يعد الاتحاد العام لنقابات عمال اليمن الجهة النقابية الرئيسية في البلاد. تأسس في عام 1990 نتيجة اندماج مؤتمر نقابات عدن مع الاتحاد العام لنقابات العمال- صنعاء.
ويمثل الاتحاد مصالح العمال في مختلف القطاعات، ما يضمن جعل أصواتهم مسموعة في القضايا ذات الأهمية، حيث يعمل على حماية حقوقهم وفقًا للقوانين المحلية والدولية، ويساهم في تحسين ظروف العمل والعمال.
وتعد المشاركة النسوية في النقابات العمالية من القضايا المهمة في عالم الأعمال، حيث تمثل خطوة رئيسية نحو تحقيق المساواة بين الجنسين وتعزيز حقوق النساء.
وتتعدد الدوافع التي تشجع النساء على المشاركة في النقابات، منها الرغبة في تحسين ظروف العمل والعاملات، والحصول على حقوق متساوية، ومواجهة التمييز والعنف في أماكن العمل، كما تقول منى العطاء، وهي نقابية في الهيئة العامة لمطابع الكتاب المدرسي بالمكلا.
وتضيف منى أن المرفق الحكومي الذي تعمل فيه تعرض للعديد من الأزمات والمشاكل بين العمال والموظفين وبين الإدارات السابقة، وهو الأمر الذي جعلها تصر على المشاركة في انتخابات اللجنة النقابية لحماية حقوقها وحقوق العاملات الأخريات من أي استغلال.
يتكون الاتحاد العام من 15 نقابة عامة تمثل مختلف القطاعات على مستوى الجمهورية اليمنية، وذلك وفقًا للتصنيف النقابي المعتمد على الصعيدين العربي والدولي. بالإضافة إلى ذلك، يضم الاتحاد خمسة عشر فرعًا منتشرة في محافظات اليمن. وتبلغ إجمالي عضوية الاتحاد العام 350,000 (ثلاثمائة وخمسون ألف) عضو.
ولا توجد إحصاءات دقيقة لأعداد النساء المنتميات للاتحاد العام، غير أنه بالإمكان الحصول على مؤشر تقريبي من خلال محافظة ساحل حضرموت، حيث يقدر فيها عدد النساء المنضويات في لجان نقابية بـ 47 امرأة، بنسبة 1: 6 مقارنة بعدد المنضوين من الرجال.
ويتوزع هذا العدد من النساء في الغالب ضمن عضوية قطاعات المرأة في اللجان النقابية للمرافق المختلفة، ولا توجد سوى امرأة واحدة منتخبة تتولى رئاسة لجنة نقابية في مرفق حكومي، ما يشير إلى ضعف تمثيل المرأة العاملة في مواقع القرار النقابي، بحسب منى.
ومع أن القانون الخاص بتنظيم عمل النقابات لا يميز بين امرأة ورجل، كما تقول المحامية والناشطة في اتحاد نساء اليمن علياء الحامدي، فإن شغل المواقع وفقًا للقانون يقوم على مبدأ الترشح والانتخاب في اللجان النقابية صعودًا إلى قيادة الاتحاد، ولا يوجد ما يمنع من أن تكون المرأة قيادية إن حازت على أغلبية الأصوات.
العائق أمام المرأة، بحسب الحامدي، هو في هيكلة اللجان النقابية التي تحصر دور النساء في دائرة المرأة.
تستمد النقابات اليمنية شرعيتها من عدة مصادر، بينها: دستور الجمهورية اليمنية، قانون النقابات العمالية رقم 35 لسنة 2002، قانون الخدمة المدنية رقم (19) لسنة 1991، قانون العمل رقم (5) لسنة 1995، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بمعايير العمل وحقوق الإنسان التي وقعت عليها اليمن.
•دوافع
توضح عائدة باضاوي، وهي عضوة نقابية في مؤسسة المياه بمديرية الشحر بساحل حضرموت، جانبًا من الأسباب التي دعتها للانخراط في العمل النقابي. وتقول إن من أهمها أن المسؤولية تقع على عاتق كل موظف في المرفق الذي يعمل به، ومن هذا المنطلق، وحفاظًا على مبدأ العمل المؤسسي والتشاركي. "قررت أن أخوض غمار العمل النقابي لأهميته في تفعيل دور المرأة في المؤسسة وتمكينها في الإدارة، إذ أن العمل النقابي أحد أدوات التمكين الممكنة والمتاحة".
وتضيف رئيسة قسم المرأة بدائرة المستهلكين: "انضممت للنقابة للحفاظ على حقوق الموظفات، الكادر النسائي، إضافة إلى رفع المظالم عن الموظفين وتحقيق الاستقرار الوظيفي داخل المؤسسة".
الدافع ليس مختلفًا كثيرًا لدى أروى عبود، التي تقول إنها خاضت العمل النقابي بدافع "كسب الخبرة وفهم العمل المؤسسي وفهم اللوائح والقوانين الداخلية كوني موظفة وناشطة حقوقية".
•تحديات
وحول الصعوبات والعوائق التي تعترضها في عملها النقابي، تقول باضاوي لمنصة هودج: "أول عائق هو التهميش، إضافة إلى قدرة من حولك على التحمل معك. فعلى سبيل المثال، كان زوجي داعمًا لي في الترشح للانتخابات النقابية، ولكن بعد ما رأى أن مشاكل العمل أثرت على نفسيتي طلب مني الانسحاب".
من جانبه، يوضح مسؤول الرقابة والتفتيش بالاتحاد العام فرع حضرموت الساحل، زكي بامكريد، أن مشاركة المرأة في اللجان النقابية أضحت أمرًا ملحًا، حيث يترتب على عزوفها عن ذلك هضم حقوقها، خاصة وأن هناك خصوصيات متعددة لصالح المرأة في القانون.
لافتًا إلى أهمية العمل على إدماج النوع الاجتماعي في الهياكل التنظيمية للنقابات واستراتيجياتها بما يتلاءم مع الممارسات الدولية.
ويحكي بامكريد في حديثه لمنصة هودج موقفًا طريفًا يمكن أن يفسر جانبًا آخر يتعلق بالوعي المجتمعي، ويقول: "أذكر أنه في الانتخابات قبل الأخيرة للمعهد التجاري بفوة، غرب المكلا، فاز الرجال بجميع المقاعد وكنت منهم، فتنازلت عن منصبي لإحدى الزميلات في العمل، وكانت قد جاءت في قائمة الاحتياط، مما سبب معاتبتي بشدة من بعض الأعضاء في اللجنة من الرجال".
من جانبها، تسلط النقابية أروى عبود الضوء على أهمية الإصرار في انتزاع الحقوق رغم التحديات، مشيرةً إلى أنها عندما لاحظت عدم تفعيل مبدأ الكوتا الذي يضمن 30% من التمثيل النسوي، لم تستسلم لهذا الوضع. وتقول: "طلبنا تطبيق الكوتا، لكن العمال رفضوا. ومع ذلك، قررت الترشح وخضت التجربة، وتمكنت من الحصول على عدد جيد من الأصوات وحصلت على المرتبة السادسة، مما أهلني لتولي مسؤولية دائرة المرأة".
•حلول لإشراك نسوي أوسع
يقترح زكي بامكريد تعديل طريقة الانتخابات عند اختيار اللجان النقابية وتطبيق نظام الكوتا، بحيث يتم اختيار الأعضاء من الجنسين وفقًا لقوتهم في المرفق. ويقول: "يجب أن يكون التمثيل في اللجنة النقابية متوازنًا بناءً على نسبة كل من الرجال والنساء".
اقتراح بامكريد يتطلب تطوير اللوائح الداخلية وتعديل قانون الاتحادات العمالية رقم 35 لعام 2002، بحيث تعكس التعديلات التوازن بين الجنسين في التمثيل النقابي كما يقول.
ويضيف بامكريد: "لا بد كذلك من معالجة التحديات النفسية والثقافية التي تعيق انخراط النساء في اللجان النقابية وتشجيعهن على خوض التجربة".
من جانبها، تشير أروى عبود إلى ضرورة تمكين المرأة من فهم القوانين واللوائح الخاصة بالنقابات والمرافق الحكومية، ما يعزز قدرتها على المشاركة بفعالية. إضافة إلى زيادة ثقة النساء بأنفسهن من خلال دعمهن في مواجهة التحديات وتعزيز قدرتهن على التأثير في بيئة عملهن وتغيير الصورة النمطية حول المرأة النقابية، من خلال تسليط الضوء على دورها كمدافعة عن حقوق الموظفين/ات والمساهمة في استقرار المرافق الحكومية.
أما عائدة باضاوي فتقترح تنظيم المزيد من ورش العمل وجلسات النقاش التي ينظمها اتحاد النقابات والجهات المعنية بقضايا المرأة، بغرض تعزيز وعي النساء بأهمية العمل النقابي وتشجيعهن على الانتساب للنقابات.
تم نشر هذه المادة في منصة هودج