انتظر آلاف الأشخاص ليل الأربعاء الخميس في طوابير طويلة للمرور أمام نعش إليزابيث الثانية المسجى في قصر ويستمنستر وذرف كثيرون الدمع لدى مشاهدة نعش الملكة التي استمر عهدها أكثر من 70 عاما.
وسيبقى نعش الملكة التي توفيت الخميس الماضي عن 96 عاما مسجى في أقدم قاعة في البرلمان البريطاني حتى الجنازة المقررة الإثنين في كنيسة ويستمنستر.
بعد انتظار لأكثر من 48 ساعة، سُمح لأوائل المنتظرين بدخول القاعة الكبيرة العائدة للقرون الوسطى، بعدما غادر نعش الملكة من قصر باكينغهام للمرة الأخيرة في مراسم شاهدها عشرات الآف الأشخاص.
والخميس هو أول يوم كامل يسجى فيه النعش، ويمثل فرصة أخيرة لوداع ملكة محبوبة أشيد بها في أنحاء العالم لتفانيها في الخدمة.
وكتبت صحيفة ديلي تلغراف على صفحتها الأولى "حان دور الأمة للوداع" فوق صورة للنعش بعد وقت قصير على دخوله القاعة المبنية منذ عقود، في المبنى الذي يحتضن البرلمان البريطاني.
لُف النعش بالعلم الملكي (رويال ستاندرد) ووضع على منصة مرتفعة أشعلت على زواياها الأربعة الشموع.
ويسهر جنود يرتدون زيا رسميا على حراسة النعش بشكل متواصل.
وأغمي على أحد الحراس ليلا ما يظهر حجم العبء الذي يمكن أن تمثله مهمة الحراسة وقوفا.
•في سلام
وفي مشاهد مؤثرة، وقف كثيرون وانحنوا أمام النعش أو قاموا بإيماءات احترام. ورسم آخرون إشارة الصليب أو نزعوا قبعاتهم.
وصلّى البعض باتجاه النعش أو مسحوا دموعهم. وأحضر آخرون أطفالهم في عربات. ووقف جنود قدامى وأدوا تحية أخيرة لرئيسة أركانهم السابقة.
وكانت سو هارفي (50 عاما) من بين الذين أدمعت عيونهم لدى المرور أمام النعش.
وقالت لوكالة فرانس برس "الجو في الداخل كان هادئا جدا ومفعما بالمشاعر. كثير من الناس حبسوا دموعهم لكن الصمت كان مطبقا". أضافت "أردت أن أراها مهما طال الانتظار في الطابور لأنني لم ألتق بها وهي على قيد الحياة".
بدورها بدت فيكي ويكس (36 عاما) المسعفة الطبية التي أخذت يوم عطلة، دامعة بعد مغادرة القاعة.
وقالت إن "عناصر الحرس كانوا يحرسونها للمرة الأخيرة من الزوايا الأربعة للنعش. كان الأمر جميلا ... كانت في سلام".
وأرادت نينا (40 عاما) أن تقول شكرا لإليزابيث على حياة أمضتها في التفاني في خدمة الأمة.
وقالت "في هذا المكان لا يمكن تجاهل الحضور الطاغي الذي كانت تتميز به. غلبتني المشاعر ولم أكن الوحيدة".
مع بزوغ فجر الخميس كان الطابور بطول 3,2 كلم على امتداد الضفة الجنوبية لنهر تيمس. ويتوقع أن يستمر الانتظار لساعات عدة.
أعد المنظمون بنى تحتية لطوابير انتظار بطول 16 كلم، وسط توقعات بأن يتوافد مئات الآلاف لإلقاء نظرة على نعش الملكة.
•75 خطوة
نُقل النعش من قصر باكينغهام إلى قاعة ويستمنستر في وقت سابق الأربعاء.
وعلى وقع موسيقى جنائزية عزفتها فرقة عسكرية تقدم الملكة تشارلز الثالث أفراد العائلة الملكية في السير خلف عربة خيل تنقل النعش.
وسار تشارلز، الإبن البكر للملكة، وشقيقاه وشقيقته وابناه الأميران وليام وهاري، بواقع 75 خطوة في الدقيقة خلف عربة الخيل.
وأعادت صورة تشارلز وابنيه الحزينين إلى الأذهان ذكريات من 1997 وكان الشقيقان البالغان آنذاك 15 و12 عاما، يسيران منحنيي الرأس خلف نعش والدتهما ديانا أميرة ويلز.
من برج إليزابيث، في مقر مجلسي البرلمان، قرع جرس بيغ بين في كل دقيقة لدى مرور النعش أمام حشود اصطفت بصمت على جانبي الطريق.
•زيارات ملكية
ورحلة النعش في قلب لندن الذي ارتفعت فيه الأعلام، هي آخر الترت يبات ضمن فترة حداد وطني تستمر 11 يوما وتنتهي مع مراسم الدفن.
الخميس سيتوجه وليام وزوجته كيت إلى ساندريغهام، مقر الإقامة الشتوي للعائلة الملكية في شرق إنكلترا، لمشاهدة باقات الزهور التي تركها الأهالي على بوابة نوريتش.
منحت الملكة تشارلز (73 عاما) لقب أمير ويلز في 1958، وفي أول يوم له بصفته عاهلا لبريطانيا الجمعة، منح بدوره ابنه الأكبر هذا اللقب.
ويعطى اللقب التاريخي إلى ولي عهد العرش.
وستكون الزيارة إلى ساندريغهام الخميس، أول فعالية رسمية لأمير وأميرة ويلز.
ويُفترض أن يتوجه الأمير إدوارد، أصغر أبناء الملكة، وزوجته صوفي إلى مانشستر بشمال غرب إنكلترا، للاطلاع على سجل التعازي المفتوح في مكتبة المدينة.
كما سيشاهدان باقات الزهور التكريمية في ساحة سانت آن، ويلتقيان أفرادا من العامة ويشعلان الشموع عن نفس الملكة في كاتدرائية مانشستر.
أكد الرئيس الأميركي جو بايدن حضوره مراسم الجنازة وكذلك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وامبراطور اليابان ناروهيتو.
واتصل ماكرون بالملك تشارلز الثالث "لتقديم تعازيه الصادقة إلى الملك" حسبما أعلن الاليزيه الأربعاء.
كما "تمنى للملك النجاح وعبر عن استعداده الكامل لمواصلة العمل الذي قاما به معا في السنوات الأخيرة في مواجهة التحديات المشتركة، بدءا بحماية المناخ والأرض".
وكتب ماكرون على تويتر "سأكون في لندن لحضور الجنازة" الإثنين.