تحت استعداد حذر معرض للنكوص، تتهيأ حركة حماس لإطلاق أكثر من عشرين رهينة، السبت، مقابل عشرات من الأسرى الفلسطينيين المحتجزين في إسرائيل، في اليوم الثاني من وقف إطلاق النار الذي سمح بوصول مساعدات إنسانية حاسمة إلى قطاع غزة ومنح المدنيين أول فترة راحة لهم بعد قرابة شهرين من الحرب.
ويظل عدم اليقين يُحيط بتفاصيل التبادل، وسط مشاهد لمّ شمل الأسر التي تجتمع مجددًا ببهجة على الجانبين.
في اليوم الأول لوقف إطلاق النار الذي سيستمر أربعة أيام، أفرجت حماس عن 24 من حوالي 240 رهينة تم أخذهم خلال هجومها في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي على إسرائيل الذي أدى إلى الحرب، وأفرجت إسرائيل عن 39 فلسطينيًا من السجن. وكان المفرج عنهم في غزة 13 إسرائيليًا و10 تايلانديين وفلبيني واحد.
وقدمت حماس، السبت، قائمة لوسطاء مصر وقطر تضم 14 رهينة سيتم إطلاقهم، تم تمريرها إلى إسرائيل، وفقًا لمسؤولٍ مصري تحدث شرط عدم الكشف عن هويته لعدم إذنه بالحديث عن تفاصيل المفاوضات الجارية. وأكد مسؤولٌ آخر - وهو يتحدث أيضاً شرط عدم الكشف عن هويته - التفاصيل. وكما ذكر رئيس مكتب الصحافة الحكومي المصري ووكالة الأنباء الحكومية القاهرة أن 13 رهينة سيتم تبادلهم مقابل 39 أسيرًا.
مع ذلك، أعلنت حركة حماس، مساء السبت، أنها ستؤجل إطلاق المجموعة الثانية من الرهائن، مدعيةً أن إسرائيل لم تلتزم بشروط الصفقة ولم تقدم ما يكفي من المساعدات للمنطقة المحاصرة. ولم تحدد حماس مدة التأجيل. وأفادت وكالة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الفلسطينيين أن 196 شاحنة تحمل مساعدات دخلت الجمعة، 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وأعلنت إسرائيل دخول أربع شاحنات وقود وأربع ناقلات غاز، السبت.
ووفقًا لاتفاقِ وقف إطلاق النار، ستقوم حركة حماس بإطلاق رهينةٍ إسرائيلي واحد مقابل كل ثلاثة أسرى يتم إطلاقهم. وذكرت خدمة السجون الإسرائيلية في وقتٍ سابق، السبت، أنها تستعد لإطلاق 42 أسيرًا. ولم يتضح حتى الآن عدد الأسرى غير الإسرائيليين الذين قد يتم إطلاقهم أيضًا. وبشكل عام، ستقوم حماس بإطلاق ما لا يقل عن 50 رهينة إسرائيلي، مقابل إطلاق 150 أسيرًا فلسطينيًا من إسرائيل خلال فترة وقف إطلاق النار الممتدة لأربعة أيام، وجميعهم نساء وأطفال. فيما صرّحت الدولة العبرية بإمكانية تمديد وقف إطلاق النار ليوم إضافي لكل 10 رهائن يتم إطلاقهم، وهو أمر أعرب الرئيس الأمريكي (جو بايدن) عن أمله في حدوثه.
من جهة أخرى، وصل وفدٌ قطري إلى إسرائيل، السبت، للتنسيق مع الأطراف المعنية و"ضمان استمرار سير الصفقة بسلاسة"، وفقًا لدبلوماسي أُطلع على الزيارة، حيث تحدث شرط عدم ذكر اسمه لأنه غير مخول بمناقشة التفاصيل مع وسائل الإعلام.
وقد جلبت بداية الهدنة الهدوء لأول مرة لمليونين وثلاثمئة ألف فلسطيني يُعانون من قصفٍ إسرائيلي لا يعرف الرحمة، قُتل فيه الآلاف وأُجبر فيه ثلاثة أرباع السكان على ترك منازلهم ودمر مناطق سكنية، كما توقف أيضًا إطلاق الصواريخ من مقاتلي غزة على إسرائيل.
وعاد الفلسطينيون المنهكون من الحرب شمالي قطاع غزة، الذي كان يشهد الهجوم البري الإسرائيلي، إلى الشوارع، ويتحركون فوق الأنقاض بين المباني المهدمة وفي بعض الأحيان يحفرون فيها بأيديهم العارية. أما في مستشفى إندونيسيا في جباليا -الذي تعرض للحصار من قبل الجيش الإسرائيلي في وقت سابق هذا الشهر- كانت الجُثث موضوعةً في الفناء وخارج البوابة الرئيسية.
وبالنسبة لـ(عماد أبو حاجر)، وهو ساكن مخيم جباليا لللاجئين في منطقة مدينة غزة، فقد جلبت الهدنة إمكانية البحث مرة أخرى في أنقاض منزله الذي تم تدميره في هجوم إسرائيلي الأسبوع الماضي، حيث وجد جثث ابن عمه وابن أخته، مما يرفع حصيلة الضحايا في الهجوم إلى 19. ومع اختفاء شقيقته وشخصين آخرين من أقاربه، استأنف أعمال الحفر، السبت. قال: "نحن نريد أن نجدهم وندفنهم بكرامة".
وأعلنت الأمم المتحدة أن الهدنة سمحت لها بزيادة توزيع الطعام والماء والدواء بأكبر حجم منذ استئناف قوافل المساعدات في 21 أكتوبر/ تشرين الأول. كما تمكنت أيضًا من توزيع 129,000 لتر (34,078 جالون) من الوقود - أي ما يزيد قليلًا عن 10٪ من الحجم اليومي قبل الحرب - بالإضافة إلى الغاز المنزلي، وهذا هو أول توزيع للغاز منذ بدء الحرب.
وفي مدينة خان يونس الجنوبية، السبت، اصطفت طوابير طويلة من الناس بحاويات خارج محطة التعبئة. ويشتكي (حسام فائد) من أن هُدنة القتال تستمر فقط لمدة أربعة أيام، قال: "أتمنى أن يتم تمديدها حتى تتحسن حالة الناس".
وللمرة الأولى في أكثر من شهر، وصلت المساعدات إلى شمال قطاع غزة، حيث أفاد الهلال الأحمر الفلسطيني أن 61 شاحنة تحمل الطعام والماء والإمدادات الطبية توجهت إلى هناك، السبت، وهذه هي أكبر قافلة مساعدات تصل إلى المنطقة حتى الآن.
وقالت الأمم المتحدة وجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني أنهما تمكنتا أيضًا من إجلاء 40 مريضًا وأفراد عائلاتهم من مستشفى في مدينة غزة -حيث وقعت معظم المعارك- إلى مستشفى في خان يونس. ومع ذلك، تم تعتيم الفرحة الناجمة عن وقف إطلاق النار بالنسبة للإسرائيليين، بسبب عدم إطلاق سراح جميع الرهائن. وبالنسبة للفلسطينيين، بسبب قُصر مدة التوقف.
وأصيب ما لا يقل عن اثنين من الفلسطينيين، السبت، في حاجزٍ متوتر في الضفة الغربية حيث كان من المفترض أن يتم إطلاق سراح سُجناء من قِبل إسرائيل، بعد فتح قوات الأخيرة الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي على الفلسطينيين المتجمعين في حاجز بيتونيا، ولم يتضح كيف أُصيب الاثنان.
•أولى الرهائن
تم إطلاق سراح الإسرائيليين المحتجزين، الذين شملوا تسع نساء وأربعة أطفال تتراوح أعمارهم بين 9 سنوات وأقل، ونقلوا إلى مستشفيات إسرائيلية للمراقبة بعد التأكد من حالتهم. وفي ساحة تل أبيب التي أطلق عليها اسم "ساحة الرهائن"، احتفل الحشد بالأخبار السارة ولكنهم طالبوا بالمزيد.
وقال (نيري جيرشون) -ساكن في تل أبيب: "لا تنسوا الآخرين؛ لأن الأمر يصبح أصعب وأصعب وأصعب. إنه حقًا محزن جدًا".
كما قامت بعض العائلات باتهام حكومة رئيس الوزراء (بنيامين نتنياهو) بعدم بذل ما يكفي لإعادة الرهائن إلى ديارهم، وقد كان بين الرهائن عدة أجيال، حيث تم إطلاق سراح الطفل البالغ من العمر تسع سنوات (عوهاد مندر-زيخري)، جنبًا إلى جنب مع والدته (كارين مندر) وجدته (روتي مندر)، الذي تم اختطافه خلال زيارته لأجداده في كيبوتس نير عوز حيث يُعتقد أن نحو 80 شخصًا -تقريبًا ربع سكان المجتمع- تم احتجازهم.
وبعد ساعات، تم إطلاق سراح 24 امرأة فلسطينية و15 فتى مراهقًا كانوا محتجزين في سجون إسرائيل في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية. وكان المراهقون قد اعتقلوا بتُهمٍ بسيطة مثل رمي الحجارة. ومن بين النساء العديد من المدانات بمحاولة طعن جنود إسرائيليين.
وقال أحد الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم (عاصل منير الطيطي): "إنها سعادة محطمة بالحزن؛ لأن إطلاق سراحنا من السجن جاء على حساب حياة الشهداء وبراءة الأطفال".
ووفقًا لنادي الأسرى الفلسطيني، وهو مجموعة دعم، فإن إسرائيل تحتجز 7200 فلسطيني، بما في ذلك حوالي 2000 شخص اعتقلوا منذ بداية الحرب.
•هل يمكن تحقيق هدنة أطول؟
اندلعت الحرب عندما قام المئات من مقاتلي حماس باقتحام إسرائيل الجنوبية، مما أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص -بصفة عامة مدنيين- واحتجاز العديد من الرهائن، بما في ذلك الرضّع والنساء وكبار السن، بالإضافة إلى الجنود.
وصرّح قادة إسرائيليون أنهم سيستأنفون القتال في نهاية الأمر ولن يتوقفوا حتى يتم سحق حماس التي تُسيطر على غزة منذ 16 عامًا.
وأفاد المسؤولون الإسرائيليون أن الضغط العسكري فقط يمكن أن يُعيد الرهائن إلى ديارهم، لكن الحكومة تتعرض لضغوط من أُسرهم لإعطاء الأولوية لإطلاق سراح الأسرى المتبقين.
ووفقًا لوزارة الصحة في حكومة غزة التي تديرها حماس، فقد أسفرت الهجمات الإسرائيلية عن مقتل أكثر من 13,300 فلسطيني. وكانت النساء والقاصرون يمثلون ثلثي القتلى بشكل مستمر. ولا تشمل هذه الأرقام التحديثات الأخيرة من مستشفيات الشمال، حيث تعطلت وسائل الاتصال.