مر مايقارب شهرين منذ 19 يوليو/ تموز، عندما اخترقت طائرة مُسيّرة حوثية الدفاعات الجوية الإسرائيلية، ما أسفر عن مقتل (يفغيني فيردر) البالغ من العمر 50 عامًا وإصابة ثمانية آخرين. و في اليوم التالي، شنَّ سلاح الجو الإسرائيلي هجومًا انتقاميًا على ميناء الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون، وأطلق عليه اسم "عملية الذراع الممدودة".
و على الرغم من تهديدات الحوثيين بالانتقام واستهداف منطقة تل أبيب، إلا أنه لم يحدث أي إجراء من هذا القبيل حتى يوم الأحد، عندما شنوا هجومًا بصاروخ باليستي على وسط إسرائيل، و لم تحدث أي إصابات.
و في هذا السياق، لاحظ بعض الخبراء بعد مرور شهرين تقريبًا على الهجوم الانتقامي لإسرائيل في الحديدة، أن الميناء لا يزال تقريبًا معطلاً. وقال (عيران إفرات) لصحيفة "جيروزاليم بوست": "بعد هجوم إسرائيل، ادعى البعض أن الأضرار ستستغرق أسبوعًا واحدًا فقط لتصليحها".
إفرات، رجل أعمال، يملك عدة شركات في قطاع الكتلة الحيوية. فهو يستورد المواد الخام لصناعة الطاقة الخضراء، وكجزء من وظيفته، يتتبع طرق وسفن الشحن.
و أوضح: "بالفعل، منذ ذلك الحين، توقعت أنه بعد قصف محطة الوقود، وتضرر الأنابيب وخزانات الوقود أيضًا، سيكون هناك حاجة إلى وقت طويل لإصلاح كل شيء."
وأضاف أن شركاته تفتخر أيضًا بمحطات الموانئ، وأن إنشاء مثل هذه البنية التحتية ليس مهمة بسيطة.
و وفق إفرات، فإن إعادة بناء هذه البنية التحتية صعب جدًا؛ فمحطات النفط والغاز ليست سهلة التشغيل.
وقال: 'أدوات تتبع السفن دقيقة مثل تتبع الطائرات، وهي مجانية الاستخدام أيضًا، باستثناء بعض الميزات الاستثنائية. و كل سفينة مسجلة، ومسارها موثق بشكل جيد، إلى جانب مواعيد الإبحار والوثائق وأي معلومات لا تعتبر سراً تجارياً”.
وقد بدأ إفرات برصد الأضرار في الحديدة من باب الفضول، وقد وصل الآن إلى مستوى محلل استخباراتي مفتوح المصدر، و يراقب الميناء ويستخلص النتائج المتاحة للجمهور.
و قال: "بعد شهر من الهجوم الانتقامي، رأيت أنه لم تكن هناك ناقلاتٍ مسجلة تنقل وقودًا أو غاز مُسال في الحديدة، وهذا الاستنتاج الذي توصلت إليه من قائمة السفن المقرر رسوها في الميناء. بالإضافة إلى ذلك، أصدر الميناء إشعارًا رسميًا للسفن، يخبرها بعدم الوصول. بالنسبة لي، كان هذا مؤشرًا رئيسيًا على عدم قدرتهم على استقبال النفط والغاز السائل، وهما جزء من البنية التحتية للحديدة. و رأينا أيضًا أن الرافعات تضررت، وبالتالي، تم تنفيذ عمليات التفريغ ببطء أكبر، سواء باستخدام رافعات السفن أو الرافعات المتنقلة، والتي تكون أصغر بكثير."
• أثر الضربات على الاقتصاد:
واصل عيران: 'الضرر الاقتصادي هائل، استنادًا إلى حجم الخزانات، أنهم كانوا قادرين على تخزين حوالي 40,000-50,000 طن. ونتيجة لحساباتي وجدت أنهم يفقدون حوالي 50,000 طن من النفط والغاز السائل كل 48 ساعة تقريبًا. و يعتمد ذلك على تكرار رسو السفن وعلى حجم تلك الحاويات. و فحصت أيضًا ناقلات النفط لمعرفة ما إذا كان هناك تحسن في تفريغ الحاويات، وفقًا للسفن التي ترسو وتغادر. و يمكنك رؤية حجم السفينة وتخمين مدة تفريغها، فإذا غادرت بعد 24 ساعة أو أكثر، تعرف أن القدرة ليست عالية، خاصةً عندما تقارن بالعام الماضي، وترى أن السفن كانت تدخل وتغادر عدة مرات في اليوم. و وفقًا لحساباتي، فإن الميناء يعمل بنسبة 30% من قدرته الأصلية".
و أضاف مؤكدًا أنه يتم تفريغ حوالي اثنين إلى ثلاثة خزانات من الوقود أو الغاز يوميًا، فقد تراجع الحوثيون الآن إلى خزان واحد شهريًا."
شهر آخر بعد ذلك، لاحظ إفرات أنه لم يتم إصدار استدعاءات جديدة لناقلات النفط للرسو في الميناء للـ 30 يومًا القادمة، على الأقل ليس حتى 21 سبتمبر/ أيلول؛ "و هذا يعني أن شهرين أو ثلاثة أشهر سيتم إغلاق الميناء خلالها".
و زعم أن الحوثيين اختاروا ميناء رأس عيسى البدائي والمغلق رسميًا عوضًا عن ميناء الحديدة، فممكن ملاحظة ان ناقلة النفط ليدي أميرة 1، الناقلة المعروفة لا يمكنها حاليًا الرسو في الحديدة. و رأيت أنها توقفت في الحديدة ليوم واحد، على الأرجح لإجراء فحص دوري للبضائع من قبل الحوثيين. و من هناك، واصلت إلى رأس عيسى، ميناء تصدير سابق يحتوي على ثلاثة خزانات لاستخدام النفط والغاز السائل. وبسبب أن الميناء ليس لديه رصيف يجب على السفن أن ترسو على بعد عدة عشرات من الأمتار في البحر، و يتم إدخال أنبوب إلى السفينة، ويتم ضخ البضائع إلى الشاطئ. هكذا تم تفريغ البضائع في ميناء تم تعريفه على أنه مغلق. ولكنه ميناء صغير، لذلك، إذا في الماضي كان هناك ناقلة يوميًا، اليوم تُفرغ ناقلة مرة كل 20 يومًا أو شهرًا."
و فيما يتعلق بميناء رأس عيسى، فيؤكد إفرات على أنه مغلق رسميًا، ولا يفترض أن ترسو السفن هناك، قائلاً: "لا يوجد موظفون رسميون، يمكنك رؤية الشاحنات تنتظر هناك في الصور، وهو دليل إضافي على وجود نشاط تفريغ هناك. إذاً، هذا هو الميناء الاحتياطي الذي يستخدمونه لتفريغ النفط والغاز، على الرغم من أن العملية تجري بوتيرة أبطأ بكثير."
و ختم بقول: "عقب الهجوم الحاصل اليوم، قد تكون الحكومة الإسرائيلية تفكر في استهداف الميناء الاحتياطي في رأس عيسى".