قد تتكرر كلمتان على مسامع الحاضرين في مؤتمر المناخ المنعقد في القاهرة هذا العام "الخسائر والأضرار".
ولكن ما المقصود بهاتين الكلمتين بالضبط ولماذا تتسببا في خلق خلافات بين الدول؟
ركزت مفاوضات المناخ إلى حد كبير حتى الآن على مسألة كيفية خفض غازات الاحتباس الحراري، وكيفية التعامل مع آثار تغير المناخ.
في مؤتمر المناخ لهذا العام، يمكن أن تهيمن قضية ثالثة وهي ما إذا كانت البلدان الصناعية التي تتسبب في ارتفاع نسبة الاحتباس الحراري، يجب أن تدفع للبلدان الفقيرة التي تعاني بشكل مباشر من آثاره السلبية.
أصبحت الكوارث مثل الفيضانات والجفاف والأعاصير والانهيارات الأرضية وحرائق الغابات أكثر تواتراً وشدة نتيجة لتغير المناخ، وكانت البلدان الأكثر تضرراً تطلب منذ سنوات مساعدة مالية للتعامل مع هذه العواقب.
هذا هو المقصود بعبارة "خسارة وضرر".
تغطي عبارة الخسائر الاقتصادية، خسارة المنازل والأراضي والمزارع والشركات.
أما الخسائر غير الاقتصادية، فتشمل موت الناس أو خسارة المواقع الثقافية أو فقدان التنوع البيولوجي.
الأموال التي تطلبها هذه البلدان هي بالإضافة إلى 100 مليار دولار سنوياً، الذي وافقت الدول الأكثر ثراءً على تحويلها إلى البلدان الفقيرة لمساعدتها هي:
خفض غازات الاحتباس الحراري - المعروف باسم "التخفيف" في محادثات المناخ.
اتخاذ إجراءات للتعامل مع تأثيرات تغير المناخ - المعروفة باسم "التكيف".
يقول هارجيت سينغ، رئيس الاستراتيجية السياسية العالمية في شبكة العمل المناخي الدولية غير الربحية: "يعاني الناس من خسائر وأضرار ناجمة عن العواصف الشديدة والفيضانات المدمرة وذوبان الأنهار الجليدية، ولا يحصل سكان البلدان النامية على دعم في الوقت المناسب لإعادة البناء والتعافي قبل وقوع الكارثة التالية".
ويضيف: "إن المجتمعات التي ساهمت بأقل قدر في إحداث الأزمة هي التي تقف الآن على خط المواجهة بين أسوأ الآثار".
ما حجم الخسائر والأضرار؟
يقول تقرير صدر حديثاً عن "جمعية الخسائر والأضرار"، وهي مجموعة تضم أكثر من 100 باحث وصانع سياسات من جميع أنحاء العالم، إن 55 من أكثر الاقتصادات عرضة للتأثر بالمناخ عانت من خسائر اقتصادية ناجمة عن تغير المناخ تجاوزت نصف تريليون دولار بين عامي 2000 و 2020. ويمكن أن يرتفع هذا الرقم بمقدار نصف تريليون آخر في العقد المقبل.
ويقول مؤلفو الدراسة: "كل جزء من درجة ارتفاع درجات الحرارة الإضافية يعني المزيد من التأثيرات المناخية، مصحوباً مع خسائر بسبب تغير المناخ في البلدان النامية تقدر بما يتراوح بين 290 مليار دولار و 580 مليار دولار بحلول عام 2030".
لقد شهد العالم بالفعل ارتفاعاً في متوسط درجة الحرارة العالمية بمقدار 1.1 درجة مئوية مقارنة بفترة ما قبل الصناعة.
وتقول الدول الفقيرة والأقل تصنيعاً إن تأثير الطقس القاسي الناتج عن ذلك يقوض أي تقدم تحرزه فيما يتعلق بالتنمية الاقتصادية.
يقول البعض إنهم أصبحوا مثقلين بالديون، فهم بحاجة إلى الاقتراض لإعادة بناء ما دمّر وخُسر.
منذ متى يدور النقاش حول مدفوعات الخسائر والأضرار؟
قبل سبع سنوات، اعترف اتفاق باريس الرائد بأهمية "تفادي وتقليل ومعالجة الخسائر والأضرار المرتبطة بالآثار الضارة لتغير المناخ"، لكن لم يتم تحديد كيفية القيام بذلك إطلاقاً.
يقول يوخن ﻓﻼﺴﺒﺎﺭﺙ، وزير الدولة في وزارة التعاون الاقتصادي والتنمية الألمانية: "ظلت الخسائر والأضرار موضوعاً ساماً للغاية لسنوات عديدة، وقد أجرينا مناقشات محتدمة للغاية بين البلدان المتقدمة والنامية".
"كانت هناك مخاوف في البلدان المتقدمة من أنه قد يصبح التزاماً قانونياً على الدول الكبرى التي تطلق الانبعاثات".
"كان هذا دائماً خطاً أحمر بالنسبة لمعظم البلدان المتقدمة"، ولهذا السبب، لم تعد البلدان الفقيرة تستخدم كلمة "تعويض" بل استبدلوها بطلب "الدعم المالي".
يقول ألفا عمر كالوغا، كبير مفاوضي المناخ مع مجموعة أفريقيا في اجتماعات الأمم المتحدة للمناخ: "كنا نطالب بتمويل منتظم قابل للتنبؤ ومستدام للتعامل مع الأزمات التي تواجهها هذه الأيام أي دولة نامية في كل يوم تقريباً".
"لكن هذا يشبه الحديث المفتوح، بينما نواجه المزيد من الخسائر والأضرار الناجمة عن المناخ بشكل أكثر كثافة وتكرارا. وينظر إلى هذا على أنه محاولة من قبل الدول المتقدمة لتأخير الأمور".
هل ستكون الخسائر والأضرار على جدول أعمال مؤتمر المناخ 2022؟
تحرص الدول النامية على مناقشة موضوع "تمويل الخسائر والأضرار" في مصر ، ولكن يتم تحديد جدول الأعمال في بداية المؤتمر فقط - وعلى جميع الدول الاتفاق عليه.
يقول سليم الحق، مدير المركز الدولي لتغير المناخ والتنمية في بنغلاديش: "قدمت باكستان، نيابة عن جميع البلدان النامية، جدول الأعمال يحتاج للموافقة عليه في بداية الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف".
"إذا عارضت أي دولة أي بند من جدول الأعمال هذا وتسببت بالتالي في عدم اعتماده، فسيكون ذلك علامة على فشل مؤتمر المناخ في دورته الـ 27 قبل حتى أن يبدأ رسمياً".
ما الخلافات المحتملة الرئيسية حول الخسائر والأضرار؟
قد يكون من الصعب على البلدان الاتفاق على المنظمة التي ستتعامل مع مدفوعات الخسائر والأضرار.
تقول الدول المتقدمة إن هناك آليات داخل الجهاز الذي أنشأته اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ وخارجه، والتي يمكن أن تتحمل المسؤولية.
تجادل البلدان النامية بأنه لا توجد وكالات مناسبة.
"أين كانت هذه الهيئات، على سبيل المثال، عندما تدمرت باكستان بسبب الفيضانات التي وقعت فيها مؤخراً، أو حتى عندما كانت نيجيريا أيضا تعاني من فيضانات هائلة، أو حتى خلال إعصار إيان الأخير الذي ضرب منطقة البحر الكاريبي؟" يتساءل ميشاي روبرتسون، كبير مفاوضي تمويل المناخ لتحالف الدول الجزرية الصغيرة (Aosis) ، وهي مجموعة مؤلفة من 39 دولة جزرية صغيرة تتفاوض ككتلة في اجتماعات الأمم المتحدة للمناخ.
"إنهم لا يتعاملون مع الخسائر والأضرار".
تدفع كل من Aosis والمجموعة الأفريقية من أجل إنشاء مرفق تمويل جديد مرتبط بنظام اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول تغير المناخ، لكنه منفصل تماماً عن وكالات تمويل المناخ الحالية.
لكن فلاسبارث يقول إن فكرة منشأة قائمة بذاتها قد لا تحظى بالدعم.
هل كان هناك أي تقدم في الفترة التي سبقت مؤتمر المناخ في دورته الـ 27؟
خلال مؤتمر المناخ في دورته الـ 26، العام الماضي، تعهدت اسكتلندا بدفع أكثر من مليون دولار لتمويل الخسائر والأضرار.
في الشهر الماضي، أعلنت الدنمارك أنها ستساهم بمبلغ 13 مليون دولار.
وفي الأسبوع الماضي، تبنى البرلمان الأوروبي قراراً يدعو إلى التركيز على تمويل البلدان النامية وإعطاء الأولوية للمنح قبل القروض، من أجل "تجنب الخسائر والأضرار وتقليلها ومعالجتها".
كما وافقت مجموعة الدول السبع ومجموعة العشرين - وهي مجموعة مكونة من 55 دولة معرضة للخطر - مؤخراً على إطلاق مبادرة تسمى الدرع العالمي ضد الكوارث المناخية.
وسيوفر هذا التمويل مدفوعات للخسائر والأضرار، جزئياً من خلال نظام التأمين.
يقول، تحالف الدول الجزرية الصغيرة، إن هذا لا يمكن أن يكون شرعياً، لأن مجموعة الدول العشرين المعرضة للخطر، لا يحتوي حتى على نصف عدد أعضاء تحالف الدول الجزرية الصغيرة.
ويقول مفاوض تمويل المناخ الرئيسي للمجموعة، ميتشاي روبرتسون: "يجب أن تتحدث مجموعة السبع معنا جميعاً، وليس فقط الدول التي اختاروها".
هل البلدان الفقيرة قادرة على استيعاب المزيد من أموال تمويل المناخ؟
كانت هناك مشاكل في الماضي مع كل من المؤسسات المالية التي تطلق التمويل المتعلق بالمناخ والبلدان التي تتلقاها.
و بيروقراطية وكالات التمويل الدولية تعني أن توفير الأموال يستغرق وقتاً طويلاً، كما تعاني بعض البلدان المتلقية للتمويل من تفشي الفساد وسوء الإدارة.
ولكن الدول الأفقر، لن تعتبر هذا مبرراً لدفع الخسائر والأضرار باتجاه واحد.