تقرير: كيف استثمرت طهران علاقتها مع نظام الأسد؟
يمن فيوتشر - الحرة الإثنين, 26 فبراير, 2024 - 10:16 صباحاً
تقرير: كيف استثمرت طهران علاقتها مع نظام الأسد؟

لا تزال إيران حريصة على دعم تحالفها طويل الأمد مع النظام السوري، رغم أن ذلك قد يهدد واحدا من أكبر أهدافها الرئيسية، وهو "النأي بنفسها عن خط النار في حروبها بالوكالة في الشرق الأوسط" وفق تقرير لموقع إذاعة أوروبا الحرة.

وكما قال وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، في وقت سابق هذا الشهر، خلال زيارة إلى دمشق بمناسبة الذكرى السنوية لما يعرف بـ"الثورة الإسلامية عام 1979" إن طهران تعتبر سوريا "خطا أماميا" في جبهة "محور المقاومة"، وفق تعبيره.

وبعد لقائه في 11 فبراير مع كبار المسؤولين السوريين والرئيس بشار الأسد، أكد عبد اللهيان دور دمشق الهام في "مواجهة الأعداء" وإرساء "الاستقرار والأمن" في المنطقة المتزايدة اضطرابا.

وبينما تحدث عبد اللهيان عن الحرب في قطاع غزة كمحفز لزيادة التعاون مع دمشق، أشار مراقبون وتقارير إعلامية إلى أن الانتكاسات المباشرة لمصالح إيران في سوريا تجبر طهران على إعادة حساباتها في نهجها العام.

 

علاقات وطيدة

على مدى عقود، استثمرت إيران في علاقاتها مع سوريا في إطار جهود الجمهورية الإسلامية لتصدير "ثورتها" إلى العالم العربي والإسلامي.

وحقق الإيرانيون نجاحات كبيرة مع الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، والد رئيس النظام الحالي لسوريا، عندما أصدروا فتوى باعتبار الطائفة العلوية –التي تنتمي إليها الأسرة الحاكمة في سوريا - "طائفة شيعية"، بحسب ثاناسيس كامبانيس، مدير مؤسسة "سنشري فاونديشن" البحثية ومقرها الولايات المتحدة.

وتعززت تلك العلاقات بشكل أكبر خلال فترة حكم بشار الأسد، لا سيما بعد دخول القوات الأميركية للعراق في عام 2003.

وقال كامبانيس: "كان الأسد لا يزال شابا، وكان يخشى أن تغزو القوات الأميركية سوريا، لذلك، وجد أن الشراكة مع إيران ستجعله أكثر أمانا".

"ويبدو أن هذا الرهان قد أتى بثماره لكل من إيران والحكومة السورية"، يقول موقع إذاعة أوروبا الحرة.

ولا يزال الأسد في السلطة على الرغم من الحرب الأهلية السورية المدمرة، والتي تدخلت فيها إيران عسكريا في عام 2013 لمنع الإطاحة بالأسد على يد المعارضة المدعومة من الولايات المتحدة والغرب.

وفي الوقت نفسه، تمكنت طهران من تعزيز نفوذها بشكل كبير في سوريا دون الحفاظ على وجود عسكري كبير من خلال نشر مئات من ضباط الحرس الثوري الإيراني لتجنيد وتدريب عشرات آلاف من المقاتلين المحليين والأجانب.

وقال حميد رضا عزيزي، الزميل في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية في برلين، إن "العدد الفعلي لقوات الحرس الثوري الإيراني محدود للغاية"، مضيفا أن المهام الثقيلة في القتال في سوريا يتولاها الأفغان في "لواء فاطميون" والباكستانيون في "لواء الزينبيين"، وكذلك الميليشيات العراقية.

وأنشأت إيران ممرا بريا يربطها بالشام، وصفه عزيزي بأنه "العمود الفقري اللوجستي لما يسمى محور المقاومة".

وإلى جانب إيران، تعتبر سوريا الدولة الوحيدة الأخرى في المحور.

وقال عزيزي إن الممر "تستخدمه إيران لإرسال أسلحة ومعدات إلى حزب الله" اللباني الذي أمطر إسرائيل بالصواريخ منذ بداية الحرب في غزة.

كما أنها تستخدم "لتسهيل نشر القوات ذهابا وإيابا على جانبي الحدود العراقية السورية"، والتي قال عزيزي إنها أصبحت ساحة عمليات للميليشيات الموالية لإيران.

قال عزيزي أيضا، إنه ابتداء من عام 2018، سمحت "انتصارات النظام" في الحرب الأهلية السورية لإيران بتقليص عدد مقاتلي الحرس الثوري الإيراني هناك، مع دمج المرتزقة الأجانب والمقاتلين المحليين الذين دربتهم لدعم القوات المسلحة السورية. 

وسمحت "النجاحات في سوريا" لطهران بدعم دفاعاتها ضد احتمال قيام إسرائيل بهجوم على الأراضي الإيرانية.

وقال علي الفونه، الزميل البارز في معهد أبحاث الشرق الأوسط: "بمجرد أن حققت إيران أهدافها الاستراتيجية المتمثلة في تأمين بقاء نظام الأسد والممر البري، حدد الحرس الثوري الإيراني الهدف الجديد المتمثل في إنشاء جبهة جديدة ضد إسرائيل على طول الحدود الإسرائيلية السورية". 

وقال إن "الغرض من هذه الجبهة هو تعقيد الحسابات الإسرائيلية إذا قررت قصف المنشآت النووية الإيرانية".

في الوقت نفسه، مارست إيران الضغوط على إسرائيل والولايات المتحدة مع الحفاظ على هدفها الرئيسي المتمثل في تجنب الحرب المباشرة، حيث تلقى المقاتلون بالوكالة الذين قامت بتدريبهم وتجهيزهم معظم الضربات الانتقامية في سوريا.

وفي ظل التوترات المتصاعدة، لم تتمكن طهران من تجنب الانتقام المباشر لدعمها المفتوح لوكلائها وشركائها، وتعرضت مواقع وأفراد إيرانيون في سوريا لضربة شديدة.

ومنذ ديسمبر 2023، قُتل أكثر من اثني عشر من قادة وضباط الحرس الثوري الإيراني الذين تم إرسالهم إلى سوريا كمستشارين في غارات في دمشق وما حولها ألقي باللوم فيها على إسرائيل، بما في ذلك الجنرال رضي موسوي، أحد كبار مستشاري الحرس الثوري الإيراني وأحد الشخصيات العسكرية الأكثر نفوذا في إيران.

وردا على الهجوم على قاعدتها في الأردن، قامت الولايات المتحدة في أوائل فبراير بمهاجمة مواقع الحرس الثوري الإيراني والميليشيات المدعومة من إيران على جانبي الحدود السورية العراقية.

وقالت كل من الولايات المتحدة وإيران إنهما لا تسعيان إلى الحرب.

لكن منذ هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر، قال كامبانيس: "هناك كثير من القوى التي تهاجم بعضها بعضا على الأراضي السورية، مما يجعل من السهل حقا ارتكاب خطأ أو سوء تقدير".

 

إعادة الحسابات؟

في أعقاب مقتل موسوي وغيره من كبار أفراد الحرس الثوري الإيراني، نقل تقرير لرويترز في وقت سابق من هذا الشهر عن مصادر متعددة قولها إن إيران قلصت نشرها لكبار الضباط، وستعتمد بشكل أكبر على الميليشيات الشيعية المتحالفة معها للحفاظ على النفوذ الإيراني في سوريا.

 


التعليقات