بعد الساعة الرابعة صباحاً مباشرة على هضبة (دكسام) ، بالقرب من وسط جزيرة سقطرى اليمنية قامت مكبرات الصوت بإيقاض السكان المحليين مع أول آذان في اليوم للصلاة.  
 ينجرف ضباب كثيف فوق الهضبة وينتشر النسيم نصف دزينة من الخيام المصنوعة من النايلون الأخضر والأزرق لإيواء السياح الأمريكيين والأوروبيين الذين جاءوا لإلقاء نظرة على أحد أكثر الأنواع شهرة في الجزيرة: شجرة غريبة مقلوبة تسمى التنين.  (دراسينا سيناباري).
ومع شروق الشمس ينحسر الضباب، ويُضيء مجموعة صغيرة من المباني التي تشكل القرية، وموقع المخيم، وإلى الغرب طريق واحد ممهد يمر عبر جبال (حجير الخشنة) باتجاه الساحل الشمالي.
و بحلول الساعة 6 صباحًا ، كانت القرية تعج بالنشاط.  
حيث يجلس مالك المخيم (محمد سالم عبد الله مسعود) المعروف باسم (كيباني) في مساحة فوق مرتبة إسفنجية.  وينضم إليه نجله الأكبر (سالم) المرشد السياحي والمحافظ على البيئة، و يرتدي كلاهما الصنادل والقمصان والملابس التقليدية الشبيهة بالتنورة المسماة fouas( الفؤاس ) ، ويجلسان متقلبين لتناول وجبة الإفطار من الشاي والتمر وخبز يشبه الفطيرة يسمى ملوجة ملطخ بالجبن الأبيض الطري والعسل، ويقوم (كيباني) بالتحدث -وهو في منتصف الخمسينيات من عمره- عن شجرة دم الأخوين الرائعة التي تنمو على جبال الجزيرة والهضاب المرتفعة وليس في أي مكان آخر على وجه الأرض،  "شجرة دم الأخوين هي قلب سقطرى ،" قال لي باللغة السقطرية ، كما يترجم (سالم).
فعندما كان كيباني طفلًا روى له أجداده قصصًا عن غابات شاسعة من أشجار دم الأخوين  عبر الهضبة، حيث قالوا : "كان هناك الكثير من الأشجار التي يمكنك المشي من ظل أحدها إلى ظل آخر دون أن تلمسك الشمس أبدًا!"
وهو مثل والديه وأجداده -كانوا من الرعاة الرحل- ينتقلون من مكان إلى آخر لإطعام ماشيتهم وسقيها. كما
 يقول كيباني: "لقد كان أسلوب حياة البدو" ، مشيرًا إلى المجموعة العرقية الثقافية البدوية الموجودة في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وفي الليل أقامت العائلات معسكراً حول الأشجار، وأثناء النهار توفر تيجان الأشجار على شكل مظلة من أوراق الأشجار الصلبة والمكتظة الكثيفة الراحة من شمس الظهيرة الشديدة في الجزيرة. 
كما يتم طحن الراتنج الأحمر اللامع الذي يتسرب من جذع دم التنين عند تقطيعه إلى مسحوق ناعم وبيعه للتجار اليونانيين والعرب والهنود الذين نقلوه حول العالم حيث تم استخدامه في الطلاء وتزجيج الفخار والمكياج وطلاء الأظافر وكمرهم للجروح والخدوش، أو كإكسير لعلاج أي شيء من أمراض الإسهال إلى نزيف ما بعد الولادة.
 لكن في العقود الأخيرة ، أدت ضغوط النشاط البشري وتغير المناخ إلى خسائر فادحة، لذا يتوقع بعض العلماء أن شجرة دم الأخوين ستشهد انخفاضًا حادًا في الثلاثين إلى الثمانين عامًا القادمة ، وقد تختفي تمامًا يومًا ما.  
وكتب( Petr Maděra )، أستاذ علم النبات في جامعة Mendel في جمهورية التشيك ، في ورقة بحثية عام 2019 قائلاً بها: "المستقبل طويل الأمد لهذا النوع ليس مثيراً للأمل".
 ومع ذلك فإن (كيباني) لا يترك الأشجار تذهب دون قتال لأجلها، فعلى مدار العشرين عاماً الماضية كان موقع مخيم دكسام, الخاص به بمثابة مقر لحفظ دم الأخوين، مع حضانة ومركز أبحاث غير رسمي.
ننطلق نحو( Firmhin ) هضبة شمال دكسام حيث لا تزال أشجار دم الأخوين وفيرة, أول دم أخوين يمكن رؤيته على مشارف القرية هي شجرة وحيدة على مساحة من التربة القاحلة والصخرية على بعد بضعة أقدام من البحر اي انه طريق ترابي.  ربما يبلغ ارتفاع الشجرة 15 قدمًا ، مع جذع سميك أبيض رمادي مجعد في المنتصف، مشوه من حصاد الراتنج السابق. 
و في الجزء العلوي من الجذع تنتهي الفروع السميكة والمتقشرة بتاج من الأوراق الرفيعة الطويلة التي تشبه عشب البلوجراس المروي جيدًا.
و تسحب معظم الأشجار الماء من التربة حتى تصل جذورها إلى الأوراق  كما يمكن لأشجار دم التنين القيام بالعكس ، حيث تأخذ الماء من الهواء وتمرره إلى التربة.
و يقترح العلماء أن الشكل الفريد لشجرة دم الأخوين هو تكيفها مع الحياة في بيئتها القاحلة، مما يسمح للأشجار بالتقاط الرطوبة من الضباب والغيوم ، وهي عملية تسمى التقاط الهطول الأفقي.
و يقدر الباحثون أن شجرة كل دم أخوين يمكنها ضخ كمية من الماء في التربة عدة مرات أكثر مما تلتقطه البيئة المحلية مثل هطول الأمطار ، مما يوفر عنصرًا حاسمًا في النظام الهيدرولوجي للجزيرة.
و يقول (كاي فان دام) -الباحث الأوروبي في جامعة غينت في بلجيكا وجامعة مندل وهو أيضًا رئيس مجموعة المتطوعين أصدقاء سقطرى ومقرها المملكة المتحدة- : "شجرة دم أخوين واحدة تجلب كمية هائلة من الماء إلى النظام ولاحظت هذا اثناء  عملي في الجزيرة منذ أواخر التسعينيات" و يقول: "إذا فُقدت شجرة، فإنك تفقد أيضًا مئات اللترات من الماء كل عام والتي كانت ستدخل في النظام الهيدرولوجي الخاص بالجزيرة".
وتعتبر شجرة دم الأخوين "نوعًا شاملاً" ليس في إشارة إلى شكلها بل بالدور البيئي الذي تلعبه، وهي تساعد في دعم العشرات من الأنواع النباتية والحيوانية الأخرى ، من الأبراص والثعابين إلى النباتات المزهرة.  
كما قامت مجموعة من الباحثين بدراسة النباتات التي وجدت وتعيش في الجزء السفلي من شجرة دم الأخوين مقارنة بالمناطق المفتوحة وحددت إجمالي 92 نوعًا من النباتات ، 32 منها بما في ذلك سبعة أنواع متوطنة تم العثور عليها تنمو بشكل حصري بالقرب من أشجار دم الأخوين.
و أثناء القيادة تبدأ الأشجار في أن تصبح أكثر وفرة، وذلك عبر ممر عميق ، تظهر هضبة فيرمين والتي  تنتشر الآلاف من أشجار دم الأخوين في تضاريسها الصخرية.
 ولكن مقابل كل دزينة أو نحو ذلك من الأشجار الحية هناك العديد من الأشجار المتساقطة في مكان قريب ، وجذوع بيضاء متصدعة في الوسط ، وسقوط التاج الضخم ، والأغصان البيضاء الخالية من الأوراق مثل العظام بارزة من الأرض.
و وفقًا للفولكلور نمت شجرة دم الأخوين الأولى في المكان الذي تقاتل فيه شقيقان -درسا وسمحة- حتى الموت.  قصة أخرى تقول أن الأشجار نبتت من قطرات الدم التي أراقها التنين بينما كان يحارب فيلًا.
و  اليوم تعد هضبة فيرمين هي جزء من الغابة ، وجزء من مقبرة دم التنين.
 هناك عاملان رئيسيان يدفعان شجرة دم الأخوين إلى حافة الهاوية ، وفقًا للعلماء.  
حيث أن أزمة المناخ واحدة، فلطالما كان المناخ الصحراوي الاستوائي في سقطرى متطرفًا ، ولكن في العقود الأخيرة ، تسبب تضاؤل ​​مواسم الأمطار في موجات جفاف شديدة وطويلة الأمد ، مما يعني انخفاض الرطوبة في التربة ، تاركًا الشتلات تكافح من أجل البقاء.
و تسببت أنظمة الطقس المتطرفة -والتي لا يمكن التنبؤ بها والتي يغذيها على الأرجح ارتفاع درجة حرارة المحيطات- في حدوث رياح مدمرة وفيضانات في سقطرى في السنوات الأخيرة.  
و في عام 2015 ، ضرب إعصاران الجزيرة وفي أسبوع واحد قضى على حوالي 30٪ من أشجار سقطرى.
و يُعتبر الرعي الجائر هو أيضا عامل رئيسي في تدهور الأشجار، حيث يقدر (مادرا) أن هناك أربعة ماعز لكل إنسان على الجزيرة ، و يقوم بأكل كل شيء في طريقه ، بما في ذلك شتلات دم الاخوين.
و من المحتمل أن يكون عمر معظم أشجار دم الأخوين في البرية اليوم مئات السنين -على الرغم من استحالة حساب عمرها بالضبط- لأنها لا تحتوي على حلقات في جذوعها.  لكن بدون جيل أصغر ليحل محلهم يمكن أن يكون الجيل الحالي هو الأخير.
و تقع سقطرى على مساحة 1400 ميل مربع ، وهي أكبر أربع جزر في أرخبيل سقطرى ، على بعد حوالي 210 أميال من الساحل الجنوبي لليمن. 
و الأرخبيل هو واحد من أكثر الأماكن تنوعًا بيولوجيًا في العالم ، ويطلق عليه لقب "غالاباغوس المحيط الهندي".  يُقدَّر أن 37٪ من 825 نوعًا نباتيًا في الجزيرة ، و 90٪ من الزواحف و 95٪ من القواقع الأرضية مستوطنة ، مما يعني أنها لا توجد في أي مكان آخر على وجه الأرض.  في عام 2008 ، وقد صنفت اليونسكو أرخبيل سقطرى كموقع تراث عالمي طبيعي.
كما تقع سقطرى بين بحر العرب والمحيط الهندي ، وقد احتلت أو استضافت القوات البريطانية والبرتغالية والروسية ، والتي لا تزال دباباتها الصدئة تصطف على الساحل الشمالي للجزيرة.  لكن تلك الاحتلالات جاءت وذهبت ، وفي عام 1967 وهو نفس العام الذي ولد فيه (كيباني) في كهف جبلي على بعد حوالي 10 دقائق من ديكسام ، تخلى البريطانيون عن السيطرة الاستعمارية على النصف الجنوبي مما يعرف الآن بجمهورية اليمن، وقامت الحكومة اليمنية الجديدة بضم سقطرى كمنطقة عسكرية محمية، وفرضت قيودًا على الحركة داخل وخارج الجزيرة، وظل من المستحيل تقريباً زيارتها حتى أواخر التسعينيات بعد الحرب الأهلية القصيرة عام 1994 في وقت إعادة توحيد جنوب وشمال اليمن وشكلت وضع اليوم.
ويعتقد (فان دام) أن هذه القيود - جنبًا إلى جنب مع ثقافة الرعاة الرحل في سقطرى ، والتي تعزز ارتباطًا وثيقًا بين الناس وبيئتهم - ساعدت في الحفاظ على النظام البيئي سليمًا إلى حد كبير، و هذا هو السبب في أن سقطرى فريدة حقًا.
و  ما تراه الآن هو عدد الجزر التي كان من الممكن أن تبدو قبل 300 أو 400 عام عندما كانت لا تزال هناك فرصة لحمايتها ، كما يقول.
 لكن الجزيرة تتغير بعد التوحيد فقد بدأت الحكومة اليمنية بمساعدة منظمات الإغاثة الدولية والحكومات الأجنبية في تحديث البنية التحتية للجزيرة، و أدى فتح الجزيرة أمام الغرباء إلى موجة من البحث العلمي والحفظ البيئي، ولكن أيضًا الى التحديث والتحضر.
 والتطور المستمر وتدفق الأموال الأجنبية يعني أنه لا يوجد اليوم أي جزء من عاصمة الجزيرة بمنأى عن البناء، كما أن التطور لم يسلم من ديكسام أو هضبة فيرمين.
و اليوم يصنف المركز العالمي لرصد الحفاظ على البيئة التابع للأمم المتحدة والاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN) 157 نوعًا من النباتات في سقطرى على أنها ضعيفة أو مهددة بالانقراض أو معرضة لخطر شديد.  
ويشمل ذلك شجرة دم الأخوين ، والتي يصنفها الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة على أنها من الأنواع المعرضة للخطر.
و يعمل (سالم) مع فريق البحث بجامعة مندل في مشروع لرصد الأنواع لتحديد موقع أشجار دم الأخوين الفردية وقياسها في الجزيرة، وعندما يصادف واحدًا ، يفتح تطبيقًا على الهاتف ويتطلع لمعرفة ما إذا تم تسجيل الشجرة، و إذا لم يحدث ذلك ، فإنه يجمع إحداثيات نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) للشجرة ،ويقيس محيط الجذع ويقترب من ارتفاع الشجرة ، ويسجل البيانات ذات الصلة مثل وجود الآفات أو دليل على قطع الفروع أو حصاد الراتنج، وعند اكتمال المسح في السنوات القليلة المقبلة ، يجب أن يكون لدى الباحثين خط أساس شامل لكل شجرة دم أخوين في جميع أنحاء الجزيرة.
 وتقع الحضانة على بعد خطوات قليلة من موقع مخيم دكسام حيث قام (كيباني وسالم) على مدار العشرين عامًا الماضية بتربية شتلات دماء الاخوين، وخلف جدار حجري يبلغ ارتفاعه 6 أقدام تقف الشتلات بارتفاع الركبة في صفوف متباعدة القدمين.  و ما يقارب من 20 عامًا الآن ستبدو أشبه بالشجيرات الشائكة أكثر من الأشجار ، وهي كبيرة بما يكفي لالتقاط هطول الأمطار الأفقية ولكنها لا تزال صغيرة جدًا لتجنب الوقوع ضحية للماعز.  كل بضعة أيام، لذا يتحقق كيباني من توغل الماعز.
و عندما التقى (مادرا وفان دام بكيباني) لأول مرة في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين ، أدركا أنه "كان رجلاً [يعرف] كل شجرة في الجزيرة ، كل الأنواع" يتذكر (مادرا ذلك).  
وقد أراد العلماء إشراك السكان المحليين في جهود الحفظ منذ البداية، يقول (فان دام): "الطريقة الوحيدة التي يمكن أن تعمل بها عملية الحفظ هي أن تكون مملوكة من قبل السكان المحليين إنهم خبراء في معرفة كيفية الاعتناء بأرضهم وحيواناتهم ونباتاتهم ، لأنهم يعيشون هناك."
و إجمالاً قام (فان دام ومادرا وكيباني) بزراعة حوالي 800 شتلة، و قدم فريق مندل الخبرة العلمية الأولية والمساعدة الفنية والأدوات والتمويل ، بينما اعتنى كيباني بالشتلات.
ولم تعد الشتلات اليوم بحاجة إلى سقي منتظم ، لكن (كيباني) لا يزال يزورها كل بضعة أيام للحماية من التهديد المستمر للماعز. 
 ويقدر أن الحيوانات قد أكلت حوالي 200 شتلة على مر السنين ، وأن جميع النباتات الباقية البالغ عددها 600 تقريبًا قد قضمت في النهايات.
و بمجرد أن تنمو الشتلات بطول كافٍ ، سيتم نقل أشجار دم الأخوين إلى البرية.  لكن أشجار دم الأخوين بطيئة النمو بشكل استثنائي ، حيث يبلغ 2.65 سم فقط على مدى خمس سنوات.
و يعرف (كيباني) أنه ربما لن يرى أبدًا ثمار عمله، ولكن ربما يرى أحفاده غابة دماء الاخوين مرة أخرى في ديكسام.