في مخيم المعاشير بمحافظة مأرب شرق صنعاء ولد الطفل اليمني شعلان العنقزي، وتوفى متأثرا بالبرد الشديد بعد حياة قاسية امتدت عاما ونصف العام في خيمة مهترئة لم يهنأ فيها بنوم هادئ ولا بطعام يسد جوعه.
وشعلان العنقزي هو واحد من ستة أطفال توفوا في الآونة الأخيرة بسبب البرد الشديد في مخيم المعاشير للنازحين في مأرب، التي تحتضن أكبر مخيمات النزوح باليمن.
وقال صالح العنقزي والد الطفل شعلان لوكالة أنباء "شينخوا" إنه نزح مع أسرته قبل سنوات من منطقة بني ضبيان في محافظة صنعاء، ومر بثلاثة مخيمات للنازحين قبل أن يستقر مؤخرا في خيمة مهترئة بمخيم المعاشير بمديرية الوادي في مأرب.
وأوضح أن طفله شعلان ولد في مخيم النزوح وظل يعاني من قسوة الحياة، ومع دخول فصل الشتاء وتدني درجات الحرارة توفى متأثرا بالبرد الشديد.
ولا يزال للرجل أربعة أطفال يكابد معهم الحياة الصعبة في خيمة مهترئة لا تقيهم البرد ولا المطر ولا تتوفر فيها فرش للنوم أو مواد غذائية أو أي من مقومات الحياة، على حد قوله.
ويعاني سكان مخيم المعاشير من أوضاع مأساوية نتيجة افتقارهم لأدنى للمقومات الأساسية من أغذية وملابس شتوية، خاصة في ظل موجة البرد الشديدة هذا العام، بحسب مدير المخيم ناصر ناجي سعيد شرهان.
وقال شرهان لـ"شينخوا" إنه "تم تسجيل ست حالات وفاة لأطفال من نزلاء المخيم خلال الأسابيع الماضية بسبب البرد الشديد".
وتابع أن نزلاء المخيم يعيشون منذ ثلاث سنوات بدون كهرباء، كما توقف التعليم عن أبناء النازحين منذ سنوات بسبب انقطاع مرتبات المعلمين.
ودعا المسؤول عن مخيم المعاشير الجهات الحكومية المختصة والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية إلى سرعة إنقاذ النازحين وتوفير السكن اللائق لهم وتقديم المساعدات الغذائية والنقدية والمياه الصالحة للشرب وتوفير ملابس شتوية لمواجهة البرد الشديد.
وكان مصدر في الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في مأرب قد قال لـ"شينخوا" يوم الاثنين الماضي أن الوحدة الحكومية سجلت وفاة سبعة أطفال بسبب موجات البرد الشديد في عدد من المخيمات منذ منتصف شهر نوفمبر الفائت.
وحذر المصدر من أن عشرات الأسر النازحة تعاني بشكل كبير من البرد القارس وسط شح الإمكانيات.
ومنذ منتصف نوفمبر الماضي تضرب محافظة مأرب موجة برد ازدادت شدتها خلال النصف الأخير من شهر ديسمبر وما زالت مستمرة حتى اليوم.
وارتفع عدد الوفيات بسبب البرد الشديد في مأرب إلى عشر حالات، بحسب الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين الحكومية.
وقال مدير إدارة المخيمات في الوحدة التنفيذية بمحافظة مأرب خالد الشجني لـ"شينخوا" إن عدد الوفيات في مخيمات النازحين نتيجة البرد القارس بلغ عشر حالات بينهم أطفال ومسنون.
ويعاني النازحون في أكثر المخيمات، خاصة في مديرية الوادي من موجة برد قارس، وفق الشجني.
وأشار إلى أن الأطفال الذين كانوا يعانون من سوء التغذية والإسهال ضاعف البرد من معاناتهم وقضى على مناعتهم وتوفوا.
ولفت كذلك إلى أن عددا من كبار السن كانوا يعانون من أمراض مزمنة أوالتهابات صدرية توفوا أو لا زالوا يعانون بسبب البرد الشديد.
وبحسب الشجني، فإن حالات الوفاة سجلت في مخيمات المعاشير والرملة والخسف، وأن الوضع مازال حرجا للغاية بسبب استمرار موجة البرد ورداءة المأوى والافتقار التام لوسائل التدفئة في مخيمات النزوح.
وكانت الوحدة التنفيذية الحكومية في مأرب قد دعت في نهاية ديسمبر الماضي، الجهات الفاعلة من شركاء العمل الإنساني إلى تلبية احتياجات الشتاء والعمل على تزويد الأسر النازحة بالاحتياجات الأساسية لحمايتها من موجات البرد القارس والصقيع ومراعاة الأطفال والمسنين.
وتحتضن محافظة مأرب، خاصة المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، أكبر مخيمات النزوح في اليمن، ويقطن هذه المخيمات أكثر من 2,222,500 نازح، بحسب تقديرات حكومية.
فيما تشير تقديرات أممية إلى أن أكثر من ثلاثة ملايين يمني نزحوا من منازلهم جراء النزاع المستمر بين القوات الحكومية وجماعي الحوثي منذ أواخر 2014.
ومازالت موجات النزوح متواصلة في مناطق مختلفة من اليمن مع استمرار النزاع الدموي في البلاد وغياب أي أفق للحل السياسي.
وقالت المنظمة الدولية للهجرة في بيان نشر على موقعها الالكتروني أمس (الأربعاء) إن مصفوفة تتبع النزوح التابعة للمنظمة في اليمن تتبعت نزوح 353 أسرة (2118 فردًا) خلال الأسبوع الأول من يناير الجاري.
وتابعت أن بعض هذه الأسر تعرضت للنزوح لمرة واحدة على الأقل.
وأوضحت المنظمة أن معظم هؤلاء النازحين الجدد تم تسجيلهم في محافظة لحج بواقع 230 أسرة، و77 أسرة في مأرب وباقي الأسر النازحة من محافظتي ذمار وتعز.