ساهمت التكنولوجيا الحديثة في الحرب الحالية على غزة في تقليص الفجوة من ناحية المزايا العسكرية بين الدول مثل إسرائيل وجماعات أخرى مثل حركة حماس، ما سمح لهذه الجماعات غير الحكومية بالتصرف بطرق تحاكي العمليات العسكرية للدول، وفق تحليل لمجلة "فورين أفيرز".
وذكرت المجلة في تحليلها أن النتيجة الواضحة من الحرب الحالية على غزة هي أن القوات المسلحة الإسرائيلية ربما لعبت بشكل مباشر لصالح حركة حماس عندما ضربت غزة بقوة هائلة.
وأشارت إلى أن الدول دائما ما تكافح من أجل هزيمة الجماعات الإرهابية، لكن الحرب بين إسرائيل وحماس تظهر السبب وراء زيادة صعوبة القيام بذلك.
وأوضحت المجلة أن الهجوم الذي شنته حماس، المصنفة إرهابية، في 7 أكتوبر، وراح ضحيته أكثر من 1200 شخص، قابله رد عنيف من إسرائيل، واستدعى الجيش الإسرائيلي أكثر من 350 ألف جندي احتياط وشن هجمات على قطاع غزة بهدف القضاء على الأجنحة السياسية والعسكرية لحركة حماس. ومنذ ذلك الحين، قتلت القوات الإسرائيلية أكثر من 13 ألف فلسطيني، وكثير منهم من النساء والأطفال.
لكن المجلة ترى أنه ليس من المستغرب على الإطلاق أن تواجه إسرائيل عنف حماس بالعنف، نظراً للتفوق العسكري التقليدي الذي تتمتع به المؤسسة العسكرية الإسرائيلية على حماس.
وأشارت إلى أنه بطبيعة الحال، فإن إسرائيل دائما ما ترد على الحركات الفلسطينية بالقوة المفرطة، وساعدها في ذلك أن الجيش الإسرائيلي أقوى وأكبر حجماً وأفضل موارداً من حماس وغيرها من الجماعات المصنفة إرهابية، ويدرك المخططون الإسرائيليون أن خصومهم لا يستطيعون مجاراة قوات الدفاع الإسرائيلية.
ومع ذلك، فإن المزايا العسكرية التي تتمتع بها إسرائيل تتضاءل أمام حماس التي أثبت أنه من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، هزيمتها بالقوة العسكرية، بحسب المجلة.
وأوضحت أن التكنولوجيا الحالية مكّنت حماس من شن هجمات متطورة ونشر الدعاية بقدر ما تستطيع إسرائيل القيام به. كما ساعدت التكتيكات القديمة أيضا، مثل بناء مجموعة من الأنفاق تحت غزة، حماس على صد خصم أكثر قوة. واكتسبت حماس نفوذا من خلال اختطاف نحو 240 شخصا.
ولم تعد الدول تحتكر الموارد اللازمة لإظهار القوة وتعزيز الخطاب، بحسب المجلة، التي ترى أن العديد من التطورات التكنولوجية أفادت الجماعات الإرهابية بشكل غير متناسب، بداية من اختراع الديناميت، في عام 1867، مرورا ببندقية الكلاشينكوف الهجومية، المعروفة أيضًا باسم "AK-47"، التي تم اختراعها، عام 1947، في الاتحاد السوفييتي، والتي أضحت رمزا تتباهى به الجماعات غير التابعة لدول، ضاربة مثالا بحزب الله الذي يحوي علمه على بندقية تشبهها.
وأوضحت المجلة أنه في هجوم السابع من أكتوبر، بدا وأن مقاتلي حماس استخدموا بنادق "AK-47" الصينية والسوفيتية القديمة لاقتحام المواقع العسكرية الإسرائيلية، وقتل المدنيين، واحتجاز الرهائن. لكنهم استخدموا أيضًا بعض التكتيكات والتقنيات الجديدة نسبيا، كما ذكرت المجلة، إذ بدأت المجموعة هجومها بإطلاق آلاف الصواريخ للتغلب على نظام الدفاع الصاروخي الإسرائيلي، القبة الحديدية.
ووفقا للمجلة، تقوم حماس وحركة الجهاد، بتهريب الصواريخ من إيران، ويمكنها تصنيع بعض المتفجرات والصواريخ بنفسها من الأجزاء التجارية.
وشهدت قدراتهم على إنتاج الصواريخ تطورا واضحا، بحسب المجلة، موضحة أنه كان مدى صواريخ كتائب القسام التي صنعتها حماس، في عام 2005، يصل إلى حوالي عشرة أميال (16 كلم)، لكن حاليا تمكنت الصواريخ التي استخدمتها في هجوم السابع من أكتوبر، من قطع 150 ميلا (241 كلم).
وكما هو الحال مع الأوكرانيين، الذين نجحوا في استخدام الطائرات التجارية بدون طيار لمهاجمة الدبابات والقوات، تشير المجلة إلى أن حماس والجهاد الإسلامي ابتكرتا أنظمة الأسلحة الخاصة بهما.
ولتجنب الدفاعات الجوية الإسرائيلية، ذكرت المجلة أن حماس أطلقت العشرات من طائرات الزواري المسيّرة المتفجّرة، وهي أسلحة ثابتة الجناحين صنعتها حماس بمواد متوفرة في غزة.
كما استخدمت حماس طائرات مسيّرة تجارية صغيرة لإسقاط قنابل يدوية على أبراج المراقبة الإسرائيلية وعلى الرشاشات التي يتم تشغيلها عن بعد. ويمكن شراء هذه الطائرات بدون طيار عبر الإنترنت، ويمكنها تجنب أنظمة الرادار الإسرائيلية عن طريق التحليق ببطء وعلى مقربة من الأرض. وكان هجوم حماس ناجحا، لأنه غمر الدفاعات الإسرائيلية بأسلحة رخيصة يسهل الوصول إليها، وفق ما وصفته المجلة.
جانب آخر تعلق بالثورة في تكنولوجيا المعلومات التي ترى المجلة أنها ساعدت الإرهابيين وسمحت لهم بتضخيم تأثير العنف الذي يمارسونه.
وأوضحت أنه كان لوسائل التواصل الاجتماعي تأثير مماثل على الإرهاب. وتقف حماس الآن على قدم المساواة مع إسرائيل في قدرتها على عرض روايتها الخاصة حول الحرب. وتستخدم حماس تطبيق المراسلة "تيليغرام" لتجنيد أعضاء جدد ونشر معلومات مضللة.
ووفقا للمجلة، رغم أن حماس تأسست بهدف القضاء على إسرائيل، لكن الحركة غير قادرة على ذلك، لذلك فهي تمارس الإرهاب لكسب الاهتمام والحلفاء، إذ كان المقصود من هجوم السابع من أكتوبر استفزاز المؤسسة العسكرية الإسرائيلية ودفعها إلى المبالغة في رد الفعل الذي من شأنه أن يقوض التعاطف الدولي مع إسرائيل، ويؤجج انتفاضة في الضفة الغربية والقدس، ويحشد الدعم لحماس، خاصة من إيران وجماعة حزب الله اللبنانية.
وترى "فورين أفيرز" أن حماس استخدمت مقتل المدنيين الإسرائيليين والفلسطينيين على السواء لتعزيز أجندتها السياسية.
وعلى هذا فإن المجلة ترى أن أفضل وسيلة تستطيع فيها إسرائيل هزيمة حماس تتلخص في استعادة مكانتها الأخلاقية الرفيعة من خلال التخفيف من استخدامها للقوة وتوفير المزيد من الحماية للمدنيين الفلسطينيين.
وذكرت أنه سيكون من الصعب على القادة الإسرائيليين أن يمارسوا ضبط النفس، لأن ناخبيهم غاضبون، لكن القيام بذلك هو السبيل الوحيد الذي تستطيع إسرائيل من خلاله قطع قدرة حماس على حشد الدعم والتحريض على المزيد من العنف.
وتم التوصل إلى اتفاق هدنة، فجر الأربعاء، بين حركة حماس وإسرائيل. وساهمت قطر في التوسط فيه.
واندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس في أعقاب هجوم غير مسبوق شنته الحركة على جنوب الدولة العبرية وأدى إلى مقتل نحو 1200 شخص غالبيّتهم مدنيون قضوا بمعظمهم في اليوم الأول للهجوم، وفق السلطات الإسرائيلية. وتؤكد الأخيرة أن نحو 240 شخصا بينهم أجانب، أخذوا رهائن في هجوم حماس ونقلوا إلى غزة.
وتفرض إسرائيل حصارا على غزة ولم تتوقف عن قصفها ردا على هجوم حماس، ما نجم عنه مقتل أكثر من 14 ألف شخص من سكان غزة، نحو 40 بالمئة منهم أطفال، وفقا لمسؤولين من وزارة الصحة في القطاع الذي تسيطر عليه حماس، وهي أرقام تعتمدها الأمم المتحدة.