يعمل طرفا الصراع في اليمن خلال محادثات تجري بين التحالف الذي تقوده السعودية والحوثيين على وضع شروط لاتفاق سلام من شأنه إخراج السعودية من حرب مكلفة وتخفيف أزمة إنسانية مدمرة وذلك حسبما قال مصدران مطلعان على المحادثات ومسؤول من الحوثيين.
وقال المصدران إن المحادثات تركز على خطوات لرفع الحصار عن الموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون ومطار صنعاء مقابل تعهد الجماعة المتحالفة مع إيران بإجراء محادثات للتوصل إلى هدنة.
وقالا إن زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي تعهد لوفد عماني زار صنعاء هذا الشهر بخوض مناقشات لوقف إطلاق النار فور رفع الحصار وذلك تماشيا مع أحدث اقتراح من مبعوث الأمم المتحدة مارتن جريفيث.
وقال أحد المصدرين إن الرياض منفتحة على اتفاق لكنها "ستحتاج إلى بعض الضمانات الإضافية من عمان وإيران"، ولكل منهما علاقات وثيقة مع الحوثيين.
وإذا تم التوصل إلى اتفاق، فسيكون ذلك أول تقدم كبير في الجهود التي تقودها الأمم المتحدة لإنهاء الحرب منذ أن عقدت محادثات السلام المتوقفة آخر مرة في السويد في ديسمبر كانون الأول 2018. وسيمنح مثل هذا الاتفاق أيضا إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن انتصارا في السياسة الخارجية ويخفف التوتر بين السعودية وإيران.
وفي الأسبوع الماضي، زار المبعوث الأمريكي تيم ليندركينج وجريفيث الرياض حيث التقيا مع مسؤولين سعوديين ويمنيين وعمانيين في محاولة للتوصل إلى اتفاق.
وقال كبير مفاوضي الحوثيين محمد عبد السلام لرويترز "موقفنا من إنهاء الحرب على اليمن يبدأ بالعمل الإنساني أولا والمتمثل بفتح مطار صنعاء وفتح موانئ الحديدة دون شروط تعجيزية أو شروط تعيد الحصار بشكل آخر".
وأضاف عبد السلام "بعد ذلك الذهاب إلى نقاش ترتيبات وقف إطلاق النار الشامل على مستوى اليمن وعلى أساس أن يكون وقفا حقيقيا لا هدنة هشة يكون من ضمنها خروج القوات الأجنبية من اليمن حتى يتسنى الحل السياسي دون أي ضغوط عسكرية أو وجود قوات احتلال على الأراضي اليمنية".
وأردف قائلا "نحن طرحنا موضوع خروج القوات الأجنبية كمبدأ أما التنفيذ فيتم تحديده خلال التفاوض".
ولم يرد التحالف ولا الحكومة السعودية على طلبات التعقيب.
وتريد السعودية، التي بدأت محادثات مباشرة مع إيران في أبريل نيسان، ضمانات أمنية لأن حدودها الطويلة مع اليمن تجعل المملكة عرضة للاضطرابات في الدولة الواقعة في شبه الجزيرة العربية حيث تتنافس فصائل متعددة على السلطة ولا يزال هناك موطئ قدم للجماعات المتشددة.
وقد تحتاج الرياض أيضا إلى الاحتفاظ ببعض الوجود العسكري في اليمن لا سيما في الجنوب حيث تخوض الحكومة المدعومة من السعودية وجماعة انفصالية صراعا على السلطة رغم أنهما يتحالفان اسميا مع التحالف.
* ضمانات أمنية
وتوقع المصدران إجراء مزيد من المحادثات بين المسؤولين العمانيين والسعوديين هذا الأسبوع.
وتستضيف سلطنة عمان عددا من زعماء الحوثيين وألقت بثقلها كلاعب إقليمي يعمل على تسهيل المفاوضات. وتشترك السلطنة في حدود مع اليمن وتنتهج منذ فترة طويلة سياسة خارجية محايدة في النزاعات الإقليمية.
ومن شأن اتفاق لوقف إطلاق النار على مستوى البلاد أن ينهي أكثر جوانب الحرب عنفا المتمثلة في الضربات الجوية للتحالف على اليمن وهجمات الحوثيين عبر الحدود على السعودية والمعارك في مأرب الغنية بالغاز، آخر معقل للحكومة المعترف دوليا بها في شمال البلاد.
وسيمهد هذا أيضا الطريق لمفاوضات سياسية بشأن حكومة انتقالية لكن العملية قد تكون شاقة لأن الحرب قد ولدت صراعات موازية بين العديد من زعماء القبائل وأمراء الحرب الذين شكلوا ميليشيات قوية ومستقلة.
ولا يزال المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي، الذي دربته الإمارات وسلحته، يضغط من أجل استقلال الجنوب برغم اتفاق تقاسم السلطة الهش الذي توسطت فيه السعودية بينه وبين الحكومة المدعومة من الرياض.
وسترحب السعودية، التي رفعت إنفاقها العسكري بمليارات الدولارات خلال السنوات الماضية، بالخروج من الحرب التي انسحبت منها أبوظبي في 2019 وسط انتقادات غربية متزايدة وتوتر متزايد مع إيران.
واتخذ بايدن موقفا أكثر صرامة إزاء السعودية وتريد المملكة إدارة هذه العلاقة والتركيز على جذب الاستثمارات بينما تسعى للابتعاد عن اعتمادها على النفط.
وقالت كريستين ديوان من معهد دول الخليج العربية بواشنطن "لقد تم الضغط على السعوديين ولم يعد لديهم أي طموح للتقدم في اليمن".
وتابعت قائلة "إنهم بحاجة إلى الحد الأدنى: اتفاق قابل للتنفيذ لإنهاء صواريخ الحوثيين وتوغلاتهم في الأراضي السعودية وبعض التأكيد على استقلال اليمن عن طهران".
#يمن_فيوتشر