يحل شهر رمضان مجددا هذا العام على ملايين السكان اليمنيين كضيف ثقيل، وسط الوباء، والفقر اللذين يحولان دون الترحيب بالشهر الفضيل، في بلد يشهد اسوأ ازمة انسانية في العالم من صنع البشر.
تنتظر تهاني عبدالله 36 عاما، في منزلها الخال من أي مظاهر رمضانية، المعونة التي تتلقاها منذ عامين في مثل هذا الموعد، بعد أن تقطعت بها السبل للحصول على عمل يؤمن لها وطفلتيها لقمة العيش.
تحملت تهاني عبئا اكبر في الحياة، بعد أن طردت من منزلها اثر وفاة زوجها قبل عامين، لتعود الى السكن مع والدتها شمالي شرق العاصمة صنعاء.
•لا احد يهتم بنا
تقول تهاني وهذا اسمها المستعار لـ "يمن فيوتشر"، "لا يوجد من يرعانا، او يهتم لامرنا.. في شهر رمضان لا نعلم كيف سنعيش، لم يصلنا حتى الان اي شيء، و ليس بيدي ما افعله او اوفره".
تتابع والحزن ضاف على وجهها، "لدى شقيقة كانت بين فترة واخرى تعمل في مصانع مثل مصنع الصلصة والبفك، لكن مع الحرب تم اخراجها..حاولت ان تطرق باب العمل الخاص في بيع العطور، لكن سرعان ما توقفت بسبب تناقص مدخراتها، ونعمل معا على تفادي الطرد من المنزل بعد تراكم الايجارات علينا".
بالنسبة لمريم، وهي مدرسة نزحت من مدينة الحديدة الساحلية على البحر الاحمر، لم تعد تهتم بمظاهر استقبال رمضان الذي تقول انه "شهر عبادة وصوم ويأتي برزقه معه"، هي الان قلقة من ملابس العيد لاطفالها.
•لم نستعد لرمضان
انتقلت مريم ضمن موجة نزوح واسعة هروبا من الحرب لتستقر بريف مدينة تعز، حيث كانت تكسي أولادها وتؤمن لهم احتياجاتهم من الراتب الذي ذهب الان ايجارا للشقة، في حين راتب زوجها مصاريف شهرية للمنزل.
وتشير الى الاسعار المرتفعة التي التهمت اي فرصة للاستفادة من راتب زوجها الذي اضطر الى العمل كسائق باص، حتي يتمكن من تأمين جزء من الالتزامات المنزلية في بلد مزقته الحرب.
•اسواق مكتظة:
رغم هذا الواقع المرير في المحيط، الا أن اسواق صنعاء تشهد اقبالا على متطلبات رمضان من طبقة جديدة ناشئة فيما يبدو، ومع ذلك تتناقص تتآكل طلبات الشراء عاما بعد عام.
زارت "يمن فيوتشر" ثلاث مولات كبيرة وسط وجنوبي وشمال العاصمة صنعاء، حيث حجزت مكانا كبيرا لسلع رمضان، لوحظ هذا الاقبال النسبي، مع عدم الاكتراث باجراءات الاحترازية من فيروس كورونا الذي يجتاح البلد المنهك في موجة ثانية اشد فتكا.
في احدى هذه المتاجر التي زرناها تحاول من بين الزحام هاجر العنسي تجميع ما تحتاجه من السلع الرمضانية، دون اهتمام بحجم الكارثة التي قد تحل بسبب اهمالها والمتسوقين لهذه الاجراءات الوقائية من كورونا.
تقول الشابة العشرينية، "رغم الاوضاع الذي نعيشها بسبب كورونا مازلنا مقاومين ومكافحين كما لو ان اليمن بعيدا عن الجائحة.
واشارت الى أنها أمنت حتى الآن بعض احتياجات رمضان، بالتركيز "على المحلبية والشوربة والمعكرونة خلال شهر رمضان".
وتتابع، الاسعار بعضها مناسبة واخرى غير مناسبة، بينما هناك بعض العروض التي تقدمها الشركات المتنافسة للمواطنين، لكن البعض لم يتمكن من أخذ هذه السلع.
•ارقام قاتمة
وحذرت الامم المتحدة، أن الحرب الذي تدخل عامها السابع ستقذف هذا العام بنحو 16 مليون شخص الى دائرة الجوع، فيما ثلثي اليمنيين يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية للبقاء على قيد الحياة.
كما قد يموت 50 ألف مواطن جوعاً بالفعل في ظروف تشبه المجاعة، بينما تقول المنظمة الدولية أن حياة المواطن العادي في البلد لا تطاق.
وضاعف من الوضع الإنساني في البلاد، انقطاع رواتب الموظفين الحكوميين منذ أيلول/سبتمبر 2016، ناهيك عن قيام القطاع الخاص بتسريح عشرات الآلاف من العاملين.