حذر مسؤول حكومي يمني، من "كارثة حقيقية" تعيشها مدينة تعز (جنوب غرب) جراء حصارها المستمر من جماعة الحوثي منذ 7 سنوات، معتبرا أن الهدنة السارية بالبلاد "لبت مصالح الحوثيين".
جاء ذلك في مقابلة أجرتها الأناضول مع رئيس الفريق الحكومي الخاص بالتفاوض لفتح طرقات مدينة تعز، عبد الكريم شيبان.
وقال شيبان: إن "تعز تدفع ثمن رفضها لمشروع جماعة الحوثي (..) الحوثيون ينتقمون منها أشد انتقام ويمنعون عنها المياه والكهرباء والإغاثة".
وفي منتصف أبريل/ نيسان الماضي أعلنت الحكومة اليمنية أنها سمّت فريقها الخاص للاجتماع مع الحوثيين من أجل الاتفاق على فتح طرقات محافظة تعز (جنوب غرب)، وفق الهدنة الأممية التي بدأ سريانها مطلع الشهر نفسه.
وقبل تعيينه رئيسا للفريق الحكومي المشكل مؤخرا، كان شيبان يرأس لجنة التهدئة المشكلة من الحكومة في 2016 المخولة بالتفاوض مع "الحوثي" لوقف إطلاق النار وفتح منافذ وطرقات تعز.
وفي السياق، استغرب شيبان فتح ميناء الحديدة، وتشغيل مطار صنعاء الدولي (خاضعان للحوثيين) قبل فتح منافذ مدينة تعز؛ معتبرا هذه الخطوة "ستدفع جماعة الحوثي لمزيد من التعنت حيال تعز بعد تلبية مطالبها من الهدنة الأممية".
وأضاف أننا "نتفهم الحاجة الإنسانية لفتح مطار صنعاء لكن لسنا مسؤولين عن هذه المأساة التي يتحمل مسؤوليتها الحوثيون باعتبارهم الطرف المتسبب بالصراع المستمر".
وأردف شيبان، "كان من المفترض أن يتم تنفيذ عناصر الهدنة الأممية بشكل متزامن كي لا يكون هناك مجال لأحد للتهرب من تنفيذ التزاماته لكن مع حدث هو العكس (..) تمت فقط تلبية مطالب الحوثيين في وقت يستمرون فيه بفرض الحصار على تعز".
واتهم الجماعة بأنها "ترفض حتى اللحظة تسمية ممثليها للتفاوض من أجل فتح طرقات في تعز وفق الهدنة الأممية رغم تشغيل مطار صنعاء الدولي".
وفي 1 أبريل الجاري، أعلن المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ عن موافقة أطراف الصراع على هدنة لمدة شهرين قابلة للتمديد، بدأت في اليوم التالي، مع ترحيب سابق من التحالف العربي.
وتتضمن الهدنة "اجتماع الأطراف للاتفاق على فتح طرق في تعز وغيرها من المحافظات لتيسير حركة المدنيين من رجال ونساء وتنقلاتهم بالاستفادة من الجو الذي تهيئه الهدنة".
•"فتح طرق تعز بيد زعيم الحوثيين"
وقال شيبان: إن أولى الجهود المبذولة لفتح طرقات تعز بدأت في أبريل 2016، بتوقيع اتفاق ظهران الجنوب (في السعودية) مع جماعة الحوثي، والقاضي بفتح الطرقات تحت إشراف الأمم المتحدة والمملكة العربية السعودية.
وأشار إلى أن "الجماعة لم تلتزم بتنفيذ هذا الاتفاق رغم أننا بذلنا جهودا كبيرة في التواصل مع الأمم المتحدة ومبعوثها لليمن آنذاك (إسماعيل ولد الشيخ) للضغط عليها للتنفيذ".
وكشف شيبان أن قرار رفع الحصار عن تعز مرتبط رأسا بزعيم الحوثيين (عبد الملك الحوثي)،.
ويرى أن باقي مسؤولي الجماعة "لا يمتلكون القرار أو القدرة على تنفيذ التزاماتهم".
وتتهم منظمات حقوقية وإنسانية الحوثيين بفرض حصار على مدينة تعز (مركز محافظة تحمل الاسم نفسه)، وهي تخضع لسيطرة الحكومة، منذ اندلاع النزاع في 2015، ومنع قوافل الإغاثة الإنسانية من الوصول إلى السكان والمتضررين من الحرب، وهو ما تنفيه الجماعة.
• "إهمال" أممي ودولي
وأعرب شيبان عن أسفه لـ"عدم وجود أي تفاعل دولي مع جريمة حصار تعز رغم تداعياته القاسية على مئات الآلاف من المدنيين".
وتابع، "على مدار الأعوام الماضية وجدنا صعوبات في فتح قنوات تواصل مباشرة مع مبعوثي الأمم المتحدة كي نوضح لهم الأبعاد الخطيرة لاستمرار إغلاق طرقات ومنافذ تعز".
وأوضح شيبان أنه "خلال هذه المدة تمت فقط بعض اللقاءات مع عدد من موظفي الأمم المتحدة وممثلين عن مبعوثيها في البلاد".
وأشار إلى أن "هذه اللقاءات لم تكن تخرج بأي نتائج (..) كانوا يبلغوننا أنهم سينقلون مقترحاتنا إلى الحوثيين لكننا لا نتلقى أي رد منهم بعد ذلك".
واعتبر "التراخي الأممي والدولي سبب رئيسي لعدم حلحلة هذا الملف الإنساني وبقاء الأوضاع كما هي عليه".
•مأساة إنسانية
وأكد شيبان أن "الإغلاق المستمر لمنافذ تعز من قبل الحوثيين ألقى بظلاله الكارثية على حياة مئات الآلاف من المدنيين".
وأوضح "أن هذا الإغلاق تسبب بمعاناة كبيرة ومشقة شديدة للمواطنين في تنقلاتهم والحصول على احتياجاتهم إضافة إلى انعدام الخدمات وارتفاع الأسعار وفقدان كثيرين لوظائفهم بسبب صعوبات التنقل".
وأكمل المسؤول الحكومي، "تعز مع الحصار أصبحت أشبه بقرية لا تتمتع بأي مقومات للحياة".
ومنذ أكثر من 7 سنوات يشهد اليمن حربا مستمرة بين القوات الموالية للحكومة الشرعية، مدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده الجارة السعودية، والحوثيين المدعومين من إيران والمسيطرين على محافظات، بينها العاصمة صنعاء منذ سبتمبر/ أيلول 2014.
وحتى نهاية 2021، أودت الحرب بحياة 377 ألف شخص، وكبدت اقتصاد اليمن خسائر بـ 126 مليار دولار، وفق الامم المتحدة، وبات معظم سكان البلاد، البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على المساعدات، في إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية بالعالم.