يبدو أن العلاقة السعودية الأمريكية وصلت إلى أدنى مستوياتها.
بعد خطوة من قبل تحالف "أوبك بلس" النفطي الذي تقوده السعودية لخفض إنتاج النفط، قد تؤدي إلى ارتفاع التضخم في الولايات المتحدة قبل أسابيع فقط من انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، قال الرئيس جو بايدن لمراسل CNN جيك تابر إن الوقت قد حان للولايات المتحدة لإعادة التفكير في علاقتها مع السعودية.
وردت السعودية، الأربعاء الماضي، قائلة إن طلب الولايات المتحدة بتأجيل قرار خفض الإنتاج "لمدة شهر" سيكون له تأثير اقتصادي سلبي. فكرة مطالبة الإدارة الأمريكية للسعوديين بتأجيل الخفض إلى ما بعد الانتخابات أثارت غضب منتقدي بايدن.
ورد البيت الأبيض، الخميس، بالقول إن الرياض تحاول "الالتفاف" على الحقائق. وأكد منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي أن الولايات المتحدة "تعيد تقييم علاقتها مع السعودية في ضوء هذه الأفعال".
البيت الأبيض والحزب الديمقراطي في مهمة لمعاقبة المملكة. تم اقتراح مجموعة من الإجراءات، وجميعها تحركات جذرية، يقول المحللون إنها يمكن أن تؤثر بشكل خطير على شراكة الولايات المتحدة التي استمرت 8 عقود مع المملكة، إذا تم تنفيذها.
الرياض أشارت إلى أن التهديدات هي مواقف ما قبل الانتخابات من جانب الديمقراطيين.
قال عادل الجبير، وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية في مقابلة مع CNN، إنه "عندما تكون في موسم الانتخابات، ما يسميه البعض (الموسم الهزلي)، يُقال الكثير من الأشياء ويتم القيام بالكثير من الأشياء التي قد يكون لا معنى لها في وقت آخر"، مضيفا: "آمل أن يكون هذا ما نتعامل معه هنا".
فيما يلي نظرة على الخيارات التي يفكر فيها السياسيون الأمريكيون، ومدى قابليتها للتطبيق:
•تمرير مشروع قانون NOPEC
بعد قرار خفض إنتاج النفط مباشرة تقريبًا، قال البيت الأبيض إن الرئيس بايدن "سيتشاور مع الكونغرس بشأن أدوات وسلطات إضافية لتقليل سيطرة أوبك على أسعار الطاقة"، وهو ما فُسر على نطاق واسع على أنه تهديد بدعم مشروع قانون NOPEC المقدم من الحزبين الديمقراطي والجمهوري.
ويهدف مشروع القانون إلى إخراج التحكم في أسعار النفط من قبضة دول قليلة من خلال تعريض دول أوبك لقوانين مكافحة الاحتكار. وفي حالة إقراره، سيرفع القانون الحصانة عن أعضاء أوبك وشركاتهم النفطية ويسمح بمقاضاتهم للتواطؤ في رفع الأسعار.
أقرت لجنة من مجلس الشيوخ الأمريكي مشروع القانون في مايو/أيار الماضي. ولكن لكي يصبح قانونًا ساريًا، فإنه لا يزال بحاجة إلى الموافقة عليه من مجلسي الشيوخ والنواب بكامل هيئتهما والتوقيع عليه من قبل الرئيس بايدن.
ويهدف مشروع القانون إلى إخراج التحكم في أسعار النفط من قبضة دول قليلة من خلال تعريض دول أوبك لقوانين مكافحة الاحتكار. وفي حالة إقراره، سيرفع القانون الحصانة عن أعضاء أوبك وشركاتهم النفطية ويسمح بمقاضاتهم للتواطؤ في رفع الأسعار.
أقرت لجنة من مجلس الشيوخ الأمريكي مشروع القانون في مايو/أيار الماضي. ولكن لكي يصبح قانونًا ساريًا، فإنه لا يزال بحاجة إلى الموافقة عليه من مجلسي الشيوخ والنواب بكامل هيئتهما والتوقيع عليه من قبل الرئيس بايدن.
وجد استطلاع أجرته شركةMorning Consult وصحيفة "بوليتكو" أن أقل من نصف الناخبين الأمريكيين بقليل يدعمون مشروع قانون NOPEC، بما في ذلك أكثر من نصف الديمقراطيين وحوالي 40% من الجمهوريين.
لكن إقرار القانون لن يكون بدون عواقب على الولايات المتحدة نفسها، بحسب محللين.
قالت كارين يونغ، باحثة أولى في مركز جامعة كولومبيا لسياسة الطاقة العالمية: "أعتقد أن هذا سيكون له تأثير كبير على صناعة النفط والغاز، وسوف يجعل جميع أنواع المشاريع والاستثمارات المشتركة مع شركات النفط الوطنية أكثر تعقيدًا".
هناك أيضًا مخاوف من أن إزالة سقف الإنتاج من شأنها أن تؤدي إلى انخفاض أسعار النفط لدرجة أن صناعة النفط الأمريكية قد تتوقف عن العمل لأن تكاليف الاستخراج في الولايات المتحدة أعلى بكثير من السعودية لبتي لديها أقل تكلفة لاستخراج النفط في العالم، ولذا يمكنها الاستمرار في جني الأرباح بأسعار النفط المنخفضة للغاية.
عارض معهد البترول الأمريكي، وهو اتحاد تجاري لصناعة النفط والغاز الطبيعي، بشدة مشروع القانون، قائلًا إنه سيكون ضارًا بالمصالح الدبلوماسية والعسكرية والتجارية الأمريكية. وقالت غرفة التجارة الأمريكية في مايو/ أيار الماضي إن التشريع "لن يكون له أي تأثير في ترويض أسعار الوقود".
•تعليق مبيعات الأسلحة الأمريكية للسعودية
دعا رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ السيناتور بوب مينينديز هذا الأسبوع إلى تجميد فوري للعلاقات الأمريكية السعودية، بما في ذلك وضع حد لمبيعات الأسلحة بما لا يتجاوز ما هو مطلوب للدفاع عن الأفراد الأمريكيين.
وبينما أظهر عدد من السياسيين دعمهم، أعرب آخرون عن قلقهم، قائلين إن ذلك لن يؤدي إلا إلى دفع المملكة العربية السعودية إلى أحضان روسيا.
الولايات المتحدة هي أكبر مصدر للأسلحة في العالم، إذ بلغ متوسط مبيعاتها العسكرية الأجنبية حوالي 47 مليار دولار في السنة المالية 2021. السعودية عميل رئيسي، حيث تمثل 24 ٪ من جميع مبيعات الأسلحة الأمريكية، وفقًا لتقرير عام 2021 الصادر عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام.
وقال ديفيد دي روش، الأستاذ في مركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الاستراتيجية والمسؤول السابق في البنتاغون الذي عمل في الشرق الأوسط، إن "الأمريكي العادي لا يدرك أن هذه سوق تجارية، إنها سوق يدفع فيه السعوديون أموالا طائلة نوعًا ما". وأضاف: "السعوديون في الواقع كأنهم يدعمون نظامنا للصادرات الدفاعية".
ورأت كارين يونغ أنه من غير المرجح تنفيذ التجميد الكامل لمبيعات الأسلحة للسعودية. وقالت إن المملكة قد تواجه بدلًا من ذلك قيودًا أخرى على نوعيات الأسلحة المباعة.
وأضاف أنه رغم عدم وجود بديل فوري لأنظمة الدفاع الأمريكية، فإن القيود الأمريكية المتزايدة يمكن أن تفتح نافذة للموردين الآخرين.
يقول المحللون إن المملكة العربية السعودية تحاول بالفعل تنويع مصادر أسلحتها، وقد تلجأ إلى شراء أسلحة من مكان آخر إذا قامت الولايات المتحدة بفرض مزيد من القيود على الوصول إلى الأسلحة الأمريكية.
قال الكاتب والمحلل السعودي علي الشهابي إن المملكة "لديها علاقات طويلة الأمد مع بريطانيا وفرنسا والصين، كما تقيم علاقات مع البرازيل وجنوب إفريقيا ودول أخرى"، مضيفا: "هذا السيرك برمته يقنع صناع السياسة السعوديين بأنه لم يعد يمكنهم الاعتماد بشكل أساسي على الولايات المتحدة... لقد انتهى عصر وضع كل البيض في سلة الولايات المتحدة بالنسبة للمملكة".
ولكن يتفق المحللون على أن استبدال السعودية للبنية التحتية الدفاعية الأمريكية أمر مستحيل على المدى المتوسط.
•سحب القوات الأمريكية من السعودية والإمارات
قدم ثلاثة مشرعين ديمقراطيين بالكونغرس الأسبوع الماضي مشروع قانون "لإنهاء الحماية الأمريكية لشركاء الخليج" من خلال سحب القوات من السعودية والإمارات، وهي عضو آخر في أوبك بلس.
وقال المشرعون الديمقراطيون في بيان: "اعتمدت الدولتان على الوجود العسكري الأمريكي في الخليج لحماية أمنهما وحقولهما النفطية"، وأضافوا أنه لا يوجد سبب يدعو القوات والمتعاقدين العسكريين الأمريكيين إلى مواصلة حماية "البلدان التي تعمل بنشاط ضدنا".
تستضيف الإمارات ما يقرب من 3500 جندي أمريكي، وبينما سحبت الولايات المتحدة معظم قواتها من المملكة العربية السعودية في عام 2003، فإنها لا تزال تقدم دعمًا كبيرًا بالأسلحة يهدف إلى مكافحة هجمات الحوثيين اليمنيين المدعومين من إيران.
لكن الخبراء يقولون إن انسحاب القوات الأمريكية غير مرجح لأنه سيترك فراغًا في المنطقة يمكن أن يملؤه خصوم الولايات المتحدة مثل إيران والصين وروسيا.
وقال الشهابي: "عندما يتحدث الأمريكيون عن الأمن في الخليج، ينسى الكثيرون أن ذلك لحماية التدفق الحر للنفط والغاز من الخليج، وليس حماية العائلة الملكية السعودية". وأضاف: "هذا يخدم مصالح الولايات المتحدة ويمنحها نفوذًا ليس فقط على دول مثل الصين، التي تعتمد على النفط القادم من الخليج، ولكن أيضًا على اليابان والهند وأوروبا".
وقال دي روش، إن الضباط العسكريين المتمركزين في السعودية ساعدوا المملكة على تجنب إصابة أهداف مدنية في حرب اليمن، مضيفًا أن قطع العلاقات العسكرية قد تستغرق سنوات لإعادة بنائها وسيؤدي إلى الإضرار بسمعة الولايات المتحدة كشريك أمني.
•ما هي الخيارات الأخرى المتاحة أمام الأمريكيين؟
يقول الخبراء إن جميع الخيارات التي ذكرها السياسيون الأمريكيون لمعاقبة المملكة العربية السعودية غير واقعية ومن غير المرجح أن تتحقق، وقد يختار البيت الأبيض بدلًا من ذلك اتخاذ إجراء أقل أهمية لحفظ ماء الوجه.
وقالت يونغ إن إدارة بايدن "تزيد من هذا التوتر لتحقيق مكاسب سياسية، وهذا قصر نظر بشكل خطير"، مضيفة: "إن هذا الأمر يجعل العلاقة تتعلق بالنفط فقط بينما طوال الوقت كانت الإدارة تحاول جعلها تتعلق بشيء أكبر وأكثر تاريخية". وتابعت بالقول: "قد ينتهي بنا الأمر ببيان خفيف اللهجة بشأن مبيعات الأسلحة وتوبيخ بشأن "القيم".
وقال دي روش إن الاجتماعات رفيعة المستوى بين المسؤولين السعوديين والأمريكيين قد تتوقف لبعض الوقت، مضيفا أن "كل العمل يتم على مستوى أدنى على أي حال". وتابع بالقول: "هناك سبب لعدم انقطاع هذه العلاقة منذ أيام فرانكلين روزفلت... إنها علاقة قائمة على المصالح، والمصالح تبقى دون تغيير".