تقرير: هل يتجه الحوثيون في اليمن والولايات المتحدة نحو الحرب؟
يمن فيوتشر - Dw- ترجمة خاصة: الأحد, 23 مارس, 2025 - 08:39 مساءً
تقرير: هل يتجه الحوثيون في اليمن والولايات المتحدة نحو الحرب؟

الجماعة الحوثية المصنفة إرهابية من قبل الولايات المتحدة، كثّفت هذا الأسبوع هجماتها الباليستية على مطار بن غوريون الدولي والسفن الأمريكية في البحر الأحمر، وذلك بعد استهداف الولايات المتحدة معاقل الحوثيين في اليمن.
في غضون ذلك، ارتفع عدد ضحايا الهجمات الأمريكية في العاصمة اليمنية صنعاء ومدينة صعدة شمال غربي البلاد إلى أكثر من 50 شخصًا، بينهم مدنيون، وفقًا لمصادر حوثية.
وقال توماس جونو، المحلل المتخصص في شؤون الشرق الأوسط بجامعة أوتاوا في كندا، لـ DW: "ما نشهده في الأيام الأخيرة هو حملة أمريكية أكثر استدامة من الضربات الجوية، والتي ستلحق أضرارًا أكبر بالحوثيين."
وأضاف: "مع ذلك، أظهر الحوثيون بوضوح على مدى السنوات الماضية أنهم قادرون على امتصاص الضربات العسكرية بفعالية كبيرة، سواء من السعودية خلال الحرب الأهلية اليمنية التي بدأت عام 2014 وتوقفت إلى حد كبير بهدنة هشة في عام 2022، أو خلال الأشهر الأربعة عشر الماضية من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة."
وختم قائلاً: "لذلك، سنحتاج إلى بعض الوقت لتقييم التأثير الفعلي للحملة الحالية."
بعد وقتٍ قصير من اندلاع الحرب في غزة، التي بدأت عقب الهجمات التي قادتها حركة حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، بدأ الحوثيون بإطلاق الصواريخ على إسرائيل واستهداف ممرات الشحن الدولية في البحر الأحمر، قائلين إن تحركاتهم تأتي دعمًا لحركة حماس والفلسطينيين.
ورغم أن الحوثيين حظوا بدعم واسع داخل اليمن والعالم العربي بسبب موقفهم من القضية الفلسطينية، فإن تحالفًا دوليًا بقيادة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بدأ في يناير/ كانون الثاني 2024 بشن ضربات عسكرية ردًا على الهجمات الحوثية، التي تسببت فعليًا في شلل شبه كامل لحركة التجارة البحرية عبر أحد أهم الممرات الملاحية في البحر الأحمر.
وخلال الهدنة بين إسرائيل وحماس في وقتٍ سابق من هذا العام، أوقفت الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران هجماتها. لكن استئناف الغارات الإسرائيلية على غزة في وقت سابق من هذا الأسبوع، وما تبعه من هجمات حوثية على إسرائيل وضربات أمريكية على اليمن، يبدو أنه أعاد الأوضاع إلى نقطة الصفر.
وفي هذا السياق، نشر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على منصته "تروث سوشيال" تصريحًا مفاده: "سيتم القضاء عليهم بالكامل."

 

•هل تتعزز علاقات الحوثيين بإيران؟

قالت بورجو أوزجيليك، الزميلة البارزة في معهد الخدمات الملكية المتحدة في لندن، في تصريح لـ DW:
"بالنسبة لإدارة ترامب، فإن استهداف الحوثيين يُعد انتصارًا سهلًا، فهو بمثابة فاكهة متدلية يسهل قطفها عندما يتعلق الأمر باستعراض القوة العسكرية الأمريكية. لكن ما إذا كانت الضربات الجوية كافية للقضاء على الحوثيين بشكلٍ حاسم؟ يُعد سؤالًا أكثر تعقيدًا."
وفي الوقت نفسه، حذّر ترامب إيران من الاستمرار في تسليح الحوثيين، مؤكدًا أنه سيحمّلها مسؤولية أي هجمات ينفذها المتمردون. وفي منشور على منصة "تروث سوشيال" يوم الأربعاء، دعا إيران إلى "التوقف فورًا عن إرسال هذه الإمدادات."
من جانبه، قال المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، في بيان يوم الجمعة، إن "طهران ليس لديها وكلاء في المنطقة، وإن الجماعات التي تدعمها تتصرف بشكل مستقل."
وعلّقت أوزجيليك على ذلك قائلة: "لقد سعى النظام الإيراني إلى الادعاء بوجود مسافة بينه وبين الحوثيين. ورغم أن إيران لا تتحكم في جميع قرارات الحوثيين بشكل مطلق أو غير مشروط، إلا أن الجماعة لم تكن لتتمكن من جمع ترسانتها من الأسلحة دون الرعاية الإيرانية."
واتفق معها المحلل توماس جونو، مضيفًا: "في هذه المرحلة، تقول إيران إن الحوثيين يتصرفون بشكل مستقل، وأعتقد بدرجة كبيرة أن هذا صحيح." لكنه استدرك قائلاً: "مع ذلك، تتقاطع المصالح بين إيران والحوثيين، فهما يعملان معًا، يتبادلان المعلومات، وينسقان سياساتهما، إلا أن الحوثيين لا يتلقون أوامر مباشرة من طهران."
وأشار تقرير حديث أعدته بورجو أوزجيليك وزميلها براء شيبان لموقع فورين بوليسي إلى أن دور الحوثيين في المنطقة يشهد تحوّلًا ملحوظًا.
وكتب المؤلفان: "ميزان القوى داخل المحور الإيراني آخذ في التحول لصالح الحوثيين في اليمن، الذين برزوا كأقوى جماعة مسلحة غير حكومية من حيث التسليح والتمويل، في ظل المشهد الأمني الجديد الذي أعقب تراجع القدرات الدفاعية والهجومية لحزب الله."

 

•الوضع الإنساني المتدهور يزداد سوءًا

ورغم تصاعد نفوذ الحوثيين إقليميًا، تتزايد الانتقادات لحكمهم الداخلي في ظل قمع المعارضة وتفاقم الأوضاع الإنسانية.
قال معمر، وهو أب يبلغ من العمر 30 عامًا طلب من DW عدم نشر اسمه الكامل خوفًا من الانتقام:
"معظم اليمنيين يدركون الآن بوضوح أن الحوثيين جرّوا البلاد إلى صراعاتٍ لا نهاية لها."
أما مها، وهي أم لطفلين تعيش في مدينة الحديدة الساحلية، فأوضحت أن "الوضع في البلاد يزداد سوءًا يومًا بعد يوم. أسمع كثيرين يتمنون زوال الحوثيين، حتى لو كان ذلك عبر الحرب."
وأضافت مها، التي تبلغ من العمر 40 عامًا وطلبت استخدام اسم مستعار:
"شخصيًا، أتمنى زوالهم بأي وسيلة عدا الحرب."
فيما قال عامر، وهو موظف حكومي سابق:
"قبل أي شيء، الوضع الإنساني يزداد سوءًا."
ووفقًا للأمم المتحدة، أدى الصراع المستمر منذ عقد إلى جعل اليمن موطنًا لإحدى أسوأ الأزمات الإنسانية عالميًا.
حيث توقفت معظم المساعدات الدولية المقدمة للمدنيين في وقت سابق من هذا العام، بعد أن أعادت إدارة ترامب تصنيف الحوثيين كـ"منظمة إرهابية أجنبية" بسبب هجماتهم على ممرات الشحن في البحر الأحمر وإسرائيل.
وقد أدى هذا التصنيف، إلى جانب العقوبات، إلى تقليص المساعدات الإنسانية في البلاد بشكل حاد.
كما أن تخفيضات برنامج المساعدات الخارجية الأمريكي (USAID)، إلى جانب تعليق برامج الأمم المتحدة في فبراير/ شباط بعد اختطاف الحوثيين لعدد من موظفي الأمم المتحدة ومنظمات دولية أخرى، زادت من تعقيد الوضع الإنساني.
في ظل هذه التطورات، لجأ المتمردون الحوثيون إلى نهب المساعدات الغذائية المخصصة للسكان.
وأفادت وكالة سبأ للأنباء، التي يديرها الحوثيون، الخميس، بأن المتمردين استولوا على نحو 20% من مخزون مستودع تابع لبرنامج الأغذية العالمي، دون إذن.
وبالنسبة للمدنيين، فإن هذا يعني مزيدًا من نقص الغذاء في وقت يستعدون فيه لموجة جديدة من الضربات الأمريكية خلال الأيام المقبلة.
وقالت نيكو جافرنيا، الباحثة المتخصصة في الشأن اليمني لدى منظمة هيومن رايتس ووتش:
"الضربات الأمريكية هذه المرة أظهرت تساهلًا أكبر تجاه وقوع خسائر في صفوف المدنيين مقارنة بالعام الماضي."
وأضافت: "لقد استهدفت الضربات مناطق سكنية خلال الليل بينما كان السكان في منازلهم، وفي إحدى الحالات، أدت إلى مقتل عائلة مدنية بأكملها."


التعليقات