في أخطر تصعيد خطابي منذ تشكيل مجلس القيادة الرئاسي، اتهم عيدروس قاسم الزبيدي، عضو المجلس ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، قيادة الشرعية اليمنية بالتنصل المتكرر من واجبها في مواجهة جماعة الحوثي، واصفًا إياها بأنها «عديمة المسؤولية» وتخلّت عن معركة استعادة الدولة.
وجاءت تصريحات الزبيدي خلال لقائه، الأربعاء، في القصر الرئاسي بعدن، بمحافظ ذمار علي القوسي.
وقال إن جهودًا وطنية داخل مجلس القيادة بُذلت للتحضير لما وصفها بـ«معركة الخلاص» في الشمال، لكنها اصطدمت – حد تعبيره – بقيادة تنصلت عن واجباتها الوطنية، وتركت مهمة تحرير الأرض، واتجهت إلى «اختلاق الأزمات وزرع الخلافات في الجنوب المحرر».
ودعا الزبيدي القوى الوطنية في المحافظات الشمالية إلى توحيد صفوفها والاستعداد لخوض «المعركة الفاصلة» ضد الحوثيين، مؤكدًا جاهزية القوات التابعة للمجلس الانتقالي للمشاركة في أي مواجهة مقبلة.
ويأتي التصعيد في وقت تشهد فيه الساحة اليمنية توترًا سياسيًا وأمنيًا متصاعدًا على خلفية إجراءات أحادية اتخذها المجلس الانتقالي في المحافظات الشرقية، قوبلت برفض سعودي واضح، إلى جانب رفض قوى سياسية وحكومية منضوية في إطار الشرعية، باعتبارها خطوات تهدد التوافق الهش داخل مجلس القيادة الرئاسي.
وفي السياق، حذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من خطورة الإجراءات الأحادية في اليمن، مؤكدًا أنها لا تدفع مسار السلام، بل تعمق الانقسامات وتزيد احتمالات التصعيد والتشرذم.
وأشار غوتيريش، عقب جلسة مغلقة لمجلس الأمن، الأربعاء، إلى تطورات مقلقة في المحافظات الشرقية، محذرًا من أن أي عودة واسعة للأعمال العدائية ستكون لها تداعيات خطيرة على الأمن الإقليمي، بما يشمل البحر الأحمر وخليج عدن والقرن الأفريقي.
ويرى مراقبون أن خطاب الزبيدي الأخير يعكس تحولًا خطيرًا في الخطاب السياسي داخل أعلى سلطة تنفيذية في البلاد، في وقت تتزايد فيه الضغوط الإقليمية والدولية للحفاظ على وحدة مجلس القيادة ومنع انزلاق الوضع نحو صدام داخلي جديد.
وكثفت الدبلوماسية الإقليمية والدولية تحركاتها لاحتواء التوترات المتصاعدة.
وعقد السفير الأميركي لدى اليمن، ستيفن فاجن، لقاءات منفصلة مع رئيس وأعضاء في مجلس القيادة الرئاسي ووزير الخارجية.
وأكد فاجن موقف بلاده الثابت والداعم لوحدة اليمن واستقراره وسلامة أراضيه، مشددًا على أهمية الحفاظ على وحدة مجلس القيادة والحكومة، والتزام واشنطن بالشراكة في مكافحة الإرهاب، والتخفيف من معاناة اليمنيين، ودعم تطلعاتهم السياسية والاقتصادية.
وتزامنت المواقف الأميركية مع دعم سياسي مماثل من الصين وفرنسا وألمانيا لموقف رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، في رفض أي خطوات أحادية تهدد التوافق داخل السلطة التنفيذية أو تمس وحدة البلاد.
وزار فريق عسكري سعودي–إماراتي مشترك العاصمة المؤقتة عدن مؤخرًا، في إطار مساعٍ لمعالجة التطورات الأخيرة في المحافظات الشرقية وإعادة الأوضاع إلى مسارها الطبيعي، دون التوصل إلى أي اتفاقات ملموسة.
ولوحظ تصاعد غير مسبوق في الخطاب الإعلامي داخل وسائل إعلام سعودية وإماراتية، اتسم هذه المرة بطابع علني، ما يعكس حجم التباين الحاصل في تقييم التطورات الميدانية والسياسية.
وتتمسك المملكة العربية السعودية بموقفها المعلن الداعم لمواصلة التهدئة وتعزيز الأمن والاستقرار في محافظتي حضرموت والمهرة، مؤكدة رفضها لأي محاولات لفرض أمر واقع بالقوة أو إدخال المحافظتين في دوامة صراعات جديدة، إلى جانب مطالبتها بعودة القوات التابعة للمجلس الانتقالي من محافظتي حضرموت والمهرة إلى ثكناتها، دون أن تلوح في الأفق مؤشرات على استجابة فعلية حتى الآن.
وفي السياق ذاته، جدد مجلس التعاون لدول الخليج العربية دعمه الثابت لمجلس القيادة الرئاسي والحكومة.
وأكد الأمين العام للمجلس، جاسم محمد البديوي، خلال لقائه رئيس المجلس رشاد العليمي، التزام دول الخليج بمساندة الشرعية اليمنية والعمل من أجل تحقيق الأمن والاستقرار والتوصل إلى حل سياسي شامل، وفق المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني، وقرارات مجلس الأمن، وفي مقدمتها القرار 2216.
وشدد المجلس الأعلى لمجلس التعاون، في ختام قمته السادسة والأربعين، على دعمه الكامل لوحدة اليمن وسيادته وسلامة أراضيه، ومساندته لمجلس القيادة الرئاسي والكيانات الداعمة له.
ويرى مراقبون أن الواقع الميداني لا يعكس هذا التوافق السياسي المعلن، بعدما اتسعت الفجوة بين البيانات الرسمية والتطورات على الأرض، ما يثير مخاوف متزايدة من غموض الموقف، وتباين الخطاب الدبلوماسي والواقع التنفيذي، في لحظة حرجة تهدد ما تبقى من مسار التهدئة والتوافق داخل السلطة اليمنية.