استئناف إسرائيل للضربات الجوية على غزة كان بمثابة ختم نهاية الهدنة مع حماس وأضاف توترًا في الشرق الأوسط، وهو ما كان الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) قد تعهد بتخفيفه.
قبل أن يعود إلى المكتب البيضاوي في يناير/ كانون الثاني، كان ترامب قد تعهد بجلب السلام إلى المنطقة وسط الحرب المشتعلة بين إسرائيل وحماس، التي تلت هجمات جماعة حماس الفلسطينية في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وقال ترامب في أبريل/ نيسان 2024 عن الحرب في غزة: "لنعد إلى السلام ولنتوقف عن قتل الناس"، وهو السياق الذي دفع إسرائيل إلى استهداف حزب الله في لبنان وتصاعد التوترات الإقليمية التي تشمل إيران ووكلاءها.
بينما كانت ادعاءات ترامب دائمًا مهمة صعبة، فإن ضربات إسرائيل على غزة، ورد الحوثيين في اليمن يوم الثلاثاء استهدافهم لحاملة الطائرات الأمريكية يو إس إس هاري ترومان في البحر الأحمر، والتهديدات الأخيرة والعنف الإيراني في سوريا قد زادت من اختبارات السياسة الخارجية لترامب.
• لماذا الأمر مهم
تضارب تعهدات ترامب كوسيط للاستقرار في الشرق الأوسط مع واقع المشاكل المستعصية في المنطقة المضطربة. و تعامله مع القضايا المتعلقة بإيران واليمن وإسرائيل وسوريا سيحدد كيفية استمرار الولايات المتحدة في التأثير هناك خلال فترة ولايته.
• ما يجب معرفته
أُبلغت وزارة الصحة في غزة بمقتل أكثر من 400 فلسطيني في الضربات الجوية الإسرائيلية الليلة الماضية، في حين قالت القوات العسكرية الإسرائيلية إنها استهدفت أهدافًا إرهابية بعد فشل المحادثات لتمديد الهدنة التي تزامنت مع تبادل الأسرى.
و اتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو) حركة حماس بالرفض المتكرر للإفراج عن 59 رهينة متبقية تم أخذهم في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول -ويعتقد أن ما يصل إلى 24 منهم على قيد الحياة- محذرًا من أن إسرائيل ستتحرك ضد حماس باستخدام القوة العسكرية المتزايدة.
و حتى الآن، كان رد إدارة ترامب على استئناف الأعمال العدائية في غزة هادئًا نسبيًا. ومع ذلك، أكد البيت الأبيض أن المسؤولين الإسرائيليين أبلغوا عن العملية. وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي (براين هيوز)، إن حماس اختارت الحرب بدلاً من الإفراج عن الرهائن لتمديد الهدنة.
و قال (جين موران)، خبير الدفاع وقائد سابق في البحرية الأمريكية، لـ"نيوزويك" إن ترامب يدعم إسرائيل لتدافع عما تريد الدفاع عنه ولتنفذ الهجوم بالطريقة التي ترغب فيها.
و قال (إيمانويل نافون)، الرئيس التنفيذي لشبكة القيادة الأوروبية-إسرائيل (ELNET-Israel)، إنه من الواضح أن إدارات ترامب وإسرائيل منسقة بشأن تلك العمليات العسكرية ولكن ليس البيت الأبيض.
ومع ذلك، قال لمجلة "نيوزويك" إن التركيز بالنسبة للإسرائيليين سيكون على كيفية تصرف ترامب استجابة للتهديد الذي تشكله إيران، حيث حذر فيلق الحرس الثوري الإيراني (IRGC) هذا الأسبوع الولايات المتحدة من الانتقام بعد أن نفذت القوات الأمريكية ضربات جوية في العاصمة اليمنية صنعاء في 15 مارس/ آذار استهدفت متمردين حوثيين مرتبطين بطهران.
و قد قال ترامب "سيهطل الجحيم" إذا استمرت الجماعة المدعومة من إيران في هجماتها على الشحن البحري في البحر الأحمر، وقال الحوثيون يوم الثلاثاء إنهم استهدفوا حاملة الطائرات يو إس إس هاري ترومان، وهو الهجوم الثالث من نوعه خلال 48 ساعة.
و قال (أفي ميلاميد)، المسؤول السابق في الاستخبارات الإسرائيلية، لمجلة "نيوزويك" إن سياسة ترامب في الشرق الأوسط قد أنتجت ديناميكية جديدة في المنطقة، و أعادت تشكيل العلاقات مع الدول العربية الرئيسية بينما تواجه ثلاثة عوامل مزعزعة للاستقرار: حماس، والحوثيين، ونظام إيران.
وأضاف أن الخيط المشترك في نهج ترامب تجاه هذه الأطراف هو اضطراب أكثر فعالية للنظام المغلق والثابت الذي تسبب ركوده على مدى العقدين الماضيين. وأشار ميلاميد إلى أن إجراءات ترامب في الشرق الأوسط قد تكون قادرة على دفع التحول نحو استقرار إقليمي أكبر.
و قال موران إنه فيما يتعلق بالحوثيين، فإن ترامب قد نفذ ما كان يجب القيام به منذ عام مضى، نظرًا للمخاطر التي يشكلونها على الشحن في البحر الأحمر، حيث استهدفوا السفن التي يزعمون أنها مرتبطة بإسرائيل، حتى وإن لم يكن الأمر كذلك.
لكن موران أضاف أن خطة ترامب للشرق الأوسط هي خطة طويلة الأمد أكثر مما تم الوعد به في البداية، وقال: "إنه يحقق في الأمور، و قد لا نحب الطريقة التي يفعل بها ذلك."
و من جانبه، أصدر (جمال عبدي)، رئيس المجلس الوطني الإيراني الأمريكي (NIAC)، بيانًا يوم الثلاثاء حول خطاب إدارة ترامب تجاه إيران، وقرارها بقصف معاقل الحوثيين في اليمن، وانهيار الهدنة في غزة.
و قال عبدي إن مخاطر الحرب الإقليمية في تزايد بعد أن ساعد ترامب في تهدئة التوترات الإقليمية في البداية من خلال استثماره في الدبلوماسية مبكرًا وإجبار إسرائيل وحماس على الاتفاق على صفقة لوقف إطلاق النار أسفرت عن تحرير الرهائن.
و قال عبدي إن رسالة حملة ترامب التي تفضل الدبلوماسية وتعارض الحرب مع إيران كانت منظمة. ومع ذلك، بعد أقل من شهرين من توليه منصبه، أصبح ترامب "مغرقًا مرة أخرى في صراعات المنطقة، و يلعب نفس الأوراق التي لعبتها إدارة بايدن ويتوقع نتيجة مختلفة."
و من جهته، قال (مارك شانهان)، خبير الجغرافيا السياسية في جامعة ساري في إنجلترا، لمجلة نيوزويك إن ترامب قد أوضح أنه ليس لديه وقت لقضية الفلسطينيين وسيؤيد الدولة الإسرائيلية بشكل كامل في صراعها مع حماس.
وأضاف شانهان أن العواقب ستكون العودة إلى الحرب، وأن موقف ترامب العدائي ضد الحوثيين في اليمن وتهديداته لإيران "سيزيد من تأجيج الصراع الإقليمي بشكلٍ أكبر."
يوم الاثنين، لقي ما لا يقل عن سبعة أشخاص حتفهم وأصيب 52 في اشتباكات على الحدود بين لبنان وسوريا، حسبما أفادت مصادر بيروتية، إثر اشتباكات خلال عطلة نهاية الأسبوع أسفرت عن مقتل ثلاثة جنود سوريين.
وفي وقتٍ سابق من هذا الشهر، شهدت سوريا أسوأ أعمال العنف منذ سقوط الرئيس (بشار الأسد) بعد أن اشتبكت قوات الأمن التابعة للأسد في أجزاء من شمال غرب سوريا، مما أسفر عن مئات القتلى.
لكن موران قال إن ترامب لا يبدو أنه قلق كثيرًا مما يحدث في سوريا، وأنه يميل إلى أن تكون نتيجة ذلك لصالح روسيا، الحليف الأساسي للأسد، التي تسعى للحفاظ على وصولها إلى البحر الأبيض المتوسط عبر ميناء طرطوس.
• ما يقوله الناس
المحلل السياسي (أوليفر ألكسندر)، على منصة إكس (المعروفة سابقًا بتويتر): "استيقظت هذا الصباح ورأيت الشرق الأوسط بأسره مشتعلاً. أدركت أنه لابد أنني ما زلت في حلم لأن ترامب 'صلح' الشرق الأوسط، كما 'صلح' الاقتصاد الأمريكي وأوقف الحرب في أوكرانيا في 24 ساعة."
(إيمانويل نافون)، الرئيس التنفيذي لمنظمة ELNET إسرائيل، قال لمجلة نيوزويك: "لا أحد في عقله السليم يعتقد أن ترامب سيحقق السلام في الشرق الأوسط لأن هذه هي أقل المناطق سلامًا في العالم، لكن السؤال هو ما إذا كان جادًا عندما يتعلق الأمر بإيران."
خبير الدفاع (جين موران) قال لمجلة نيوزويك: "إنه يحقق في الأمور، و قد لا نحب الطريقة التي يفعل بها ذلك."
(جمال عبدي)، رئيس المجلس الوطني الإيراني الأمريكي (NIAC)، في بيان: "لم يمر أكثر من شهرين منذ توليه المنصب، وها هو الرئيس يجد نفسه مرة أخرى غارقًا في صراعات المنطقة، يلعب نفس الأوراق التي لعبتها إدارة بايدن ويتوقع نتيجة مختلفة."
• ما الذي سيحدث بعد ذلك
من المرجح أن يستمر الغضب الدولي من الغارات الإسرائيلية المتجددة على غزة وسط نقاش حول ما تعنيه هذه الغارات بالنسبة للرُهائن المتبقين الذين أسرهم حماس.
وقد قدم ترامب دعمه لإسرائيل، ولكن الأنظار ستتجه إلى التطورات في البحر الأحمر وما قد تفعله واشنطن بعد هجمات الحوثيين على سفينة أمريكية والتحذيرات من الانتقام من داعميهم في طهران.
الرابط ادناه لقراءة المادة من موقعها الأصلي: