في رسالة الى رئيس مركز صنعاء للدراسات، رفض حزب التجمع اليمني للاصلاح، ما ورد في تقرير موسع للمركز حول الجماعات المسلحة و "المليشيات غير النظامية"، في محافظة تعز.
قدم التقرير القادة المحسوبين على الحزب الاسلامي بوصفهم القوة المهيمنة على القرار العسكري في المحافظة، وبالتالي "المليشيات غير النظامية" وهو ما اعتبره الاصلاح "تضليلا، وكيدا سياسيا مكشوفا"، حسب رسالته المنسوبة لرئيس دائرته الاعلامية في المحافظة احمد عثمان..يعيد "يمن فيوتشر" نشر مضمونها نصا تعقيبا على تقرير المركز الذي نشرناه سابقا.
- في البداية، نُسب التقرير لكاتب مجهول (اسمه المستعار(خالد فاروق) يقيم في تعز، وتم تعليل ذلك بأسباب أمنية، في سياق المبالغة في تصوير تعز غير آمنة رغم أنها المدينة الأرفع سقفاً في الحريات على مستوى الجمهورية اليمنية وكل من فيها يتحدث ويقول ويكتب ويتظاهر ويعبر عن ما يريد دون أن يتعرض للأذى، سواء بسبب انتقاد الاصلاح أو غيره من الأحزاب، أو أي من اشكال حرية التعبير، وهذا أمر تمتاز به تعز ويُحسب لجميع ابناءها وكل مكوناتها وقيادتها.
- في "المنهجية" قال الكاتب إنه اعتمد على مقابلات مع مجهولين، وقدم معلومات خطيرة ثم نسبها لمقاتلين متخيّلين، وزعم أن "بعضهم شارك في معسكرات يديرها الإصلاح".. هل يعي الكاتب والمحرر والناشر معنى أن يقول بجزم "يديرها الإصلاح"؟ هل لديه ما يؤيد هذا الجزم؟ هل يفتقر الكاتب والمحرر لمفردات المقالة السياسية أو التحليلية والمهنية في تجنّب الجزم المباشر الذي لا يقع فيه إلا كاتب مشحون ومبتدئ، أو يقوم بوظيفة محددة، ثم كيف يرد هذا في المنهجية! وهل أصبحت مراكز البحث -التي يعول على تقديمها محتوى ذي قدر من المصداقية والحصافة- مثلها مثل صفحات الفيس في إصدار الأحكام الحاسمة وتوزيع الصكوك دون أدنى حشمة!
-في مقدمة التقرير تحدث الكاتب عن مليشيا الحوثي بلغة ناعمة تتجاوز موضوع الحياد المهني المفترض معتبراً أن الحوثيين "تقدموا نحو تعز في مارس/آذار 2015 بهدف (تأمين) المدينة.." ولا ندري هل أخطأت تعز عندما رفضت وقاومت جهود الحوثي (لتأمينها!). ثم كيف يتسق هذا الموقف الدافئ مع الحوثي ولماذا هذا التناول الناعم له في تقرير مخصص لنقد القوات غير النظامية ؟! ثم أضاف الكاتب أن الحوثيين "اكتفوا بحصار تعز" فقط! وكأنه هنا لا ينظر لحصار المدينة كجريمة حرب،وكما لو أنه لا يعرف أن الحوثي لم يتوقف عن مهاجمة تعز وقتل المدنيين بمختلف الأسلحة طيلة هذه السنوات. وبقليل من التأمل لعبارة (اكتفوا بحصار تعز) سوف يتكشف لنا موقفا صادما من الكاتب من تعز ومن كفاحها من اجل حريتها وضد مساعي اخراجها من نطاق الدولة ، ان الكاتب بالقدر الذي سخر من معاناة ابناء تعز فانه تبنى الخطاب الحوثي وتعريفه لما يقوم به في تعز خاصة وانه قد برأه من كل جرائم القنص والقصف والقتل فهو في نظر الكاتب لم يفعل شيئ سوى انه اكتفى بالحصار وقلما تتورط مراكز بحثيه بمصادمة حقيقة كحقيقة جرائم الحوثي وانتهاكاته ضد تعز وسكانها، هي بداية غير مشجعه وتحيط التقرير بظلال من الشك وعدم اليقين خاصة اذا ما وضعنا حديثه عن طبيعة الدورالحوثي بند واحد من سلسلة الجرائم والانتهاكات الحوثية في تعز وهو بند الضحايا من النساء والاطفال والشيوخ والصحفيين الذين اسقطتهم قناصة الحوثي ومدفعيته
- أشار الكاتب في المقدمة إلى أن متطرفين في المدينة كانوا يرفعون أعلام التنظيمات الإرهابية دون خجل، ثم في فقرة أخرى يدافع الكاتب عن المتطرفين، عندما يُصوّر قيام الجيش بواجبه في مواجهتهم، بأنه فرض لهيمنة الإصلاح!
- وصْف تعز بأنها "نموذج للاقتتال الداخلي" وهو مصطلح حاول فيه الكاتب تعريف ما يجري في المحافظة باعتباره اقتتال داخلي مسقطا معركة تعز الرئيسية مع الحوثي الذي كان السبب الاول في هذا الوضع برمته على مستوى البلد وتعز خاصة، كمحاولة من الكاتب للتغطية على الدور الحوثي بهذا الشكل المريب إذ أن وصف الاقتتال الداخلي يخرج الحوثي من معادلة الحرب رغم أنه الطرف المعتدي والمحاصر للمحافظة لسنوات، ويحمل أبناء تعز وحدهم مسؤولية وضعهم المحاصر والضحايا التي تسقط بقناصة الحوثي ومدفعيته، أما حكاية أن تعز نموذج للاقتتال الداخلي) فلم يخبرنا الكاتب كيف توصل إليها، ماهي معاييره لمعنى الاقتتال الداخلي، واختيار تعز من بين كل مدن اليمن خاصة وأن مدنا اخرى شهدت تدهورا أمنيا فقد فيه السياسيون الأمن على حياتهم وأخرى شهدت نزوحا سياسيا ومناطقيا كبير، من الجيد أن تحدد طريقتك في الوصول إلى الاستنتاجات النهائية وخاصة حين تصف محافظة كلها بوصف سلبي، هنا يكون أبناء المدينة معنيون بما قلته عنهم، وعليك أن تفصح عنه حتى لا تبدو خصما لكل الذين قد يشملهم الوصف الذي اطلقته، ما من معايير ولا منهجية التزمها الكاتب وهو الامر الذي جعله من وجهة نظرنا يقع في اخطاء كبيرة.
-( نموذج للاقتتال الداخلي) عنوان تورط فيه الكاتب ووضعه في مازق مزدوج فهو من ناحية قد قاده لمنح الحوثي شهادة براءة من جرائمه بحق تعز ومن ناحية اخرى لن يجد المبرر المقنع في التعامل الامني مع القضايا الجنائية باعتباره اقتتال داخلي او تجاهله الطابع القانوني والمشروعية للجيش والأمن بتعز كمؤسسات شرعية بمهمات وطنية في إطار الصلاحيات القانونية الواجبة لحمايةالاستقرار وفرض القانون، فقد تحرك الجيش بتعز مرتان ؛ الأولى لمنع قيام دولة مليشاوية خاصة داخل الدولة، وفي المرة الاخرى قام بتنفيذ قرار رئيس الجمهورية وتسليم القائد العسكري المعين عمله ومنع أي تمرد داخل وحدته وهي احداث محدودة حسمتها الدولة في إطار الصلاحيات القانونية و أمام هذا المازق الذي وقع فيه الكاتب، لم يكن أمامه من مخرج إلا التعامل عن طريق التتويه والمغالطات التي تلملم جاهدة دليل ترقيعي لإثبات صحة نموذجه المزعوم كشكل من اشكال العبث بحقائق الأشياء وامتهان وظيفة الصحافة والتذاكي على القراء في محاولة مكشوفة لتبني وتسويق وجهة نظر كيدية ضد الإصلاح و محافظة تعز عموما.
-في تقديرنا أن هدف "ندق الاصلاح" هو ما أوقع الكاتب في المبالغة وتحريف المعاني، وحقائق الواقع. فيما هو في الحقيقة ينال تعز وضمن مسار دعائي لشيطنة المحافظة بمبرر استهداف الإصلاح كشماعة مفضلة لكل خصوم الجمهورية واستعادة الشرعية
-هل كان صعباً على الكاتب، او المحرر -إنْ لم يرد الكاتب الإفصاح عن هويته- أخذ وجهة نظر الإصلاح من خلال احد قياداته المعروفين بدل النقل عن مجهول! أو العودة إلى موقعه الرسمي، عندما كال عشرات التهم ونسبها إلى الحزب دون أن يبذل أي جهد للبحث حول ما إذا كان هناك موقف صدر عن الحزب، والإشارة إليه ولو من باب "الحياء المهني"! وحتى لو صدقنا مزاعم الخشية على حياة الكاتب المجهول بسبب تواجده داخل تعز فان بامكان المركز الذي يتواجد خارج اليمن التواصل مع قيادات الاصلاح المعروفين لديه بدل النقل عن مجهول واخذ رايهم في موضوع التقرير ولا اظن ان امر كهذا متعذرا وليس فيه ما يهدد حياة طاقم المركز.
-ذكر التقرير ان مستشار محور تعز يتلقى أوامر من رئيس الحزب الاستاذ محمد اليدومي، وهي فرية دعائية مكشوفة تفتقد للحبكة، ويليق بها أن ترد في منشور فيسبوك لشخص يعمل كمجند ضمن آلة دعائية، لا في منصة بحثية يفترض ان يكون لديها قواعد مهنية لنسبة هكذا اتهامات بشكل شخصي، بحق قائد سياسي معروف، كيف ولماذا تورط الكاتب ومررها المركز باتهام كهذا دون تقديم ما يسندها!
- زعم التقرير وفقاً لمصدر متخيّل أن الإصلاح يرى في قوات طارق صالح "خطراً أكبر من الحوثيين" وهذه جملة دعائية أيضاً تفندها التصريحات الصادرة عن الطرفين المشار إليهما، فالجميع عدوه الحوثي ومعركتنا مع المليشيا الحوثية وهذا ما نؤكده دائماً وما نعتقده، ولا نحتاج في هذا الصدد للدفاع عن موقف معروف مثل هذا، لولا ما يقتضيه إيضاح المغالطات التي غصت بها المادة المنشورة
- حرص الكاتب على تصنيف الألوية العسكرية سياسياً، ووزعها بسخاء على القوى السياسية، تارة على الاصلاح وتارة على احزاب أخرى، وهذه لغة تفتقر إلى المهنية والحس الوطني، وتعبر عن ذهنية تمزيقية تحاول أن تنال من المؤسسة العسكرية وما تبقى من روافع الدولة الوطنية لصالح خطاب قروي وفرز في كل اتجاه بشكل يهدد نسيج المجتمع ومستقبل السياسة، فضلاً عن أنها لغة تستخف بنضال أبناء تعز وشبابها الذين هبوا للدفاع عن مدينتهم من الاجتياح الحوثي البربري وسطروا بطولات خالدة قلّ نظيرها، دون ان يضعوا حسابا لانتمائهم وخلفياتهم.
- وفي موقف غريب وغيرمفهوم تجاهل الكاتب المواقف الرسمية للاصلاح وذات العلاقة لاسيما وهو يتحدث عن معسكر يفرس التي قدمها كدليل اثبات على مزاعم تورط الاصلاح في تبني قوات غير نظامية وبدلا من العودة لمواقف الحزب الرسمية والمعلنة قام الكاتب ايضاً بتنصيب متحدث مجهول هو الاخر نيابة عن الحزب، ولو تتبع تصريحات قادة الإصلاح في اكثر من مناسبة و عاد لموقع الحزب الرسمي لوجد موقفا صريحا وحاسما رافضا لأي قوات تتشكل او تعمل خارج النسق الرسمي للجيش.
- وفي الوقت الذي اشار الكاتب فيه لمواقف احزاب اخرى من موضوع التقرير فقد تجاهل موقف الاصلاح في هذا الصدد والذي صدر بتأريخ 20 اغسطس 2018 ومنشور على الموقع الرسمي للحزب "الإصلاح نت"
( https://alislah-ye.com/news_details.php?lng=arabic&sid=1780lng=arabic&sid=1780 وهو أمر يفقد التقرير الحد الأدنى من المهنية ويجعله أقرب لممارسة الكيد السياسي المكشوف.
- اما حديث الكاتب عن مخازن السلاح فأمر يدعو للحيرة، إذ تحمل الكاتب عناء توفير أنواع استراتيجية من السلاح النوعي وأنشأ مخازن للإصلاح وصار يخزن تلك الاسلحة بداخلها، ثم عاد وجعل لها اسماً (مخازن الاصلاح!) يا لها من مدخلات جديدة الى عالم الصحافة والكتابة البحثية.امر كهذا لا يحتاج لسوى محادثة هاتفية مع مقاتل مجهول. فقط!
- ذكر التقرير أن الإصلاح أرسل مقاتلين للتدريب في مأرب، وهذا زعم لا اساس له سوى قناعة مسبقة نتيجة خلط متعمد لا ستهداف الاصلاح والواضح من سياق التقرير انه يقصد التعزيزات التي توجهت من كل وحدات الجيش في كل المحافظات المحررة بأوامر رئيس الجمهورية للانضمام إلى وحدات الجيش بمأرب، وهي جزء من معركة الجمهورية المصيرية والتي تحظى بإجماع اليمنيين كافة ويشارك فيها الشعب بأوسع فئاته، إلا في هذا التقرير المُرصع بلغة تحريضية مصراً على تجاهل المؤسسة الرسمية للدولة ودورها في تعز تحديدا ليتمكن من استدعاء الاصلاح في سياق النيل من موقفه!
- الكاتب تناقض مع نفسه مراراً ففي الوقت الذي عمل على تصوير مدينة تعز كموطن للوحدات غير النظامية تحدث عن كيانات عسكرية لا تتبع الشرعية برضى كبير، الأمر الذي يجعلنا نتساءل عن المعنى الذي يقصده بمصطلح النظامية، فإن قصدَ به تلك التي يتولى تعيينها الرئيس عبدربه منصور هادي الرئيس المعترف به دولياً فلن تكن إلا تلك القوات الرسمية التي يحاول إدانتها، أما إن قصد بالنظامية تلك القوات التي تمول وتدار من جهات خارجية فهذا اختراع جديد لمعنى"القوات النظامية" يضاف الى رصيد الكاتب.
-من جهة اخرى تعد تعز اليوم هي المساحة الأكثر تعبيراً عن الحياة السياسية والمدنية والتعددية والديمقراطية والحريات، ولا تستحق هذه المحافظة أن تنضم منصات المجتمع المدني والنُخب إلى طابور إيذاء المدينة وصورتها وشخصيتها السياسية والثقافية بدوافع الصراع السياسي وخاصة وأن منطقتها المحررة، هي من أبقت على إرث الحراك المدني والعمل السياسي الذي اختفى في كل من العاصمتين ووحدها تعز من حافظ على مساحة لابأس بها للتعبير عن الراي والموقف السياسي على المستوى الفردي والجماعي.
- ختاماً، هذا الرد الجزئي على بعض ما ورد في المقابلة هو نابع من حرص الدائرة الإعلامية للمكتب التنفيذي للتجمع اليمني للإصلاح بمحافظة تعز على تعزيز مساحة النقاش الجاد واحترام الحقائق وعدم القفز عليها، بدوافع سواء كانت إيديولوجية أو غير ذلك، إذ أن وضعاً كالذي تمر به اليمن حالياً يحتاج إلى أصوات ناقدة بمنطق وحجة تهدف إلى التصويب وليس إلى إحياء وتنميق الردح والهجاء الذي يسهم في تسميم المجال العام ويخنق الفضاء السياسي بعوادم الدعاية النزقة، في ظل فضاء مفتوح ووعي شعبي كبير قادر على تمييز المقاصد، وراء ما ينشر، خاصة إن كان بهذا الشكل الفاقع الوارد في ذلك التقرير.