تقرير: وسط تفشي الانتهاكات ضد النساء والأطفال.. جهود مجتمعية لإنارة شوارع عدن
يمن فيوتشر - طارق الظليمي: الاربعاء, 14 يونيو, 2023 - 04:14 مساءً
تقرير: وسط تفشي الانتهاكات ضد النساء والأطفال.. جهود مجتمعية لإنارة شوارع عدن

[ تصميم: عبدالله محمد طارش ]

تعرضت الطفلة اليمنية زهور قائد (اسم مستعار) للاغتصاب، عندما استغل مغتصبوها عودتها إلى منزل والدها في مدينة عدن أثناء انطفاء التيار الكهربائي الحكومي، وسط توسع الانتهاكات بفعل انعدام الإضاءة في شوارع أحياء المدينة المعلنة عاصمة مؤقتة للبلاد، ما دفع مؤسسات محلية لإطلاق مبادرات مجتمعية لتركيب إضاءات تعمل بالطاقة الشمسية.
تقول المحامية والناشطة الحقوقية تهاني الصراري إنها تلقت الأسبوع الماضي بلاغا يفيد بتعرض فتاة بعمر تسع سنوات للاغتصاب، نتيجة عدم وجود كهرباء، حيث قامت ذئاب بشرية بسحبها لاحد شوارع مدينة الشيخ عثمان وانتهاك براءة طفولتها أثناء عودتها ليلا إلى منزلها.
وتضيف الناشطة الشابة أنها تحاول الدفع بعائلة الطفلة نحو الذهاب للإبلاغ في مركز الشرطة عن الحادثة، لكن العادات والتقاليد تقف عائقا أمام جهودها، مشيرة إلى أن هذه الواقعة إحدى المشاكل الموجودة، بسبب عدم وجود إضاءة في شوارع المدينة التي تمتلئ بالأزقة والممرات الضيقة.

سرقات واغتصابات
تضيف الصراري أن النساء يتعرضن للسرقة والتحرش وقت انقطاع التيار الكهربائي، لافتة إلى أنه كان هناك سابقا عصابة في المديرية ذاتها تتخذ من الشوارع المظلمة متنفسا للتقطع للنساء في وقت متأخر من الليل لأخذ ما بحوزتهن من مجوهرات ونقود.
وإلى جوار زهور هناك العشرات من النساء والأطفال تعرضوا للتحرش الجنسي والاغتصاب والسرقات لذات السبب.
واضطرت إحدى الأسر لترك منزلها والمغادرة نحو مكان مجهول، بعدما تعرض طفلها للاغتصاب وسط شارع مظلم، لتحاشي بصمة العار الاجتماعي.
واتخذت مؤخرا مؤسسة محلية، زمام المبادرة لتمويل مشروع تركيب 399 إنارة بالطاقة الشمسية في ثلاث مديريات بعدن، تشمل 33 حيا سكنيا من مديريات خور مكسر والشيخ عثمان والمنصورة في مسعى للحد من الانتهاكات التي تتعرض لها النساء والاطفال التي زاد حدتها مع ارتفاع ساعات انطفاء التيار الكهربائي الحكومي.
وسيستفيد من هذا المشروع 137,040 شخصا في المناطق المستهدفة، شريطة أن تساهم السلطة المحلية بصيانة دورية لهذه الانارات لضمان استمرارية عملها بكفاءة.

شوارع مظلمة
وتقول مساعد مشروع إرادة لتعزيز دور المرأة في حل النزاعات وتخفيف التوترات بمؤسسة (Sos) منية خالد إن فكرة المبادرة جاءت ضمن مشروع تدريبي شارك فيه ممثلون عن اللجان المجتمعية على مستوى المديرية والاحياء ولجان الوساطة والشرطة النسائية.
تضيف أن المشروع درب 25 شخصا من كل مديرية على آليه التنسيق والتعاون بين المديريات المشمولة، على أن يتم اختيار 6 متدربين يمتازوا بالنشاط لتحديد قضايا لها علاقة بحل النزاعات مقابل تمويلها من المؤسسة، مشيرة إلى أن المديريات الثلاث وضعت إعادة تشغيل إنارة الاحياء أولوية للحد من التحرشات والسرقات.
وتشير "خالد" إلى أن المنسقين الممثلين عن الشيخ عثمان اختاروا مسبقا مشروع تحليه المياه، قبل نزولهم الميداني لأحياء المدينة التي وجدوا شوارعها مظلمة، ويتعرض فيها الأطفال والنساء للتحرشات، فضلا عن تعاطي الشباب في هذه الاماكن للمخدرات.
موضحة أنه سيتم استهداف احياء اخرى حتى تتوسع الإنارة للشوارع ويستطيع المواطنون العودة إلى منازلهم دون الحاجة للخوف اوالحرص على البقاء في منازلهم مساءا.

ارقام صادمة
ورصدت المبادرة المجتمعية المدعومة من منظمة (Sos) العام الماضي 294 حالة تحرش بالنساء والاطفال، بالإضافة إلى سرقةات لبطاريات السيارات والدراجات النارية والمنازل وغيرها من القضايا المترتبة على عدم إضاءة الاحياء السكنية.
وجاءت المنصورة في المرتبة الأولى بنحو 198واقعة، وخور مكسر بمعدل 61 حادثة، أما مديرية الشيخ فحصلت على المركز الثالث بنحو 35 حالة.
وتشير رئيسة دائرة المرأة في اللجان المجتمعية بخور مكسر نهوند جمن إلى أنها حاولت الاستفادة من المشروع لتغطية المزيد من مناطق المديرية المكتظة بالسكان والنازحين، موضحة في نفس الوقت أن هذا المشروع ليس كافيا، لكن جهودا تبذل من اجل استكمال تغطية جميع الشوارع بالإضاءة المدعومة بالطاقة الشمسية.
أما إخلاص عايش وهي إحدى المنسقات في المبادرة المجتمعية، فتقول إن فكرة إعادة تشغيل الانارة جاءت مع زيادة معدل التحرشات والسرقات وقضايا القتل، معتبرة الاضاءة موضوع شائك يحتاج لأكثر من مشروع مجتمعي لحل تبعاته الكبيرة.

مبادرات مماثلة
وتأتي هذه المبادرة امتدادا لعديد مبادرات أهلية اقيمت في محافظات مجاورة للعاصمة المؤقتة عدن، كان أخرها في مدينة الحبيلين بمديرية ردفان محافظة لحج، عندما أطلق أهالي حي السلام مبادرة ممولة عن طريق تبرع أهالي المدينة في نهاية شهر مارس من العام الجاري.
وبعد شهرين نفذت مبادرة مماثلة مشروع تركيب وإصلاح إنارة شوارع وأحياء مدينة الحوطة، بينما كانت مبادرة اجتماعية عملت قبل أكثر من عامين على تركيب 50 مصباح انارة بحي الظاهر في مدينة بني بكر عاصمة مديرية الحد يافع بالمحافظة نفسها. 
وفي شهر فبراير من العام 2019، تبنت مبادرة أهلية عملية إصلاح الإنارات في مدن محافظة أبين، انطلاقا من خط جسر الحصن وقرية المسيمير، قبل أن تحط رحالها بمدينة جعار كبرى مدن المحافظة على البحر العربي.

جهود حكومية
ونفذ مكتب الأشغال العامة والطرق خلال السنوات الماضية في عدن أكثر من 17 مشروع إنارة لشوارع عديدة بالمحافظة، حيث مايزال يعمل على تنفيذ مشاريع أخرى، في محاولة لتغطية جميع الشوارع، وفق مدير المكتب وليد الصراري.
ويقول "الصراري" إنه كان خلال فترة ما بعد الحرب يمر المواطن بوضع صعب لكون الشوارع مظلمة ما جعل الناس يمتنعون عن التنقلات ليلا بين المديريات، مشيرا إلى أن مكتبه عمل على اعداد الدراسات الاولية للشوارع التي كانت مظلمة سواء الرئيسية او التي تربط اجزاء المديريات.
ومنذ تولي أحمد لملس منصب محافظ عدن عام2020، تلقى مكتب الاشغال العامة والطرق في المدينة تمويلات كبيرة لتنفيذ اعمال الانارة في كافة الشوارع، حيث كان الخط البحري منطلقا وصولا إلى جولتي العاقل وكريتر، بحسب الصراري.
ويضيف أن مكتبه يعمل في الوقت الراهن على اعداد دراسات جديدة لتشغيل المزيد من الانارة في باقي شوارع المحافظة، كما سيقوم بتنفيذ مشروع انارة شوارع آخرى، فضلا عن توزيع كشافات تعمل بالطاقة الشمسية لبعض احياء مدينة عدن.

تم إنتاج هذه المادة بدعم من مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي


التعليقات