يعكس "مؤشر السلام العالمي" للعام 2022 صورة تمثل انعكاسا حقيقيا، لما تشهده المنطقة العربية، وكيف أدت النزاعات التي تشهدها منذ سنوات، إلى تردي مستوى السلام فيها.
ويؤكد المؤشر الصادرعن معهد السلام والاقتصاد العالمي في استراليا، على أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تبقى "الأقل" في مؤشر السلام في العالم للعام السابع على التوالي، رغم تحسن بعض المؤشرات بشكل طفيف.
وتتصدر دولة قطر المؤشر على المستوى العربي لهذا العام 2022، وتأتي الأولى عربيا، فيما تحتل المرتبة الثالثة والعشرين على مستوى العالم، ضمن 163 دولة، وفق المؤشر الذي صدر السبت 18 حزيران/يونيو 2022.
•تدهور وتحسن
وبينما يظهر المؤشر، تحسن الموقف الإجمالي في 12 دولة، من بين 20 من دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فإنه يظهر أيضاً تدهور مؤشر السلام في ثماني دول منها.
ويأتي اليمن في ذيل قائمة الدول، محتلا المرتبة الأدنى في القائمة، في منطقة الشرق الأوسط، وحتى على المستوى العالمي، ليحل مكان سوريا التي ظلت تحتفظ بتلك المرتبة منذ العام 2014، في حين يسجل السودان، أكبر تدهور في مؤشر السلام بالمنطقة، محتلا رابع أقل مرتبة على المؤشر، بعد تدهور متواصل، سجله في العديد من المجالات خلال الفترة الماضية، لكن المؤشر يظهر تحسنا نسبيا في ليبيا، بعد فترة هدوء نسبي شهدتها خلال الفترة الماضية.
ولأن أحداث العالم وأزماته، تترك آثارها بصورة متسارعة على منطقة الشرق الأوسط، فإن ما يتحدث عنه المؤشر من تراجع للسلام العالمي إلى أدني مستوياته، منذ 15 عاما بفعل جائحة كورونا، والحرب الروسية على أوكرانيا يمتد في تداعياته، إلى المنطقة العربية في مجالات متعددة.
وفي هذا المجال، يحذر معهد السلام والاقتصاد العالمي، الذي يصدر المؤشر، من انعدام الأمن الغذائي على مستوى العالم، وينبه إلى أن التهديد الأكبر يطال مناطق إفريقيا، وجنوب آسيا والشرق الأوسط.
•انعكاس لواقع النزاعات
ويمثل ما جاء بالتقرير على مدى السنوات الماضية، من تراجع لحالة السلام والأمن في العديد من الدول العربية، انعكاسا لواقعها المعاش، والمتمثل في أنها باتت ساحات لنزاعات عسكرية، على مدى السنوات الماضية، وأن ذلك أثر بشكل كبير على حالتها الأمنية، ومن ثم أدى إلى تراجع خططها التنموية، وإلى أزمات نزوح في العديد من المناطق، ماتزال قائمة حتى الآن.
وتشير أحد تعريفات حالة السلام في صورتها العامة، إلى زوال الصراعات والحروب، مما ينتج عنه الاحترام الكامل، والخضوع لسيادة الدولة، والتمتع بالحريات والحقوق، واختفاء ثقافة العنف، وعادة ما تنتج هذه الحالة مظاهر للرخاء والاستقرار، في المجتمعات و الدول بشكل عام.
وبجانب النزاعات المسلحة، التي شهدتها العديد من الدول العربية، على مدار السنوات الماضية،فإن الضغوطات على الاقتصادات العربية، فعلت فعلها أيضا في وقت لا تتمكن فيه العديد من تلك الدول، من مجاراة النمو السكاني وما يتطلبه من بنى تحتية وخطط تنموية.
•تفاوت خليجي عربي
على الجانب الآخر، يبدو ملحوظا تصدر دول خليجية لمؤشر السلام العالمي، في عدة إصدارات له، وهي حقيقة يربطها مراقبون بالتفاوت الواضح في المنطقة العربية، في عدة جوانب اقتصادية وتنموية، بين دول الخليج والعديد من الدول العربية الأخرى.
ووفقا لعدة تقارير، فإنه وبالرغم من الظروف الاستثنائية، التي شهدتها المنطقة العربية على مدار السنوات الماضية، فإن الدول الدول الخليجية حافظت على الاستقرار والأمن والسلم الداخلي، وهو ما ينعكس في سياق مؤشر السلام العالمي في إصداراته الأخيرة، حيث حلّت هذه الدول، ضمن قائمة أفضل عشر دول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ولذلك فمن المنطقي أن يتم عكس هذا الاستقرار، على النمو الاقتصادي وزيادة الاستثمارات في البنى التحتية وغيرها.
تجدر الإشارة إلى أن مؤشِّر السلام العالمي، يعد أحد أهم مقاييس مستويات السلام في العالم، وهو يصدر عن معهد الاقتصاد والسلام في أستراليا، ويستخدم 23 مؤشِّراً نوعيّاً وكميا؛ لتصنيف 163 دولة وفقا لمستوى الأمن والسلام فيها، وبذلك فإنه يشمل 99.7% من سكان العالم. ويقيس المؤشِّر حالة الأمن والسلام في ثلاثة مجالات: مستوى السلامة والأمن المجتمعيين، ومستوى النزاعات المستمرَّة، ودرجة العسكرة.