تبحث القيادة اليمنية الجديدة عن مزيد من الدعم الدولي من أجل التغلب على العديد من التحديات الداخلية وسط الصراع المستمر في البلاد والظروف الاقتصادية الصعبة.
في 6 يونيو ، بدأ رشاد العليمي ، رئيس مجلس القيادة الرئاسي ، جولات لمدة أيام في الكويت والبحرين ومصر وقطر؛ وتأتي الزيارات الرسمية بعد شهرين من تشكيل المجلس الذي يقف اليوم كسلطة يمنية معترف بها دولياً.
كان الرئيس اليمني السابق عبد ربه منصور هادي في المنفى في الرياض على مدى السنوات السبع الماضية وتنازل عن السلطة في أبريل من هذا العام، ونادرا ما زار البلدان الأخرى خلال فترة ولايته.
وإذا فعل فإنه لم يعد إلى الوطن! فقد اعتاد العودة إلى مقر إقامته في الرياض.
لذا لم تكن القيادة اليمنية الجديدة تسير على نفس المنوال والمعيار؛ فبدلاً من ذلك، هي داخل اليمن وقد انطلقت في جولاتها الرسمية الأخيرة إلى خارج اليمن - وستعود من المنفى.
وأوضح العليمي هدفه لدى مغادرته عدن جنوبي اليمن ، مغرداً في حسابه على تويتر: "جولتنا الخارجية تركز على تعزيز العلاقات الثنائية مع عدد من الدول الشقيقة، والتطورات في اليمن، وسبل حشد الدعم للإصلاحات الجارية في البلاد".
كانت هذه الخطوة مثيرة للجدل بالنسبة لليمنيين، مما أثارت تصورات مختلفة وردود فعل متضاربة على الصعيد الوطني.
في حين اعتبر الكثيرون أن هذه الجولات ضرورية للحصول على الدعم السياسي والاقتصادي، و شكك آخرون في الفوائد الملموسة التي ستجنيها اليمن من زيارة بعض البلدان.
لا ينصب تركيز المجلس على الاستعداد للحرب فقط، كما أنه يُبقي الاقتصاد على جدول أعماله.
و التضخم وخفض قيمة العملة ونقص الوقود هي مشاكل أزعجت الناس على مدى السنوات السبع الماضية من الحرب.
وقال محمد السامعي، الصحفي السياسي في مدينة تعز الخاضعة لسيطرة الحكومة لـ "المونيتور" : إن هذه الجولات ستمكّن المجلس التشريعي من حشد الدعم الاقتصادي من الكويت والبحرين ومصر وقطر.
مُضيفاً: "نأمل أن يساعد الدعم في حل بعض المشاكل، بما في ذلك التضخم وهبوط العملة والجوع والنزوح، فـتَرك هذه القضايا دون معالجة هو شكل من أشكال الحرب على المدنيين في اليمن، ويجب اتخاذ إجراءات لمعالجة هذا الواقع المحزن".
وقال السامعي: "ان المجلس الرئاسي يسعى لتحقيقه".
وقدأشارت تقارير الأمم المتحدة الأخيرة إلى أن أكثر من 23 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة ، وتقدر أن القتال قد أسفر عن مقتل أكثر من 150 ألف شخص منذ بدء الحرب، إلى جانب ذلك، توفي 200 ألف شخص بشكل غير مباشر من الأمراض والجوع والمياه غير الصالحة للشرب.
قال صالح عبد الرحمن - من عدن حيث يقع مقر المجلس الرئاسي لـ "المونيتور"- : إن وجود هذه القيادة على الأرض في اليمن وجولاتها الأخيرة إلى دول أخرى كان مصدر أمل في تحسين الحكم في المناطق التي تديرها الحكومة.
و في الوقت الحاضر، تسيطر القوات الحكومية والجماعات المسلحة المتحالفة معها على جنوب اليمن إلى جانب بعض المناطق في شمال اليمن، و يسيطر الحوثيون على غالبية مناطق الشمال.
و أضاف عبدالرحمن: "أستطيع أن أقول إن هذه القيادة الجديدة ستكون أفضل وأقوى، والدليل على وجودها في اليمن وطاقتها لحشد المساعدة الإقليمية والدولية لتجاوز هذا الوضع الصعب.
ما نريده بشكل عاجل من هذه القيادة هو تحسين الخدمات الأساسية مثل الكهرباء.
واكد أيضاً ان "الوضع الامني مستقر في عدن وجميع المحافظات الجنوبية".
أضعفت الأجندة المتضاربة للتحالف الذي تقوده السعودية على مدى السنوات السبع الماضية سلطة الرئيس السابق هادي، الذي لم يتلق الدعم اللازم لتمكينه من عودته إلى اليمن ، وهو ما أبقاه في المنفى بعد فراره من اليمن عام 2015.
حيث غرقت البلاد في محن عديدة، واستمرت الحرب بلا هوادة.
مما جعل الشعب اليمني يفقد الأمل في التحسن إذا بقيت نفس القيادة في السلطة.
كما يعتقد السامعي أن القيادة اليمنية الجديدة تسعى إلى نوعين رئيسيين من الدعم: الاقتصادي والعسكري.
وأضاف: "على الصعيد العسكري الهدنة الحالية هشة، والاعتقاد بأن الحوثيين جاهزون للسلام أمر خاطئ، وبالتالي فإن هذه الزيارات يمكن أن تكون في إطار التحضير لحرب أكثر ضراوة بعد انتهاء الهدنة".
و من المقرر أن ينتهي وقف إطلاق النار الذي ترعاه الأمم المتحدة في 2 أغسطس.
على مستوى الدولة؛ يبدي المسؤولون اليمنيون المناهضون للحوثيين تفاؤلاً بشأن نتائج زيارات المجلس الرئاسي للكويت والبحرين ومصر وقطر.
حيث قال أحمد البرطي، وهو عضو مجلس النواب اليمني، إن الدعم الذي تم حشده سيساعد القيادة على مواجهة الظروف البائسة التي خلقتها الحرب.
كذلك يبدو أن معالجة عواقب الحرب في غضون أشهر بعيد المنال.
لكن البرطي يعتقد أن رئيس المجلس الرئاسي العليمي؛ هو "رجل المرحلة الصعبة".
وأضاف: "العليمي يحمل رؤية لتحقيق الاستقرار في اليمن وإنهاء الحرب والمضي قدما نحو سلام مستدام ودائم".
لا يشعر الجميع في اليمن بالتفاؤل!
الدمار الذي عانته البلاد ، وحجم المعاناة الإنسانية يجعل الكثير من اليمنيين يعتقدون أن هذه القيادة الجديدة لا تملك العصا السحرية كما هو متوقع لعلاج هذه الدولة التي مزقتها الحرب.
قال خليل مثنى العمري ، رئيس تحرير موقع "رأي اليمن" الإخباري، لـ "المونيتور" إن الزيارات الأخيرة التي قامت بها القيادة اليمنية الجديدة إلى عدد من الدول العربية ليست إنجازاً يجب الاحتفال به.
واضاف: "ما فعلوه ليس انجازاً كبيراً طالما ان المواطنين اليمنيين لا يستطيعون السفر بحرية وأمان من مدينة الى اخرى في وطنهم.
المدنيون الذين سحقهم الفقر والبطالة والصيف القاسي في ظل غياب الكهرباء".
وقال أيضاً : "لا يهمهم ان يسافر المسؤولون اليمنيون من دولة الى اخرى".
وأضاف العمري: "مسؤولية الدولة هي تقديم خدمات مثل الأمن والكهرباء ومصادر الرزق ومحاربة الفساد.
ولا أحد -في اليمن-يهتم بمظهر مسؤولي الدولة اليمنية وما يرتدون وما هي الدول التي يزورونها .. "فالمواطن مهتم فقط بـالأفعال التي يمكن أن تقلل من بؤسهم ".
يتفق ماجد سالم ، المقيم في عدن ، على أن الناس في اليمن يريدون أن يروا فوائد ملموسة من هذه القيادة ، بحجة أن الزيارات الرسمية للدول الأخرى لا يمكن أن تكون علاجاً لجميع المعضلات الداخلية في البلاد.
وقال سالم للمونيتور إن أحد التحديات الواضحة هو التراخي الأمني في عدن.
"الأسبوع الماضي ، تم زرع عبوة ناسفة في سيارة أحد الصحفيين في عدن ، وانفجرت السيارة وقتلته على الفور.
كما توجد العديد من الجماعات المسلحة في عدن ، وتعمل خارج سيطرة الدولة.
وهذا مثال على بواعث القلق التي تحتاج إلى حل لمعالجتها ، فالسعي للحصول على دعم خارجي ليس بالفكرة السيئة، لكنه لا يضمن اختفاء كل المشاكل في الوطن ".