قالت "هيومن رايتس ووتش'' اليوم الثلاثاء، إن قوات الحوثيين تطلق عشوائيا قذائف مدفعية وصواريخ على مناطق مكتظة بالسكان في محافظة مأرب منذ فبراير/شباط 2021، ما يسبب نزوحا جماعيا ومفاقمة الأزمة الإنسانية.
ودعت المنظمة الحقوقية الدولية، جماعة الحوثيين المسلحة وقف هجماتها غير القانونية، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى المدنيين المحاصرين بسبب القتال.
وأطلقت قوات الحوثيين عشرات القذائف على محافظة مأرب، التي تسيطر عليها القوات الحكومية اليمنية. قالت وزارة الخارجية اليمنية في 27 فبراير/شباط إن الحوثيين أطلقوا عشرة صواريخ باليستية، لا تميز بين المدنيين والأهداف العسكرية، باتجاه مدينة مأرب منذ بداية الشهر. كما زاد التحالف بقيادة السعودية غاراته في محافظة مأرب. وجد "مشروع بيانات اليمن"، بناء على معلومات مفتوحة المصدر، أن نصف الغارات الجوية للتحالف في فبراير/شباط أصابت مأرب، ما جعلها أكثر المحافظات تعرضا للقصف في ذلك الشهر. على جميع أطراف النزاع الامتناع عن استخدام الأسلحة المتفجرة ذات الآثار الواسعة في المناطق المأهولة بالسكان لتقليل الضرر على المدنيين.
قالت أفراح ناصر، باحثة اليمن في هيومن رايتس ووتش: "ارتكبت قوات الحوثيين انتهاكات جسيمة وأظهرت تجاهلا مروعا لأمن وسلامة المدنيين طوال النزاع. تُعرّض الهجمات العشوائية بالمدفعية والصواريخ، التي يشنها الحوثيون على مناطق مأهولة بالسكان في محافظة مأرب، النازحين والمجتمعات المحلية لخطر شديد".
سيطرت جماعة الحوثيين المسلحة على معظم المرتفعات الشمالية لليمن، بما فيها العاصمة صنعاء، منذ 2014. وفي فبراير/شباط، صعّد الحوثيون عملياتهم للاستيلاء على محافظة مأرب الغنية بالموارد الطبيعية، على بعد 170 كيلومتر شرق صنعاء. تركز القتال البري بين قوات الحوثيين والقوات الحكومية اليمنية المدعومة من التحالف على المديريات الشمالية والغربية، حيث توجد مخيمات عدة للنازحين. قابلت هيومن رايتس ووتش عبر الهاتف في مارس/آذار ثمانية عمال إغاثة يمنيين، بينهم أربعة في مأرب؛ وثلاثة صحفيين يمنيين هناك؛ واثنين من السكان.
أفادت وسائل إعلام محلية والحكومة اليمنية أن صاروخا حوثيا أصاب في 1 مارس/آذار حي الروضة السكني في مدينة مأرب، فقتل مدنيا يقود سيارته وجرح تسعة آخرين. قال ابن عم القتيل: "قُتل بشظايا الصاروخ. وأصيب آخرون معه في السيارة وفي الشارع بجروح خطيرة".
أفادت وسائل إعلام محلية أن صاروخا حوثيا أصاب في 16 مارس/آذار محطة وقود داخل سوق في شرق مدينة مأرب، فقتل مدنيَّين اثنين وجرح سبعة آخرين. راجعت هيومن رايتس ووتش فيديو وأجرت مقابلة مع شاهد على آثار الهجوم. قال الشاهد: "عندما وصلتُ إلى الموقع، كان الضحايا قد نُقلوا للتو إلى المستشفى".
المأساوي رؤية الدماء والجثث منتشرة على الأرض والسيارات المتضررة. قال صاحب المحطة إن أحد عماله أصيب بشظايا الصاروخ وتوفي على الفور. المحطة بعيدة عن أقرب نقطة تفتيش أمنية. كان الانفجار كبيرا وشعرنا به في جميع أنحاء مدينة مأرب".
قال عمال إغاثة إن نيران القصف المدفعي والأسلحة الثقيلة المباشرة من جانب الحوثيين أصابت عدة مخيمات للنازحين خلال فبراير/شباط، منها مخيم الزور، ولفج الملح، وذنة الصوابين، وذنة الهيال في شمال وغرب محافظة مأرب. أثارت الهجمات على المخيمات، التي كان يقطنها مئات العائلات، موجة جديدة من الفرار باتجاه مدينة مأرب.
قال أحد عمال الإغاثة إن معظم المدنيين النازحين الجدد يصلون إلى مأرب حاملين خيامهم وبطانياتهم على ظهورهم. وقال: "روى المدنيون الفارون قصصا مرعبة عن القصف العنيف الذي فروا منه، غالبا سيرا على الأقدام، للوصول إلى مخيمات أخرى في مأرب".
قالت "الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين"، الجهة الحكومية اليمنية التي تدير المخيمات، إن قوات الحوثيين قصفت أربعة مخيمات على مشارف مدينة مأرب في فبراير/شباط، ما أجبر العائلات على الفرار. أصيب مدنيان في الهجمات.
ونقل صحفي عن مدنيين أن قوات الحوثيين داهمت بعض المخيمات في مديرية صرواح، وحاولت استخدام النازحين "كدروع بشرية" ضد هجمات الحكومة اليمنية. لم تستطع هيومن رايتس ووتش تأكيد ذلك.
أفادت "الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين" أنه منذ بداية 2021، فر 14 ألف مدني من مناطق في شمال محافظة مأرب إلى مدينة مأرب والمناطق الجنوبية بالمحافظة. وقالت إن هناك نازحين حاليا في 143 مخيما تتركز في منطقة الوادي بمحافظة مأرب وفي مدينة مأرب. نزح بعض هؤلاء الأشخاص ثلاث مرات بسبب جولات مختلفة من القتال.
أدت أزمة النازحين الجدد هذه، في ظل وصول العائلات يوميا، إلى زيادة الاحتياجات الإنسانية، والضغط على المجتمعات المضيفة، والخدمات العامة، وإرهاق قدرة وكالات الإغاثة على الاستجابة. أفادت "المنظمة الدولية للهجرة" في فبراير/شباط أن المدنيين يتحملون "الأثر المدمر لتجدد أعمال القتال، حيث يرون منازلهم والبنية التحتية المجتمعية تتعرض للدمار، ويجبَرون على النزوح إلى أماكن آمنة".
قال عمال إغاثة إن الوصول إلى مناطق مأرب المتضررة من القتال لا يزال يمثل مشكلة. ولم يتمكن بعض المدنيين المحاصرين في بلدة صرواح، الى الغرب من مدينة مأرب، من الفرار بسبب القتال وكانوا بحاجة إلى مساعدة فورية. قال أحد عمال الإغاثة: "أتلقى العديد من المكالمات الهاتفية من أقارب [النازحين] في صرواح يطلبون المساعدة للمحاصرين بسبب نفاد الطعام والدواء، وهم غير قادرين على الفرار من العنف".
قال عمال إغاثة إن المدنيين النازحين الجدد بحاجة ماسة إلى جميع الخدمات الأساسية وفقدوا تقريبا كل ما يمتلكونه. في الوقت نفسه، قال عمال الإغاثة إن المساعدات الإنسانية المتوفرة في مأرب غير كافية لتلبية احتياجات السكان المتزايدة.
قال عامل إغاثة محلي إن معظم مجموعات الإغاثة التي تتعاون معها مجموعته تتمركز في صنعاء وليس لها مكاتب فرعية في مأرب: "كنا ندعو الشركاء الإنسانيين الدوليين إلى القيام بجهود الإنقاذ الإنساني، لكن الاستجابة كانت مخيبة للآمال بالنظر إلى المعدل الهائل للنزوح والاحتياجات الإنسانية المتزايدة للنازحين".
مأرب لها أهمية استراتيجية باعتبارها آخر معقل للحكومة اليمنية في شمال اليمن ومركز إنتاج النفط والغاز في البلاد. فهي تضم شركات نفط عالمية وخط أنابيب غاز يتجه جنوبا باتجاه خليج عدن والبحر الأحمر.
بينما يكثف الحوثيون تقدمهم نحو مأرب، كثفوا أيضا هجماتهم الصاروخية العشوائية على السعودية.
قالت ناصر: "هناك أزمة إنسانية هائلة في مأرب، وجهود المساعدات الدولية الحالية ليست كافية لمواجهة التحدي. على الجهات المانحة لليمن بذل كل ما في وسعها لزيادة الدعم الإنساني في مأرب والضغط على جميع الأطراف للالتزام بقوانين الحرب".