رحب مبعوث الامم المتحدة، هانس غروندبرغ اليوم الخميس للمرة الاولى بالمجلس الرئاسي اليمني، كما اعرب عن امله في تشارك الجهود مع جميع الاطراف دعما للهدنة الهشة في البلاد..اليكم نص احاطته لمجلس الامن الدولي.
السيدة الرئيسة،
في بداية هذا العام، أخبرت المجلس أنَّ التصعيد العسكري كان من أسوأ ما شهدناه في اليمن منذ أعوام، والآن يسعدني أن أخبركم أنَّ هناك بصيصًا من الأمل في نهاية النفق. فبعد حوالى ثلاثة أشهر من المفاوضات الثنائية، وافقت الأطراف على مبادرة الأمم المتحدة بشأن هدنة في جميع أنحاء البلاد مدتها شهرين قابلة للتجديد، وهي الهدنة الأولى التي تمتد لتشمل جميع أنحاء البلاد منذ ستة أعوام. وقد وافقت بداية الهدنة غُرَّة شهر رمضان الفضيل وتضمنت بنودًا لتحسين حرية حركة البضائع والأفراد رجالاً ونساءً وأطفالاً.
وحتى الآن، لا تزال الهدنة صامدة. وهي تمنح اليمنيين مهلة للراحة، وهي لحظة يمكن فيها السعي نحو السلام. إلا أن ضمان ثبات الهدنة والتأكد من أن تصبح نقطة تحول نحو السلام يتطلب التزامًا مستمرًا من الأطراف ودعمًا واسعًا من دول المنطقة والمجتمع الدولي.
منذ بدء الهدنة، ظهرت بوادر تشجع على الاعتقاد بأنَّ وقف أنماط التصعيد الدورية هو أمر ممكن. فقد حدث انخفاض كبير في العنف وفي أعداد الضحايا المدنيين.
ولم تحدث ضربات جوية مؤكدة داخل اليمن ولا عبر حدوده من داخل اليمن إلى دول المنطقة. وازداد تدفق الوقود إلى اليمن عبر موانئ الحديدة. والاستعدادات قائمة لانطلاق رحلات تجارية من مطار صنعاء للمرة الأولى منذ عام 2016.
ويعمل مكتبي على جمع الأطراف معًا لفتح طرق في تعز وفي محافظات أخرى. ولا ينبغي الاستهانة بتأثير كل ذلك على حياة اليمنيين أو برمزيته.
مع أنَّ الهدنة صامدة بشكل عام، إلا أن التقارير المتواترة حول عمليات عسكرية، خاصة حول مأرب، مقلقة ويجب التعامل معها بشكل عاجل وفق الآليات التي أسستها الهدنة.
وقد أخبرني كثير من اليمنيين عن خوفهم من استغلال الهدنة واستخدامها من أجل التحضير لتصعيد جديد. وهذا الخوف مفهوم في ظل غياب الثقة والتجارب السابقة، وأود أن أذكِّر الأطراف بأنَّ المبدأ الأساسي للهدنة هو ضرورة استخدام المهلة التي توفرها الهدنة لإحراز التقدم نحو إنهاء الحرب، وليس لتصعيدها.
وقد التزمت الأطراف علنًا بخفض التصعيد، وهذا ما يتوقعه منهم الشعب اليمني والمجتمع الدولي. وقد أنشأ مكتبي آليات تنسيق تغطي جميع نواحي الهدنة وأحث الأطراف على الانخراط بجدية وبشكل حقيقي في تلك الآليات.
أود التشديد، سيدتي الرئيسة، على أنَّ تخفيف القيود المفروضة على حركة المدنيين، رجالاً ونساءً وأطفالاً، وعلى حركة والبضائع هي من أولويات هذه الهدنة. وقد رأينا دخول عدد من السفن إلى موانئ الحديدة بالفعل، وقد كان لذلك أثر إيجابي في حياة المدنيين.
وينبغي استئناف الرحلات من وإلى مطار صنعاء، ونحن نعمل مع الشركاء لتحقيق ذلك بأسرع وقت ممكن. وأود التأكيد أيضًا على أنَّ الوصول إلى اتفاق لفتح طرق في تعز وغيرها من المناطق هو أولوية. أعلم أن سكان تعز قد طال انتظارهم للحظة التي يمكنهم فيها التحرك بحرية إلى داخل المدينة وخارجها. ومن الضروري أن يتم بذل عمل جاد في تعز لفتح الطرق للسماح للمدنيين على جانبي الجبهات داخل المدينة وفي المناطق المحيطة بها للذهاب إلى العمل والدراسة ولتسهيل التجارة.
السيدة الرئيسة، أود أن أتقدم بالشكر لحكومة اليمن ولأنصار الله على تحليهما بروح القيادة المطلوبة وتقديم التنازلات اللازمة للوصول إلى هذا الاتفاق. وأود استغلال هذه الفرصة لتشجيعهم على الاستمرار في تنفيذ كل عناصر الهدنة. وأود أن أقر بالأدوار بالغة الأهمية التي لعبتها المملكة العربية السعودية وسلطة عُمَان دعمًا للمفاوضات التي أوصلتنا إلى هنا. كما لعب أعضاء هذا المجلس دورًا مهمًا في دعم المحادثات. وأود أن أعبِّر أيضًا عن امتناني للدول الأعضاء التي تعمل بنشاط معنا لتأسيس بعض الآليات المرتبطة بمحاور الهدنة.
كما أود أيضًا أن أشيد بمساهمات الفاعلين اليمنيين في مجال السلام. فتبني هذه الهدنة على الجهود الدؤوبة وطويلة المدى للجهات المدنية اليمنية الفاعلة، ولمجموعات الشباب والناشطات النساء في مجال السلام في سعيهم لإنهاء الحرب وتحسين أوضاع المدنيين في كل أنحاء البلاد. وسوف أستمر بالعمل معهم لتوليد زخم إضافي نحو السلام.
السيدة الرئيسة، لقد جاءت الهدنة نتيجة للالتزامات التي قطعتها الأطراف على أنفسها، وهي هدنة تحظى بدعم دولي كبير. لكنَّها ما زالت هشَّة ومؤقتة. وعلينا أن نعمل معًا بشكل جماعي ومكثف في الأسابيع القادمة للحيلولة دون انهيارها. وسوف أستمر في التفاعل مع الأطراف لتنفيذ الهدنة وتوطيدها وتمديدها، وهو ما ركزت عليه زيارتي الأخيرة إلى مسقط وصنعاء، والتي ناقشت خلالها أيضًا الخطوات القادمة من أجل تقوية الهدنة، والخطوات التي تلي ذلك بعد مرور فترة الشهرين.
السيدة الرئيسة، لقد ظهرت مؤشرات إيجابية أخرى على التقدم في مجال بناء الثقة خلال الأسابيع القليلة الماضية. فنحن نحرز تقدمًا في ملف تبادل المحتجزين وأحث الأطراف على الإسراع في الاتفاق على تفاصيل عملية إطلاق السراح حتى يتم لم شمل الأسر اليمنية مع أحبائها في أقرب وقت ممكن. وسوف يقدم مكتبي واللجنة الدولية للصليب الأحمر، والذين يتشاركا رئاسة اللجنة الإشرافية، الدعم للأطراف في هذا المسعى.
السيدة الرئيسة، استضاف مجلس التعاون الخليجي في نهاية آذار/مارس وبداية نيسان/أبريل مشاورات مع مئات اليمنيين في الرياض في إطار دعمه المعلن للحل السلمي للنزاع. وقد تمخضت تلك المشاورات عن عدة نتائج إيجابية بما فيها ضرورة تجنب الحلول العسكرية والالتزام بالحوار تحت رعاية الأمم المتحدة. وأظهر ذلك أهمية دور المنظمات الإقليمية في دعم جهود الأمم المتحدة لتحقيق السلام.
وفي السابع من نيسان/أبريل، اتخذ الرئيس هادي قرارًا بتفويض كامل صلاحياته إلى مجلس القيادة الرئاسي حديث التأسيس.
وتوافقًا مع مجلس الأمن، أرحب بتشكيل مجلس القيادة الرئاسي لحكومة اليمن وبتوليه للمسؤوليات، حيث يعكس مجموعة أوسع من الفاعلين السياسيين. وقد عبَّر مجلس الأمن عن توقعه بأن يمثل تشكيل مجلس القيادة الرئاسي خطوة مهمة نحو الاستقرار ونحو تسوية سياسية يمنية شاملة يمتلكها ويقودها اليمنيون تحت رعاية الأمم المتحدة.
وأتطلع إلى الانخراط مع مجلس القيادة الرئاسي للاستمرار في العمل نحو هذه الغاية. وأرحب أيضًا بالحزمة الاقتصادية التي أعلنت عنها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
السيدة الرئيسة، إن الهدنة فرصة لتوجيه اليمن في اتجاه جديد. لكنَّ تعزيز هذا المسار ومنع الانزلاق مجددًا إلى القتال يتطلب إحراز التقدم على الجبهة السياسية أيضًا. فعلى اليمنيين أن يحددوا ويمتلكوا تسوية تفاوضية للنزاع من خلال الحوار.
بالنظر إلى المستقبل، سوف أستمر في الانخراط مع الأطراف للبناء على عناصر الهدنة من أجل العمل على استدامتها، وأيضًا كجزء من عمليتي متعددة المسارات.
وسوف تسترشد هذه الجهود بالمشاورات التي أطلقتها، والتي أنهيت جولتها الأولى في نهاية آذار/مارس حيث تشاورت وتناقشت مع مجموعة متنوعة من اليمنيين واليمنيات بما شمل أحزابًا سياسية، وخبراء اقتصاديين وأمنيين، وفاعلين مدنيين، والجمهور اليمني الأوسع.
وكان الهدف هو فهم أولوياتهم للعناصر الاقتصادية والأمنية والسياسية التي سوف تثري إطار العمل الخاص بعملية متعددة المسارات وصولاً إلى تسوية مستدامة. وسوف أعقد مزيدًا من المشاورات بعد شهر رمضان.
والرسالة الأساسية التي ظهرت من خلال المشاورات حتى الآن كانت أنَّ اليمنيين يريدون أن تنتهي الحرب، يريدون العيش بسلامة وأمان، وأن يكونوا قادرين على رعاية أسرهم والوصول إلى الخدمات العامة وممارسة حقوقهم. وقد أكد اليمنيون على اختلاف انتماءاتهم السياسية ومواقعهم الجغرافية على تردي الوضع الاقتصادي في اليمن مشيرين إلى ضرورة استئناف سداد الرواتب وتوفير الخدمات ومعالجة ارتفاع تكلفة المعيشة وضمان حرية حركة الأفراد والبضائع والجمع بين المؤسسات الاقتصادية. وأشار كثير من اليمنيين إلى الحاجة إلى الحوكمة الفعالة والخاضعة للمساءلة على جميع المستويات بما فيها المستوى المحلي. وأكدت عدة مجموعات من جنوب اليمن على ضرورة معالجة القضية الجنوبية بطريقة مستدامة. وكذلك أثار مختلف اليمنيين ضرورة أن تشمل الترتيبات الأمنية الفاعلين الأمنين على المستوى المحلي والمجتمع المدني، وأن تأخذ في الحسبان حاجات السكان المدنيين. وقد كان للنساء مشاركة نشطة في هذه المشاورات، وذلك أمر مشجِّع لي. فقد أكَّدنَ على الأثر غير المتناسب الذي وقع عليهن نتيجة للنزاع وصعوبة الوضع الاقتصادي وطالبن بإشراكهن في محادثات السلام كما طالبن بحماية النساء والفتيات من جميع أنواع العنف.
السيدة الرئيسة، إنَّ هذه الأولويات تحدد ملامح الخطوات القادمة والمنهج الذي اتخذته في سبيل الوصول إلى حل مستدام. وهذه الهدنة تقدم فرصة نادرة للتحول نحو مستقبل سلمي. وستختبر الأسابيع القادمة التزامات الأطراف في تمسكها بمسؤولياتها. إن هذا هو وقت بناء الثقة، وليس ذلك بالأمر السهل بعد سبع سنوات من النزاع. إنَّ اليمن بحاجة إلى دعم المجتمع الدولي أكثر من أي وقت مضى للمحافظة على الزخم والتحرك نحو التوصل إلى نهاية جامعة سلمية مستدامة للنِّزاع. وسأحتاج بدوري إلى مضاعفة جهودكم ودعمكم خلال هذه المرحلة الحرجة.
شكراً جزيلاً لك، السيدة الرئيسة.