اندبندنت: المسيرات البحرية..ذراع الجيوش اللينة والفتاكة
يمن فيوتشر - اندبندنت عربية: الاربعاء, 02 أغسطس, 2023 - 05:29 مساءً
اندبندنت: المسيرات البحرية..ذراع الجيوش اللينة والفتاكة

مع احتدام الحرب الروسية – الأوكرانية، بدا وكأن هناك سلاحاً جديداً يطفو على سطح الأحداث، سلاحاً بحرياً مثيراً وخطيراً في الوقت ذاته، قادراً على جعل مياه البحار والخلجان والمحيطات مناطق وعرة، ومهدداً عمليات الملاحة الكبرى التي عرفتها الخطوط البحرية سواء كانت عسكرية أو مدنية.
الحديث عن المسيرات البحرية، يشير إلى قوارب ومركبات صغيرة تطفو فوق سطح المياه، وفي الوقت عينه يلفت إلى غواصات مشابهة صغيرة الحجم، تجري بها الأحداث تحت سطح المياه.
هل سلاح المسيرات البحرية جديد بالمرة، أي أنه لم يسبق للدول استخدامه من قبل؟
يبدو أن الأمر ليس على هذا النحو، ذلك أن المركبات العسكرية المسيرة استخدمت في وقت مبكر من الحرب العالمية الثانية في الطائرات التي يتم التحكم بها عن بعد، وكذا كاسحات الألغام، وأصبحت تستخدم على نطاق واسع في القرن الحادي والعشرين لمجموعة من الأغراض بما في ذلك علم المحيطات والمراقبة البيئية، وكذلك نقل البضائع والتطبيقات العسكرية.
والثابت أنه مع نهاية الحرب العالمية الثانية، كانت المركبات المتحكم بها عن بعد قد تطورت بشكل كبير وفاعل، وبات من اليسير التحكم فيها عن طريق الأرض أو من خلال السفن القريبة.
تنقسم المسيرات المركبة إلى أنواع، فمنها ما يعمل بتحكم ذاتي جزئياً، وهناك من يعمل بشكل ذاتي تماماً، وحديثاً تم تطوير عدد من المنصات الذاتية المصممة خصيصاً لعمليات المركبات المسيرة، بعضها مرتبط بسفن محددة، بينما البعض الآخر مرن ويمكن تطبيقه على تكوينات هيكلية وميكانيكية وكهربائية مختلفة.
وفي كل الأحوال يعد تصميم وبناء السفن غير المأهولة أي المسيرة أمراً معقداً وصعباً، ويجب تحليل وتنفيذ مئات القرارات المتعلقة بأهداف المهمة ومتطلبات الحمولة وكمية الطاقة وتصميم الهيكل وأنظمة الاتصالات والتحكم في الدفع والإدارة.
يختلف حجم المسيرات البحرية غير المأهولة في الحجم من أقل من متر واحد إلى أكثر من 20 متراً، مع نزوح يتراوح من بضعة كيلوغرامات إلى عدة أطنان، لذلك تغطي أنظمة الدفع نطاقاً واسعاً من مستويات الطاقة والواجهات والتقنيات.
هل يعني حديث المسيرات البحرية أن العالم دخل منطقة جديدة من الصراعات المائية، نظيرة لتلك التي عرفتها القوات الجوية حول العالم، منذ دخول الطائرات المسيرة مجالات الحروب؟ وما هو مستقبل تلك المواجهات غير المأهولة في محيطات العالم بنوع خاص؟

ازدياد أهمية المسيرات البحرية
تبدو غالبية الجيوش الكبرى، ماضية قدماً في طريق تقليل الخسائر البشرية، بمعنى عدم السعي للزج بالعنصر البشري في ميادين القتال، ومن هنا يتوقع أصحاب القراءات الاستشرافية، أن يأتي اليوم الذي تتصادم فيه الروبوتات فيما البشر يديرون المعارك من داخل الغرف المكيفة.
هنا يمكن القطع بأن المسيرات البحرية، أداة من أدوات الحروب المستقبلية، ولها ميزات واضحة جداً سواء على الصعيد العسكري، أو الصعيد التجاري.
من مزايا المسيرات البحرية، القدرة على الطفو فوق سطح المياه لمدة قد تصل في بعض الأحيان إلى ستة أشهر، كما يمكنها تنفيذ مهام متعددة في الوقت نفسه بتكلفة منخفضة نسبياً بالمقارنة مع تكلفة الأنظمة البشرية.
وفي الوقت عينه، فإن هذه النوعية من المسيرات البحرية، مجهزة بمعدات فائقة الحساسية، تمكنها من إرسال الصور المفصلة والبيانات المتناهية الدقة، بجانب قدرتها على الكشف عن مواقع السفن الأخرى القريبة، والتحذير من عمليات النقل البحري المشبوهة، والفضل في هذا كله حكماً يعزى لاتصالها المباشر مع الأقمار الاصطناعية.
من جهة ثانية، تكاد قصة المسيرات البحرية، تقلب موازين المواجهات البحرية، بل وتذكر القارئ بما جرى في حرب فوكلاند، أوائل ثمانينيات القرن المنصرم، حيث كانت بعض الصواريخ التي لا يزيد ثمنها عن عشرة آلاف دولار، قادرة على إغراق مدمرات بحرية من نوعية "شيفلد".
هنا يبدو الاتجاه ماضياً قدماً لجهة زيادة التسلح بقطع المسيرات البحرية، وذلك على رغم تشكك البعض في إمكانية ذلك بالنظر إلى التداعيات المحتملة على أدوات توازنات القوى الدولية، فيما تتزايد المخاوف من بناء مسيرات بحرية أكبر حجماً، ناهيك عن الأخطار التي قد تتعرض لها المسيرات الأصغر حجماً.
هل سيكون للمسيرات البحرية كلمة الفصل في مستقبل الصراع في أعالي البحار في قادم الأيام؟
المؤكد أن الأنظمة البحرية المسيرة، سواء على سطح البحر أو في أعماقه، باتت تمتلك مميزات عدة لجعلها تتصدر بجدارة مستقبل الصناعات العسكرية والبحرية في السنوات المقبلة.
لقد أصبحت الزوارق المسيرة أيضاً ذات أهمية قصوى في مستقبل الحروب البحرية، وقد كان للحرب في اليمن دور مهم في تأكيد هذا الواقع، إذ دشن الهجوم الذي شنته وحدات تابعة لميليشيات الحوثي أوائل عام 2017 على فرقاطة، مرحلة جديدة أصبحت فيها الزوارق المسيرة الصغيرة تشكل أخطاراً حقيقية على القطع البحرية الكبيرة، عن طريق شن الهجمات الانتحارية التي تستوحي تجربة الهجوم على المدمرة الأميركية "كول" في ميناء عدن في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2000.


•البحرية الأميركية وعالم المسيرات البحرية
لطالما تمكنت الولايات المتحدة من بسط هيمنتها على العالم، اعتماداً على قوتها المسلحة الفائقة، وقد كان سلاح البحرية الأداة الأكثر تمكيناً من كافة الأسلحة الأخرى، التقليدية بلا شك، إذ منذ الحرب الباردة، وهناك خطط أميركية، هدفها الرئيس أن تجوب أساطيلها البحار والمحيطات مرة كل أربع وعشرين ساعة.
أضحى الأميركيون ملوك البحار، منتزعين اللقب من الإنجليز، أصحاب الإمبراطورية التي غربت عنها الشمس، بعد أن امتلكوا مئات القطع البحرية الفائقة الأهمية.
أحد أهم التقارير التي توضح لنا الاهتمام الأميركي بقصة المسيرات البحرية، هو ذاك الذي نشره موقع "نيو أميركا دوت أورغ "، منذ ثلاث سنوات تقريباً، وتحديداً في عام 2020، والذي يلخص الكثير عن سياقات المسيرات البحرية.
يلفت التقرير إلى أن البحرية الأميركية ترى في المسيرات البحرية جزءاً لا يتجزأ مما يعرف بـ"استراتيجية التعويض الثالثة" التي طرحتها وزارة الدفاع الأميركية عام 2014 للتغلب على التقدم العسكري لدى خصوم الولايات المتحدة، عبر التكنولوجيا خصوصاً.
أدركت الولايات المتحدة أنها أمام تحديين خطيرين، أحدهما فوق سطح المياه، كما الحال في المنازعات مع إيران في مياه الخليج العربي، والآخر تحت سطح المياه، والصراع مع منتجات البحرية الروسية خير دليل على ذلك، ونموذج الغواصة "بوسيدون" (التي تعني إله البحار عند الإغريق) خير مثال على ذلك.
لا ينظر البنتاغون إلى المسيرات البحرية، بوصفها مجرد أداة مواجهة عسكرية فقط، بل إنها تعدها وسيلة لتخليق شبكة استخبارات ومراقبة تحت سطح المياه، شبكة لا تقل أهمية عن تلك التي تنسج خيوطها فوق سطح الأرض من خلال عملاء بشريين من جهة، أو في الجو، سواء من خلال طائرات الاستطلاع العملاقة، أو عبر الأقمار الاصطناعية فائقة الدقة.
ما الذي تسعى وزارة الدفاع الأميركية لتحقيقه بشكل استراتيجي من خلال توسيع قاعدة عمل المسيرات البحرية؟
الجواب نجده عبر أحد التقارير الصادرة عن البنتاغون عام 2016، تحت عنوان "متطلبات المسيرات الغاطسة لعام 2025".
من الواضح جداً أن هناك رؤية عشرية لهذه الآلية الجديدة من آليات الحرب الأميركية، رؤية تهتم بتعزيز فاعلية الغواصات وأنظمة الاستشعار فيها، عطفاً على تسليحها.
الهدف الرئيس الذي تسعى إليه واشنطن ولا شك، موصول بإتمام مهمات تعد خطيرة جداً بالنسبة للسفن والآليات المأهولة، لا سيما في سياق تجنب الألغام البحرية، كما قد تستخدم كأفخاخ للتمويه لصرف الانتباه عن أماكن وجود الغواصات المسيرة بالبشر.
هل المسيرات البحرية هي مشروع قواتها المسلحة المقبل، حتى ولو ضمن مشروعات أخرى غير ظاهرة على سطح الأحداث في الوقت الجاري؟
ذلك كذلك قولاً وفعلاً، والدليل ما صرح به وزير الدفاع الأميركي، أشتون كارتر، الذي أشار في فبراير (شباط) 2016 إلى أن الولايات المتحدة سوف تستثمر نحو 600 مليون دولار خلال الأعوام الخمسة المقبلة (2016-2021) لتطوير صناعة المسيرات الغاطسة.
أما في عام 2017، فقد تم إنشاء سرب الآليات "يو يو فرون 1" التابع للبحرية الأميركية لتطوير التكتيكيات والتكنولوجيا لرسم خريطة طريق لاستخدام البحرية الأميركية هذا النوع من المسيرات.
اليوم تمتلك الولايات المتحدة العديد من المسيرات البحرية، منها ما هو معروف وظاهر فوق سطح الأحداث من عينة "مطارد البحار" و"إيكو فواياجير"، و"بونيغ"، وقطعاً هناك العديد من القطع المغرقة في السرية.

في أوائل أكتوبر (تشرين الأول) المنصرم، وبعد جولة ناجحة من جانب المسيرات البحرية الأوكرانية، ضد أسطول البحر الأسود الروسي بالقرب من ميناء سيفاستوبول الشهير في شبه جزيرة القرم، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي: "سنبدأ حملة أخرى لجمع التبرعات الأسبوع المقبل، إن أوكرانيا تريد المزيد من الأسلحة من هذا النوع، إننا نريد أسطولاً كاملاً من المسيرات البحرية".
ولعله من المؤكد أن سعي زيلينسكي لم يكن هدفه الاستعراض، بل بناء على خبرة بعد أن شاهد الجميع، لا سيما من الأوكرانيين كيف كان أداء تلك المسيرات البحرية، وبخاصة بعدما أصابت 3 سفن حربية روسية في الهجوم على سيفاستوبول، بما في ذلك السفينة الرئيسية الروسية الجديدة، والتي كانت قد انضمت للخدمة منذ وقت قريب "الأدميرال ماكاروف".
في منتصف يوليو (تموز) الماضي، كتبت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية تقول: "إن الجانبين الروسي والأوكراني عززا ترسانتيهما بهذا النوع من المسيرات البحرية الانتحارية".
وبحسب الصحيفة الفرنسية، فإن استخدام أوكرانيا المتزامن لمسيرات بحرية وجوية بدقة بالغة في ضرب أهداف روسية حساسة، يعد دليلاً على تمكن الأوكرانيين من التعامل مع هذا النوع من السلاح.
هل بريطانيا تحديداً هي من يقف وراء دعم أوكرانيا بالمسيرات البحرية؟
بحسب "فاينانشيال تايمز" الأميركية، دخلت الزوارق الانتحارية الأوكرانية المفخخة بالقنابل، والتي تظهر فجأة لتصطدم بقطع أسطول البحر الأسود الروسي، في معادلة الحرب منذ بدايتها، ما يعني أنه ربما كان هناك من رتب سيناريوهات استشرافية منذ زمن.
والمعروف أنه خلال تفجير جسر "كيرتش" اتهمت روسيا الجيش الأوكراني باستخدام المسيرة البريطانية "ريموس 600"، التي أطلقت من سفينة مدنية في البحر الأسود.
ما جرى في المواجهة البحرية العسكرية بين روسيا وأوكرانيا، سوف يؤرخ حكماً لواقع جديد في قادم الأيام بالنسبة للمواجهات في البحر... لماذا هذا القطع تحديداً؟
الجواب من خلال تحليل المشهد، إذ على رغم تدمير روسيا آخر سفينة حربية للبحرية الأوكرانية في ميناء أوديسا في 31 مايو (أيار) الماضي، والتي كانت تحمل اسم "يوري أولفيرينكو"، فإن كييف لم تعدم وسيلة لمواجهات البحر، وذلك من خلال استخدام القوارب الصغيرة والمسيرة لتنفيذ عمليات بحر "آزوف".
لم يكن هذا النوع من الأسلحة ليغيب عن أعين الترسانة العسكرية الروسية المتقدمة بدورها سواء فوق سطح المياه أو تحتها، وربما تخصص الروس في الغواصات المسيرة بنوع خاص، وبهدف لم يكن موجهاً لأوكرانيا، بل لجماعة حلف الناتو أول الأمر وآخره.
من أشهر تلك المسيرات "كلاشفين – تو بي"، ويبلغ طولها 7 أمتار، ووزنها الصافي نحو 4 أطنان، وتعمل على عمق ما بين 2 و6 كيلومترات، ومزودة بمستشعرات ما يمكنها من رسم خرائط دقيقة لقاع البحر والمساعدة في عمليات البحث والإنقاذ خلال المعارك.
لدى الروس كذلك، الغواصة المسيرة "سيفالوبود"، والتي تحمل طوربيدات من عيار 324 ملم.
ولدى الروس كذلك أنواع مختلفة من المسيرات المصغرة، المعروفة باسم "نيربا"، وتستخدم في علميات مكافحة الضفادع البشرية.
أما جوهرة التاج في عالم المسيرات البحرية الروسية، غير المأهولة، فهو الطوربيد - الغواصة "بوسيدون"، الذي يبلغ مداه نحو 10 آلاف كيلومتر، وسرعته 200 كيلومتر في الساعة وله رأس منفجر تصل زنته إلى 2 ميغاطن، ويستطيع إحداث صدمة انفجارية تتسبب في هزات أرضية تنتج موجات تسونامي كبيرة.
هل تفوقت أوكرانيا في واقع الحال على روسيا، لجهة المسيرات البحرية الصغيرة؟ يبدو أن ذلك كذلك، وهو ما زخم الجانب الأميركي بأفكار حديثة عن الصراع الوارد حدوثه في الخليج العربي مع إيران... ماذا عن هذا؟


•مسيرات واشنطن والحلفاء في مواجهة إيران
ولأن معركة الولايات المتحدة الأميركية مع منافسيها حول البحار والمحيطات، ممتدة بطول الكرة الأرضية وعرضها، لهذا نجد مياه الخليج العربي بدورها، باتت ميداناً جديداً تمضي فيه المسيرات البحرية، ولا يتوقف الوجود هناك على القوات البحرية الأميركية فحسب، بل يتجاوزها عبر شراكة واضحة مع الحلفاء في هذه البقعة من العالم.
ليس سراً أن واشنطن وعبر القيادة الوسطى للقوات البحرية الأميركية، قد اختبرت قبل نحو عام، المركبة المسيرة البحرية السطحية "سيل درون إكسبلورر"، وذلك كجزء من مبادرة لإدخال هذا النوع من التكنولوجيا إلى خدمة الأسطول الخامس، وأعلنت واشنطن حينها أن قاعدة البحرية الأردنية في خليج العقبة ستصبح مركزاً رئيسياً لعمليات المسيرات البحرية المشتركة في المستقبل، من خلال شراكة مع فريق "قوة المهام 59" في الخليج.
قبل ذلك بنحو عام، وتحديداً في سبتمبر (أيلول) من عام 2021، كشف الأسطول الخامس الأميركي في البحرين عن هذه القوة الجديدة التي تستخدم المسيرات البحرية بهدف تعزيز الردع في منطقة عملياته، وفي فبراير (شباط) 2022، أعلن الأسطول نفسه أنه سيطلق أسطولاً جديداً مشتركاً من المركبات البحرية المسيرة، مع الدول المتحالفة مع واشنطن، لتنفيذ دوريات بحرية في منطقة الشرق الأوسط، وأجرت البحرية الأميركية في الشهر ذاته، أكبر مناورة من نوعها للمسيرات في المنطقة، وذلك لمدة 18 يوماً، شاركت فيها إسرائيل والإمارات، إضافة إلى كندا وبلجيكا وبريطانيا وفرنسا وهولندا واليابان.
تحمل هذه المسيرات البحرية أجهزة استشعار ورادارات وكاميرات وتتحكم بها "القوة الخاصة 59" في الأسطول الخامس.
هل هو فصل جديد من فصول الذكاء الاصطناعي في معارك أميركا الجديدة لا سيما مع الإيرانيين؟
ربما يكون الأمر على هذا النحو بالفعل، فقد أعلنت إيران عن مصادرة مسيرات بحرية تابعة للبحرية الأميركية، لا سيما من نوعية "سيل درون إكسبلورر".
غير أن وجود سفينتين حربيتين أميركيتين ومروحيات دفاع، سمحت بإقناع الإيرانيين بإعادة المسيرات البحرية الأميركية، في اليوم التالي، بعدما انتزعت منها كاميرات التصوير على ما أكد الجيش الأميركي.
ووفقاً لصحيفة "وول ستريت جورنال" فإن أميركا تطور تعاوناً واسعاً مع حلفائها في المنطقة لبناء شبكة مسيرات بحرية يمكن لها إلى جانب الطائرات من دون طيار، أن تُقدم رؤية أفضل لمياه المنطقة.
هل تقف إيران بدورها صامتة في مواجهة تطورات المسيرات البحرية؟
بالقطع لا، فقد أعلنت في يوليو (تموز) من عام 2022، عن تدشين أول وحدة بحرية للمسيرات، وقد جاء الإعلان مواكباً لزيارة الرئيس الأميركي جو بايدن لمنطقة الشرق الأوسط، وقد أماطت طهران اللثام وقتها عن عدد من تلك المسيرات فوق سطح البحر، وعن غواصات تحت سطح المياه، كما كشف قائد القوات البحرية في الجيش الإيراني وقتها، الأدميرال شهرام إيراني، عن وجود أسطول من الطائرات المسيرة التابع للقوة البحرية الاستراتيجية على بعد 200 كلم من حدود البلاد وتحديداً في البحر الأحمر، وهو ما تراه طهران وسيلة لردع الخصوم عن القيام بأي تحركات – عدائية، وإبقاء خطوطها الملاحية مفتوحة على الدوام.
يطول الحديث عن الدول الساعية في طريق امتلاك المزيد من القوارب المسيرة، ومنها تركيا على سبيل المثال التي أعلنت قبل عام عن إنتاج أول مركبة مسيرة بحرية من غير قائد، وهو ما كشف عنه رئيس هيئة الصناعات الدفاعية التركية التابعة لرئاسة الجمهورية، إسماعيل دمير، الذي قال: "بعد المسيرات الجوية التي أظهرت قدرتها على تغيير قواعد اللعبة في الميدان، تقدم تركيا أيضاً مركباتها البحرية المسلحة غير المأهولة".
المركبة البحرية التركية المسيرة الأولى من نوعها، حملت اسم "مارلين" وهو نوع من السمك يمتلك قدرة على الحركة بسرعة كبيرة في البحار المفتوحة.
أنتجت تركيا أنواعاً أخرى من تلك المسيرات خلال العام المنصرم، وفي عقيدتها العسكرية أنها سوف تستخدمها جميعاً في عمليات الحرب البحرية بغرض الدفاع والهجوم في الشواطئ والبحار المفتوحة.
هل كتبت المسيرات البحرية حقيقة جديدة في عالم البحار، بأن من يملكها على صغر حجمها، يمكنه أن يغير الكثير جداً من قواعد اللعبة الدولية؟
الشاهد أنها باتت تستخدم في أغراض المراقبة والاستشعار أول الأمر، ثم الهجوم العسكري لاحقاً، وتبرع في استهداف حقول الطاقة في المياه، لا سيما النفطية منها، عطفاً على حقول الغاز.
وهناك استخدام آخر أكثر إثارة يقوم عليه رجال العصابات الممنهجة الدولية، لا سيما في عالم تهريب المخدرات.
غير أن الجزئية التي يتحفظ الكثير من العسكريين عن الاقتراب منها، موصولة باحتمالات استخدام تلك المسيرات في عمليات نوعية، وبمتفجرات غير تقليدية، الأمر الذي يجعل منها أسلحة دمار شاملة، سواء نووية، أو كيماوية وربما بيولوجية، ومع تكاليف إنتاجها الزهيدة، وسرعة حركتها، يصبح مدى فاعليتها خطيراً للغاية في الحال والاستقبال، ما يطرح علامة استفهام إلى أين تمضي التطورات العسكرية البحرية حول العالم؟


التعليقات