بُنيت العشرات من المنازل بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد في جميع أنحاء العالم، سواءً لإيواء عائلة في ولاية فرجينيا الأمريكية أو أفراد مجتمع فقير في الريف المكسيكي. والآن، أصبح أكبر حي مبني بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد في العالم قيد الإنشاء خارج مدينة أوستن بولاية تكساس الأمريكية.
يمكن أن تكون هذه التكنولوجيا مفيدة بشكلٍ خاص في وجهات مثل ولاية مين الأمريكية، حيث ستكون هناك حاجة إلى 80 ألف منزل جديد تقريبًا بحلول عام 2030 لسد فجوة النقص، وفقًا لتقريرٍ صدر العام الماضي عن ثلاث وكالات حكومية.
قال المدير التنفيذي لمركز الهياكل والمركبات المتقدمة بجامعة مين (ASCC)، حبيب داغر، لـCNN عبر مكالمة فيديو: "لا يستطيع الأشخاص العثور على منازل، فهي باهظة الثمن. كما أنّنا نواجه شيخوخة السكان الآن.. لذا هناك عدد أقل من الكهربائيين، والسباكين، والبنائين".
وأفاد داغر أنّه يمتلك الحل.
في الشهر الماضي، كشف المركز عمّا وصفه بأكبر طابعة بوليمر ثلاثية الأبعاد في العالم.
يأمل داغر أن يساهم ما يُسمى بـ "مصنع المستقبل 1.0" (Factory of the Future 1.0) في معالجة أزمة الإسكان في الولاية الأمريكية، وإحداث ثورة في مجال بناء المنازل بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد.
وأوضح: "النهج الذي اتبعناه يختلف تمامًا عمّا كنت تراه وتقرأ عنه منذ سنوات".
بناء منزل كل 48 ساعة
تعتمد الغالبية العظمى من عمليات الطباعة الحالية على الخرسانة، مع وجود ذراع آلية مزودة بفوهة لوضع طبقات الخرسانة الرطبة بالشكل الصحيح.
قام مركز الهياكل والمركبات المتقدمة بقلب السيناريو.
وأفاد داغر أنّ الطابعة العملاقة وسابقتها، التي دخلت موسوعة "غينيس" للأرقام القياسية في عام 2019 باعتبارها "أكبر نموذج أولي لطابعة بوليمر ثلاثية الأبعاد"، تتميزان ببناء المنازل باستخدام بقايا الخشب.
واختُبِرت هذه التكنولوجيا بالفعل.
في أواخر عام 2022، كشفت الجامعة عن "BioHome3D"، وهي وِحدة لعائلة واحدة تبلغ مساحتها 56 مترًا مربعًا تقريبًا، ووصفتها بأنّها أول منزل مطبوع بالمواد الحيوية بشكلٍ كامل في العالم، مصنوع من ألياف الخشب المحلية، ومواد "راتنج" حيوية.
وقال داغر: "عندما يستخدمون الخرسانة، فهم يطبعون الجدران فقط"، مضيفًا أنّهم نجحوا في بناء أرضية وجدران وِحدة "BioHome3D"، وسقفها أيضًا.
كما يستلزم بناء المنازل الخرسانية القيام بعملية التشييد في الموقع..
وقد يشكل ذلك مشكلة خصوصًا خلال فصل الشتاء المُثْلِج، وشرح داغر قائلًا: "عندما يسوء الطقس لأسبوعين متواصلين، لا يمكنك الطباعة".
بالمقابل، قام المركز بطباعة وحدات مسبقة الصنع في الجامعة، وربطها معًا في الموقع لإنشاء "BioHome3D".
يمكن للطابعة الجديدة إنتاج هياكل يصل طولها إلى 29 مترًا تقريبًا، وعرضها إلى 10 أمتار تقريبًا، وارتفاعها إلى 5 أمتار تقريبًا، وطباعة ما يصل إلى 227 كيلوغرامًا من المواد في الساعة.
وأشار داغر إلى أنّ الهدف هو طباعة 454 كيلوغرامًا من المواد في الساعة، حيث ستتمكن الطابعة من إعادة إنتاج وِحدة "BioHome3D" خلال 48 ساعة.
وأضاف أنّه إذا تمكنوا من الوصول إلى هذا الهدف، فإن المنازل المطبوعة ستكون "تنافسية للغاية في وجه تكاليف بناء المساكن الحالية".
"متى يمكنني الحصول على منزل؟"
وتجعل الأرضيات والجدران الخشبية الدافئة منزل "BioHome3D" يبدو مثل كابينة خشبية أنيقة وحديثة مستوحاة من الطراز الاسكندنافي.
ويستخدم مركز الهياكل والمركبات المتقدمة بقايا الخشب من معامل نشر الخشب في ولاية مين بأبحاثه، ويتطلع إلى زيادة الإنتاج باستخدام هذه المنتجات الثانوية المحلية.
وقام الآلاف من الأشخاص بجولةٍ داخل النموذج الأولي بحرم الجامعة في أورونو بولاية مين، وقال داغر إنّه من النادر ألا يسأل الزوار: "متى يمكنني الحصول على منزل"؟
ولكن هناك بعض العقبات التي يجب تجاوزها أولاً
وفي إشارةٍ إلى قوانين البناء التي يجب على شركات البناء الالتزام بها، قال داغر: "يستغرق تغيير القواعد أعوامًا طويلة".
ومن المتوقع، أن لا تُحل الطابعات محل طرق بناء المنازل التقليدية، ولكن من المرجح أن تشكل المنازل المطبوعة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد حصةً أكبر من مخزون المساكن في العالم مستقبلاً.
ويكمن المشروع الكبير التالي لطابعة المركز بحيٍ يتكوّن من 9 منازل لأشخاص يعانون من التشرد.
ويتعاون مركز ASCC مع منظمة غير حكومية محلية لتصميم الهياكل، ومن المقرر أن تنطلق عملية الطباعة في عام 2025.