في يوم الثلاثاء، وفي خضم إصدار مجموعة من الأوامر التنفيذية، أعلن الرئيس ترامب تصنيف الجماعة اليمنية المعروفة بالحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية (FTO)، وأصدر توجيهًا للحكومة الأمريكية بمنع وصول أموال المساعدات الأمريكية إلى أيديهم. وبهذا القرار، عكس ترامب سياسة اتخذها سلفه في بداية ولايته، ما يشير إلى احتمال تغيير أكبر في السياسة الأمريكية تجاه اليمن، وهو تغيير سيُقابل بترحيب في إسرائيل.
فعلى مدار الأشهر الماضية، استهدفت الهجمات الحوثية بالصواريخ الباليستية والطائرات المُسيّرة إسرائيل والبحر الأحمر، فيما تواجه الجماعة غاراتٍ جوية متواصلة من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإسرائيل.
و مع لحظة حرجة من وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، تبرز أهمية فهم كيفية وصول الحوثيين إلى هذا الوضع، وتأثير وقف النار على مسارهم، وما يجب على الولايات المتحدة وحلفائها فعله للتعامل مع هذا التهديد.
و في فبراير/ شباط 2024، شارك (جيسون برودسكي) في كتابة مقال لمجلة Mosaic بعنوان "العالم لا يأخذ الحوثيين على محمل الجد بما فيه الكفاية". وبعد مرور خمسة عشر شهرًا على هجوم حماس الدموي على إسرائيل، ظل الحوثيون آخر عضو نشط في "محور المقاومة" بقيادة إيران ضد إسرائيل، حيث قُبلت هدنة من قبل حزب الله، وانهار النظام السوري، والتزمت الميليشيات الشيعية في العراق الهدوء إلى حد كبير.
و وفقًا لمقالنا لعام 2024، الحوثيون يجمعون بين كونهم جماعة دينية وحركة سياسية-عسكرية وتشكيلًا قبليًا تربطهم علاقات طويلة الأمد مع إيران. ففي عام 2011، استغلوا اضطرابات الربيع العربي للإطاحة بالحاكم اليمني السابق طويل الأمد (علي عبدالله صالح)، وأطلقوا عملية انتهت بسيطرتهم على مراكز اليمن السكانية الرئيسية. و استولوا على العاصمة صنعاء في عام 2014، وسيطروا بذلك على العديد من مؤسسات الدولة اليمنية. وبحلول عام 2015، وصلت قواتهم إلى أطراف مدينة عدن، ثاني أكبر مدن اليمن. و اليوم، يديرون منطقة واسعة في شمال غرب البلاد، وما زالت نزاعاتهم مع الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا والتحالف الذي تقوده السعودية دون حل. وبالتالي، رغم أن الإعلام يصفهم أحيانًا بـ"المتمردين" أو "الإرهابيين"، إلا أنه من المهم إدراك أنهم يشكلون منذ فترة نظامًا يدير بصرامة أراضي كبيرة، و يجمع الضرائب، و يدير المدارس، وينظم توزيع المساعدات الدولية.
و لفهم الوضع الحالي للحوثيين، يجب العودة إلى اتفاقية ستوكهولم التي توسطت فيها الأمم المتحدة في عام 2018. حيث تم توقيع اتفاق وقف إطلاق النار هذا في سياق هجوم مضاد فعال من التحالف المناهض للحوثيين على طول الساحل الغربي لليمن. وقد نصت الاتفاقية بشكل أساسي على أن يحتفظ الحوثيون بالسيطرة على ميناء الحديدة، أهم ميناء يمني على البحر الأحمر، بدلاً من تعريضه لخطر الضربات الجوية. و منذ تأمين هذا الشريان الاقتصادي والعسكري الحيوي، شهدت حظوظ الحوثيين صعودًا مستمرًا.
وقد استغلت إيران وصول الحوثيين إلى البحر لتزويدهم بالمستشارين والمعدات العسكرية، مما أدى إلى تطور قدراتهم من استخدام الأسلحة الخفيفة وبقايا ترسانة النظام السابق إلى أن يصبحوا أول قوة عسكرية تطلق صواريخ باليستية مضادة للسفن في عملياتٍ حقيقية. كما انتهكت إيران بشكل صارخ حظر الأسلحة المفروض من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وهو ما أكدته تقارير فريق الخبراء الأممي حول اليمن، الذي ذكر إيران 471 مرة لتوضيح دورها في توفير الأسلحة المتقدمة، وإيواء شبكات تهريبها إلى اليمن، وتنسيق هجمات الحوثيين.
و جاء هذا التطور جزئيًا بسبب سياسات إدارة بايدن، التي شجعت الحوثيين ومكّنت توسعهم. حيث ركز الرئيس بايدن على خفض التصعيد في اليمن، واعتقد خطأً أن بإمكان الولايات المتحدة تحقيق هذا الهدف عبر الضغط على السعودية لإنهاء حملتها العسكرية وقبول التنازلات، مع محاولة إقناع الحوثيين بالدخول في مفاوضات. وعليه، امتنعت الإدارة عن تقديم الأسلحة والدعم للسعودية، وألغت تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية، ودعتهم للتفاوض دبلوماسيًا. لكن هذه السياسات زادت من تعقيد الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، حيث كانت السعودية بالفعل تسعى لإنهاء الحرب، بينما استمر الحوثيون في استغلال الوضع لتحقيق المزيد من التنازلات من المملكة.
و بعد محاولات الحوثيين للسيطرة على المزيد من الأراضي اليمنية وإطلاق مزيد من الهجمات الصاروخية والطائرات المُسيّرة على جيرانهم في الخليج، وافق الحوثيون على وقف إطلاق النار مع الرياض في أبريل/ نيسان 2022. و كان الهدف من الاتفاقية تقليل حدة الصراع وخلق مساحة للتفاوض على صفقة شاملة بين السعودية والحوثيين قد تمهد الطريق لتسوية محلية للحرب الأهلية في اليمن. ومع ذلك، أثناء المفاوضات، استغل الحوثيون الفرصة للتحضير لصراعاتٍ مستقبلية. وأشار قائد القوات الأمريكية في المنطقة، الجنرال (إريك كوريلا)، في مارس/ آذار إلى أن إيران استمرت في توفير التمويل والأسلحة للحوثيين خلال هذه الفترة، بينما أظهرت صور الأقمار الصناعية أن الحوثيين استغلوا الهدنة لتوسيع وتعزيز تحصيناتهم تحت الأرض.
ففي أكتوبر/ تشرين الأول 2023، عندما شنّت حماس مجزرتها ضد إسرائيل في عيد "سيمحات توراه"، كان الحوثيون مستعدين جيدًا للانضمام إلى القتال. و كانوا مدفوعين بإيديولوجية راديكالية مناهضة للغرب ومعادية للسامية، بالإضافة إلى رغبتهم في تحويل الانتباه الداخلي عن الإحباط المتزايد بسبب عجزهم عن دفع رواتب القطاع العام أو الحكم بشكلٍ فعال. و منذ ذلك الحين، أطلق الحوثيون أكثر من 1,200 قذيفة باتجاه إسرائيل والشحن الدولي والقوات البحرية الغربية التي كانت تحاول الدفاع ضد هجماتهم. وقد فشلت الاستجابة الغربية، المتمثلة في نقل قطع بحرية كبيرة إلى البحر الأحمر، واعتراض الصواريخ، وحتى ضرب قواعد الحوثيين البرية، في ردع الجماعة. و في الواقع، فإن قيادتها تشعر بالابتهاج من فشل الجهود التي تقودها الولايات المتحدة.
و من الصعب نسب الاتجاهات العامة لوتيرة هجمات الحوثيين على إسرائيل والشحن الدولي إلى عامل واحد فقط، حيث تتقلب هذه الهجمات بشكل ملحوظ من شهر لآخر. على سبيل المثال، حدثت نحو 50 هجمة في يونيو/ حزيران 2024، مقارنة بأقل من 20 هجمة شهريًا بين سبتمبر/ أيلول ونوفمبر/ تشرين الثاني من نفس العام، ثم زادت مرة أخرى في ديسمبر/ كانون الأول. و قد تنجم بعض التغيرات عن نجاحات أو إخفاقات في الحصول على الأسلحة وإنتاجها، بينما قد تعكس أخرى ردودًا على الأحداث العالمية أو الديناميكيات الداخلية في اليمن. لكن ما هو واضح هو أن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة قد فشل في إجبار الحوثيين على وقف هجماتهم، أو تقليص إرادتهم أو قدرتهم على الاستمرار.
و في ديسمبر/ كانون الأول 2024، صرح الحوثيون بأنهم "سيتصدون لأي عدوان إسرائيلي ضد (اليمن) بعمليات عسكرية أكثر دقة، وأن عملياتهم لدعم الشعب الفلسطيني لن تتوقف حتى يتوقف العدوان ويُرفع الحصار عن غزة". و يمكن للمتفائلين تفسير هذا التصريح بوصفه وعدًا بوقف الهجمات على إسرائيل والشحن الدولي طالما كان هناك هدنة بين إسرائيل وحماس. ومع ذلك، يثير الفهم الأعمق تساؤلات حول كيفية تعريف الحوثيين لرفع "الحصار عن غزة". فقد تكون القيود الإسرائيلية على واردات الأسلحة والسلع ذات الاستخدام المزدوج إلى غزة أو حتى المعاناة الاقتصادية المستمرة في القطاع (التي يُلقى اللوم فيها على إسرائيل) ذريعة مشابهة لما يُعرف بمزارع "شبعا" لحزب الله، وهي حجة غير ذات مغزى لتمرير الهجمات على إسرائيل. و هذا لا يعني أن الحوثيين لن يتخذوا قرارًا استراتيجيًا بوقف الهجمات على إسرائيل أو الشحن الدولي في المستقبل، ولكن هذا التوقف سيكون مؤقتًا ويعتمد على اعتبارات تكتيكية بدلاً من إعادة تعريف أهدافهم الاستراتيجية إلى ما دون القضاء على إسرائيل.
و على المدى الطويل، يبدو من غير المحتمل أن تتبنى سياسات الحوثيين نهجًا أكثر اعتدالًا سواء استمرت الهدنة في غزة أم لا. ويرجع ذلك جزئيًا إلى الحملة الواسعة للتلقين الأيديولوجي المتطرف التي تجري في اليمن بمستوى قد يكون غير مسبوق في العقود الأخيرة. و يتم تعليم ملايين الأطفال الأيديولوجيات المتطرفة ويتم تدريبهم على استخدام الأسلحة. و في أغسطس/ آب 2024، أدى هذا المزيج الخطير من الأطفال والتطرف والأسلحة إلى إصابة أكثر من 30 طفلًا في منشأة تدريب على المتفجرات. و نظرًا لتطرف الأطفال اليمنيين، يصعب تصور أن الجماعة ستبتعد عن الصراع والأيديولوجية الراديكالية التي تحركها. علاوة على ذلك، من المتوقع أن تزداد إخفاقات الحوثيين في الحكم مع مرور الوقت. فإذا كان توقيت الحملة العسكرية الأخيرة يشير إلى شيء، فهو أن الجماعة تبحث عن "إنجازات" في الصراعات الخارجية عندما تحتاج إلى التغطية على المشاكل المتزايدة في الداخل وإضعاف من يدعو للاهتمام بها.
و بالتالي يبقى التساؤل حول ما الذي ينتظر عام 2025، بالنظر إلى أن الحملات العسكرية الحالية يبدو أنها فشلت في تقليص شهية الحوثيين للتصعيد، ولا يوجد ضمان بأن هجماتهم ستنتهي حتى إذا استمرت الهدنة في غزة؟
و من المرجح أن يحافظ الحوثيون على التوتر مع أعدائهم الخارجيين لتعزيز موقفهم كمدافعين عن اليمن. و قد يشمل ذلك تصعيدًا مستمرًا على المسار الحالي، مثل استهداف إسرائيل والشحن الدولي، وأي جهاتٍ تسعى لدعم الدفاع عنهم. كما قد يتضمن تجديد الأعمال العدائية ضد السعودية للضغط على المملكة لتوقيع اتفاق يضمن تدفق مليارات الدولارات من المجتمع الدولي ودول الخليج لإعادة إعمار المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون. أخيرًا، قد يختار الحوثيون التصعيد داخليًا من خلال القضاء على أي مقاومة في المناطق الخاضعة لسيطرتهم أو محاولة السيطرة على بقية اليمن التي تحتلها قوات التحالف المناهض لهم.
و من المتوقع أن يواجه النظام الحوثي صعوبات أكبر في عام 2025 بسبب أربعة عوامل رئيسية:
أولًا، عانى محور المقاومة من انتكاساتٍ عسكرية مدمرة خلال العام الماضي. فقد تم إضعاف حزب الله بشكل كبير بسبب فقدان قيادته بالكامل، وضربات إسرائيلية على لبنان وسوريا وإيران نفسها أدت إلى تدهور قدراته بشكل كبير. و مع انشغال إيران وحزب الله، وهما الداعمان الرئيسيان لبناء قوة الحوثيين وتقديم المشورة العملياتية، من المتوقع أن يتقلص مستوى الدعم الخارجي لليمنيين "المقاومين" بشكل ملحوظ.
ثانيًا، أصبح المجتمع الدولي أكثر وعيًا بالمخاطر التي يشكلها التوسع الحوثي. وبالتالي، من المحتمل أن تتلقى القوى المناهضة للحوثيين في اليمن دعمًا دوليًا متزايدًا، بينما قد تستفيد القوى الخارجية التي تستهدف النظام، مثل إسرائيل، من حرية أكبر في التصرف تحت تأثير تغيير الرأي العام العالمي.
ثالثًا، كان من المتوقع أن يوفر اتفاق سعودي-حوثي للنظام في صنعاء ربحًا ماليًا كبيرًا، لكن ذلك يبدو الآن بعيد المنال على المدى القريب. في السابق، كانت السعودية تفاوض تحت ضغط عسكري شديد من الحوثيين، ولكن هذا الوضع قد تغير الآن حيث أصبح الحوثيون هم من يتعرضون للهجوم. و على أقل تقدير، قد تسعى السعودية لإعادة التفاوض للحصول على شروط مواتية ومناسبة أكثر ، لكن من المحتمل أن تتخلى عن المفاوضات مع هذه الجماعة الإرهابية في المستقبل القريب.
أخيرًا، أدى تغيير القيادة في واشنطن إلى جعل إيران ووكلائها في حالة من الارتباك، وهم يحاولون معرفة كيفية المضي قدمًا. و قد يكون تنصيب الرئيس ترامب قد عزز بالفعل حلفاء الولايات المتحدة الرئيسيين في المنطقة، مثل إسرائيل والسعودية والإمارات، بينما تخشى طهران من إعادة فرض حملة "الضغط الأقصى" لعزل الاقتصاد الإيراني. مع ذلك، قد تحاول إيران الحفاظ على مواردها وتقليص تمويل وكلائها، مع السعي أيضًا للحد من أنشطتهم السلبية لتجنب المزيد من الغضب من الرئيس الأمريكي.
و بالتالي توضح هذه التطورات لماذا يجب على الولايات المتحدة وإسرائيل والدول العربية المعادية للتوسع الإيراني اغتنام الفرصة لتشكيل تحالف مخصص لتطبيق المزيد من الضغط من أجل انهيار النظام الحوثي. و إذا لم يتم هزيمتهم في هذه الجولة، قد يقرر الحوثيون التوقف استراتيجياً للراحة وإعادة التسلح، في انتظار اللحظة المناسبة للهجوم على الولايات المتحدة وحلفائها. و من الضروري أن يتخذ أولئك الذين يسعون للاستقرار في الشرق الأوسط المبادرة بعيدًا عن هذه الجماعة الإرهابية ويمنعونها من تحديد موعد ومكان المواجهة القادمة. ولكن إذا كانت الهجمات على الحوثيين حتى الآن قد فشلت في إحداث فرق، فما الذي بإمكانه أن يحدث الفرق؟
و من المهم توضيح ما يجب أن تتجنبه الحملة من هذا النوع. و يجب على أي استراتيجية تهدف إلى الضغط على النظام الحوثي لإسقاطه أن تقلل من التفاعل الدبلوماسي مع الجماعة أو وزيرها الخارجي الفعلي المقيم في عمان (محمد عبد السلام). فغالباً ما يستغل الحوثيون المفاوضات للحصول على تنازلات مبدئية أو إقامة وقف إطلاق نار مؤقت يخدم أهدافهم طويلة المدى. و كان الانخراط الغربي مع الجماعات المدعومة من إيران مثل حزب الله وحماس والحوثيين هو القاعدة وليس الاستثناء في العقود الأخيرة. و نتائج هذه السياسات تشير إلى أن مثل هذا الانخراط يمكن أن يطيل عمر التهديد لعقود عديدة مع السماح بتفاقم مخاطره.
و كان مستشار الأمن القومي الجديد للرئيس ترامب (مايك والتز)، محقاً تماماً عندما شرح أن التفاعل مع الجماعات المدعومة من إيران مثل حماس (و برأيي الحوثيين أيضاً) من غير المرجح أن يؤدي إلى نتائج ذات مغزى، ويجب ألا نفرق بينهم وبين جماعات جهادية أخرى مثل داعش أو القاعدة. و في هذه اللعبة ذات النتيجة الصفرية، فإن أي اتفاق قد تقبله الجماعة الإرهابية من المرجح أن يكون اتفاقاً يجب على الغرب رفضه.
و لاستراتيجية أكثر فعالية يجب التركيز على تفكيك المكونات الرئيسية للنظام الحوثي التي لا يمكن استبدالها بسهولة. حتى إذا توقف الحوثيون عن هجماتهم، يجب على الولايات المتحدة وإسرائيل وحلفائهما ألا يقعوا في خطأ تخفيف الضغط وإعطائهم فرصة لإعادة بناء قواتهم والتحضير لهجومهم التالي. كما يجب أن تتضمن الاستراتيجية الأوسع لتقويض سيطرة الحوثيين على اليمن تفكيك هذه المكونات الثلاثة:
أولاً، يجب على الولايات المتحدة وحلفائها تحديد وقتل الشخصيات البارزة في النظام بناءً على أدوارهم وعلاقاتهم بالزعيم الأعلى (عبد الملك الحوثي) وتأثيرهم، حيث ليست جميع الشخصيات العليا بنفس الأهمية. على سبيل المثال، يُعتقد أن (مهدي المشاط)، رئيس النظام الحوثي، ليس أساسياً في عملياته، كما يتضح من اغتيال سلفه (صالح الصماد) في 2018 دون أن يدخل النظام في فوضى. و بالمقابل، الأفراد في جوهر القيادة الحوثية، مثل رئيس المخابرات العسكرية (عبدالله "أبو علي" الحاكم) أو رئيس الأمن الداخلي (مطلق "أبو عماد" المراني)، من المرجح أن يكونوا متورطين في أنشطة تمس المصالح الحيوية للنظام. و قتل مثل هذه الشخصيات يمكن أن يعطل وظيفة النظام ويثير الخلافات الداخلية.
ثانيًا، يجب على التحالف استهداف الشرايين المالية الرئيسية للنظام. على سبيل المثال، على مدار العقد الماضي، قام الحوثيون بتحويل كمياتٍ كبيرة من المساعدات الإنسانية لشراء دعم المستمرين معهم. رغم أن هذه المشكلة موثقة جيدًا، فإن نقص الشفافية من الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية جعل من المستحيل تقدير مدى هذه الممارسات. و إذا رفضت الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية العمل بشكل أكثر شفافية، فقد تفكر الولايات المتحدة وحلفاؤها في تحويل التمويل من برامج المساعدات غير القابلة للتحقق إلى تلك القوى التي تقاوم حكم الحوثيين.
ثالثًا، يجب أن تكون آلة الدعاية التابعة للنظام الحوثي هدفًا رئيسيًا. فقد لعب المسؤولون رفيعو المستوى مثل صانع الملك غير الرسمي (أحمد حامد)، والمسؤول الاستخباراتي البارز (فواز نشوان)، والدبلوماسي الرئيسي (عبد السلام)، أدوارًا أساسية في إبقاء سكان اليمن داخل فقاعة إعلامية حوثية. و يجب على التحالف المناهض للحوثيين التركيز على تفكيك هذا الجهاز عن طريق تعطيل بنيته التحتية، ومواجهة رسائله الإعلامية، واستهداف المسؤولين عن ذلك بالعقوبات وما شابه. و إضعاف هذه الشبكة الدعائية سيقوض قبضة الحوثيين الحديدية على عقول الجمهور اليمني.
فقد جعلت تجربة العقد الماضي واضحة أن الحوثيين سيصبحون أكثر خطورة إذا تُركوا دون رقابة، وأن الإجراءات الجزئية لن تكون كافية في التعامل معهم. و إضعاف الأعمدة الأساسية للنظام -قيادته الرئيسية، و شرايينه المالية، وآلة دعايته- من شأنه أن يزيد بشكل كبير من احتمالية انهياره. و على الرغم من أن الحافز الدقيق لسقوط النظام يظل غير مؤكد حتى حدوثه، فإن اتخاذ التدابير لتسريع وصول تلك اللحظة يخدم مصالح اليمن والشرق الأوسط والتجارة والأمن العالمي.
الرابط ادناه لقراءة المادة من موقعها الأصلي:
https://mosaicmagazine.com/observation/politics-current-affairs/2025/01/dipomacy-and-airstrikes-havent-stopped-the-houthis-what-will/?print