ظلت سعاد حسن (34 عامًا)، لفترات طويلة تتألم من وجع شديد أسفل البطن، والذي جعلها تشعر بتحرك شيء ما في الرحم من الداخل، إضافة إلى آلام أسفل الظهر، وتأخر الدورة الشهرية وعدم انتظامها، حيث استمرت هذه الأوجاع لفترة دون تشخيص واضح.
تقول حسن لـ"خيوط": "كان التشخيص دائمًا خاطئًا؛ الأمر الذي جعلني أعيش على هاجس ووسواس إصابتي بالعقم، وعانيت كثيرًا من التكيس؛ لذا قررت البحث عن التشخيص والعلاج، وأسأل عن الأطباء المناسبين لذلك".
بعد تشخيصها من قبل إحدى الطبيبات المتخصصات، طلبت منها العودة في أول يوم أو ثاني يوم من الدورة الشهرية، إذ ظهر التكيس بوضوح في جهاز التشخيص (السونار).
تعرف الصحة العالمية متلازمة تكيُّس المبايض (PCOS) بأنها حالة هرمونية شائعة تؤثر على النساء في سن الإنجاب. وعادة ما يبدأ خلال فترة المراهقة، ولكن الأعراض قد تتقلب مع مرور الوقت.
تضيف حسن، بالقول: "أعطتني الطبيبة علاجات لتنظيم نسب السكر، وطلبت مني العودة في التاريخ المحدد للدورة الشهرية لمعرفة هل هناك تكيس جديد قبل تكون بيوضة جديدة أو لا. حملت بعد ذلك بطفلة ولم يسبب لي أي مشكلة، لكن الحمل كان متعبًا جدًّا، وبمساعدة الطبيبة، وأيضًا حبي للقراءة عن المرض من مصادر موثوقة، استطعت التعامل معه بطريقة أفضل، كما أن دعم زوجي وتفهمه كان له دور كبير في قدرتي على تخطي هذا المرض الصعب".
أهمية القيام بمشاركة البنات في نشاطات بدنية خلال فترة المراهقة لكي يتعودن على الأكل الصحي بعيدًا عن الاستهلاك المفرط للوجبات السريعة الذي يؤدي إلى تقلب في مستويات الجلوكوز ويمكن أن يؤدي إلى اختلال التوازن الهرموني.
بحسب منظمة الصحة العالمية فإن تكيُّس المبايض يؤثر على ما يقدر بنحو 8-13% من النساء في سن الإنجاب، وما يصل إلى 70% من الحالات لا يتم تشخيصها حول العالم.
ويعد شهر سبتمبر /أيلول شهرَ التوعية بتكيس المبايض، وثيمته شريط أزرق يروج له كل الداعمين لحملة التوعية بتكيس المبيض في هذا الشهر من كل عام، حيث يأتي الهدف من هذه التوعية بمتلازمة تكيس المبايض للمساعدة في تحسين حياة المتضررات من متلازمة تكيس المبايض ومساعدتهن على التغلب على أعراضه، وكذلك منع وتقليل مخاطر الإصابة بالحالات التي تهدد حياتهن.
خطورة الإهمال
تتمثل أبرز أعراض هذا المرض بعدم انتظام الدورة الشهرية وشعر الجسم الزائد، بما في ذلك الصدر والمعدة والظهر (الشعرانية)، وزيادة الوزن، وخاصة حول البطن، وبثور الشباب البارزة والكثيرة أو البشرة الدهنية، إضافة إلى الصلع الذكوري أو تساقط الشعر، وقطع صغيرة من الجلد الزائد على الرقبة أو الإبطين (علامات الجلد)، وبقع جلدية داكنة أو سميكة على الجزء الخلفي من الرقبة، وفي الإبطين، وتحت الثديين.
توضح الطبيبة إفتخار أحمد، أخصائية نساء وولادة وعقم، في حديثها لـ"خيوط"، أن تكيس المبايض مرض شائع في أوساط النساء، ويظهر في فترات الإنجاب لدى النساء وليس له سبب حدوث واضح.
بحسب أحمد، فإن النساء اللاتي يملكن تاريخًا مرضيًّا عائليًّا، يسهل إصابتهن بالتكيس، وبمجرد الإصابة بتكيس المبايض يصبن بما يسمى "مقاومة الأنسولين"، وهذا يعني أنّ الجسم لا يستطيع استخدام الأنسولين بشكل جيد، حيث تتراكم مستويات الأنسولين في الجسم، وقد تسبب ارتفاع مستويات الأندروجين.
كما يمكن اعتبار "السمنة" أيضًا في هذا الجانب أحد الأسباب، بالنظر إلى أنّها قد تؤدي إلى زيادة مستويات الأنسولين وتجعل أعراض متلازمة تكيس المبايض أسوأ.
لعل الأخطر في هذا الجانب، يتمثل في ارتفاع هرمون الأندروجينات، وهو هرمون جنسي يساعد على النضج الجسدي والدخول في مرحلة البلوغ، إذ تعتبر إفتكار أحمد ذلك أمرًا مهمًّا يساعد على تنظيم الدورة الشهرية، والحمل، ويمنع هشاشة العظام، إضافة إلى كونه مسؤولًا عن الرغبة الجنسية، وفي حال الإصابة بتكيس المبايض، تدفع الجسم لإنتاج كميات كبيرة من الهرمون، ويسبب حَبّ الشباب (البثور)، والشعر الزائد في الجسم، وهذه تعتبر أعراض زيادة الهرمون وليس التكيس نفسه.
تتابع أحمد حديثها: "يصعب علينا تشخيص المرض في مرحلة المراهقة، أو المراحل الأولى للبلوغ، أما النساء في العشرينيات والثلاثينيات والأربعينيات ومع تطور أجهزة الكشف، فقد أصبح من السهل اكتشاف التكيس بالجهاز أو فحص الدم عند النساء".
وبخصوص تسببه في عدم انتظام الدورة الشهرية، وما يشاع في تسببه بالعقم، تنفي هذه الطبيبة المتخصصة في أمراض النساء والولادة ذلك، لكن يختلف الأمر في حالة الإهمال الشديد وعدم الكشف، والتشخيص المبكر، وهو ما قد يتسبب بحالات نادرة من العقم.
نمط الحياة الصحي
وفق بيانات وتقارير صحية، فإن النساء المصابات بمتلازمة تكيس المبايض تكون فرصهن أكبر للإصابة بالعديد من الحالات الصحية الخطيرة، بما في ذلك الأمراض التي تهدد الحياة، حيث إنّ هناك أكثر من 50% من النساء المصابات بمتلازمة تكيس المبايض معرضات للإصابة بمرض السكري، أو مقدمات السكري (ضعف تحمل الجلوكوز) قبل سن الأربعين.
يكون خطر الإصابة بالنوبات القلبية أعلى بنسبة 4 إلى 7 مرات لدى النساء المصابات بمتلازمة تكيس المبايض مقارنة بالنساء في نفس العمر غير المصابات بمتلازمة تكيس المبايض.
كما أن النساء المصابات بمتلازمة تكيس المبايض أكثر عرضة للإصابة بارتفاع ضغط الدم، ولدى النساء المصابات بمتلازمة تكيس المبايض مستويات عالية من الكوليسترول الضار (LDL) ومستويات منخفضة من الكوليسترول الحميد (الجيد).
بالمقابل، يمكن أن يصاب مرضى متلازمة تكيس المبايض بانقطاع التنفس أثناء النوم؛ يحدث هذا عندما يتوقف التنفس لفترات قصيرة أثناء النوم، وقد تصاب النساء المصابات بمتلازمة تكيس المبايض، أيضًا بالقلق والاكتئاب، وأيضًا لا يوجد علاج لتكيس المبايض.
تؤكد الطبيبة المختصة بأمراض النساء والولادة، إفتكار أحمد، أن هناك أدوية تخفف الأعراض مثل العلاجات الخاصة بالهرمونات التي ترافق المرض وتعمل على تخفيفه، كما أنّ هناك علاجًا شهيرًا يستخدم في أغلب حالات التكيس، تقول إنها لا تستطيع التحدث عنه لأن أغلب النساء يأخذن علاجات وأدوية بدون استشارة الطبيب، ما يتسبب لهن بمشاكل مضاعفة، إذ يكون مصدر العلاج غالبًا هو مواقع الإنترنت، يقرأن مثل هذه المواد ويقررن علاج أمراض قد لا يكون هو ذات المرض المصابات به.
ويشدد أطباء على نمط الحياة الصحي، الذي يبدأ من الصغر، سواء للأبناء أو البنات، إذ تلفت هذه الطبيبة إلى أهمية القيام بمشاركة البنات في نشاطات بدنية خلال فترة المراهقة لكي يتعودن على الأكل الصحي بعيدًا عن الاستهلاك المفرط للوجبات السريعة الذي يؤدي إلى تقلب في مستويات الجلوكوز، ويمكن أن يؤدي إلى اختلال التوازن الهرموني.
إضافة إلى تجنب أي شيء "معبأ" ومعالج وعالي السكر والملح والكوليسترول والدهون غير المشبعة، كل هذه تضر بالصحة عمومًا، ويمكن أن تكون سببًا رئيسيًّا في اختلال الهرمونات لدى البنات.
وتدعو أحمد النساءَ في حال تأخر الدورة الشهرية، أو كانت غير منتظمة، ونمو الشعر الزائد، وحَبّ الشباب (البثور)، وزيادة الوزن؛ أن يتجهن لأقرب عيادة نساء وولادة، أو مستشفى ومرفق صحي، ليتم تشخيص التكيس بطرق سهلة، حيث يوجد الكثير من العيادات خلال شهر سبتمبر/ أيلول، تقدم فحصًا مجانيًّا لتكيس المبايض، ولكن مع الوضع الصحي السيئ للبلد في هذه المرحلة لا يحدث ترويج كافٍ لمثل هذه الأحداث والفعاليات الإيجابية.