طوفان الأقصى: هل من المحتمل أن يفتح قائد فيلق القدس "قاآني" جبهةً لحزب الله ضد إسرائيل؟
يمن فيوتشر - معهد دول الخليج العربي في واشنطن-ترجمة: ناهد عبدالعليم: الاربعاء, 01 نوفمبر, 2023 - 09:45 مساءً
طوفان الأقصى: هل من المحتمل أن يفتح قائد فيلق القدس

مع استمرار إسرائيل وحزب الله اللبناني في تبادُل إطلاق النار، هناك خوفٌ من أن يمتد الصراع بين إسرائيل وحماس في غزة إلى لبنان وربما يتصاعد إلى حربٍ إقليمية أوسع. و مع ذلك، وباستثناء وقوع حوادث كارثية لا يمكن التنبؤ بها، فإن خطر نشوب حرب إقليمية في الوقت الحالي مُنخفض لسببٍ واحد مهم: أن إيران -الراعي الرئيسي لحزب الله- لديها مُخططاتٍ أخرى لوكيلها ولا تبدو مُهتمة بفتح جبهة شمالية ضد إسرائيل. 
و بالتالي فإن إيران لديها ثلاثة أسباب رئيسية لعدم إدخال حزب الله في حربٍ أوسع مع إسرائيل.
 أولاً، حققت إيران جميع أهدافها في الصراع بين إسرائيل وحماس فور اندلاعه في 7 أكتوبر/تشرين الأول. مما جعل الاتفاق المُحتمل بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل لتطبيع العلاقات الدبلوماسية يؤجل -وهو ما تُعارضه إيران- إلى أجلٍ غير مسمى. و قد عانت الأجهزة العسكرية والأمنية الإيرانية من الكثير من الإذلال على يد الموساد. وباعتبارها مؤيداً لحماس منذ فترة طويلة، فإن إيران سعيدة بالحصول على الفضل جُزئياً -عن بعد ومع إمكانية الإنكار- في الرد على إسرائيل بهجومٍ مُفاجئ على الأراضي الإسرائيلية على نطاق لم يسبق له مثيل منذ حرب أكتوبر 1973. والأمر الأكثر أهمية هو أن توغل حماس في إسرائيل كان سبباً في تحطيم أسطورة حصانة الدولة اليهودية، التي ساعدتها قُبتها الحديدية وجدرانها الخرسانية على التخلي عن فكرة السلام مع الفلسطينيين كشرطٍ مُسبق لتطبيع العلاقات الدبلوماسية مع جيرانها العرب.
ثانياً، لو أرادت إيران إشراك حزب الله في الصراع، لكانت فعلت ذلك على الأرجح منذ البداية. و لا بد أن إيران كانت لديها أسبابها التي تمنعها من الاستفادة من عُنصر المفاجأة لتوريط إسرائيل في حرب على جبهتين تضم حماس وحزب الله منذ البداية.
ثالثاً، يبدو أن حزب الله يخدم في المقام الأول إيران وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي، كرادعٍ ضِدّ أي هُجومٍ إسرائيلي مُحتمل ضد بنيتها التحتية النووية. و إن تحليل القيادة الإيرانية للحرب بين حزب الله وإسرائيل عام 2006، وهو الخطأ الفادح الذي أثاره القرار الذي اتخذه زعيم حزب الله حسن نصر الله في يوليو/تموز 2006 بإصدار الأمر باختطاف جنود إسرائيليين دون التشاور المسبق مع طهران، يقدم رؤى قيّمة للحسابات الاستراتيجية للقيادة الإيرانية.
و في مقابلة قديمة استمرت ثلاث ساعات في أكتوبر/ تشرين الأول 2019، كشف اللواء (قاسم سليماني) -قائد فيلق القدس آنذاك- أنه سارع إلى بيروت لاحتواءِ الوضع وسُرعان ما عاد إلى طهران لتقديم تقرير إلى المُرشد الأعلى (آية الله علي خامنئي) رئيس البرلمان، ورئيس السلطة القضائية ورئيس الجمهورية وأعضاء آخرين في المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، قال فيه: "لقد قدمت تقريراً مريراً، و ما شاهدته لم يظهر أُفقاً للانتصار."
 وتابع وهو يروي رد خامنئي: “قال سيادته: أعتقد أن إسرائيل استعدت للحرب وأرادت تنفيذ الخطة في هجومٍ مُفاجئ للقضاء على حزب الله. ومع ذلك فإن اختطاف حزب الله للجُنديين أدى إلى تحييد عنصر المفاجأة الإسرائيلي."
و كما أمر خامنئي سليماني بنقل رسالة شخصية إلى( نصر الله)، الذي وجده سليماني مُهتزاً بشدة في بيروت.
 وقال سليماني  :بأن عدد الشهداء زاد واتسع نطاق الدمار، مما جعل (نصرالله) قام يستخدم كلمات وعبارات اليأس، و تسبب ذلك  بإحزاني، و ليس لدي أي رغبة في إعادة سرد تلك الكلمات."
وأضاف سليماني أن (رواية خامنئي) حول أصول الحرب كانت مفيدة في حال "انتقد شخص ما نصر الله واشتكى من أن حزب الله يُعرض الطائفة الشيعية بأكملها للخطر من أجل أخذ اثنين من السجناء."
 و تُعد الرواية القائلة بأن حزب الله -من خلال أخذ أسيرين- قام بمنع الإبادة الكاملة ليس فقط لحزب الله، بل للأمة اللبنانية أيضاً، التي اطمأنت عقب الحادثة وجيرت فائدة لنصر الله.
و أصدر (نصر الله) اعتذاراً عَلنياً غير مسبوقٍ في أغسطس/آب 2006 عن سوء تقديره عندما أمر بالغارة التي تسببت في الحرب. لكن في خطاب ألقاه في 11 أيار/مايو 2012 اتهم فيه إسرائيل والولايات المتحدة بإثارة الإرهاب في سوريا، و هدد زعيم حزب الله المتبجح بإبادة إسرائيل. وبعد أربعة أيام، أصدرت وكالة "بوتيا نيوز" -وهي وسيلة إعلام إيرانية لم تعد موجودة الآن- تقريراً عالي الجودة شِبه نصي عن مُحادثة هاتفية بين (سليماني) و (نصر الله).  وبحسب ما ورد، قام سليماني -الذي كان تركيزه في ذلك الوقت على دعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد في الحرب الأهلية- بتحذير نصر الله من “أي ضربة استباقية ضد النظام الصهيوني”. وبحسب التقرير، فقد أشار سليماني أيضاً إلى حرب عام 2006 وحذر نصر الله قائلاً: “إن انتصار حزب الله في حرب الـ 33 يوماً لم يكن بسبب قوة السلاح بل بسبب قوة الإيمان والعون الإلهي”. وتمسكًا بموضوع الإخلاص، أشار سليماني أيضاً إلى خطاب خامنئي بمناسبة العام الجديد في 21 مارس/ آذار 2012، والذي قال فيه المرشد الأعلى لإيران: “إن الله يضمن نصر المؤمنين عندما نكون مدافعين -في حال بدأنا الحرب- وبالتالي فإن القرآن لا يضمن انتصارنا”.  ومن الواضح أن سليماني كان ينظر إلى ترسانة حزب الله الصاروخية باعتبارها رادعاً ضد أي ضربةٍ إسرائيلية مُحتملة على المنشآت النووية الإيرانية، وليس أداة لهجوم استباقي ضد إسرائيل.
وبالحُكم من خلال التقارير العامة، يرى العميد (إسماعيل قاآني) -خليفة سليماني كقائد لفيلق القدس- دور حزب الله اللبناني بشكل مماثل. 
فمن خلال زيارته لبيروت في 1 كانون الأول (ديسمبر) 2020، ورد أن (قاآني) أصدر تعليماته لقيادة حزب الله بـ "تجنب استفزاز إسرائيل" بعد اغتيال عالم نووي إيراني يُعتقد أن إسرائيل دبرته. 
وخلال زيارته أيضاً إلى بيروت في نيسان/أبريل، ورد أنه قام بتنسيق الهجوم الصاروخي الذي وقع في 6 نيسان/أبريل ضد أهداف إسرائيلية، لكنه جعله أقل من عتبة ما يمكن أن يؤدي إلى حرب مع إسرائيل. أما بالنسبة لهجوم حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول، فإن تصور (قاآني) الواضح لحماس باعتبارها بيدقاً يمكن التخلص منه في لعبة الشطرنج الكبرى يختلف تماماً عن رؤيته لحزب الله باعتباره بالأصل استراتيجياً قيّماً.

فهل يمكن لحزب الله أن يتدخل في الصراع بين إسرائيل وحماس؟ 
الجدير بالذكر أن لا أحد من حزب الله أو إيران، أو إسرائيل أو الولايات المتحدة، يبدو راغباً بخوض حرب إقليمية واسعة النطاق.


التعليقات