حازت اليمنية آسيا المشرقي على جائزة نانسن لعام 2023، والتي تُقدمها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين للعاملين في مجال مساعدة اللاجئين على النجاة في ظل الأزمات الإنسانية حول العالم.
"اليمن هي الأزمة المنسية، اليمن هي ملايين من المحتاجين للغذاء والصحة والتعليم، على الجميع أن ينتبه لهذه المنطقة وإلا فستكون قنبلة موقوتة." هكذا علقت آسيا على الأوضاع في اليمن أثناء لقاء بي بي سي معها في جنيف ضمن المنتدى العالمي للاجئين.
وحصدت آسيا جائزة نانسن لهذا العام عن عملها الإنساني ضمن مؤسسة التنمية المستدامة، وهي مؤسسة غير ربحية، تهدف لتخفيف معاناة اليمن في ظل التحديات الإنسانية الكبيرة.
تحدثنا إلى آسيا خلال المنتدى العالمي للاّجئين، لتشاركنا قصتها ورحلتها في العمل الإنساني، في بلدٍ يعاني منذ نحو عشر سنوات من أزمةٍ سياسية وإنسانية خلفتها الحروب، جعلت الوصول إلى الحقوق الأساسية تحديًا لمعظم السكان، خاصةً النساء.
خاضت آسيا معارك مختلفة كامرأة تتحدى القيود الاجتماعية والثقافية في بيئة ريفية، تقول "أنا من أسرة فقيرة في اليمن، ولدت وتربيت بصنعاء و لكن أبي و أمي من مديرية حراز قرية بيت المشرقي، بيئتي الثقافية والاجتماعية كبيئة أيّ امرأة ريفية تعني مواجهة صعوبات كثيرة وثقافة صعبة، تحدد دور المرأة فيها في أشكال محددة، خاصة في التعليم والأنشطة الاجتماعية، وذلك بسبب الثقافة المجتمعية والوضع الاقتصادي."
•التعليم نقطة تحول لكسر القيود المفروضة على النساء
تحدثت آسيا بفخرعن تحديات التعليم وكيف تجاوزتها بدعم والديها، اللذين أدركا أهمية تعليم ابنتهما، رغم الظروف الاقتصادية الصعبة، حيث كانت العائلة تعيش في واقع يستدعي التخلي عن التعليم العالي، إلا أن تضحيات والديها كانت دافعًا قويًا لها لتحقيق حلمها بالتعليم وحصولها على درجة البكالوريس في اللغة العربية من جامعة صنعاء.
وأشارت قائلة "بالنسبة لي، كانت أهم نقطة أن أحصل على فرصة التعليم، حيث يُعد التعليم أحد أهم الأمور التي لا تحصل عليها المرأة، خاصةً التعليم المتقدم بعد المرحلة الثانوية والجامعية. وكان من الصعب على النساء اليمنيات الوصول إليه بسبب المعارضة التي واجهنها من قبل الأهل والمجتمع القبلي في تلك الفترة."
وأضافت" عملت بدعم من والدي ووالدتي على تجاوز هذه المرحلة، وعانيت كثيراً، خاصةً بسبب الظروف الاقتصادية، حيث كنا ثمانية أخوة، خمسة أولاد وثلاث بنات. كان من الصعب على والدي، في وضعه الاقتصادي الصعب، توفير فرص التعليم لثمانية أطفال، خاصةً وأنّ المجتمع كان يفضل توجيه الفرص للذكور."
•"كنت في يوم من الأيام محتاجة للمساعدة"
لم يكن العمل الإنساني بالنسبة لآسيا واجبًا، بل كان ينبع من خبرة شخصية، حيث كشفت آسيا عن لحظاتها الشخصية حين كانت بأمس الحاجة إلى يد المساعدة، وكيف جعلها هذا الدافع تدرك قيمة تقديم المساعدة للآخرين.
"أهم دافع وسبب لانخراطي في العمل الإنساني، أنني كنت من هذه الفئة نفسها. كنت في يوم من الأيام محتاجة للمساعدة، محتاجة ليد العون. الدافع الثاني كان الوضع الإنساني الذي تمر به اليمن ووجود مئات الآلاف من المحتاجين لبصيص أمل والمحتاجين لتدخلات تغير حياتهم ليعيشوا حياة كريمة، خاصة النساء والأطفال في حرب أكلت الأخضر واليابس وفي أزمة هي الأسوأ على مستوى العالم".
وتعتبر آسيا أنها استطاعت الخروج من قالب المرأة التي تحتاج المساعدة إلى ناشطة تبني جسور التغيير وتمكن الشباب والنساء في مجتمعها، من خلال التعليم والتمكين الاقتصادي، وتقول"أنا مؤمنة أن حقوق المرأة تنحصر في شيئين هما التعليم و التمكين الاقتصادي. عندما تحصل المرأة على تعليم جيد وتمكين اقتصادي فهي من أكثر الناس قوة وهي التي ستطالب وتفرض حقوقها على المجتمع وعلى كل السلطات".
وتقول إنّ مؤسسة التنمية المستدامة التي تديرها، نجحت خلال ست سنوات في تمكين أكثر من ستة آلاف شاب وشابة في اليمن من بين 150 ألف نازح يمني ولاجئ من 7 جنسيات مختلفة. وتضيف آسيا أنّ المؤسسة دعمتهم "في مجال المشاريع الصغيرة وإدارة الأعمال والتجارة الإلكترونية والتسويق الإلكتروني ومشاريع متناهية الصغر" مؤكدةً بأنّ النساء يشكلن أكثر من خمسين في المئة منهم.
وعن عملها كرئيسة مؤسسة التنمية المستدامة تقول آسيا "هناك نساء في اليمن والوطن العربي يحملن آمالًا كبيرة، وإذا تم توفير الفرص اللازمة لهن، ستكون لهن القدرة على تحقيق تأثير إيجابي في المجتمع".
وتضيف آسيا "ندرك أنّ الوضع طارئ والاستجابة الإنسانية ليست مجرد واجب، بل هي ضرورة حياتية للبقاء وتقديم الدعم للمحتاجين، تتعامل المؤسسة مع واقع صعب، في وطن يشهد الحروب والصراعات، وتركز جهودها على فئات متعددة من المجتمع، من النازحين إلى الأطفال الذين يعيشون في ظروف قاسية، والفئات الأكثر ضعفًا والتي تعاني من انتهاكات حقوق الإنسان".
وتقول آسيا إنّ أهمّ رسالة تريد إيصالها بالفوز بهذه الجائزة هي رسالةٌ للنساء اليمنيات في كافة أرجاء الوطن العربي، وهي أنّ "هناك أمل أن يتحقق حلمك وأنّ العمل الإنساني يعطي الكثير من القدوة والطموح والرسائل الإيجابية في أنّ العالم لا زال بخير".
وبحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، يحتضن اليمن 71,760 لاجئ وطالب للّجوء خلال الفترة بين يناير وأكتوبر عام 2023، غالبيتهم من الجنسيتين الصومالية والإثيوبية و 60% منهم نساء و أطفال.
ويعتمد 21.6 مليون يمني (ثلثي السكان) على المساعدات الإنسانية بما في ذلك 4.5 ملايين نازح.
وتشير البيانات إلى أنّ اللاجئين وطالبي اللجوء الموجودين في اليمن، ينحدرون بشكل رئيسي من سبع دول: أربع منها إفريقية (الصومال، إثيوبيا، إريتريا، السودان) وثلاث آسيوية (سوريا، العراق، فلسطين)، بالإضافة إلى عدد قليل من جنسيات أخرى.