تقرير: الحرب في السودان تزويج القاصرات لـ”حمايتهن” من العنف الجنسيّ
يمن فيوتشر - درج- يوسف بشير الإثنين, 10 يوليو, 2023 - 02:43 مساءً
تقرير: الحرب في السودان تزويج القاصرات لـ”حمايتهن” من العنف الجنسيّ

لم تُدمر الحرب المندلعة في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ 15 نيسان/ أبريل 2023، البنية التحتية فقط، بل بدت وكأنها تتخذ طابعاً انتقامياً، يتمثل في زيادة معدل اغتصاب الفتيات والنساء واختطافهن، ما جعل الأسر تتجه إلى تزويج الطفلات بذريعة حمايتهن من العنف الجنسي المتصل بالنزاع الآخذ في الاتساع جغرافياً، خصوصاً أن الحرب تمدد من العاصمة الخرطوم إلى مدن أخرى في كردفان ودارفور.
وفي 30 حزيران/ يونيو، والذي تزامن مع اليوم الثالث لعيد الأضحى، عقد مهدي خير ــ إسم مستعار ــ قران ابنته البالغة من العمر 12 عاماً، في إحدى قرى ولاية الجزيرة المجاورة للعاصمة الخرطوم، التي فر منها مع أسرته بعد أسبوع من اندلاع الحرب.
يقول مهدي، لـ “درج”، إنه وافق على تزويج طفلته لعدم قدرته على حمايتها من العنف الجنسي، في ظل مخاوف انتقال الصراع إلى مدن وسط السودان وشماله، ويشير إلى أن هذا الأمر أصبح شائعاً في أوساط الفارين من النزاع، بخاصة أن شباب القرى والمدن الصغيرة يفضلون الزواج من صغيرات السن.
على رغم كل الجدل المحيط بتزويج القاصرات، وانتهاكه القوانين الدوليّة، إلا أنه منتشر في السودان، وقد أباح المشرعون في قانون الإجراءات الشخصية تزويج “المميزة “التي حُدد عمرها بـ 10 سنوات، ما يعني السماح بزواج القاصرات. ويؤكد مسح الأسرة الذي أجرته الحكومة في 2010، انتشار زواج القاصرات على نطاق واسع، إذ بيّن أن 37.5 في المئة من النساء في عمر 20 إلى 49 تزوجن قبل الـ 18 عاماً.
تفيد نتائج المسح العنقودي المتعدد المؤشرات لعام 2014، بأن 12في المئة من النساء متزوجات قبل سن الـ15 عاماً، و38 في المئة قبل عمر الـ18 عاماً، وتقول وزارة التنمية الاجتماعية عن هذا الأمر، إن “هذه المعدلات أعلى بالنسبة إلى المناطق الريفية والأسر الأقل تعليماً والأسر الفقيرة”.
تضييق الخناق على القاصرات
يرجح أن يكون زواج القاصرات ذا دواعٍ لـ”توفير الحماية لهنّ”، مع ارتفاع حالات العنف الجنسي المتصل بالنزاع، وعدم وجود ضغوط محلية ودولية على قوات الدعم السريع تدفعها إلى ضبط سلوك عناصرها ومنعهم من ارتكاب الانتهاكات. تقول الأمم المتحدة إن الفتيات المراهقات يواجهن خطراً متزايداً جراء زواج الأطفال، إذ يُزعم أن بعض العائلات تلجأ إليه، في محاولة لـ”حمايتهن” من المزيد من مخاطر العنف الجنسي أو الاعتداء أو الاستغلال.
انتشرت حديثاً في العاصمة الخرطوم، ظاهرة اختطاف الفتيات القاصرات، ما دعا غرف الطوارئ، وهي منظمات شبابية تطوعية تكونت في الأحياء الشعبية بعد اندلاع القتال، الى رصد الانتهاكات وتقديم الخدمات والأدوية للسكان الأشد احتياجاً، وتحفيز الشباب على حماية الأحياء.
وفي 2 تموز/ يوليو، اختطفت قوات الدعم السريع فتاتين من منطقة الحلفايا بالخرطوم بحري، قبل أن تعيدهما بعد 5 ساعات نتيجة ضغوط أهلية، وحاولت القوات ذاتها في اليوم التالي، اختطاف فتاة في بداية العشرينات من منزلها تحت تهديد السلاح في منطقة شمبات القريبة جداً من الحلفايا، كما اختطف عناصر الدعم السريع في 24 حزيران/ يونيو، طفلة قاصراً من منطقة المسالمة بأم درمان، فيما لا تعرف أسرتها مصيرها حتى الآن.
لا يقتصر الأمر على قوات الدعم السريع، إذ أشار تقرير لوكالة الأنباء الفرنسيّة إلى انتهاكات قام بها الجيش السودانيّ، إذ سُجلت شهادات لنساء اغتُصبن في منازلهن أثناء اقتحامها، كما يتعرض الناشطون المسؤولون عن توثيق هذه الحالات لضغوطات لتجاهل ما يحصل.
أبدت وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل، قلقها من تزايد حالات اختطاف النساء والفتيات – لا سيما القاصرات- في مناطق النزاع، بخاصة العاصمة الخرطوم، وطالبت قيادة الدعم السريع بضبط عناصرها ومنع هذه الجرائم والانتهاكات وضمان محاسبة مرتكبيها.
تقول الوحدة إنها وثقت 42 حالة عنف جنسي في العاصمة الخرطوم، و25 حالة في مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور غرب السودان، و21 حالة في مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور، وقد قيّدت معظم حالات العنف في الخرطوم ضد قوات الدعم السريع، التي اعتدت على نساء الجنينة ونيالا، وفقًا لإفادة الناجيات. 
تشير الوحدة أيضاً، إلى أن حالات العنف الجنسي الموثقة لا تتجاوز الـ 2 في المئة من العدد الفعلي، بحسب تقديرات الخدمات المقدمة وشهادات الشهود العيان والرصد من مواقع التواصل الاجتماعي. وتوضح أن التقارير التي تصلها تُفيد بتزايد جرائم الخطف والعنف الجنسي الجماعي، التي تستهدف صغيرات السن (12 ـــ 17 عاماً).
دقت الوحدة ناقوس الخطر مشيرة إلى أن 9 ولايات من أصل 18 ولاية سودانية، ترزح تحت تهديد استخدام العنف الجنسي المتصل بالنزاع سلاحاً للحرب وأداةً لإثارة الفوضى والتحقير العرقي، ووسيلةً لتهجير مواطنين آمنين من بيوتهم وشوارعهم ومدنهم.


التعليقات