تقرير: التحرش الإلكتروني يطارد سيدات الأعمال 
يمن فيوتشر - عاصم الخضمي الاربعاء, 29 يناير, 2025 - 01:19 مساءً
تقرير: التحرش الإلكتروني يطارد سيدات الأعمال 

تماشيًا مع توسع اتجاه العالم نحو الرقمنة واستخدام الإنترنت في كافة مناحي الحياة، خصوصًا في التجارة والتسويق وريادة الأعمال، استغلت العديد من الفتيات اليمنيات هذه الفرصة للدخول إلى سوق العمل من خلال الإنترنت وتوفير فرص عمل خاصة بهن؛ إلا أن هؤلاء الفتيات أصبحن عرضة للتحرش الإلكتروني، والمضايقات من قبل العملاء أو أشخاص يزعمون أنهم عملاء.

اضطرت الشابة العشرينية ياسمين، اسم مستعار، إلى إغلاق حسابها على فيسبوك بعد تعرضها للتحرش الإلكتروني من قبل 4 أشخاص خلال أشهر قليلة، وكانت تقوم من خلال حسابها على فيسبوك بالترويج لعملها في إحدى الخدمات الإعلامية، واكتفت باستخدام تطبيق الواتساب وعدم نشر رقمها بشكل أكبر بسبب المضايقات والإزعاج الذي تتعرض له ممن يتواصلون معها على أساس أنهم عملاء أو عملاء.

بحسرة تقول لمنصة هودج: "أعامل العميل باحترام وبطريقة عمل رسمية، إلا أن بعض الأشخاص يحاولون تغيير العلاقة، من علاقة بيع وشراء إلى علاقة عاطفية، وأحد العملاء أوقف تعامله معي بعد رفضي الدخول معه في علاقة حب، وللأسف العملاء ومن يتواصلون بي يتعاملون معي وكأنني مستباحة لهم، ويمارسون التحرش بشكل متكرر ويقومون بالمضايقات وإرسال رسائل وكلمات ورموز غير لائقة، وهذا أثر على نفسي وعملي وتراجعت نسبة العمل بعد اغلاق الفيسبوك".

 

ترك العمل!

الشابة العشرينية أمل، اسم مستعار، تعمل في مجال التصاميم الهندسية وتروج لعملها عبر السوشيال ميديا، لكنها تتعرض بشكل مستمر للتحرش الإلكتروني. تقول في حديثها لمنصة هودج: "عندما يعمل الإنترنت لدي بعد الساعة الواحدة ليلًا، يتواصل معي بعض العملاء وأشخاص آخرون عبر رقمي وحسابي على فيسبوك، ويرسلون صورًا خادشة للحياء، بالإضافة إلى رسائل وطلبات للتعرف، مما يجبرني على استخدام وضع الطيران وخصائص الحظر لحماية نفسي".

توضح أمل أنها تعبت جدًا ووصلت إلى مرحلة ستترك فيها عملها بسبب التحرش والتمادي من بعض العملاء، حتى أن بعضهم يقوم بجمع صورها داخل فيديو مع أغاني ويقوم بإرسالها إليها، ويصل الأمر لمرحلة الاستغلال وعدم دفع أجور العمل، وحاليًا تعمل على ترتيب عملها من جديد وتوكل مهمة إدارة التواصل والتسويق لشباب.

يمكن تعريف التحرش الإلكتروني بأنه "استخدام الإنترنت أو الوسائل الإلكترونية الأخرى لمضايقة ضحية بعينها وترهيبها." ورغم أن السوشيال ميديا وسيلة جيدة لدخول النساء إلى سوق العمل وأخذ حقوقهن في الحياة العامة في ظل القيود المجتمعية التي تقيد عمل المرأة بشكل عام في اليمن، إلا أن التحرش الإلكتروني والمضايقات يعد أكبر عائق أمامهن.

تنتشر الجرائم الإلكترونية في اليمن بشكل كبير بسبب غياب القوانين والتشريعات التي تجرم الجرائم الإلكترونية، بالإضافة إلى ضعف أجهزة الأمن في أداء دورها بسبب حالة الحرب القائمة في اليمن منذ العام 2015. ومن خلال العمل على هذا التقرير توصلنا إلى أكثر 10 فتيات يعملن في التجارة الإلكترونية والتسويق، جميعهن تعرضن لتحرشات ومضايقات عبر السوشيال ميديا.

تعد قضايا التحرش شكلًا من أشكال الجرائم الإلكترونية، تعاني منها التاجرات أو العاملات أونلاين. "نجد شكاوى كثيرة من النساء، لأشخاص يرسلون رسائل للخاص بدون داعٍ، وعرض فلوس أو إظهار أنهم لطفاء"، وفقًا لما قالته الناشطة في الأمن الرقمي، المهندسة نور خالد، لهودج. والتي تعمل مختصة للسلامة الرقمية في منظمة يوديت المهتمة في الإنترنت باليمن.

 

غياب القوانين

وفي سياق متصل، قالت المهندسة نور خالد إنه "لا يوجد رادع وقوانين صريحة ضد الابتزاز والتنمر، فهذه الظاهرة في تزايد مهما استخدمت الفتيات من طرق لحظر هؤلاء الأشخاص، بالإضافة إلى أن أغلب من يعملن في التجارة الإلكترونية لا يوجد لديهن وعي تقني كافٍ ومعرفة بطرق تأمين الحسابات، وعند إنشاء مشروع يقمن باستخدام الرقم الخاص بالعمل، وهذا أيضًا يطرح مشكلة كبيرة". 

وبحسب المحامي توفيق الشميري، فإن العائق الرئيسي للتعامل مع التحرش الإلكتروني في اليمن هو الإطار القانوني، حيث لا يوجد فيه نص واضح يُجرم التحرش ولا نص قانوني يعالجه، وهناك قصور واضح في القانون اليمني فيما يتعلق بالجرائم الإلكترونية. داعيًا إلى سن وتشريع نصوص جديدة لتوفير الحماية اللازمة للنساء من الجرائم الإلكترونية.  

عديد من القانونيين أكدوا أن القضاء اليمني يتعامل مع قضايا التحرش الجنسي وفق جرائم هتك العرض والفعل الفاضح. ويعرف قانون الجرائم والعقوبات اليمني هتك العرض وفق المادة (270) بأنه كل فعل يطال جسم الإنسان ويخدش الحياء يقع من شخص على آخر دون الزنا واللواط والسحاق يعتبر هتكًا للعرض، وعقوبة هتك العرض بالإكراه وفق المادة (272) يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على خمس سنوات كل من هتك عرض إنسان حي بالإكراه أو الحيلة أو إذا كان المجني عليه أنثى لم تتجاوز خمس عشرة سنة أو ذكرًا لم يجاوز اثني عشر سنة أو معدوم الإرادة أو ناقصها لأي سبب، أو إذا كان الجاني من أصول المجني عليه أو من المتولين تربيته.  

 

فيما المادة (273) تعرف الفعل الفاضح المخل بالحياء بأنه كل فعل ينافي الآداب العامة أو يخدش الحياء، ومن ذلك التعري وكشف العورة المتعمد والقول والإشارة المخل بالحياء والمنافي للآداب، وعقوبة الفعل الفاضح وفق المادة(274) يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو بالغرامة كل من أتى فعلًا فاضحًا علانية بحيث يراه أو يسمعه الآخرون.

الفعل الفاضح مع أنثى وفق المادة (275) يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة أو بالغرامة كل من أتى فعلًا فاضحًا مع أنثى بغير رضاها، فإذا كان الفعل عن رضا منها يعاقب الاثنان بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو بالغرامة التي لا تجاوز ألف ريال.  

وحسب دراسة قامت بها هيئة الأمم المتحدة للمرأة شملت أكثر من 11,500 مستخدم ومستخدمة للإنترنت ممن فوق الـ18 عامًا في 8 دول عربية بينها اليمن، فإن ما يقرب من نصف مستخدمات الإنترنت في الدول العربية يخشين التحرش الإلكتروني، وقامت أكثر من 1 من كل 5 نساء تعرضن للعنف الإلكتروني في المنطقة بحذف أو إلغاء تنشيط حساباتهن على وسائل التواصل الاجتماعي.  

ووفقًا لما ورد في الدراسة، فإن 49٪ من مستخدمات الإنترنت في المنطقة العربية أعربن عن عدم شعورهن بالأمان بسبب التحرش الإلكتروني، ونُصح 36٪ من النساء من الدول العربية اللائي تعرضن للعنف الإلكتروني العام الماضي بأن يتجاهلن الواقعة، و23٪ تم إلقاء اللوم عليهن، و21٪ قيل لهن أن يحذفن حسابات التواصل الاجتماعي الخاصة بهن.  

وكشفت الدراسة أن الشكل الأكثر شيوعًا للعنف الإلكتروني والذي يؤثر على النساء في المنطقة هو تلقي "صور أو رموز غير مرغوب فيها ذات محتوى جنسي" (43٪)؛ تليها "مكالمات هاتفية مزعجة، محاولات تواصل غير لائقة أو غير مرحب بها" (38٪)، ثم "تلقي رسائل مهينة و/ أو بغيضة" (35٪). 22٪ من النساء اللائي تعرضن للعنف عبر الإنترنت تعرضن "للابتزاز الجنسي المباشر". وأفادت النسبة الأكبر من النساء اللواتي تعرضن للعنف عبر الإنترنت أنهن تعرضن له على فيس بوك (43٪) وإنستغرام (16٪) وواتس آب (11٪). من بين النساء اللواتي تعرضن للعنف العام الماضي، أفادت 44٪ أن الواقعة تعدت الحيز الافتراضي. 

من جانب آخر، أشارت الناشطة في مكافحة الجرائم الإلكترونية، أمة الله عبدالله، لمنصة "هودج"، إلى أن ظاهرة التحرش الإلكتروني بالفتيات تتزايد بشكل مستمر مع ازدياد استخدام الإنترنت في اليمن. وذكرت أن شكاوى عديدة تصلها من فتيات يتعرضن للتحرش الإلكتروني، لكن معظمهن يمتنعن عن إبلاغ ذويهن خوفًا من العواقب التي قد يواجهنها، والتي قد تصل إلى حرمانهن من استخدام الهواتف. وأوضحت أن غياب دور الدولة في محاسبة المتحرشين يشجعهم على استغلال هذا الوضع. 

وأضافت أن التحرش الإلكتروني يترك آثارًا نفسية عميقة على الضحايا، حيث أشار أطباء نفسيون إلى تعرض العديد منهن للاكتئاب، والقلق، وأشكال مختلفة من الفوبيا.

ولمكافحة الجرائم الإلكترونية، شُكلت شعبة مكافحة الجرائم الإلكترونية بديوان النيابة العامة بعدن بالتنسيق المباشر مع تكتل "نون" النسوي، ومؤسسة PASS لمجتمعات سلام مستدامة، وذلك تنفيذاً لتوجيهات النائب العام قاهر مصطفى علي، كما سيتم إنشاء فرع للوحدة بتعز تحت إشراف ومتابعة تكتل وهج النسوي، وفقًا لمنسقة التكتل داليا محمد. 

وأشارت محمد في حديثها لمنصة هودج إلى أن وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية هي مشروع بين ثلاث محافظات هي عدن وتعز وحضرموت، وتحت إشراف النائب العام، وسيتم تشكيل غرفة عمل مشتركة.

 

تم نشر هذه المادة في منصة هودج

https://www.hodaj.net/posts/lthrsh-llktrwny-ytrd-sydt-l-aaml

 

 

 


التعليقات