في عام 2020 التقط المصور اليمني، علي السنيدار، لحظة شملت أهوال الحرب في اليمن والمخاوف التي تعتريها بشأن الحرب المستقبلية، لتُظهر الصورة التي تم التقاطها في صنعاء، التي يسيطر عليها الحوثيون- صبيين صغيرين يحملان بنادق على أكتافهم، و يمُران بجانب صبي آخر يحمل حقيبة مدرسية. وثق هذا المشهد أصغر جنديين "طفلين" وهما ينظران إلى التلميذ و إلى ما على كتفه، كما لو كانا يراقبان ما كان ينبغي أن يكون مستقبلهما عليه.
نجد أن الأطفال الذين يحملون أسلحة ليسوا ظاهرة جديدة في اليمن. فلعدة قرون كان الصبية الصغار -الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و 15 عاماً- يحملون السلاح لحماية أسرهم أو الدفاع عن الأراضي القبلية.  لكن ما يحدث في اليمن الآن أمرٌ مختلفٌ تماماً وأكثر إثارة للقلق. فالأطفال لا ينضمون إلى مجموعات الدفاع المحلية والجماعية وحسب، بل يتم استهدافهم وتجنيدهم وتدريبهم، ثم تحويلهم في نهاية المطاف إلى جنود، حيث يتم إضفاء الطابع المؤسسي على هذه العملية في الوقت الذي يتم فيه تمجيد الجنود الأطفال الذين تنتجهم هذه البلاد.
وبغض النظر عن كيفية أو موعد انتهاء الصراع الحالي، إلا أن هؤلاء الجنود الأطفال لن يختفوا ببساطة، وهذه مشكلة ستؤثر على اليمن وما حوله لعقود قادمة. فهؤلاء الجنود الأطفال هم بذور حروب اليمن المستقبلية بحق.
وّجِد تقرير حديث للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية - قام بكتابته هذا المؤلف وآخرون- أن جميع الأطراف في اليمن - و المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، والحوثيين، والحكومة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة، ومجموعة من الميليشيات- مذنبون بتسليح الأطفال وتصفيتهم وإرسالهم للقتال، لكن الحوثيين هم –إلى حد بعيد– يُعتبرون أكبر منتجي الجنود الأطفال في اليمن.
و تشير مُعظم التقارير -بما في ذلك تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول "الأطفال والنزاع المسلح"، وتقارير فريق الخبراء المعني باليمن التابع لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وتقارير فريق الخبراء الدوليين والإقليميين البارزين التابع للأمم المتحدة- إلى أن الحوثيين مسؤولون عن أكثر من ثلثي الأطفال الجنود في اليمن.  ويرجع ذلك بشكلٍ كبير إلى التاريخ الحديث، و قد يجادل الحوثيون بأن هذا مدفوع بالضرورة العسكرية، لكنه كله مُتعمد ومدروس.
وفي الثمانينيات من القرن الماضي أنشأت الجماعة التي أصبحت تُعرف باسم الحوثيين مُخيمات صيفية في المرتفعات الشمالية في صعدة. و ظاهرياً كان الغرض من هذه المعسكرات هو تثقيف الجيل القادم حول أساسيات الزيدية ، وهي الطائفة الشيعية السائدة في شمال اليمن، حيث حكم الأئمة الزيديون شمال اليمن خلال مُعظم الألفية الماضية حتى تمت الإطاحة بهم في عام 1962. لكن اللاهوت الزيدي كان دائماً يشتمل على عنصر عسكري، والزيديون هم من قاموا بتشكيل هذه المعسكرات الصيفية الأولى، بما في ذلك أفراد من عائلة الحوثي  نفسها ، أنشأت التدريب العسكري أيضاً.
و قام خريجو هذه المعسكرات الصيفية الأولى بتشكيل نواة لحركة الحوثي في ​​الفترة من 2004 إلى 2010، عندما قاتلت الجماعة حكومة الرئيس آنذاك (علي عبد الله صالح). و طوال النزاع الحالي، الذي بدأ في عام 2014، وفي عامي 2018 و 2019 دأب الحوثيون على دفع الأطفال إلى الخطوط الأمامية، لا سيما في الحديدة وما حولها، وفي مأرب في عامي 2020 و2021، وذلك لجعلهم وسيلة لتعويض نقص القوات.  كما قام الحوثيون أيضاً بتجنيد واستخدام الفتيات الصغيرات لزرع الألغام الأرضية وكطاهيات وجواسيس.
كما يستخدم الحوثيون نهج الدفع والجذب لتجنيد الأطفال، وفي هذه العملية يعيدون تشكيل المجتمع اليمني.
فتقوم الجماعة أولاً، باستغلال الفقر -الذي يعد الدافع الأكبر لتجنيد الأطفال في اليمن- والاقتصاد السيئ في البلاد.  و عندما بدأت الحرب في عام 2014، كان يتم تداول الريال اليمني بسعر 250 مقابل الدولار الأمريكي.  واليوم و في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، يبلغ سعر الريال حوالي 560 مقابل الدولار.  ومنذ ذلك الحين لم تتغير الرواتب -بالنسبة للفئة القليلة التي ما زالت تتقاضاها- لكن ما يمكن بالريال شراؤه انخفض بشكلٍ كبير.
مما أدى ذلك إلى معاناة العديد من الأسر من انعدام الأمن الغذائي، وهو ما يستغله الحوثيون من خلال الوعد بتقديم سلال غذائية للعائلات التي تساهم بأطفالها و أولادها كجنود في هذه القضية. 
في جوهر الأمر نرى أن الحوثيون يستخدمون المساعدات الإنسانية كسلاح وهدف لاستغلال هذه الأُسر.
في الوقت نفسه نجد أن الفرص التعليمية في اليمن تبخرت. حيث يتم تحويل المعلمين - الذين لا يحصل الكثير منهم على رواتبهم لعدة أشهر- للانضمام إلى الميليشيات، وهي واحدة من المجالات القليلة التي قد تجلب المال في اليمن.  وفي حالات أخرى لم يتم إعادة بناء المدارس التي تعرضت للقصف مما زاد الطين بلة. و وِفقاً لمقابلات مع أشخاص على الارض، فإن الحوثيين بدأوا في فرض ما يرقى إلى ضريبة على الأطفال الملتحقين بالمدارس الحكومية.  حيث يدفع كل طالب حوالي 1000 ريال يمني شهرياً، و يكفي ذلك لإثناء بعض الأسر عن إرسال أطفالها إلى المدرسة. و إذا لم ينجح ذلك أيضاً فإن مجندي الحوثيين موجودون ليهمسوا في آذان الآباء أنه بدلاً من دفع الرسوم المدرسية، يمكن أن تحصل العائلات على المال والدفاع عن اليمن إذا انضم فقط أطفالهم للقتال.
في أبريل/نيسان 2022، وبالتزامن مع الهدنة الوطنية، قام الحوثيون بتوقيع اتفاق مع الأمم المتحدة ألزم الجماعة بالتوقف عن تجنيد الأطفال. ولكن على الرغم من هذا الاتفاق، إلا أن فريق خبراء الأمم المتحدة المعني باليمن وجد أن الحوثيين "يواصلون التلقين والتجنيد، وفي بعض الحالات يقومون بالتدريب العسكري للأطفال في المعسكرات الصيفية".  وفي الواقع إن الحوثيون يكثفون جهودهم لتجنيد الأطفال وتدريبهم على القتال.
وتجد الآن أن الكتب المدرسية الحوثية أصبحت تحتوي على أقسام عن "الشهداء الأطفال" الذين قاتلوا وماتوا في الحرب الحالية. و غالباً ما تحمل شوارع صنعاء ومدن أخرى في الشمال ملصقات لجنود أطفال متوفين تُلصق على جدران المتاجر.  و يوجد أيضاً ما يُسمى (بالزامل) -وهو الشعر الشعبي الذي غالباً ما يُعرض على الإذاعة التي يسيطر عليها الحوثيون- و يعظم ويمجد الأطفال الذين "ضحوا" بأنفسهم للدفاع عن اليمن.
و للأسف هذا هو مستقبل اليمن: الأولاد والبنات الذين تم تلقينهم، والكذب عليهم، والتلاعب بهم لحمل السلاح.. هؤلاء هم الشُبان والشابات الذين سيخوضون حروب اليمن القادمة.