اعترف تقرير عبري صدر الثلاثاء، في تل أبيب بالمخاطر التي تمثّلها هجمات جماعة الحوثي على السفن التجارية في البحر الأحمر، على الاقتصاد الإسرائيلي والاقتصادات الغربية. وقال تحليل بصحيفة "كالكاليست" العبرية اليوم الثلاثاء، إن هجمات الحوثيين باتت تشكل المشهد الاقتصادي العالمي.
وأضاف التحليل إذا استمرت هجمات الحوثيين، فقد تؤدي إلى زيادة التضخم في العالم، وتأخير تخفيضات أسعار الفائدة في الاقتصادات الغربية، وإحداث اضطرابات في سلاسل التوريد شبيهة بالاضطرابات التي شهدها العالم أثناء جائحة كورونا، وبالتالي فإنها قد تضر بالاستقرار الاقتصادي العالمي.
ويشير التحليل إلى أن "هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر باتت مثيرة للقلق لإسرائيل والقوى الغربية الداعمة لها، وتثير المخاوف من توسع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وبالتالي تصعيد الصراع في الشرق الأوسط". ولم يستبعد التقرير أن تؤدي هجمات الحوثي إلى ارتفاع معدل التضخم في الاقتصادات الغربية على المدى القصير، وبالتالي عرقلة جهود الدول الغربية لخفض معدلات الفائدة المرتفعة.
ويشير التقرير كذلك إلى مخاوف حلفاء إسرائيل من اندلاع حرب إقليمية تؤدي إلى استخدام موارد الطاقة الضخمة كسلاح في الحرب ضد غزة، من خلال فرض قيود على مرور ناقلات النفط والغاز في مضيق هرمز.
وبحسب بيانات قناة "سي بي أس" الأميركية، فإن نحو 30% من النقل البحري للنفط الخام و20% من النقل البحري للغاز المسال يمر عبر مضيق هرمز الذي يربط خليج عمان في المحيط الهندي بالخليج العربي. وفي الصدد، أشار محللون إلى أن "أي إغلاق جزئي لمضيق هرمز سيؤدي إلى اضطراب كبير في السوق العالمية، ولن يلقى ترحيباً من الشركاء التجاريين المهمين لمستهلكي مثل الصين والهند".
وتناول التحليل ثلاثة عوامل رئيسية، قال إنها ترتبت على هجمات الحوثي في البحر الأحمر، وهي التداعيات على الطاقة ومخاطر إمداداتها على المدى القصير. وتعد الطاقة من أهم السلع التي تمكّن الاقتصادات الحديثة من أداء وظائفها وتساعد على النمو الاقتصادي.
وقال تقرير "كالكاليست": لقد أصبحت هذه الاضطرابات محسوسة بالفعل في جميع الصناعات تقريباً، بدءاً، من قطاع السيارات إلى الموضة. ويمثل باب المندب في البحر الأحمر الذي يسيطر عليه الحوثيون، أكثر من عُشر التجارة البحرية العالمية، أي (بين 10-12%). وعلى الرغم من أن القوات الغربية، قوات الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، نفذت بالفعل غارات جوية في المنطقة، بعد تسجيل 25 هجوماً من قبل جماعة الحوثي، ولكن لا تزال مخاطر هجمات الحوثي تدفع الشركات العالمية إلى تجنب المرور عبر باب المندب، وهو ما أدى إلى تمديد وقت وصول البضائع من آسيا إلى إسرائيل وأوروبا بحوالي 40%، من 25 إلى 35 يوماً.
وقال التقرير إن هجمات الحوثي أدت إلى زيادة التكاليف الرئيسية للبضائع، وهي النقل وأسعار التأمين وزيادة استهلاك الوقود. وقد قفز مؤشر SCFI، الذي يعكس تكلفة النقل البحري والرسوم المرتبطة بطرق الشحن الفردية من الصين إلى كل ميناء في العالم تقريباً، من مستوى يقل عن ألف دولار لكل حاوية مكافئة (وحدة قياس الحاويات)، إلى أكثر من 3000 دولار في الأسبوع الماضي.
* تجارة إسرائيل في خطر
وعلى صعيد التداعيات السالبة على الاقتصاد الإسرائيلي، وفقاً للبيانات الأخيرة الصادرة عن مكتب الإحصاء المركزي في تل أبيب، تمثل آسيا (بما في ذلك الصين) 27% من واردات إسرائيل مقارنة بـ 10% فقط من الولايات المتحدة. ولا تزال أوروبا في الطليعة، حيث لا يزال ثلث الواردات يأتي من الدول الأوروبية).
وأشارت "كالكاليست" إلى تداعيات هجمات الحوثي على السفن التجارية على الاقتصاد الإسرائيلي وقالت إنها لا تقل عن تداعيات جائحة كورونا على إسرائيل.
أما العامل الثاني الذي ذكره التحليل، فهو الاضطرابات في سلاسل التوريد، وقال تحليل "كالكاليست": "حتى لو لم تكن هناك صدمة دائمة في إمدادات الطاقة أو الغذاء، فإن الاضطرابات في سلاسل التوريد وفرض الزيادة في التكاليف، بما في ذلك الطاقة، على المنتج النهائي، قد تجعل من الصعب على البنوك المركزية خفض أسعار الفائدة التي بنى عليها المستثمرون في أسواق المال رهاناتهم منذ بداية العام الجديد". في هذا الصدد، أكد محافظ بنك إسرائيل، البروفيسور أمير يارون بقوله "التجارة العالمية أقل من المتوسط وهذا يؤثر بإسرائيل أيضاً".
وأما العامل الثالث، فهو تأثير هجمات الحوثيين على صفقات التجارة الإسرائيلية، حيث توقفت نصف عمليات الشحن إلى إسرائيل عبر البحر الأحمر بسبب تهديد الحوثيين. وقال التقرير إن هذا الاضطراب في النقل البحري، حتى لو كان أصغر حجماً، مقارنة بتداعيات جائحة كورونا، قد يستمر لفترة أطول. وقد نشهد مزيداً من الهجمات البحرية التي ستؤدي إلى ارتفاع الأسعار، وتعطيل سلاسل التوريد، وبالتالي زيادة التضخم بشكل غير متوقع في إسرائيل.
وبحسب التقرير، فقد نشهد بالفعل في الوقت الراهن، قفزة محسوسة في مجموعة واسعة من السلع بمؤشر الأسعار في إسرائيل: من الطاقة إلى المركبات، وكذلك في العديد من الخدمات مثل الكهرباء والغاز والفنادق والمطاعم.
وأفاد بأنه على المدى البعيد قد تمتنع الشركات العالمية عن نقل البضائع والمواد الخام إلى إسرائيل، وهذا سيؤدي إلى تعطيل سلاسل التوريد بشكل أكبر في البلاد.
وذكر التحليل أنه على الرغم من أن الأدبيات الاقتصادية تظهر أن أسعار الفائدة أكثر فعالية بكثير في الحد من تضخم الخدمات، فإن تضخم السلع الأساسية سيؤخر بالتأكيد عملية خفض سعر الفائدة، وهو أمر ضروري للغاية للنمو العالمي ككل، ولكن بشكل خاص للاقتصاد الإسرائيلي، التي تحتاج إلى مساعدة مالية من أجل التعافي من خسائر عملية "طوفان الأقصى" والحرب على قطاع غزة.