أطلق المتمردون الحوثيون في اليمن واحدة من أعنف الضربات الصاروخية والطائرات دون طيار على منشآت الطاقة الحيوية في المملكة العربية السعودية يوم الأحد، ما أدى إلى اندلاع حريق في أحد المواقع ووقف إنتاج النفط مؤقتا في موقع آخر.
و يمثل إطلاق الصواريخ تصعيدًا خطيرًا لهجمات المتمردين على المملكة حيث تدخل الحرب في اليمن عامها الثامن، مع استمرار تعثر محادثات السلام.
و قال التحالف العسكري الذي تقوده السعودية، إن الهجمات لم تسفر عن سقوط ضحايا لكنها أصابت مواقع تابعة لواحدة من أهم شركات الطاقة في العالم وألحقت أضرارا بمركبات ومنازل مدنية. وقال التحالف أيضا إنه دمر زورقا مسيرا عن بعد مليئا بالمتفجرات أرسله الحوثيون جنوبي البحر الأحمر المزدحم بالحركة التجارية.
وبعد ساعات من تصريح الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو العملاقة للنفط أمين ناصر للصحفيين بأن الهجمات لم يكن لها تأثير على إمدادات النفط، أقرت وزارة الطاقة السعودية بأن ضربة بطائرة دون طيار استهدفت شركة ينبع أرامكو سينوبك للتكرير تسببت في "انخفاض مؤقت في إنتاج المصفاة".
وقالت الوزارة دون الخوض في تفاصيل، إن العجز سيتم تعويضه من المخزون، مع ارتفاع أسعار النفط في سوق الطاقة المضطرب بالفعل".
واستهدف هجوم جوي آخر في وقت لاحق من اليوم خزان وقود في محطة توزيع تابعة لشركة أرامكو في مدينة جدة الساحلية وأدى إلى اندلاع حريق.
وفي وقت لاحق من الليل، هز هدير ودوي الصواريخ الاعتراضية المدينة الساحلية حيث قال التحالف العسكري السعودي إنه دمر المزيد من المقذوفات فوق جدة.
ونشر سكان صورا على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر شعاعا من الضوء من الدفاعات الصاروخية تخترق السماء المظلمة.
و كشفت موجة الضربات التي لا هوادة فيها عن اتساع مدى وصول هجمات المتمردين ودقتها والثغرات المستمرة في الدفاعات الجوية للمملكة. وتسببت الضربة المعقدة في 2019 على منشآت أرامكو النفطية في توقف نصف إنتاج المملكة النفطي وهددت بإشعال أزمة إقليمية، وهو هجوم زعمت الولايات المتحدة والرياض لاحقًا أنه جاء من إيران.
وجاءت الهجمات يوم الأحد في الوقت الذي أعلنت فيه أرامكو السعودية، أكبر شركة نفط في العالم، المدعومة من الدولة ارتفاع أرباحها بنسبة 124٪ عام 2021 إلى 110 مليارات دولار، وهي قفزة تغذيها مخاوف متجددة بشأن نقص الإمدادات العالمية وارتفاع أسعار النفط.
و أصدرت أرامكو المعروفة أيضًا باسم شركة الزيت العربية السعودية أرباحها السنوية بعد أسابيع من التقلبات الشديدة في أسواق الطاقة الناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا.
وارتفع خام برنت القياسي الدولي للنفط بما يزيد عن 107 دولارات يوم الأحد بعد أن وصل تقريبًا إلى ذروة 140 دولارًا في وقت سابق من هذا الشهر. وقاومت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة حتى الآن النداءات الغربية لزيادة إنتاج النفط لتعويض خسارة النفط الروسي مع ارتفاع أسعار البنزين.
وقال يحيى سريع المتحدث باسم الحوثيين في اليمن المدعومين من إيران إن المتمردين شنوا "عملية عسكرية واسعة وكبيرة" ردا على "العدوان والحصار" الذي تقوده السعودية والذي حول الكثير من اليمن إلى أرض قاحلة.
وجاء التصعيد في أعقاب دفعة من الدبلوماسية خلال عطلة نهاية الأسبوع في العاصمة العمانية مسقط.
وقالت بعثة الأمم المتحدة إن مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن هانز جروندبرج، التقى بكبير مفاوضي الحوثيين ومسؤولين عمانيين لمناقشة "هدنة محتملة خلال شهر رمضان المبارك" في أوائل أبريل / نيسان.
وندد البيت الأبيض بالهجمات، وألقى باللوم على إيران في إمداد الحوثيين بأجزاء صاروخية وطائرات مسيرة فضلاً عن التدريب والخبرة.
وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان: "حان الوقت لإنهاء هذه الحرب، لكن هذا لا يمكن أن يحدث إلا إذا وافق الحوثيون على التعاون مع الأمم المتحدة". إن الولايات المتحدة تقف بشكل كامل وراء تلك الجهود.
وأبلغ التحالف العسكري بقيادة السعودية عن غارات جوية على مجموعة من المنشآت من اهداف اخرى: محطة أرامكو للغاز المسال في ميناء ينبع على البحر الأحمر، ومحطة تخزين النفط في جدة، ومنشأة لتحلية المياه في الشقيق على ساحل البحر الأحمر، وشركة أرامكو، ومنشأة نفطية اخرى في مدينة جيزان.
ولا يزال مدى الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية السعودية غير واضح، وقالت الوزارة إن مصفاة ينبع هي الوحيدة التي شهدت انخفاضًا مؤقتًا في الإنتاج. وشركة ينبع سينوبك للتكرير، هي مشروع مشترك بين أرامكو والصين، بقيمة 10 مليارات دولار على البحر الأحمر تضخ 400 ألف برميل من النفط يوميًا.
و نشرت وكالة الأنباء السعودية صوراً لعربات الإطفاء وهي تغمر ألسنة اللهب المتطايرة بالمياه وقطر من الأنقاض التي أحدثتها شظايا تحطمت في الأسقف وجدران الشقق.
وأظهرت صور أخرى سيارات محطمة وحفرًا عملاقة في الأرض.
ويأتي هذا الوابل بعد أيام من دعوة مجلس التعاون الخليجي ومقره السعودية الأطراف اليمنية المتحاربة لإجراء محادثات سلام في الرياض - وهو عرض رفضه الحوثيون وطالبوا بإجراء مفاوضات في دولة "محايدة".
وتعثرت المفاوضات منذ أن حاول الحوثيون السيطرة على مأرب الغنية بالنفط، وهي واحدة من آخر معاقل الحكومة اليمنية المدعومة من السعودية في شمال البلاد.
و اندلعت حرب اليمن الوحشية عام 2014، بعد أن استولى الحوثيون المدعومون من إيران على العاصمة صنعاء.
وشنت المملكة العربية السعودية وحلفاؤها حملة جوية مدمرة لطرد الحوثيين واستعادة الحكومة المعترف بها دوليًا.
لكن بعد سنوات استقرت الحرب في مأزق دموي وخلقت واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
وأصابت غارات التحالف الجوية أهدافا مدنية في اليمن مثل المستشفيات ومراكز الاتصالات وحفلات الزفاف، ما أثار انتقادات دولية واسعة النطاق.
وهزت الهجمات المتكررة للحوثيين عبر الحدود أسواق الطاقة العالمية وزادت من مخاطر تعطل الإنتاج في مواقع أرامكو.
و كجزء من تقريرها لعام 2021، قالت أرامكو إنها التزمت بوعدها بدفع أرباح ربع سنوية بقيمة 18.75 مليار دولار، بسبب الالتزامات التي تعهدت بها الشركة للمساهمين في الفترة التي تسبق طرحها العام الأولي. و تذهب جميع أرباح الأسهم تقريبًا إلى الحكومة السعودية.
على الرغم من الجهود المتزايدة التي يبذلها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لتنويع موارد الاقتصاد السعودي بعيدًا عن النفط لا تزال المملكة تعتمد بشكل كبير على صادرات النفط لتغذية الإنفاق الحكومي.
وقالت أرامكو مستندة إلى زيادة الدخل في 2021، إنها تتوقع زيادة نفقاتها الرأسمالية إلى ما بين 40 و 50 مليار دولار هذا العام لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة، وهي زيادة كبيرة عن إنفاق العام الماضي البالغ 31.9 مليار دولار.
وصعدت أسهم أرامكو أكثر من 3 بالمئة يوم الأحد لتتداول بنحو 43.20 ريال (11.50 دولار) للسهم في بورصة الرياض للأوراق المالية.