تميل «ألوية الوعد الحق» إلى متابعة تحذيراتها، فهي تهدد مجدداً بضرب دول الخليج من العراق.
في الثاني من تشرين الأول/أكتوبر 2022، أصدرت جماعة الواجهة «ألوية الوعد الحق» التي كانت خاملة منذ كانون الثاني/يناير 2022 عندما تبنت هجوماً بطائرة مسيرة ضد الإمارات العربية المتحدة، بياناً هددت بموجبه بشن هجوم على "الشركات العاملة على أراضي شبه الجزيرة [العربية]". وجاء في البيان: "لقد انتهت الهدنة المؤقتة بين أهل اليمن و[السعودية]. وهنا نؤكد أننا ماضون بالوقوف مع الأشقاء في يمن العز والبطولة والجهاد إلى آخر المطاف. وليعلم التحالف المشؤوم أنه إن لم يكفّ شره فسيناله منا ما يَسر الصديق ويغيظ العدو. وللشركات العاملة في أرض الجزيرة نقول: إحزموا أمركم قبل فوات الأوان، فهذه الجولة إن حدثت ليست كسابقاتها..
وصدر هذا التهديد في اليوم نفسه مع تهديد مماثل أطلقه يحيى سريع المتحدث العسكري باسم الحوثيين الذي قال في تغريدة على موقع "تويتر": "القوات المسلحة تمنح الشركات النفطية العاملة في الإمارات والسعودية فرصة لترتيب وضعها والمغادرة مادامت دول العدوان الأمريكي-السعودي غير ملتزمة بهدنة تمنح الشعب اليمني حقه في استغلال ثروته النفطية لصالح راتب موظفي الدولة اليمنية" (الشكل 2). وقد انتهت فترة الهدنة الحالية التي استمرت شهرين في اليمن في 2 تشرين الأول/أكتوبر بسبب رفض الحوثيين تجديدها، ربما للضغط على الحكومة اليمنية المدعومة من الأمم المتحدة لكي تدفع رواتب الموظفين في المناطق الخاضعة للحوثيين.
وقد تكون لتهديدات «ألوية الوعد الحق» هدفاً أوسع نطاقاً فيما يتخطى اليمن. فقنوات وسائل التواصل الاجتماعي التابعة لـ «الحرس الثوري الإسلامي» الإيراني أطلقت مؤخراً سلسلة من التهديدات ضد المملكة العربية السعودية بسبب ما تقول إنه دورها في الاضطرابات الي تشهدها إيران حالياً. وتلقي هذه القنوات باللوم على القناة التلفزيونية "إيران إنترناشونال" ومقرها لندن، والتي تدّعي أنها منفذ إعلامي سعودي لتأجيج الاحتجاجات.
وفي 2 تشربن الأول/أكتوبر أيضاً، نشرت قناة "سباه باسداران"على منصة "تلغرام" التابعة لـ «الحرس الثوري» رسالة تهديد للسعودية جاء فيها: "إلى عملاء "السعودية إنترناشونال" الناطقة باللغة الفارسية الخائنة (وهو الاسم الذي يستخدمه النظام الإيراني للحديث عن "إيران إنترناشونال"): سنرسل قريباً هدية تذكارية إلى مولاكم [محمد] بن سلمان [ولي العهد السعودي]". وتضمن المنشور صورة لطائرة مسيرة من نوع "قاصف 2K" التي يتم إطلاقها من اليمن في معظم الأحيان لكن جرى تسييرها في الآونة الأخيرة من جنوبي العراق للمرة الأولى (في 12 آب/أغسطس).
ويبدو أن الرسالة تحمل تهديداً للصحفيين العاملين في "إيران إنترناشونال" أيضاً. "لم ننسكم قط؛ سيتم قريباً إرسال هدايا قيمة إلى كل واحد منكم لقاء خدماته لآل سعود" (الشكل 3).
ونشرت قناة "صابرين نيوز" الإيرانية التابعة لـ «الحرس الثوري» (التي لا يجب الخلط بينها وبين قناة "صابرين نيوز العراقية") تهديداً مماثلاً. وتضمن المنشور الصورة نفسها لطائرة "قاصف 2K" ، وجاء فيه "قريباً سيتم إرسال هدية تذكارية صغيرة من إيران إلى [محمد] بن سلمان. لن ننسى أبداً دور آل سعود في الاضطرابات الأخيرة. قريباً سنرسل هدايا قيّمة إلى آل سعود لقاء هذه الأفعال".
يجب أن يؤخذ تهديد «ألوية الوعد الحق» - والتحذيرات الأوسع نطاقاً حول شن هجمات ضد دول الخليج العربي - على محمل الجد لسببين. أولاً، تتعرض إيران لضغط داخلي كبير وتشعر بضرورة توجيه دفة هذه الضغوط خارجياً. ويُعتبر القصف العنيف لمواقع الأحزاب المعارضة الكردية الإيرانية في «كردستان العراق» في الأيام الأخيرة خير دليل على ذلك. وتريد الجمهورية الإسلامية أن تُظهر أن الأطراف الخارجية هي سبب الاضطرابات الأخيرة في إيران.
ثانياً، تتمتع «ألوية الوعد الحق» بسجل حافل بالمصداقية. ففي المرتين اللتين نفذت فيهما جماعة الواجهة هذه هجمات، تم إطلاق طائرات مسيرة من العراق نحو دول الخليج - حيث استهدفت في المرة الأولى الرياض في عام 2021 ومن ثم أبوظبي عام 2022. ويُظهر الإطلاق الأخير لطائرة "قاصف 2K" في 12 آب/أغسطس من العراق باتجاه الكويت النوايا المكدسة تجاه الخليج، وإدخال طراز "قاصف 2K" للمرة الأولى فوق أراضي العراق.