تحليل: بعد استهداف الحوثيين للعمق الإماراتي.. أبوظبي أمام اختبار صعب!
يمن فيوتشر - دويتشه فيلله: الاربعاء, 19 يناير, 2022 - 03:52 مساءً
تحليل: بعد استهداف الحوثيين للعمق الإماراتي.. أبوظبي أمام اختبار صعب!

في خضم النهج الإماراتي الجديد المعتمد على تطوير اقتصادها، واستقطاب مزيد الحركة التجارية والسياحية، وفتح آفاق الاستثمار الخارجي، تأتي ضربة الحوثيين لمطار أبوظبي لتخلط الأوارق.
فبعد عامين من جائحة كورونا أرهق العالم بشكل واضح على الصعيد الاقتصادي، بدأت الدول تتحرك لترتيب أوراقها الاقتصادية والتجارية.
وهذا تماما ما تعمل عليه الإمارات، من خلال خطوات سياسية مفاجئة أحيانا، لخلق أسواق جديدة وفتح مجال أكثر للاستثمار، كالتقارب مع تركيا.
وهنا وجد الحوثيون ضالتهم؛ وهي أن "الاقتصاد الإماراتي يعتبر من الاقتصادات السائلة التي تعتمد على السياحة والتجارة، بالإضافة إلى النفط. وبالتالي لا يحتمل مثل هكذا أعمال عسكرية"، كما يرى الخبير والمحلل الاستراتيجي الأردني اللواء فايز الدويري.

 

•الموقف العسكري للإمارات
هذا التصعيد الجديد، سيضع الأهداف الإماراتية في مرمى الضربات الحوثية، التي هي ليست بالهيّنة، كما يرى الدويري. فجماعة الحوثي تمتلك "طائرات مسيرة، منها طائرات انتحارية. وصواريخ متوسطة المدى، سواء من تلك التي حصلت عليها من إيران أو من صواريخ النظام اليمني السابق بقيادة علي عبدالله صالح. وهذه الأسلحة قادرة على استهداف العمق الإماراتي.
الضربة الجديدة لمطار دبي مرتبطة بالمعارك الدائرة في منطقة شبوة ومحيطها. فهناك تحقق ألوية العمالقة، المدعومة من الإمارات، تقدما ملحوظا في المعارك مع الحوثيين.
ويقول الباحث في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية ماجد المذحجي إن "معركة شبوة قامت بتغيير معادلة الصراع في اليمن"، مشيرا الى أن دخول قوات العمالقة أدى إلى "عكس التقدم العسكري" الذي حققه الحوثيون على الأرض في الفترة السابقة.
وبحسب المذحجي، فإن ذلك "أثار خوف وقلق الحوثيين بشدة، ودفع (بهم) إلى إرسال هذه الرسالة العسكرية الى قلب الإمارات". فالحوثيون يريدون وقف تلك المعارك وإجبار الإمارات على التفاوض.


المحللة السياسية منى صفوان ترى، في حديث لـDW  عربية، أن إيران، الداعم للحوثيين، تريد تحييد الإمارات في الصراع الدائر في اليمن. فالإمارات يستهدفها الحوثيون بشكل أقل بكثير من استهدافهم للسعودية. وهذه الضربة هي للضغط على الإمارات لتبتعد عن الصراع في اليمن. وقد حدثت زيارات متبادلة لمسؤولي البلدين مؤخرا.

 

•ولكن ألا تستطيع الإمارات حماية أجوائها؟
يرى الخبير فايز الدوري، في حديث لـDW  عربية، أن المعطيات الأمنية والاستخباراتية الإماراتية لم تكن دقيقة في تقييم الموقف مما أفضى إلى هذه الثغرة. ومن ناحية أخرى، لا توجد قوات دفاع جوي في العالم بأسره تستطيع العمل على مدار الساعة لمدة طويلة، وبالتالي فإن الحوثيين سيجدون كل فترة ثغرة يضربون من خلالها العمق الإماراتي، كما يفعلون مع السعودية منذ سنوات.
فالهجمات الحوثية تتكرر على الأراضي السعودية. ولكن "هذا لا يعني التقليل من شأن القوات الإماراتية"، كما يقول الخبير العسكري الأردني. وبادرت الإمارات عبر بيان رسمي للنيابة العامة إلى تذكير المواطنين بالواجب "المقدس"، كما أسمته، وهو الخدمة العسكرية، التي ينظمها الدستور.

 

•التصعيد هو الاحتمال الأرجح
وترى منى صفوان أن جماعة أنصار الله الحوثية ليس لديها مشكلة مع الإمارات، إذا اقتصر دعم الأخيرة على الجنوبيين، وإذا لم يصطدم هذا الدعم بالمناطق التي يريدها الحوثيون، وهي "الساحل العربي وشبوة ومأرب". وفي ظل المعطيات الحالية لا يبدو أن سيناريو التفاوض هو المرجّح، وإنما سيناريو التصعيد، برأي المحلل فايز الدويري.
وتوعدت الإمارات الحوثيين بالرد على هذه الهجمات، حيث أكد بيان للخارجية الإماراتية أن هذا الاستهداف "لن يمر دون عقاب". وكانت الإمارات، قد أعلنت في 2019 أنها ستخفض قواتها في مناطق عدة في اليمن، ضمن خطة "إعادة انتشار" لأسباب "استراتيجية وتكتيكية". فهل ستلغي ذلك وتنخرط بشكل أكبر في الصراع اليمني؟
الساعات القليلة الماضية شهدت قصفا مكثفا من التحالف العربي على مواقع حوثية. وذكرت وسائل إعلام محلية يمنية، بأن ضربات التحالف استهدفت العميد عبد الله الجنيد، مدير كلية الطيران في صنعاء، والذي يعتبر أحد المشرفين على الطائرات المسيرة عند الحوثيين.

 

•الأولوية للحلم الجنوبي
ولكن العديد من المراقبين يرون أن اهتمام الإمارات ينحصر في الجنوب اليمني، وهي تعمل على خطة بعيدة المدى، وبالتالي فلن تتسرع في أي رد، ولن تتخلى بسهولة عن خطتها. وما يمكن أن تقوم به الإمارات هو ممارسة ضغط سياسي أكبر على الحوثيين، من خلال الحلفاء.
وقد طلبت أبوظبي فعلا من واشنطن إعادة إدراج جماعة أنصار الله الحوثية على قائمة الإرهاب. وقد ذكر مصدر إماراتي لرويترز أن أبوظبي ستعمل على زيادة الضغط من خلال عقد جلسة لمجلس الأمن الدولي بشأن الهجوم الحوثي على مطار أبوظبي، واستيلاء مسلحي الجماعة على سفينة إماراتية قبالة الساحل اليمني في وقت سابق من هذا الشهر.
وقد صرح مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، بأنبلاده تندد بشدة "بالهجوم الإرهابي في أبوظبي" وسوف تعمل من أجل محاسبة جماعة الحوثي، بعدما أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم.

 

•توازنات التحالفات الإقليمية
وطورت الإمارات خلال الأشهر الماضية من علاقاتها الإقليمية، حيث تصالحت مع قطر، ومع تركيا، كما شهدت العلاقات مع إيران تحسنا ملحوظا، بزيارات متبادلة لمسؤولي البلدين، وخصوصا زيارة مستشار الأمن القومي الإماراتي طحنون بن زايد إلى طهران.
ومن المخطط أن يزور الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أبوظبي خلال الأسابيع المقبلة، في أول زيارة من نوعها لرئيس إيراني منذ عام 2007.
ويبدو أن هذا الانفتاح الإماراتي على إيران لم يرق لإسرائيل، الحليف الجديد للإمارات. وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، كشفت صحيفة "يسرائيل هيوم" أن إسرائيل رفضت طلباً من أبوظبي بتزويدها بمنظومات دفاع جوي إسرائيلية، موضحة أن السبب هو سماح الإمارات للإيرانيين بدخول أراضيها والتحرك فيها بحرية.
وهناك من يستبعد أصلا علاقة إيران بالهجوم الحوثي على أبوظبي. وقد نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مسؤول أمريكي تصريحه أن إيران غير مشتبه بها في الهجوم على أبو ظبي، "فالحوثيون يعملون بمفردهم"، على حد تعبيره.
بيد أن اللواء فايز الدويري لا يستبعد أن يكون أحد أسباب التصعيد الحوثي هو "خدمة الأغراض التفاوضية مع إيران"، لا سيما وأن الضربة حدثت في وقت كان فيه محمد عبد السلام، رئيس فريق التفاوض عن جماعة الحوثي، موجودا في طهران. ولكن الإمارات، بحسب الدويري، ستواصل "الحفاظ على شعرة معاوية مع كل الأطراف في المنطقة"، بما فيها إيران وإسرائيل.


التعليقات