واشنطن: ترامب وعد بالسلام لكنه جلب تصاعدًا سريعًا في أعداد الضحايا المدنيين في اليمن
يمن فيوتشر - صحيفة الغارديان- ترجمة خاصة الاربعاء, 30 أبريل, 2025 - 11:51 مساءً
واشنطن: ترامب وعد بالسلام لكنه جلب تصاعدًا سريعًا في أعداد الضحايا المدنيين في اليمن

«أنا مرشح السلام»، أعلن (دونالد ترامب) خلال حملته الانتخابية، نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي. وبعد مرور ثلاثة أشهر فقط على توليه الرئاسة، لا تزال الحرب في أوكرانيا مستمرة، وقد استؤنفت الحرب في غزة، بينما تتصاعد في اليمن أعداد الضحايا المدنيين جراء القصف الأميركي بسرعة وبشكل متعمد.

يقول الحوثيون إن 68 شخصًا قُتلوا خلال الليل، إثر قصفٍ أميركي استهدف مركز احتجاز للمهاجرين الأفارقة في صعدة، شمالي غرب اليمن، ضمن حملة عسكرية تستهدف الجماعة. وبحسب بيان القيادة المركزية الأميركية (Centcom)، فإن الهدف من هذه العمليات هو «استعادة حرية الملاحة» في البحر الأحمر، والأهم من ذلك، «تعزيز الردع الأميركي».

وقبل شهر، عند استئناف الغارات الأميركية ضد الحوثيين، تعهّد ترامب -الذي كان قد وعد بالسلام- بأن «البرابرة الحوثيين» سيتم «إبادتهم بالكامل». وهذا الخطاب شديد العدوانية يتماشى، إلى حدٍّ كبير، مع تعهدات القادة الإسرائيليين بـ«القضاء» على حركة حماس بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول، كما يعكس رؤية وزير الدفاع الأميركي (بيت هيغسث)، الذي شدّد على ضرورة أن يركّز الجيش الأميركي على «الفتك، الفتك، الفتك».

وأظهرت صور بثّتها قناة المسيرة، التابعة للحوثيين، مبنى مدمّرًا تمامًا وجثثًا وسط الأنقاض. كما بثّ التلفزيون مشاهد لأحد الضحايا وهو يصرخ طلبًا لأمه باللغة الأمهرية، اللغة الرسمية لإثيوبيا. ومن غير الواضح أن هؤلاء الضحايا كانوا جزءًا من العمليات الحوثية، التي تشمل مهاجمة السفن التجارية في البحر الأحمر ومحاولة ضرب أهداف في إسرائيل.

ومن الثابت أن الحوثيين يبررون تحرّكاتهم بأنها دعم للقضية الفلسطينية في غزة، غير أن ما تغيّر هو أن الرد العسكري الأميركي، الذي كان يتم بالتنسيق مع بريطانيا في عهد (جو بايدن)، قد تصاعد بشدة. وتشير البيانات بوضوح إلى أن القيود السابقة على استهداف المدنيين قد خُفّفت بشكلٍ ملحوظ.

وقُدّر عدد القتلى من المدنيين اليمنيين بحوالى 80 شخصًا، إضافة إلى إصابة 150 آخرين، جراء غارة جوية استهدفت ميناء رأس عيسى في 18 أبريل/نيسان، وفقًا لمشروع بيانات اليمن، وهو جهة مراقبة للنزاع. وذكرت القيادة المركزية الأميركية (Centcom) أن الهدف من الهجوم كان تدمير قدرة الميناء على استقبال الوقود، مشيرة إلى أن الحوثيين هم من يتحكمون في عملية الاستلام، مؤكدة أن العملية «لم تكن تهدف إلى إيذاء الشعب اليمني»، رغم أن البلاد أصلًا تعاني من دمار واسع خلّفته 11 سنة من الحرب الأهلية. ويواجه نصف سكان اليمن، البالغ عددهم 35 مليون نسمة، انعدامًا حادًّا في الأمن الغذائي.

وحتى الآن، تسببت الحملة الجوية التي تنفذها إدارة ترامب تحت اسم عملية "راف رايدر" (Rough Rider) في سقوط أكثر من 500 ضحية مدنية، قُتل منهم على الأقل 158 شخصًا، وفقًا للتقديرات. بالمقارنة، فإن الحملة السابقة التي نفذتها إدارة بايدن تحت اسم عملية "بوسيدون آرتشر" (Poseidon Archer)، والتي امتدت من يناير/كانون الثاني 2024 حتى يناير/كانون الثاني 2025، أسفرت عن 85 ضحية فقط، وهو عدد أقل رغم أن الفترة الزمنية كانت أطول.

ومن المفترض أن تلتزم أطراف النزاع بالقانون الدولي الإنساني، خاصة مبدأ التمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية، وكذلك مبدأ التناسب، الذي يُحظر بموجبه تنفيذ هجمات تؤدي إلى خسائر مفرطة في صفوف المدنيين مقارنة بأي مكسب عسكري محتمل، وهي -من الناحية النظرية- تُعتبر جريمة حرب.

وتشير الدلائل الواضحة من الحملة العسكرية الأميركية في اليمن إلى أنها تتبع نهجًا أكثر تساهلًا، يعكس المستوى غير المسبوق من الخسائر المدنية في الحرب الدائرة بين إسرائيل وغزة. وهذا ليس مفاجئًا، خصوصًا بعد أن أغلق وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسث مكتب البنتاغون المعني بتقليل الأضرار المدنية، وهو المكتب المسؤول عن وضع السياسات في هذا المجال، بالإضافة إلى إغلاق "مركز التميز لحماية المدنيين" المعني بالتدريب والتأهيل.

وهذا التحوّل قد يصعّب مشاركة الحلفاء التقليديين. فبينما شاركت المملكة المتحدة في عملية "بوسيدون آرتشر" السابقة، فإن مشاركتها في العملية الحالية تراجعت من محدودة إلى معدومة. وقد صرّحت وزارة الدفاع البريطانية بأنها لم تقدم أي دعم لإعادة تزويد الطائرات بالوقود جوًا في الهجمات الأخيرة، خلافًا لما حدث في شهر مارس/آذار.

وفي محاولة لتبرير العمليات، تشير القيادة المركزية الأميركية إلى أنه بعد تنفيذ ضربات على 800 هدف، انخفضت عمليات إطلاق الصواريخ الباليستية من قبل الحوثيين بنسبة 69% منذ 15 مارس/آذار. لكن هناك مؤشرًا مهمًا لا تذكره القيادة الأميركية، وهو أن حركة عبور السفن التجارية في البحر الأحمر خلال شهر مارس/آذار لا تزال عند نصف مستواها مقارنة بما كانت عليه قبل أكتوبر/تشرين الأول 2023، وفقًا لبيانات Lloyd’s List.

وربما يكون تحقيق سلام أوسع في المنطقة أكثر فعالية في استعادة حركة التجارة، من الاعتماد على تصعيد العنف الاستعراضي.

لقراءة المادة من موقعها الأصلي:

 


التعليقات