رياضة: ممرر الكرات الساحرة مدربا لبرشلونة
يمن فيوتشر - ا ف ب: الجمعة, 05 نوفمبر, 2021 - 11:32 مساءً
رياضة: ممرر الكرات الساحرة مدربا لبرشلونة

كما كان منتظرا، أعلن نادي السد القطري الجمعة موافقته على انتقال مدربه الإسباني تشافي هرنانديز للإشراف على ناديه السابق برشلونة.
ونقل الحساب الرسمي للنادي على تويتر عن مديره التنفيذي تركي العلي "وافقت إدارة السد على انتقال تشافي لبرشلونة بعد دفع قيمة الشرط الجزائي المنصوص في عقده... تشافي يعتبر جزءا مهما من تاريخ السد ونتمنى له كل التوفيق في المرحلة القادمة".
وأضاف "تشافي أبلغنا في الأيام الماضية برغبته في خوض تجربة برشلونة في هذا الوقت بالتحديد، بسبب المرحلة الحرجة التي يمر بها نادي مدينته ونحن نتفهم ذلك وقررنا عدم الوقوف في طريقه".
وبذلك سيعود تشافي (41 عامًا) بطل مونديال 2010 وأحد أبرز النجوم في تاريخ الكرة الإسبانية إلى "منزله" في كاتالونيا، وهو قدٌر بدا مكتوباً لهذا التلميذ الذي ترعرع في ظلّ المدربين الهولندي الراحل يوهان كرويف ومواطنه بيب غوارديولا، مع أسلوب يعتمد على فكرة الاستحواذ على الكرة، اشتهر به برشلونة في مطلع العقد الأوّل من القرن الحادي والعشرين.
تشافي، الُمكنّى بالـ"ماكينة"، يعود اذا إلى الفصل الأوّل من قصّة العشق مع برشلونة والتي أسدل الستار عليها في عام 2015 مع رحيله إلى السدّ، عقب فوزه بلقب مسابقة دوري أبطال أوروبا للمرة الرابعة في تاريخه، والأخيرة حتّى الآن في تاريخ النادي الكاتالوني.
انبهر عالم الكرة المستديرة بتمريرات لاعب الوسط تحت إدارة غوارديولا (2008-2012)، حيث بدا حينها وكأنه يتحكم بها عن بُعد وبفضل دقة أشبه بدقة طبيب جرّاح. ففرض الإسباني نفسه قائد اللعب الحقيقي لنادٍ سيهيمن على أوروبا وعلى العالم لعدة سنوات...ولكن كل هذا السحر لم يسمح له بالخروج من ظل الأسطوري الارجنتيني ليونيل ميسي ونجوم آخرين.
اعتزل تشافي اللعب في عام 2019، ليبدأ مسيرته كمدرّب مع السدّ، لذا يعتبره كثيرون قليل الخبرة نسبياً، على الرغم من أنه بدأ بتطوير عِلمه في اللعب والنهل من معرفة تاريخ كرة القدم وعلوم التدريب على مرّ العصور.

 

•سجل خالٍ من الكرة الذهبية
قصير القامة وممتلئ الجسم (1.70 م و67 كلغ)، انضمّ تشافي إلى أكاديمية "لا ماسيّا" في سن الـ11 عاماً، وهو مركز تدرّج اللاعبين في برشلونة، على بُعد حوالي ثلاثين كيلومتراً جنوب شرق مسقط رأسه تيراسّا. تدرّج في جميع الفئات العمرية حتى بداياته مع الفريق الأوّل عام 1998، في سن الـ18.
وعلى الرغم من الشكوك التي رافقت بداياته، بسبب مواصفاته البدنية، إلا أنه فرض نفسه سريعاً في التشكيلة الأساسية قبل أن يتقلّد شارة القيادة ويحصد الألقاب: أربعة في مسابقة دوري أبطال أوروبا (2006، 2009، 2011 و2015)، و8 في الدوري الاسباني، بالإضافة إلى فوزه بكأس العالم (2010)، وبكأس أوروبا مرتين (2008 و2012) مع منتخب "لا روخا" الذي ارتدى قميصه في 133 مباراة دولية.
ثقّل تشافي سجله بالكؤوس، ففاز بـ25 لقباً مع النادي الكاتالوني وخاض معه 767 مباراة، كثاني أكثر اللاعبين ارتداء لقميص "بلاوغرانا"، حيث يتجاوزه في هذه الفئة "البرغوث" الصغير ميسي مع إجمالي 778 مباراة.
على الرغم من هذه المسيرة الاستثنائية، يخلو سجل تشافي من الكرة الذهبية حيث كان ميسي عائقاً أمام إحرازه لقب أفضل لاعب في العالم، فتقدّم عليه في الترتيب النهائي في عام 2010 على رغم فوز الإسباني في ذلك العام بمونديال جنوب إفريقيا.
ولكن من يهتم بالكرة الذهبية؟ فبالنسبة لعشاق الكرة المستديرة، يمثّل تشافي اللعب الجماعي قبل كلّ شيء!
عبّر مدرب السد السابق عن نظرته لكرة القدم، قائلاً "بالنسبة لي، تدور كرة القدم حول تخيّل التحركات والتمريرات".
كان قد كُتب، في سطر من فصول رواية تشافي أنه سيصبح في يوم من الأيّام مدرباً لبرشلونة، وقد تحدث صاحب الشأن لصحيفة ماركا الرياضية الإسبانية في تموز/يوليو 2020 عن حلمه "هدفي الرئيسي، عندما يصبح ذلك ممكنًا، هو برشلونة. إنه منزلي وسيكون حلمًا".

 

•لامع لكن متحفظ
في مقابلة أجراها العام الماضي مع صحيفة "لا فانغارديا" الإسبانية اليومية، استشهد تشافي بـ"والده الروحي" عندما أراد التحدث عن مثاله الأعلى، وقال "بالإضافة إلى كرويف، الذي غيّر تاريخ كرة القدم، وجوان فيا بوش، +أبي الروحي+ في كرة القدم (لاعب خط وسط والمدير التنفيذي السابق في لا ماسيّا) الذي يعرف عن أسلوب كرويف في كرة القدم أكثر من كرويف نفسه".
ويتابع "...وغوارديولا أيضًا، له تأثير كبير"، علماً أنه كان لعب مع بيب وجاوره في غرفة تبديل الملابس في برشلونة، قبل أن يخلفه في خط الوسط ... ويصبح المتحدّث باسمه على أرض الملعب.
وعن كونه اضطر لإجراء تنازلات عن أفكاره في كرة القدم بعد انتقاله من المستطيل الأخضر إلى دكة المدربين، قال "القليل، في الحقيقة"، قبل أن يحرز لقبه الأول من أصل أربعة بفوزه بلقب الدوري القطري مع السد في نيسان/أبريل 2021، علماً أن عقده مع الزعيم كان يمتد حتّى عام 2023.
"أنا أؤمن بالاستحواذ على الكرة قدر الإمكان، مع الضغط العالي، واللعب في نصف ملعب الفريق المنافس، والضغط عليه عبر الهجمات"، يقول تشافي شارحاً فلسفته على أرض الملعب، ويتابع "هذه هي كرة القدم التي اختبرتها في برشلونة ومع +لا روخا+".
لاعب لامع لكن رجل متحفظ، لا يُعرف سوى القليل عن حياته الشخصية: بالكاد نعرف شغفه بقطف الفطر، ليسير على خطى زميله السابق جيرارد بيكيه وصديقته المطربة شاكيرا.
يشتهر تشافي بكرمه، حيث تبرّع مع عقيلته الصحافية نوريا كونيليرا والتي اقترن بها في عام 2013، بمليون يورو لمستشفيات برشلونة التي رزحت تحت معاناة تداعيات وباء فيروس كورونا في ربيع عام 2020، وذلك قبل ثلاثة أشهر من إصابة تشافي بالفيروس.
الكرم واللعب الجميل والتوق الشديد للانتصارات: هذا هو كوكتيل تشافي هرنانديس وهو علاج يأمل برشلونة في أن يكون مفيدًا له لكي يستعيد أمجاده بعد فترة انتقالية شهدت رحيل أسطورته ميسي إلى باريس سان جرمان الفرنسي ومروره بأسوأ فترة في تاريخه مالياً وكروياً.


التعليقات