استؤنفت المعارك الأربعاء في شمال إثيوبيا، على المناطق الحدودية لتيغراي حيث يتبادل متمردو الإقليم والحكومة الاتّهامات بخرق الهدنة التي أعلنت قبل خمسة أشهر.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الأربعاء إلى وقف إطلاق النار "فوراً" في إثيوبيا وعبّر عن الصدمة إزاء استئناف أعمال العنف.
وقال غوتيريش للصحافيين "أشعر بصدمة وحزن عميقين للأنباء عن استئناف القتال في إثيوبيا"، مضيفاً "أناشد بقوة من أجل وقف فوري للقتال والعودة إلى محادثات السلام بين الحكومة وجبهة تحرير شعب تيغراي".
من جانبه، أعرب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي عن "قلقه العميق" من تجدد القتال. وفي بيان دعا موسى فقي محمد "إلى وقف فوري للاعمال العدائية وحضّ الطرفين على استئناف المحادثات سعيا إلى حل سلمي" للصراع المستمر منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2020.
كما حضّت الولايات المتحدة الحكومة الإثيوبية ومتمردي جبهة تحرير شعب تيغراي على إجراء محادثات لإنهاء القتال، قائلة إن الهدنة التي استمرت خمسة أشهر أنقذت "أرواحا لا تعد ولا تحصى".
وقال الناطق باسم وزارة الخارجية فيدانت باتيل إنّ واشنطن تدعو "حكومة إثيوبيا وجبهة تحرير شعب تيغراي إلى مضاعفة الجهود للدفع قدماً بالمحادثات من أجل التوصّل إلى وقف دائم لإطلاق النار دون شروط مسبقة".
وصباح الأربعاء، اتّهم متمردو تيغراي الجيش الإثيوبي أولاً بشنّ "هجوم واسع" على مواقعهم، قبل أن تتهمهم الحكومة الإثيوبية بدورها ب"خرق" الهدنة.
وقال الناطق باسم الجبهة غيتاشو رضا لوكالة فرانس برس في نيروبي في رسالة مقتضبة "شنوا الهجوم في ساعة مبكرة هذا الصباح قرابة الساعة الخامسة (02,00 ت غ) ونقوم بالدفاع عن مواقعنا".
وكتب في تغريدة على تويتر إن الجيش الإثيوبي وقوات خاصة وميليشيات من منطقة أمهرة المجاورة، شنوا هجومًا "واسع النطاق" على "مواقعنا في الجبهة الجنوبية".
وردت الحكومة الإثيوبية في بيان بأن متمردي تيغراي "تجاهلوا عروض السلام العديدة التي قدمتها الحكومة الإثيوبية" وشنوا "هجوما اليوم في الساعة 05,00" (02,00 ت غ) في منطقة تقع في جنوب تيغراي و"انتهكوا الهدنة" داعية المجتمع الدولي إلى ممارسة "ضغوط شديدة" على سلطات المتمردين في تيغراي.
والمنطقة معزولة عن بقية البلاد، ويتعذر التحقق بشكل مستقل من اتهامات كل منهما أو من الوضع على الأرض.
وهذه المعارك هي الأولى منذ إعلان هدنة إنسانية نهاية آذار/مارس أتاحت الاستئناف التدريجي للمساعدات الإنسانية إلى المنطقة التي تعيش ظروفًا قريبة من المجاعة.
• إسقاط طائرة
وتحدثت كل من الحكومة والمتمردين الأربعاء عن معارك حول الطرف الجنوبي الشرقي من تيغراي، المتاخم لمنطقتي أمهرة من الغرب وعفر من الشرق.
وتقول ميليشيا فانو المحلية التي ساندت الجيش الفدرالي في تيغراي إن القتال يدور في منطقتي مهاغو وجميدو في منطقة أمهرة، على مقربة من منطقة كوبو، الواقعة أيضا في منطقة أمهرة ويحتلها متمردو تيغراي منذ هجوم مضاد عام 2021. وتؤكد ميليشيا فانو أنه لا يوجد قتال حاليا في تيغراي نفسها، ويتعذر التحقق ذلك من مصدر مستقل.
من جهتها، أفادت منظمة غير حكومية محايدة تسمى "ابدا" تنشط في منطقة عفر، بوجود قتال في منطقة حدودية بين هذه المنطقة وجنوب شرق تيغراي.
قالت إن "الجيش موجودة بأعداد كبيرة (في منطقة) يالو وهو يطرد" متمردي تيغراي "من عفر".
من جانب آخر، أعلن سلاح الجو الإثيوبي الأربعاء إسقاط طائرة قال إنها كانت تحمل أسلحة لتسليمها لجبهة تحرير شعب تيغراي، وقد خرقت المجال الجوي للبلاد عبر السودان، وهي تأكيدات وصفها غيتاتشو رضا بأنها "أكاذيب واضحة".
والأربعاء قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إنّ "قوات تيغراي دخلت بالقوة إلى أحد مخازن برنامج الأغذية العالمي في ميكيلي واستولت على 12 صهريج وقود ممتلئا بـ 570 ألف لتر من الوقود".
وأضاف دوجاريك أنّه "كان من المقرر استخدام مخزون الوقود هذا للأغراض الإنسانية فقط، لتوزيع المواد الغذائية والأسمدة ومواد الإغاثة الأخرى في حالات الطوارئ".
وتسبّب النزاع في أزمة إنسانية كبيرة في تيغراي حيث دمّرت البنية الاقتصادية وحرمت من الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والاتصالات والخدمات المصرفية.
•"تبخّر أملنا"
وقال وليام دافيسون، المحلل في مجموعة الأزمات الدولية إن القتال الحالي يجب أن ينتهي قبل أن "يتصاعد ويستحيل حربا".
وأضاف "هذا الانتهاك الخطير للهدنة التي تم التوصل إليها مطلع العام، يظهر ضرورة قيام الطرفين بتنظيم مفاوضات مباشرة دون شروط بمجرد توقف هذا القتال".
وفي العاصمة أديس أبابا، أعرب سكان عن قلقهم.
وقال تيكليهايمانوت ميزغيبو "كنا نأمل أن يكونوا جاهزين للسلام، لكن أملنا تبخّر حاليا. إذا شنوا الحرب لن يكون ذلك جيّدا للسكان في إثيوبيا وتيغراي".
وقال تيزازو ويروتا "كان ينبغي أن يكون الخيار هو التفاوض والسلام. شهدنا ما تفعله الحرب (...) لن تؤدي إلا إلى أضرار".
وبحسب الأمم المتحدة، أسفر النزاع المستمر منذ 21 شهرا عن آلاف القتلى، وأكثر من مليوني نازح ووضع مئات آلاف الإثيوبيين في مواجهة ظروف أشبه بالمجاعة.
وبدأ النزاع في تيغراي في تشرين الثاني/نوفمبر 2020 عندما أرسل رئيس الوزراء أبيي أحمد الجيش الفدرالي إلى المنطقة لاطاحة السلطات المحلية التي تحدت سلطته لأشهر واتهمها بمهاجمة قواعد عسكرية في الاقليم.
يتلقى الجيش الإثيوبي دعما من القوات الإقليمية وميليشيا الأمهرة بالإضافة إلى قوة من إريتريا المجاورة التي لا تزال قواتها موجودة في غرب تيغراي.
بعد انسحابهم، استعاد متمردو تيغراي السيطرة على معظم المنطقة في هجوم مضاد في منتصف 2021، تمكنوا فيه من دخول أمهرة وعفر المتجاورتين.