قال خبراء صندوق النقد الدولي ان ارتفاع الأسعار العالمية للسلع يفاقم الأزمة الاقتصادية والانسانية في اليمن, إلا ان الهدنة التي دخلت حيّز التنفيذ مؤخراً، والإعلان عن حزمة تمويلات من دول مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلى الإصلاحات المهمة على صعيد الحوكمة الرشيدة، أحدثت نوعاً من التفاؤل الحَذِر.
وأكد الخبراء في تقرير اصدر عقب زيارة شخصية وافتراضية لليمن, ان الزيادة في التمويل الخارجي والموارد الداخلية تُوفّر فرصةً لتقوية الجهود الرامية إلى تعزيز الشفافية، ولضمان استخدام الموارد في دعم الفئات الضعيفة، وذلك يشمل تيسير الحصول على واردات الأغذية والوقود، والواردات الطبية.
إليكم نص التقرير:
واشنطن العاصمة : قام فريقٌ من صندوق النقد الدولي، برئاسة برِت راينر، ببعثة افتراضية وشخصية إلى السلطات اليمنية خلال الفترة من 31 مايو / أيار إلى 7 يونيو / حزيران. وقد تناولت المناقشات المستجدات الاقتصادية في اليمن، وآفاق الاقتصاد اليمني، والتقدم المُحرز على صعيد الإصلاحات الأساسية. وفي نهاية البعثة، أدلى السيد راينر بالبيان التالي:
"الأزمة الاقتصادية والإنسانية في اليمن تتفاقم. ومع معاناة السكان أصلاً من النزاع المستمر على مدى 7 سنوات، فإن التأثيرات التي أحدثتها الحرب الدائرة في أوكرانيا زادت من تفاقم هذه الأزمة. ووفقاً لما ذكره برنامج الأغذية العالمي، من المتوقّع أن يبلغ عدد الأشخاص - الذين يعانون هذا العام من انعدام الأمن الغذائي في اليمن، 19 مليون شخص (ثلثي عدد السكان)، نظراً إلى أن أسعار الأغذية على المستوى العالمي، الآخذة في الارتفاع، وانخفاض سعر الصرف، قد عملا معاً على رفع نسبة التضخم إلى 60 في المئة تقريباً. وباعتبار اليمن بلداً مستورداً للنفط، على أساسٍ صافٍ، فإن ارتفاع أسعار النفط أضاف ضغوطاً على ميزان المدفوعات والاحتياجات التمويلية.
"ورغم وجود هذه البيئة التي تكتنفها التحديات، إلا أن التقدم الذي تمّ إحرازه مؤخّراً على صعيد تحقيق السلام قد حسّن الآفاق نحو الاستقرار الاقتصادي. فقد كان للهدنة المتواصلة بين الأطراف المتنازعة، وما زال تأثيرٌ إيجابي على الثقة والتجارة. وقد أدّت حزمة التمويل الخارجي الكبيرة التي أعلنت عنها دول مجلس التعاون الخليجي في أبريل / نيسان، وارتفاع حجم التحويلات، والتقدم المُحرز مؤخّراً في مجال رفع الحظر عن (صرف) الاحتياطيات المجمّدة للبنك المركزي اليمني، إلى رفع سعر صرف الريال اليمني مقابل الدولار، وإلى إزالة بعض الضغوط على الأسعار الداخلية. ومع انحسار القتال الفعلي، يُتوقّع العودة إلى تحقيق نمو اقتصادي متواضع بنسبة 2 في المئة تقريباً في العام 2022، بالرغم من انعدام اليقين، إلى حدٍّ كبير، بشأن تطوُّر النزاع.
"وتساعد إصلاحات السياسات التي تحقّقت مؤخراً في تعزيز سعر الصرف والاستقرار الاقتصادي. كذلك فإن العمل بإجراء مزادات العملة الأجنبية قد عزّز توفير المخصصات لموارد العملة الأجنبية بطريقة كفؤة، كما ساعد في تمويل الواردات البالغة الأهمية، رغم أن مشاركة المصارف في المزادات كانت ولا تزال غير متّسقة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن اعتماد سعر الصرف السائد في السوق في حساب الإيرادات النفطية في الآونة الأخيرة، مدعوماً بارتفاع أسعار النفط قد خفّض الحاجة إلى التمويل النقدي لعجز الموازنة، في الوقت الذي وفّر فيه مساحةً في المالية العامة للإنفاق الاجتماعي بدرجة أكبر، ولإعادة تأهيل البنية التحتية. وقد حثّت البعثة السلطات اليمنية على زيادة حجم المشاركة في المزادات، عن طريق إزالة القيود المفروضة على استعمال العملة الأجنبية. كذلك نصحت البعثة السلطات للاستمرار في تحقيق التقدم عن طريق اعتماد سعر الصرف السائد في السوق في احتساب الإيرادات الجمركية، وتسريع عجلة إصلاح إدارة الموارد العامة للدولة لأجل تعزير الحوكمة الرشيدة، والاستخدام الكفؤ للموارد النادرة.
"ويودّ فريق البعثة أن يزجي الشكر إلى السلطات اليمنية على المباحات المثمرة التي أجراها معهم، ويتطلّع قدماً نحو استمرار التفاعل والمشاركة الوثيقة فيما بين الطرفين."