طهران: إيران تفقد قبضتها على جماعة الحوثيين
يمن فيوتشر - ذا تليغراف- ترجمة خاصة: الخميس, 27 نوفمبر, 2025 - 06:32 مساءً
طهران: إيران تفقد قبضتها على جماعة الحوثيين

تؤكّد مصادر إيرانية أنّ طهران فقدت السيطرة على جماعة الحوثيين في اليمن، وأنّها تكافح للحفاظ على ما تبقّى من قوى «محور المقاومة» في مختلف أنحاء الشرق الأوسط.
وبحسب المسؤولين، فإنّ المتمرّدين في اليمن، الذين يهاجمون بانتظام خطوط الملاحة الدولية، توقّفوا عن تلقي الأوامر من طهران.

وقال مسؤول إيراني رفيع لصحيفة ذا تليغراف من طهران: «لقد خرج الحوثيون عن السيطرة منذ فترة، وأصبحوا بالفعل متمرّدين. لم يعودوا يصغون إلى توجيهات طهران كما كانوا يفعلون سابقاً».
وأضاف المسؤول: «وليس الحوثيون وحدهم، فبعض المجموعات في العراق أيضاً تتصرّف وكأنّه لم تكن لنا أي صلة بها».

ويمثّل الحوثيون آخر وكلاء إيران البارزين في المنطقة، بعد أن دمّرت إسرائيل القيادة العليا لحزب الله، وعُزل ما تبقّى من حركة حماس بفعل حصار غزة.

ووصل قائد رفيع في الحرس الثوري الإيراني إلى العاصمة اليمنية صنعاء الأسبوع الماضي في محاولة لإعادة جماعة الحوثيين إلى السيطرة الإيرانية، وفق ما أفادت به ذا تليغراف.
ويأتي ذلك ضمن خطة للحرس الثوري لتهدئة المتمرّدين وإعادة بناء «محور المقاومة» حولهم، من خلال تعزيز الدعم للحوثيين بعد فترة هدوء استمرت عدة أشهر.

وبعد الحرب مع إسرائيل، أصبح المسؤولون الإيرانيون يعتمدون بشكل متزايد على أصولهم المتبقية في المنطقة، ومن بينها مجموعات ميليشيا مختارة في العراق وجماعة الحوثيين في اليمن.
ولعقود، شنّ رجال الدين في طهران حملات دعائية وعسكرية ضخمة تصوّر إيران كالحامي الرئيسي للقضية الفلسطينية.
لكنهم لم يشاركوا في محادثات وقف إطلاق النار في غزة في شرم الشيخ، لأنّ المسؤولين الإيرانيين اعترفوا بأن «هم يعلمون أنّهم خسروا اللعبة».

وفيما يخص الميليشيات العراقية، قال مسؤول إيراني: «تم توجيههم عدة مرات بعدم إقامة أي تدريبات لفترة حتى تهدأ الأوضاع، لكنهم لا يستمعون أيضاً».

وتمثّل الأزمة مع وكلاء إيران تحوّلاً جوهرياً في الموقف الإقليمي للنظام، إذ تجبر طهران على مواجهة انهيار استراتيجية دامت أربعة عقود اعتمدت على فرض النفوذ عبر القوى الوكيلة بدلاً من الانخراط العسكري المباشر.
وفي اليمن، نجح الحوثيون في الصمود أمام سنوات من الضربات، وأصبحوا بارعين في إخفاء معداتهم العسكرية.
كما وسّعوا تحالفاتهم وخطوط إمدادهم في محاولة للابتعاد تدريجياً عن الاعتماد على الدعم الإيراني في الأشهر الأخيرة.

وقال محمود شحرة، دبلوماسي يمني سابق، لصحيفة ذا تليغراف: «الحوثيون لا يحتاجون إلى من يشجّعهم. الأمر مرتبط بمعتقداتهم، ولديهم أدبياتهم وسردياتهم الخاصة».
وأضاف: «لكننا لا نتجاهل التنسيق مع إيران، والدعم، وعمليات التهريب، ونقل التكنولوجيا من إيران إلى صنعاء. والحوثيون لديهم بالفعل دوافعهم الخاصة للتصعيد».

وترجع الخلافات بين الحوثيين وإيران إلى أبريل/نيسان، عندما فشلت طهران في تقديم الدعم لهم خلال الضربات الأميركية المكثفة خشية الانزلاق إلى صراع مباشر مع واشنطن.
ومع ذلك، منذ هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 التي قادتها حماس على إسرائيل، حسّنت الجماعة تكتيكاتها وقدراتها الصاروخية، وبنت صورة عامة قوية.
وتسيطر الجماعة على صنعاء، وتطبع الأموال، وتجمع الضرائب، وتحول المساعدات، وتهرّب المخدرات، وتبيع الأسلحة لجماعات إرهابية في أفريقيا، وتعرقل خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر.

ولديهم أيضاً ميزة جغرافية؛ فالتضاريس الجبلية في اليمن، المشابهة لأفغانستان، تساعدهم على إخفاء مخزونات الصواريخ والطائرات المسيّرة في الكهوف والمخابئ تحت الأرض.

وأرسل الحرس الثوري الإيراني الأسبوع الماضي قائداً رفيع المستوى إلى اليمن لمعالجة ما تصفه وسائل الإعلام المعارضة اليمنية بأزمة قيادية داخل صفوف الحوثيين.
وعاد عبد الرضا شهلايي، قائد في قوة القدس، الوحدة النخبوية التابعة للحرس الثوري الإيراني، إلى صنعاء بعد أن تم استدعاؤه سابقاً إلى إيران.

وقالت صحيفة ديفنس لاين المختصة بالشؤون العسكرية اليمنية، في تقرير حديث: «يواجه الحوثيون حالياً أزمة في الخيارات والأولويات، وتحديات داخلية ضاغطة، ومشهداً إقليمياً معقداً».
وأضاف التقرير أنّ أفراد الحرس الثوري الإيراني والخبراء الذين يدعمون الحوثيين «لا يعوّضون هذا الفراغ الاستراتيجي»، ويشكلون «في الجوهر امتداداً وانعكاساً للارتباك القائم في طهران».

ويُعد عبد الرضا شهلايي أحد أكثر قادة الحرس الثوري الإيراني غموضاً، وقد حدّدت الولايات المتحدة مكافأة قدرها 15 مليون دولار (11.4 مليون جنيه إسترليني) مقابل أي معلومات عن شبكته وأنشطته.
وقال المسؤول الإيراني الذي تحدث مع ذا تليغراف إن إحدى خطط شهلايي كانت حث الحوثيين على «التعاون أكثر من السابق، باعتبارهم المجموعة الوحيدة الفاعلة المتبقية».

ورغم حملة الضربات الجوية التي قادتها الولايات المتحدة، والتي ادعى الرئيس السابق ترامب أنّها «دمرت» الحوثيين، اعتبر الخبراء أنّها كانت أقل فاعلية مما قد يكون تفاخر به الرئيس.
وتُقدّر تكلفة حملة الضربات الجوية التي استمرت عامين تحت إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، ثم ترامب، بما لا يقل عن 7 مليارات دولار.
وكان الحوثيون قد صمدوا بالفعل أمام سنوات من الهجمات الجوية لقوات التحالف بقيادة السعودية، وأصبحوا معتادين على إخفاء أسلحتهم لتنفيذ ضربات متنقّلة سريعة والخروج منها.

وقال الدكتور بدر السيف من جامعة الكويت إن التعاون يعود بالنفع على كل من إيران والحوثيين.
وأضاف: «هناك فائدة لكلا من إيران والحوثيين من العمل معاً، وقد كان الأمر كذلك. لكن أعتقد أنّ لديهم أيضاً مصالح متباينة، وسيتبعون مصالحهم عندما يرون ذلك مناسباً، سواء في حالة إيران أو الحوثيين. ويمكن تشبيه الأمر بنوع من الامتياز التجاري».

 

لقراءة المادة من موقعها الأصلي:

https://www.telegraph.co.uk/world-news/2025/11/25/iran-houthis-yemen-revolutionary-guard-corps/


التعليقات