حضّت إيران الإثنين السعودية على تغيير سلوكها "غير الودّي" حيالها، وسط مراوحة تشوب الحوار بين الخصمين الاقليميين وتلميح طهران الى دور للرياض في الاحتجاجات التي تشهدها الجمهورية الإسلامية منذ شهرين.
واندلعت في إيران اعتبارا من 16 أيلول/سبتمبر احتجاجات في أعقاب وفاة الشابة مهسا أميني (22 عاما) بعد ثلاثة أيام من توقيفها من قبل شرطة الأخلاق لعدم التزامها القواعد الصارمة للباس في الجمهورية الإسلامية.
وقضى العشرات، بينهم عناصر من قوات الأمن، على هامش الاحتجاجات التي تخللها رفع شعارات مناهضة للسلطات واعتبر مسؤولون جزءا كبيرا منها "أعمال شغب". ووجّه القضاء تهما لأكثر من ألفي موقوف على خلفية التحركات.
واتهم مسؤولون إيرانيون "أعداء" الجمهورية الإسلامية، تتقدمهم الولايات المتحدة، بالضلوع في الاحتجاجات. كما تحدّثوا عن دور سعودي خصوصا عبر وسائل إعلام ناطقة بالفارسية خارج البلاد، تعتبرها طهران "معادية" وتتهمها بتلقي تمويل من الرياض.
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني الإثنين "لا نسعى لزيادة التوتر في المنطقة وملتزمون بالحوار مع الرياض والتفاهمات التي توصلنا إليها"، وذلك في رده خلال مؤتمر صحافي على سؤال بشأن حوار إيراني-سعودي بدأ برعاية بغداد العام الماضي.
وأكد أن طهران "تعتبر أمن جيرانها من أمنها".
وكانت الرياض قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع طهران مطلع عام 2016، في أعقاب تعرض بعثات دبلوماسية عائدة لها، لاعتداء من محتجين على إعدامها رجل الدين الشيعي المعارض نمر النمر.
وبدأ البلدان العام الماضي حوارا يهدف لتحسين العلاقات بينهما. واستضاف العراق برعاية رئيس وزرائه السابق مصطفى الكاظمي، خمس جولات حوار بين جارَيه، آخرها في نيسان/أبريل 2022.
وعلى رغم إعلان بغداد في تموز/يوليو الماضي التحضير للقاء علني بين وزيري الخارجية الإيراني والعراقي، لم يتم الى الآن تحديد موعد للقاء كهذا، أو الكشف علنا عن جولات حوار إضافية.
ونفى كنعاني تقارير صحافية عن توقف الوساطة العراقية بين البلدين بعد تولي محمد شياع السوداني رئاسة الوزراء خلفا للكاظمي في تشرين الأول/أكتوبر.
وقال كنعاني إن الجمهورية الإسلامية "ستحاول استنفاد الدبلوماسية من أجل تصحيح التصرفات غير الودية للمملكة العربية السعودية، وتأمل في أن يحضّر الطرف المقابل الأرضية لذلك أيضا".
واتهم واشنطن بالسعي الى "تعكير الحوار البنّاء" بين طهران والرياض.
وكرر مسؤولون إيرانيون تصريحاتهم المنتقدة للرياض منذ بدء الاحتجاجات التي تقترب من إتمام شهرها الثاني.
وقال وزير الأمن (الاستخبارات) اسماعيل خطيب إن في الاحتجاجات "كانت يد الكيان الصهيوني أكثر وضوحاً في التنظيم والتنفيذ، وكانت يد الثعلب البريطاني أكثر وضوحاً في تنظيم الدعاية، وكانت يد النظام السعودي تُشاهد بوضوح في إنفاق الأموال"، وذلك في حوار مع الموقع الالكتروني للمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي نشر في التاسع من تشرين الثاني/نوفمبر.
وأضاف بشأن السعودية "إنّ مصيرنا وسائر دول المنطقة مترابط"، محذرا من أن "أي انعدام للاستقرار في دول المنطقة يُمكن أن يسري إلى الدول الأخرى، وإنّ أي زعزعة للاستقرار في إيران قد تسري إلى دول المنطقة".
وشدد على أنه اذا أرادت إيران التعامل مع هذه الدول "بالمثل"، فإنّ "قصورها الزجاجيّة ستنهار ولن ترى هذه الدول وجه الاستقرار والثبات".
كما وجّه قائد الحرس الثوري اللواء حسين سلامي أواخر تشرين الأول/أكتوبر تحذيرا الى "آل سعود ووسائل الاعلام تحت سيطرتهم"، مضيفا "أنتم الذين تحرّضون الناس وتزرعون بذار الفتنة (...) فكروا بما يمكن أن يحصل لكم".