بلومبيرج: انفجار قنبلة نفطية في اليمن يهدد الاقتصاد العالمي
يمن فيوتشر - بلومبيرج: السبت, 25 يونيو, 2022 - 12:07 مساءً
بلومبيرج: انفجار قنبلة نفطية في اليمن يهدد الاقتصاد العالمي

تسرب من ناقلة حديد راسية في البحر الأحمر مما سيجعل كارثة إكسون فالديز عام 1989 تبدو وكأنها حفلة شاطئية من جديد!!
من المفهوم أن معظم الطاقة الدبلوماسية الدولية المحدودة المخصصة لإنهاء الحرب الأهلية في اليمن تذهب إلى منع الخسائر في الأرواح، سواء من إراقة الدماء أو المجاعة، ولكن الآن بعد أن تم تمديد الهدنة لمدة شهرين بين المتحاربين، يلزم اتخاذ إجراءات عاجلة لإحباط نوع مختلف من الكوارث؛ كتسرب نفطي مثلاً! يمكن أن يصنف كواحد من أسوأ الكوارث البيئية في العالم ويعطل طريق التجارة العالمية الحيوية.
خلقت الحرب الأهلية ولسنوات عديدة حتى الآن الانتباه عن مصير ناقلة النفط العملاقة (FSO Safer) ، المحملة بـ 1.1 مليون برميل من النفط الخام ، والتي كانت تصدأ عند رسوها قبالة ميناء رأس عيسى في الساحل الغربي لليمن.
حيث بذل الحوثيون -وهم جماعة معارضة مدعومة من إيران بدأت الحرب في 2014- بعض الجهود المتقطعة لبيع النفط، لكن الحرب والعقوبات الدولية ردعت المشترين.
ثم بعد ذلك سمح المتمردون للناقلة بالتحلل، مستخدمين احتمال حدوث تسرب كارثي لابتزاز المجتمع الدولي للحصول على المساعدة والشروط المواتية في مفاوضات وقف إطلاق النار.
ووافق الحوثيون متأخراً على السماح بتفريغ النفط من السفينة، لكن الأمم المتحدة والجماعات البيئية مثل غرينبيس تحذر من أن الوقت والمال قصيران - وأن السفينة ماهي إلا صافر قنبلة موقوتة على وشك الانفجار، وتسرب شحنتها السامة في البحر الأحمر!
وهذا لا يهدد فقط البلدان الساحلية الثمانية - اليمن والمملكة العربية السعودية والأردن وإسرائيل ومصر والسودان وإريتريا وجيبوتي - ولكن يهدد أيضاً الشحن الدولي على أحد أكثر طرق التجارة ازدحاماً في العالم. 
و لا تحتاج المخاطر التي يتعرض لها الاقتصاد العالمي إلى المبالغة: فالذكريات لا تزال جديدة منذ آخر مرة خنقت فيها سفينة واحدة الممر المائي.
لكن الضرر الذي قد تسببه (Safer) سيكون أكبر بكثير من التكاليف الاقتصادية التي فرضتها (Ever Given) في مارس 2021. 
حيث تقدر الأمم المتحدة أن الأمر سيستغرق 20 مليار دولار فقط لتنظيف البحر الأحمر من مخلفات السفينة، و قد تكون الخسائر في الاقتصاد العالمي أكبر بكثير.
 وأوضح بوبي غوش انه تم بناء (Safer) في عام 1976 ، ويبلغ طولها 360 متراً - وهي مثل السفينة(  Exxon Valdez )التي كانت مركز التسرب الشهير عام 1989 في (Prince William Sound) في ألاسكا، حيث كانت تسمى سابقاً (Esso Japan) ، وتم تحويلها إلى منشأة تخزين وتفريغ نفط عائمة وبيعها للحكومة اليمنية في عام 1988. 
ويأتي اسمها (يُنطق "saffar") من الموقع الصحراوي لاكتشاف النفط لأول مرة في البلاد.
و صرح بوب ان آخر فحص للسفينة كان قبل ثماني سنوات من قبل مكتب الشحن الأمريكي قبل الحرب الأهلية حيث منعت أي تدقيق إضافي لصلاحيتها للإبحار.
و كانت بحاجة ماسة إلى الإصلاح ، وهو رهان آمن على أن معداتها الميكانيكية والإلكترونية معدات مكافحة الحرائق لم تعد صالحة للعمل.  و يعد الانسكاب من الهيكل المكسور أو الانفجار خطرين واضحين ويمثلان أخطاراً عدة.
وتقدر الأمم المتحدة أن عملية طارئة لتفريغ النفط ستكلف 80 مليون دولار.  (ستكون هناك حاجة في النهاية إلى 64 مليون دولار إضافية لاستبدال السفينة). ومع ذلك ، كان المانحون شحيحين ، والأمم المتحدة لديها نقص بمقدار 20 مليون دولار لعملية التفريغ.  وقررت ان تلجأ إلى التمويل الجماعي عبر الإنترنت لسد هذه الفجوة والنقصة
قد يكون الوقت فرصة ضئيلة للحد من هذه الكارثة، ومن الصعب التنبوء متى تنكسر صافر أو تنفجر، وهذا لا يقل صعوبة إعاقة مصلحة الحوثيين في الحفاظ على السلام 
حيث استخدموا في السابق عمليات وقف العداء لمجرد تجديد إمدادات أسلحتهم.  على الرغم من تمديد الهدنة الحالية ، لكن لم يبد المتمردون الكثير من الاهتمام باتفاق دائم مع الحكومة اليمنية في المنفى وتحالف الدول العربية الداعم لها.
و تضيف العوامل الجيوسياسية إلى حالة عدم اليقين؛ ولم تكن الهدنة لتستمر كل هذه المدة الطويلة إذا لم تكن مناسبة لإيران لكبح جماح المتمردين أثناء تفاوضها من أجل إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 مع القوى العالمية.  ولكن مع تلاشي احتمالات الانتعاش ، قد يطلق النظام العنان للحوثيين مرة أخرى ضد أعدائهم المشتركين ، المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
واذا كان هناك استئناف للهجمات الصاروخية للحوثيين على المنشآت النفطية السعودية والإماراتية فهذا بااطبع سينهي الهدنة وأي آمال في إنقاذ صافر والبحر الأحمر.  ولكن مع تقييد الشحن الخاص بها بسبب العقوبات الاقتصادية ، قد تنظر طهران إلى احتمال حدوث كارثة بيئية في المياه الدولية على أنها مشكلة جهة اخرى.
و السبيل الوحيد للتغلب على ذلك هو أن يدعم المجتمع الدولي الأمم المتحدة بالأموال ورأس المال الدبلوماسي اللازمين لتنفيذ التفريغ الطارئ للناقلة حتى في الوقت الذي تضغط فيه على الحوثيين من أجل هدنة أطول، و يجب أن يتحمل السعوديون والإماراتيون ، الذين سيخسرون من استئناف الأعمال العدائية وأي عائق أمام الشحن في البحر الأحمر ، نصيباً أكبر من الفاتورة.
فالاقتصاد العالمي الان لا يحتمل ابداً حدوث كارثة بيئية على أحد أهم ممرات الشحن.


التعليقات