رحب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بالمشاورات التي من المقرر أن تبدأ الأسبوع المقبل، بشأن إعلان سياسي لحماية المدنيين الذين يعيشون في المدن والبلدات التي تتعرض لإطلاق نار وقصف عنيف.
فمن أوكرانيا إلى سوريا، ومن إثيوبيا إلى ميانمار، كانت الخسائر في الأرواح والدمار الناجم عن استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان واضحة منذ فترة طويلة، وهي قضية كان غوتيريش قد أثار قلقا بشأنها لأكثر من عقد، بعد أن دعا الأطراف المتحاربة مرارا وتكرارا إلى تجنّب استخدامها.
وليست الضربات الجوية على المنشآت المدنية في المملكة العربية السعودية واليمن، والهجمات المستمرة ضد أوكرانيا، حيث يعيش الملايين في خوف دائم من القصف العشوائي، سوى أحدث الأمثلة على هذه الآفة.
وقال بيان منسوب للمتحدث باسم الأمين العام إنه "عند استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان، فإن 90 في المائة من الضحايا هم من المدنيين، مما يؤدي إلى صدمة دائمة يعاني منها ملايين الفتيات والفتيان والنساء والرجال."
وفي البيان، أشار الأمين العام إلى أن المشاورات غير الرسمية بشأن وضع معاهدة تتعلق باستخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان ستُعقد في جنيف في الفترة الواقعة بين 6 إلى 8 نيسان/أبريل.
•"تدمير عشوائي"
يخلق استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان نمطا ثابتا من الأذى الذي يلحق بالمدنيين، ويزهق الأرواح ويدمر سبل العيش والبنية التحتية الحيوية مثل مرافق الرعاية الصحية – حيث يمثّل المدنيون تسعة من كل 10 ضحايا.
وجاء في البيان أيضا: "عانت المناطق المأهولة بالسكان في جميع أنحاء المناطق من معاناة مدمرة بسبب وابل الأسلحة المتفجرة وآثارها واسعة النطاق."
وأشار إلى أن "أنواعا معينة" من الأسلحة الثقيلة تم تصميمها في الأصل لساحات القتال التقليدية المفتوحة، والتي عند استخدامها في المناطق المأهولة بالسكان فإنها "تتسبب في دمار هائل وعشوائي، وفي كثير من الأحيان يؤثر على المدنيين والأعيان المدنية، بما في ذلك المرافق الصحية والمدارس ومرافق المياه والصرف الصحي والطاقة والبنية التحتية الحيوية الأخرى، والبيئة."
•صدى الدمار
تتردد أصداء الأضرار والدمار الذي يلحق بالأعيان المدنية والبنية التحتية الحيوية لفترة طويلة بعد توقف القتال، بالنسبة لأولئك المدنيين الذين نجوا من القصف والحصار.
وتشمل تلك الآثار الخسارة طويلة الأجل في الوصول إلى التعليم والخدمات الصحية والمياه والاتصالات وسبل العيش – مما يُعدّ انتهاكا "للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للسكان المتضررين."
علاوة على ذلك، تمثل هذه الآثار المدمرة الدافع الرئيسي للنزوح الجماعي داخل الدول وعبر الحدود بينما تعيق أيضا العودة الطوعية والآمنة والكريمة والمستدامة لمجتمعات النازحين إلى مواطنهم الأصلية.
وتابع البيان: "علاوة على ذلك، غالبا ما يؤدي استخدام هذه الأسلحة في المناطق المأهولة إلى مستويات عالية من التلوث بالذخائر المتفجرة، مما يعيق جهود تحقيق الاستقرار وإعادة الإعمار بعد فترة طويلة من توقف الأعمال العدائية. كما أن الإزالة من خلال أنشطة مكافحة الألغام معقدة ومكلفة وخطيرة."
•حاجة إلى "نص قوي"
رحب الأمين العام بالعمل الذي تم الاضطلاع به حتى الآن لوضع إعلان سياسي "يعالج الأثر الإنساني وكذلك الأثر على حقوق الإنسان المرتبط به" الناشئ عن استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان.
ودعا إلى وضع "نص قوي" يتضمن التزاما صريحا بتجنب استخدام الأسلحة المتفجرة ذات التأثير الواسع في الأماكن المأهولة "بسبب الاحتمال الكبير والمتوقع لآثارها العشوائية."
واختُتم البيان بالقول: "يدعم الأمين العام وضع إعلان سياسي، فضلا عن القيود المناسبة والمعايير المشتركة والسياسات التنفيذية بما يتفق مع القانون الإنساني الدولي، والمتطلبات القائمة بموجبه، فيما يتعلق باستخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان."