لقد تأكدت المخاوف الإسرائيلية من “وحدة الساحات” بعد إطلاق صواريخ كروز وطائرات مسيّرة من اليمن التي اعترضتها مدمرات أمريكية في البحر الأحمر وصواريخ اعتراضية على الأراضي السعودية. أوضح هذا الهجوم الذي نفذه الحوثيون “تصوّر التشغيل” الإقليمي الإيراني وصورة الهيمنة الإيرانية.
يهدف هذا الهجوم أساسًا إلى إظهار القدرة وليس المشاركة الكاملة في القتال. هناك بعض القيود التي تكبح جماح الحوثيين:
أولًا: تبعد الساحة اليمنية حوالي ألفي كيلومتر عن إيلات، وهو ما يقيّد بشكل أساسي قدرتهم على تنفيذ عمليات معينة في الجو والبحر (استهداف حرية الملاحة في البحر الأحمر)، كما يسهل أيضًا إحباطها.
ثانيًا: على الرغم من رغبة الحوثيين في إظهار تضامنهم مع الفلسطينيين وأعضاء “المحور” الآخرين، فإن درجة التأثير الإيراني عليهم منخفضة نسبيًا مقارنة بما تمارسه إيران، على سبيل المثال، على حزب الله.
إضافة إلى ذلك، ليس للحوثيين أي مصلحة في إحداث تصعيد كبير قد يعرض الإنجازات التي حققوها بعد تفاهماتهم مع التحالف العربي بقيادة السعودية للخطر، ووقف إطلاق النار المعمول به منذ أبريل 2022. كما أنهم يخاطرون من خلال هجومهم برد فعل أميركي وإسرائيلي حاد ضدهم، وهو ما يسعون إلى تجنبه.
بدون أدنى شك، يشكل الحوثيون تهديدًا، ويصعب الرد عليهم نظرًا لبعد وتعقيد الساحة اليمنية. ومع ذلك يجب التعامل مع الساحة اليمنية باعتدال وبشكل متناسب. إن درجة الضرر والمخاطر من اليمن، والتي قد تنجم مرة أخرى بعد دخول الجيش الإسرائيلي بريًا إلى قطاع غزة، لا يمكن مقارنتها بدرجة الضرر المحتمل من حزب الله، وحماس، وحتى من وكلاء إيران الآخرين الموجودين في سوريا أو العراق.
من خلال هذه الإجراءات يرد الحوثيون “الجميل” لأعضاء المحور وإيران، وخاصة لحماس، التي ربما كانت تتوقع مشاركة أكثر نشاطًا في القتال من أعضاء المحور الآخرين. إضافة إلى ذلك، لا يدل اعتراض عمليات الإطلاق من اليمن على حدود قوة “المحور” فحسب، بل يوضح مدى فعالية العمل الإقليمي تحت مظلة القيادة المركزية الأمريكية للتعامل مع تهديد الصواريخ والطائرات دون طيار من إيران ووكلائها.