غادر ميشال عون، الرئيس المسيحي البالغ من العمر 89 عاما والذي شهدت رئاسته انهيارا ماليا كارثيا في لبنان وانفجار مرفأ بيروت، قصر الرئاسة يوم الأحد، تاركا فراغا على رأس الدولة اللبنانية.
وعجز البرلمان حتى الآن عن الاتفاق على من يخلف عون في هذا المنصب الذي يتمتع بسلطة توقيع مشروعات القوانين وتعيين رؤساء الوزراء وإعطاء الضوء الأخضر لتشكيل الحكومة قبل أن يصوت عليها البرلمان.
وكما هو الحال خلال أكثر من نصف فترة عون في الرئاسة، تحكم لبنان حاليا حكومة تصريف للأعمال مع محاولة رئيس الوزراء المكلف منذ ستة أشهر تشكيل حكومة.
وتجمع العشرات من أنصار عون أمام قصر بعبدا لتوديعه، مرتدين اللون البرتقالي المرتبط بالتيار الوطني الحر الذي يتزعمه. وحملوا صورا له عندما تولى رئاسة البلاد وأيضا عندما كان قائدا للجيش قبل عقود.
وقال جوزيف نجم (73 عاما)، والذي جاء بزي عسكري كان يرتديه في أثناء خدمته مع عون خلال الحرب الأهلية، لرويترز إنه يتمنى أن يظل عون ثلاث سنوات أخرى في المنصب.
كما قالت تيريز يونس، البالغة من العمر 16 عاما والتي جاءت مع رفيقاتها بالتيار من مدينة زحلة، إنها دعمت عون منذ أن كانت في الثامنة من عمرها مضيفة أنها حزينة لرحيله.
وقالت "لو عمري 18 سنة كنت تركت لبنان بس يترك القصر. ما في لبنان بعد ميشال عون".
وعون شخصية مثيرة للانقسام بشدة، ويدعمه العديد من المسيحيين الذين يعتبرونه المدافع عنهم في النظام الطائفي في لبنان لكن منتقديه يتهمونه بتمكين الفساد ومساعدة جماعة حزب الله المسلحة على كسب النفوذ.
وتولى عون الرئاسة في عام 2016، بدعم من حزب الله والسياسي المسيحي الماروني المنافس سمير جعجع في اتفاق أعاد السياسي السني البارز وقتئذ سعد الحريري رئيسا للوزراء.
وشهدت رئاسة عون التي استمرت ست سنوات بعد ذلك قتال الجيش اللبناني لمتشددين إسلاميين على الحدود السورية في عام 2017 بمساعدة حزب الله وإجازة قانون انتخابي جديد في 2018 وبدء شركات طاقة كبرى عمليات تنقيب استكشافية في مناطق بحرية في عام 2020.
وفي أسبوعه الأخير في القصر وقع عون اتفاقا بوساطة أمريكية لترسيم الحدود البحرية الجنوبية للبنان مع إسرائيل.
وأشاد أنصاره بهذه الإنجازات لكن منتقديه يقولون إن تلك النجاحات المتواضعة تتضاءل مقارنة بالانهيار المالي عام 2019 والذي دفع بأكثر من 80 في المئة من السكان إلى براثن الفقر وأدى إلى أوسع احتجاجات مناهضة للحكومة في التاريخ الحديث.
وارتبطت أيضا فترة عون بشكل وثيق بانفجار عام 2020 في مرفأ بيروت ، والذي خلف أكثر من 220 قتيلا.
وقال عون في وقت لاحق إنه كان على علم بالمواد الكيماوية المخزنة هناك وأحال الملف إلى سلطات أخرى لاتخاذ إجراءات. إلا أن عائلات الضحايا قالت إنه كان يجب عليه فعل المزيد. وصرح عون لرويترز في مقابلة يوم السبت أن سلطاته الرئاسية ليست واسعة بما يكفي لمعالجة الأزمة الاقتصادية.
وقال المحامي ميشال معوشي "كان إلى حد بعيد أسوأ رئيس في تاريخ لبنان وأنا أفضل عليه الفراغ في الرئاسة".
وبدأ عون طريقه إلى الرئاسة في الحرب الأهلية التي دارت رحاها فيما بين عامي 1975 و1990 والتي شغل خلالها منصب قائد الجيش ورئيس إحدى حكومتين متنافستين.
وعاد عون إلى بيروت بعد 15 عاما في المنفى، بمجرد انسحاب القوات السورية تحت ضغط دولي بعد اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري عام 2005.
وفي عام 2006، شكل التيار الوطني الحر الذي ينتمي إليه عون تحالفا مع حزب الله مما قدم دعما مسيحيا مهما للجماعة المسلحة.
وفي مقابلته مع رويترز، أرجع عون الفضل لحزب الله لدوره "المفيد" في العمل "كرادع" ضد أي هجمات إسرائيلية خلال محادثات الحدود البحرية.
وقال إن رحيله يوم الأحد، قبل يوم من انتهاء ولايته رسميا، لن يكون نهاية مسيرته السياسية.