نيويورك: 144 مليون دولار لتفكيك قنبلة اليمن السعيد الموقوتة
يمن فيوتشر - الامم المتحدة: الثلاثاء, 26 أبريل, 2022 - 02:44 صباحاً
نيويورك: 144 مليون دولار لتفكيك قنبلة اليمن السعيد الموقوتة

اليمنُ السعيد! هكذا عُرف اليمن منذ القدم وهكذا كان يسميه أهله وكل زوراه. ولكن في ظل النزاعات المستمرة والحرب الدائرة لأكثر من 7 أعوام، لم يعد اليمن سعيدًا كما كان. 
دمر الصراع جميع مقومات الحياة الأساسية في البلد وانهار الاقتصاد، ما أدى الى تدهور الوضع الإنساني في بلد يحتاج فيه ما يقرب من ثلاثة أرباع سكانه للاستجابة الإنسانية الطارئة. 
اليمن الذي يملك العديد من الثروات، من ضمنها الثروات السمكية، أصبح حوالي 17 مليون فرد من سكانه يفتقر للأمن الغذائي.
ويقول نجيب سالم أحد الصيادين البالغ من العمر 27 عامًا من محافظة الحديدة وعمل في الصيد منذ طفولته: "أُعيل أسرة كبيرة مكونة من زوجتي وطفلين ووالدتي وأختين، ودخلي يومي على حسب وفرة الصيد بمعدل يومي 5000 ريال يمني (بما يعادل 9 دولارات أمريكية حسب سعر الصرف في شمال البلد) يوميًا، وقد ينقطع لأيام وأسابيع أحيانًا حسب مواسم الوفرة السمكية".
ولا ننسى الموقع الجغرافي الاستراتيجي لليمن فهي إحدى أهم بوابات المنطقة، إذ تطل مباشرة على واحد من أهم المضائق في العالم وهو مضيق باب المندب الذي يتحكم بالمنطقة المائية البحرية التي تفصلُ قارة آسيا من ناحية الشرق وأفريقيا من ناحية الغرب، وتربط المحيط الهندي وبحر العرب بالبحر الأبيض المتوسط، حيث تنتشر جزرها في مياهها الإقليمية على امتداد بحر العرب وخليج عدن والبحر الأحمر.
لكن بعض مدنها وجزرها قبالة البحر الأحمر أمام وضع ينذر بكارثة بيئية وإنسانية، حيث يرسو الخزان العائم صافر الذي تم تحويله إلى منشاة تخزين وتفريغ عملاقة عائمة ترسو قبالة ساحل البحر الأحمر في اليمن وتحوي نحو 1,14 مليون برميل من الخام الخفيف. 
لم تسلم صافر من تأثير الصراع المستمر الذي ترك تداعياته على كل مكونات البلد، إذ تم تعليق عمليات الإنتاج والتفريغ والصيانة على متن الناقلة عام 2015.
ويقول ديفيد غريسلي، المنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية لليمن: "إذا حدث تسرب للناقلة فقد يؤدي إلى حدوث كارثة إنسانية وبيئية في بلد دمرته الحرب لأكثر من سبع سنوات. ولسوف تتضرر الدول في البحر الأحمر بيئياً ويتأثر الاقتصاد في جميع أنحاء المنطقة".
في اليمن، يعاني أكثر من 20 مليون شخص من الفقر المدقع، إذ أصبحوا غير قادرين على تحمل تكاليف تلبية احتياجاتهم الأساسية، ويعتمدون بشكل متزايد على المساعدات الإنسانية من أجل الصمود. 
وقال نجيب سالم: "خطر التسريب من خزان صافر العائم سيضر الأسماك والشعب المرجانية وبالتأكيد سأتضرر كصياد وكذلك الصيادين كافة والبيئة البحرية."
 وأضاف: "ستموت العديد من الأسماك ولن يبقى لنا دخل كصيادين، ومما قد يزيد الوضع سوءاً هو أن تسعين في المائة من سكان العديد من المناطق الساحلية والمناطق التهامية اليمنية يعتمدون اعتمادًا كاملًا على الصيد! ولك تخيل الضرر الكارثي إذا حدث التسرب".
تلعب الأمم المتحدة دورًا حيويًا في حل هذه القضية، وقد قامت بتصميم خطة قابلة للتنفيذ لمواجهة التهديد، حظيت بدعم الحكومة اليمنية في عدن وكذلك السلطات في صنعاء التي تسيطر على المنطقة حيث توجد الناقلة.
هناك حاجة ماسة لحوالي 144 مليون دولارًا للاستجابة لأزمة الخزان العائم صافر منها 80 مليون دولارًا في شكل عاجل لتنفيذ العملية الطارئة للقضاء على التهديد المباشر ونقل النفط من على متن ناقلة صافر الى سفينة موقتة آمنة خلال فصل الصيف بين يونيو وسبتمبر. بحلول بداية شهر أكتوبر، ستجعل الرياح الشديدة والتيارات المتقلبة عملية الإنقاذ أكثر خطورة وستزيد من احتمالية انهيار السفينة.
أضاف غريسلي خلال إحاطته في جلسة المتحدث الرسمي في نيويورك في الـ8 من أبريل الماضي: "أنا متفائل بأن تنتهي قضية صافر بشكل إيجابي. إن نجاح خطة الأمم المتحدة تتوقف على الالتزامات السريعة للمانحين لبدء العمل في يونيو المقبل، والانتظار أبعد من ذلك سيؤدي إلى تأخير بدء المشروع لشهور عدة وترك القنبلة موقوتة".
وفي هذا الصدد، نظمت الأمم المتحدة في مارس الماضي زيارة للسفير الهولندي في اليمن وخبراء تقنيين الى محطة راس عيسى في محافظة الحديدة حيث ترسو الناقلة.
وقال بيتر ديرك هوف، سفير مملكة هولندا في اليمن خلال الزيارة: "نتعهد في مملكة هولندا أن نقوم بدعم الأمم المتحدة في ايجاد الحل وإزالة خطر التهديد البيئي والانساني لليمنين من احتمال التسرب في ناقلة صافر، وبدعم المجتمع الدولي سنتمكن من حل هذه الأزمة".
في 11 مايو المقبل، ستشارك مملكة هولندا والأمم المتحدة باستضافة حدث لتعهد المانحين لدعم الخطة المنسقة من قبل الأمم المتحدة لمواجهة تهديد الخزان العائم صافر.
يروى نجيب سالم معاناته كصياد قائلًا: "كان وضعنا كصيادين أفضل بكثير قبل الحرب، وبسبب الحرب تأثرنا اقتصاديًا ونفسيًا من الرعب الشديد الناتج عن القصف ومعظم الأوقات أثناء الصيد. ومما زاد الوضع سوءًا هو انتشار جائحة كورونا، إذ تم الزامنا بأوقات عمل محدودة وكانت الإجراءات مشددة قبل الخروج للصيد وأثناء العودة. وبسبب ضيق الوقت والاجراءات المشددة لم نكن قادرين على تغطية احتياجاتنا اليومية." 
من أجل أن يستمر نجيب سالم وكل الصيادين الآخرين في السواحل اليمنية في تأمين أرزاقهم، ولكي نحمي اليمن وكل الدول المجاورة لها في البحر الأحمر من وقوع كارثة محققة من تسرب أو انفجار النفط في الخزان العائم صافر، يجب أن يتكاتف الجميع ويشعر بالمسؤولية، ويلبي المجتمع الدولي النداء في توفير التمويل اللازم لتتمكن الأمم المتحدة من تنفيذ خطتها.


التعليقات